ثقافات

"إيلاف" تقرأ لكم في أحدث الإصدارات العالمية

حرب أميركا الأطول في أفغانستان: إنها تحفر في المحيط!

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في كتابه "مديرية إس: السي آي إيه وحروب أميركا السرية في أفغانستان وباكستان"، يقول ستيف كول إن تنظيم القاعدة وفروعه الجهادية ما زالت ناشطة وفتاكة على الرغم من حرب أميركا الطويلة والمكلفة في أفغانستان، ورغم مقتل أسامة بن لادن. فالفشل عنوان السياسة الأميركية في السعي إلى تحقيق أهدافها.
 
إيلاف: كيف يمكن تفسير فشل أميركا في أطول حروبها؟ يرى ستيف كول، الصحافي والرئيس السابق لمؤسسة أميركا الجديدة للبحوث، أن حرب أفغانستان مثال ينبغي أن يُدرس في الجامعات على حدود القوة الاميركية، مشيرًا إلى أنه بعد 16 عامًا على الغزو الاميركي ومشاركة 59 دولة في المجهود العسكري والمساعدات، ما زالت أفغانستان بلدًا غير مستقر يعاني تداعيات العنف والفقر. وما زال الأفغان هدفًا مكشوفًا لمسلحي طالبان.

أكثر صعوبة
يستند كول في كتابه "مديرية إس: السي آي إيه وحروب أميركا السرية في أفغانستان وباكستان، 2001 ـ 2016" Directorate S: The CIA and America’s Secret Wars in Afghanistan and Pakistan, 2001-2016 (منشورات بينغوين، 748 صفحة، 35 دولارًا؛ ومنشورات آلن لاين، 25 جنيهًا إسترلينيًا) إلى مصادر مهمة، ويقدم وصفًا حيًا للوقائع التي يتضمنها الكتاب.

حرب بلا نهاية بدأتها أميركا في أفغانستان وباكستان

نرى، على سبيل المثال، الملا عمر، زعيم طالبان السابق، جالسًا حافي القدمين يتحدث مع مسؤول كبير في المخابرات الباكستانية، ومفاوضًا من طالبان يتقيأ خلال محادثات في أحد البيوت الآمنة في مدينة ميونيخ الألمانية. حين ينقل الكاتب آراء الجنرالات والجواسيس الباكستانيين، فإنه يستند في ذلك إلى أحاديث اعترضها جواسيس أميركيون وسجّلوها.

تضفي هذه التفاصيل حيوية على تحليل الكاتب الذي يقول إن أهداف أميركا الرئيسة بعد هجمات 11 سبتمبر كانت مزدوجة، وكانت تتطلب أساليب متناقضة لتحقيقها. فمنع أسلحة باكستان النووية من الوقوع في أيدي العدو كان يعتمد على التعاون الوثيق مع الدولة الباكستانية، وخصوصًا جيشها واستخباراتها. لكن تحقيق الهدف الثاني المتمثل في تدمير تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات الإسلامية التي تستخدم العنف أثبت أنه أكثر صعوبة. ويتهم المؤلف باكستان بأنها كانت عائقًا أكثر منها عونًا في هذا الشأن.

أسباب الفشل
يلاحظ كول أن تنظيم القاعدة وفروعه الجهادية ما زالت ناشطة وفتاكة ومتكيفة، على الرغم من مقتل أسامة بن لادن في عام 2011. ويؤكد أن الفشل هو عنوان السياسة الأميركية في السعي إلى تحقيق أهدافها الأخرى.

فالحكم المدني المستقر ما زال بعيدًا في أفغانستان وباكستان على السواء، وطالبان لم تُهزم، على الرغم من المفاوضات والاغتيالات باستخدام طائرات من دون طيار والقتال التقليدي. والسبب الرئيس برأي المؤلف أن باكستان ما زالت تدعم طالبان، وتوفر لها ملاذًا. وما زالت زراعة الأفيون الأفغاني مزدهرة.

ينقل المؤلف عن ضباط في وكالة المخابرات المركزية الأميركية "سي آي إيه" قولهم بيأس: "هذه حرب بلا نهاية"، فيما يشكو قائد عسكري كندي قائلًا إنه كمن "يحفر ثقبًا في المحيط".  

من أسباب الفشل التي يذكرها المؤلف أن جواسيس أميركا وجنودها لم يتمكنوا من قتل بن لادن في جبال تورا بورا، واستخدامهم التعذيب والعدوان قدم خدمة إلى العدو، في حين امتنع القادة السياسيون الأميركيون عن تمويل جهود السلام والبناء، وكانوا منشغلين بالعراق، وأصلًا لم يكونوا متفقين على ما يريدون تحقيقه في أفغانستان.

عدم ثقة مزمن
في هذه الأثناء، كان الدبلوماسيون والجواسيس الأميركيون بطيئين في إدراك حجم الدعم الذي تقدمه باكستان إلى طالبان. وما زاد المشكلة تعقيدًا إشارات القادة الأميركيين، وخصوصًا الرئيس السابق باراك أوباما إلى الانسحاب، في وقت كانوا يعززون قواتهم في أفغانستان. شجع هذا باكستان على التخطيط لحرب أهلية جديدة بعد الانسحاب، تكون طالبان وكيلتها فيها. يخلص كول إلى أن هناك "مثلثًا من عدم الثقة المزمن"، بين أميركا وباكستان وأفغانستان.

تشير "مديرية إس" في عنوان الكتاب إلى دور الاستخبارات الباكستانية، وخصوصًا شعبتها المسؤولة عن العلاقات مع طالبان، ودورها في إضعاف السياسيين المدنيين في باكستان نفسها، بحسب المؤلف، وبصورة أعمّ، يرى كول أن الجيش الباكستاني يدعم هجمات الجهاديين في الهند وأفغانستان لتبرير مطالباته الكبيرة بتخصيص المزيد من موارد الدولة له. 

لكن المؤلف لا يذهب إلى حد القول إن جهاز الاستخبارات الباكستانية ساعد بن لادن على الاختفاء في أبوت آباد، فالفكرة "جائزة" لكنها لم تُثبت.

كلفت حرب أميركا في أفغانستان منذ 2001 ما لا يقلّ عن 140 ألف قتيل، بينهم 50 ألف مدني، من دون أن تحقق شيئًا يُذكر من أهدافها. وطيلة هذه السنوات كانت أميركا تفتقر إلى "رؤية جيوسياسية متماسكة"، على حد تعبير كول. فأميركا لم تتمكن من أن تقرر إن كانت باكستان حليفًا أم عدوًا. وهذا الإبهام لا يزال مستمرًا.
 
 أعدت "إيلاف" هذه القراءة عن "إيكونومست". الأصل منشور على الرابط:
https://www.economist.com/news/books-and-arts/21736509-steve-coll-explains-why-successive-presidents-have-failed-afghanistan-gripping?frsc=dg%7Ce
 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف