أوكرانيا تقوم بخيار قصير الأجل بتفضيلها روسيا على الاتحاد الأوروبي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
كييف: بعد تخليها عن اتفاق شراكة مع الاتحاد الأوروبي لمصلحة التعاون مع موسكو، تكون أوكرانيا قد حرمت اقتصادها الهشّ من فرص التنمية التي يتيحها الخيار الأوروبي.
وأكد رئيس الوزراء الأوكراني ميكولا أزاروف الجمعة أن قرار كييف التخلي عن توقيع اتفاقية للتجارة الحرة مع بروكسل خلال قمة فيلنيوس هو "اقتصادي بحت". وتمر الجمهورية السوفياتية السابقة بفترة بالغة الصعوبة، حيث تعاني من حالة ركود الآن مع خمسة فصول متتالية من الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي (أقل من 0.4 بالمائة في الفصل الثالث مقارنة مع الثاني).
وقد ازدادت ديون أوكرانيا بصورة كبيرة خلال السنوات الأخيرة، وتجاوزت 30 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقابل أقل من 10 بالمائة قبل أزمة 2008-2009، وعجز الموازنة يمكن أن يتجاوز 8 بالمائة هذا العام. وحذرت وكالات التصنيف الائتماني الكبرى، التي خفضت أخيرًا تصنيف أوكرانيا إلى مستوى مشابه لليونان، من خطورة انهيار احتياطيات هذه الدولة من العملات الأجنبية، التي تغطي ثلاثة أشهر فقط من الواردات.
وشككت هذه الوكالات بوضوح في قدرة البلاد على سداد ديونها، خصوصًا في وقت رفض صندوق النقد الدولي أن يدفع لها أي مساعدة لمواجهة التدابير التي لا تحظى بشعبية، مثل زيادة في أسعار الغاز. وتقول المحللة الاقتصادية ليزا أرمولينكو من "كابيتال إيكونوميكس" أن "الاقتصاد الأوكراني في حالة رهيبة".
وأضافت هذه الخبيرة أن السلطات الأوكرانية توصلت إلى قناعة بان "التكلفة الاقتصادية ستكون مرتفعة للغاية لتحمل مخاطر" مثل هذا التقارب مع الاتحاد الأوروبي. وأوضحت أنه "على المدى الطويل، فإن هذا النبأ سيء جدًا ( ... ) لأن أوروبا توفر أساسًا للإصلاحات الاقتصادية والسياسية".
وحذرت روسيا، التي تستقبل ربع الصادرات الأوكرانية، بوضوح من العواقب التجارية التي قد تلحق بكييف في حال أي اتفاق مع بروكسل، وحثت جارها على الانضمام إلى بلدان الاتحاد الجمركي لجمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. كما حذرت أنه في حال إنشاء منطقة للتجارة الحرة بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي، فإنها ستعزز تدابيرها لمراقبة البضائع على الحدود.
ففي شهر آب/أغسطس الماضي لجأت الجمارك إلى "اختبار" نظام جديد لضوابط أكثر صرامة، ما يؤدي إلى اضطراب في الواردات ويلحق أضرارًا وخسائر تقدر بحوالى ملياري يورو فى ستة أشهر. كما قدمت موسكو مثالًا على التدابير الممكن اتخاذها عندما قامت في الصيف الماضي بحظر استيراد الشوكولاتة الأوكرانية الشعبية "روشن"، ما دفع، وبحسب الصحافة الأوكرانية، الشركة إلى تسريح عدد كبير من عمالها.
وقال رئيس الوزراء الأوكراني هذا الأسبوع إن حجم التجارة بين البلدين قد انخفض بمقدار الربع منذ بداية العام الحالي، وإن الأولوية بالنسبة إليه تتمثل في معالجة هذا الوضع. وذكرت موسكو أيضًا جارتها غير المنضبطة كييف بتبعيتها في مجال الغاز، حيث هددت شركة "غازبروم" في تشرين الأول/أكتوبر بقطع الإمدادات عن أوكرانيا، التي لم تكن قادرة على دفع فواتيرها، ولم تمنحها مهلة جديدة إلا بعدما بدأ احتمال التقارب مع الاتحاد الأوروبي يبتعد.
وقالت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش" إنه "من خلال رفضها التوقيع على اتفاق مع الاتحاد الأوروبي، فإن أوكرانيا ربما تمنع ضغوطات روسية جديدة على صادراتها". وأوضحت الوكالة إن اتفاقية للتبادل الحر بين أوكرانيا والاتحاد الأوروبي ستكون "إيجابية" للبلاد، وستعزز الإصلاحات والاستثمارات.
واعتبر وزير الخارجية السويدي كارل بيلت على حسابه على موقع تويتر أن قرار كييف "قتل أي إمكانية للاستثمار الأجنبي المباشر". وفي موسكو، اعتبر فيودور لوكيانوف رئيس مجلس السياسة الخارجية والدفاع أنه "بالنسبة إلى الاقتصاد الأوكراني، فمن الواضح أن (اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي) ستكون له عواقب سلبية على الفور، في مقابل احتمالات غامضة في المستقبل".
وأشار المستشار الاقتصادي للكرملين سيرغي غلازييف في الآونة الأخيرة إلى مشاريع مشتركة مع كييف تصل إلى "عشرات مليارات الدولارات" في مجالات الفضاء والطاقة النووية والطيران. وفي كييف، قال إيغور زودانوف من معهد السياسة المفتوحة إنه من الواضح أن بوتين وعد (يانوكوفيتش) بالمال مقابل التنازل عن الاندماج الأوروبي".
من جهته، قال الخبير فاسيلي يورتشيشين من مركز رازوموف إن "أوكرانيا لا تزال تدور في فلك روسيا، وتفقد الكثير برفضها اختيار الحضارة"، معتبرًا أن التوجّه نحو روسيا ليس من شأنه أن يجذب المستثمرين الغربيين.