الشاعر محمد الصالحي: لو وضعت الواو لما أثير من اللغط ما أثير
"شكري اللاأخلاقي" ندوة في مهرجان "تويزا" بطنجة تثير جدلا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من أصيلة : أثارت ندوة تحت عنوان "شكري "اللاأخلاقي""، ضمن فعاليات مهرجان ثويزا، الذي ينطلق غدا الخميس، بطنجة، في دورته ال18، جدلا تباينت فيه الآراء بين منتقد ومبرر.
ومن المنتظر أن يشارك في هذه الندوة، التي تنظم الجمعة في إطار "الملتقى ال16 لتخليد أدب الكاتب العالمي محمد شكري"، كل من محمد عز الدين التازي وسلوى الغزاوي وشمس الضحى البوراقي من المغرب، والناقد العراقي عبد الله إبراهيم، فيما يسير أشغالها الإعلامي والشاعر عبد اللطيف بنيحيى.
عنوان "لاأخلاقي"
كتب الشاعر والروائي والرئيس السابق لاتحاد كتاب المغرب، حسن نجمي على حسابه ب"فيسبوك": "أناس "لا أخلاقيون" ينظمون ندوة في طنجة بعنوان: (محمد شكري "اللاأخلاقي")".
وأثارت تدوينة نجمي تفاعلات بمضمون منتقد للندوة وعنوانها، ضِمنها تفاعل مقتضب للشاعر عبد الكريم الطبال، يقول فيه: "اذكروا موتاكم بخير". فيما كتب الشاعر محمد عابد: "بغض النظر عن نية المنظمين، عنوان اللقاء غير موفق".
من جهته، كتب الناقد والمترجم مصطفى النحال، على حسابه في"فيسبوك": "ندوة تنعقد بمدينة طنجة تحت عنوان "شكري اللاأخلاقي". اللاأخلاقي والبئيس هو عنوان الندوة التي من المفروض أن تتناول كتابة محمد شكري لا شيئا آخر".
فيما كتب الشاعر محمد الصالحي: (شكري و"اللاأخلاقي ") ... لو وضعت الواو، لما أثير من اللغط ما أثير".
لا يتعارض مع الأخلاقي
أعاد عبد اللطيف بن يحيى، على حسابه ب"فيسبوك"، نشر الكلمة التقديمية للندوة، والمنشورة على موقع المهرجان، وتقول: " لا يزال محمد شكري أيقونة طنجة وساردها وشاردها، وواحدا من أهم الكتاب إثارة للجدل حتى يوم الناس هذا، مثلما لا يزال الاحتفاء به تقليدا راسخا ضمن البرنامج الثقافي لمهرجان "ثويزا" منذ تأسيسه. ولا يزال صاحب "الخبز الحافي" مرجعا للحداثيين كما لا يزال يثير حفيظة الأدعياء والأوصياء، من الذين يبتغون نمذجة الممارسة الإبداعية ومركزتها، خوفا من الهامش الفسيح بما هو فضاءاتٌ شاسعةٌ للحرية وأمداءٌ رحبةٌ للتعبير الحُرِّ والخيالِ المجنح. ضمن فعاليات الدورة الحالية من مهرجان "ثويزا" آثرنا عقد الملتقى السادس عشر لتخليد أدب الكاتب العالمي محمد شكري تحت مسمى "شكري "اللاأخلاقي"، ارتباطا بشعار الدورة الحالية من المهرجان "وإنما الأمم الأخلاق...". والحال أن مفهوم اللاأخلاقي لا يتعارض مع الأخلاقي، وإنما هو حالة عدمية، أو عبثية، كما أبدعها أندريه جيد في رائعته "اللاأخلاقي"، وكما درج عليها كبار الشعراء والمبدعين عبر التاريخ، منذ الشعراء الصعاليك وقوفا عند شكري في هذه الندوة الثقافية الكبرى، تَطَلٌّعاً إلى أعلام الأدب الإنساني المعاصر الذين يحلقون في أفق إنساني طَلْقٍ لا يحكمه الأوصياء، ولا تتربص به أعين الرقباء".
إنما الأمم الأخلاق
تنطلق الخميس دورة هذه السنة من مهرجان "ثويزا"، الذي تنظمه "مؤسسة المهرجان المتوسطي للثقافة الأمازيغية بطنجة"، تحت شعار: "إنما الأمم الأخلاق".
وجاء في بيان للمنظمين، أن دورة هذه السنة من المهرجان تأتي في إطار احتفالات الشعب المغربي بالذكرى الـ25 لتربع الملك محمد السادس على عرش المملكة؛ ومواكبة للدينامية التنموية التي تعرفها البلاد، تحت قيادته؛ وانخراطا في النهضة الثقافية والفنية التي شهدتها الأمازيغية منذ خطاب أجدير التاريخي (17 أكتوبر 2001)، مرورا باعتماد الأمازيغية لغة رسمية في دستور المملكة (سنة 2011)؛ وانتهاء بإقرار رأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية رسمية (3 مايو 2023)؛وتجسيدا لانفتاح الأمازيغية على التعدد اللغوي والثقافي والفني الوطني والكوني؛ والتزاما بنشر ثقافة الحوار والانفتاح والتسامح؛ وتثمينا للتراكم، الذي امتد لـ17 سنة، في تنظيم الندوات والمحاضرات والمعارض والسهرات الموسيقية، بمشاركة مبدعين ومفكرين وفنانين من داخل المغرب ومن الخارج.
وأوضح المنظمون أن شعار الدورة مستلهم من البيت الشعري الخالد: "وَإِنَّمَا الأُمَمُ الأَخْلاقُ مَا بَقِيَت/ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاقُهُمْ ذَهَبُوا".
وشدد المنظمون على أن "موضوع الأخلاق، كان ولا يزال، يحظى بالنقاش في أوساط الفكر والدين والسياسة والاقتصاد والاجتماع والفن والبيئة، وغيرها من المجالات التي تهم وجود الإنسان ومصيره. وهو موضوع يستدعي التأمل العميق والتفكير الرصين، كلما تردت الأوضاع، واختلت الموازين بين قيمتي "الخير" و"الشر"، واتسعت مساحات "خيبات الأمل"، وضاقت آفاق انعتاق الانسان وتحرره من بشاعة ظلم الانسان وقساوته".
ملصق ترويجي للندوة
وأضاف المنظمون: "لعل ما يحدث، اليوم، في العالم، من حروب غير عادلة، وهيمنة للقوى الاقتصادية والعسكرية العظمى، واستلاب وجودي بفعل الانحرافات غير المتحكم فيها للتكنولوجيات الجديدة، ومن تدمير لاأخلاقي للمنظومة البيئية لكوكبنا الأرضي، وغيرها من مظاهر تغول "الشر" وغلبته على "الخير"، هو الحافز الذي جعل اللجنة المنظمة لـ"مهرجان ثويزا" تستضيف مفكرين ومثقفين كبارا، من المغرب ومن الخارج، من أجل فهم ما يحدث، وتفسير مظاهر حضور الأخلاق وغيابها في زمننا ووجودنا الجغرافي في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، واستشراف مصائر مجتمعاتنا في ظل التحولات القيمية الجديدة. ولقد واكب هذه المحطة الفكرية والثقافية لـ"مهرجان ثويزا" بطنجة، منذ بدايته سنة 2005، بمناقشات ومطارحات حرة وجريئة، نخبة من المفكرين من مختلف الاتجاهات والمذاهب من المغرب ومن الخارج".
كاتب بنكهة خاصة
حين يتذكر القراء محمد شكري اليوم، فهم لا يفعلون أكثر من ربط حياته وتجربته الإبداعية بـ"الخبز الحافي"، الرواية التي صنعت مجد كاتبها، وبؤسه، في الوقت نفسه. رواية، قال عنها النقاد إنها "تؤرخ لحالة البؤس والتهميش التي عاشتها شرائح عريضة من مغاربة ما قبل منتصف القرن الماضي"، و"تقدم مغرب القاع الاجتماعي، مغرب المنبوذين والفقراء والأشقياء، مغرب كل تلك الشخصيات البسيطة التي يحولها الكاتب إلى كائنات ترفل في المطلق الإنساني، وترفض الحشمة الزائفة". أما رجال الإعلام، فرأوا في شكري ذلك الكاتب الاستثنائي، وربما، الوحيد، الذي "إذا اتصلت به لتحصل منه على حوار أو تصريح أو وجهة نظر، تكون مطمئنا إلى أن ما سيقوله سيحتل الواجهة أو الصفحة الأولى، لأنه يقول دائما كلاما مميزا ذا نكهة خاصة".
فيما قال عنه رجال السياسة، إنه "سؤال غامض، لأن ما نراه منه يخفي الجزء الأكبر الذي لا نراه". ومن بين كتاب الغرب، قال الإسباني خوان غويتسولو، إن شكري "نظر إلى حياة بلده من القاع، فرأى ما لا يراه الآخذون بزمام الحكم أو العاجزون عن رؤيته".
من جهته، قال شكري إن هدفه كان أن يجمل ما هو قبيح، في حياته وفي حياة الآخرين. وتحدث لأحد الصحافيين الإسبان، في أحد حواراته، عن الطريقة التي اشتغل بها على الترجمة الإنجليزية ل"الخبز الحافي"، فقال: "كنت أترجمها ذهنيا، من العربية إلى الإسبانية التي أتحدثها، وأمليها على بول بولز، الذي كان يكتبها بإسبانيته، وبعد ذلك كان يترجمها إلى الإنجليزية.. مغربي وأميركي يتفاهمان في طنجة باللغة الإسبانية".
اعترف شكري بأنه حاول، غير ما مرة، قتل الشهرة التي منحتها إياه رواية "الخبز الحافي"، قبل أن يتابع اعترافاته، قائلا "كتبت "زمن الأخطاء" ولم تمت، كتبت "وجوه" ولم تمت. إن "الخبز الحافي" لا تريد أن تموت، وهي تسحقني. أشعر بأنني مثل أولئك الكتاب الذين سحقتهم شهرة كتاب واحد، شأن سرفانتيس مع "دون كيخوت"، أو فلوبير مع "مدام بوفاري". "الخبز الحافي" لا تزال حية، رافضة أن تموت. الأطفال في الشوارع لا ينادونني شكري، بل ينادونني "الخبز الحافي"".
سيعترف شكري للصحافي الإسباني بطبعه العنيد، مبررا ذلك بكونه من برج الجدي، قبل أن يضيف: "الكاتب لا يُودّع الكتابة حتى يُودِعوه قبره". وحين سيسأله الصحافي "أليست لك نية في الذهاب، قريبا، إلى القبر؟"، سيجيبه شكري: "لا. لا. لا ! ".
وغير بعيد عن تاريخ الحوار، الذي نشر في صحيفة "الباييس"، يوم السبت 5 أكتوبر (تشرين الأول) 2002، نقرأ في خبر قديم "ويوم الاثنين 17 نوفمبر (تشرين الثاني) 2003، بعد صلاة العصر، بطنجة، وفي محفل رهيب، ووري جثمان الراحل محمد شكري الثرى، بحضور عدد كبير من الأدباء والشعراء المغاربة وشخصيات من رجال الدولة والسياسة والفن".
مات الرجل وعاشت "الخبز الحافي".