قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
باتت مسألة البحث العلمي&إحدى المسائل المهمة في &السعودية، خاصة مع تزايد الإقبال على الدراسات العليا وبرامج الابتعاث الخارجي لكثير من خريجي الجامعات السعودية، الأمر الذي يطرح العديد من التساؤلات حول هذه الظاهرة والجدوى الاقتصادية من هذه الأبحاث ومدى الاستفادة العلمية والاقتصادية التي حققتها هذه الأبحاث لقطاعات الدولة، لاسيما أن الحكومة السعودية تنفق مليارات الريالات على الأبحاث العلمية.&
عبد الله النادي من الرياض: يطرح الدكتور زيد الرماني المستشار الاقتصادي وعضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لـ "إيلاف" رؤيته حول البحث العلمي في السعودية ومدى الاستفادة الاقتصادية من الدراسات العليا وجودتها، ومدى مساهمتها في تحقيق التنمية، فضلاً عن مدي مشاركة الباحثيين السعوديين في المؤتمرات الدولية، والرسائل السعودية التي حصلت على جوائز عالمية وبراءات اختراع.&
أداة تنموية&يقول الرماني: " البحث العلمي من أهم الأدوات التي تحقق التنمية في عالمنا المعاصر إن لم يكن أهمها جميعاً، ولقد أثبتت الخبرات المجمعة أنه مكون أساس في صياغة مستقبل المجتمعات والأمم، كما أن الجامعات ومراكز البحث العلمي لها الدور الأساس في جهود البحث العلمي في تلك المجتمعات، ولاشك أن عدم الاستفادة من تلك الجهود يمثل هدراً وفاقداً كبيراً على المستوى الوطني.&ويضيف: " البحث العلمي هو أحد الأنشطة ذات التكلفة العالية، وتصل التكلفة في الدول المتقدمة إلى نسب عالية من الدخل الوطني قد تبلغ (3%) في بعض من تلك الدول، أي أن الإنفاق على البحث العلمي في تلك الدول يمكن أن يصل إلى مليارات عديدة من الدولارات، فإذا تحققت من جهود البحث العلمي الفوائد المرجوة سواء تقنية أو علمية أو غيرها في المجالات العلمية التطبيقية أو العلوم الاجتماعية، فإن ذلك يكون مرضياً وباعثاً على التطور والتقدم".&ويشير الخبير الاقتصادي إلى أنه في حالة عدم الاستفادة من معطيات جهود البحث العلمي، فإن ذلك يمثل هدراً وفاقداً وطنيا يؤدي إلى ضياع بعض فرص التقدم والتطور التي كان يمكن تحقيقها نتيجة للاستثمار الهادف في البحث العلمي مع الاستفادة من معطياته.&
أبحاث منخفضة الجودةويرى الدكتور زيد الرماني أن مشكلة البحث العلمي تتمثل في أن الإنتاج لا يتجه لمواجهة المشاكل الخاصة بالتنمية أو المشكلات الحقيقية بل إنه غير مجرب في كل المجالات، ولا يتجه لإحداث تغيير وتطوير وابتكار صناعي، ولم تثبت &- للأسف &- جدواه الفنية والاقتصادية والبيئية، وتمثل الرسائل العلمية وبحوث المؤتمرات وبحوث الدوريات العلمية المحلية والعالمية، أكبر مكونات العرض لمنتجات البحث العلمي وهي في غالبيتها أبحاث أكاديمية البحث دون عمق بل هي منخفضة الجودة بعيدة عن الإبداع العلمي والانعزال عن التقدم التقني.&ومن ناحية أخرى يضيف الخبير الاقتصادي: " لقد تحولت رسائل الماجستير والدكتوراة إلى وسيلة فقط للحصول على الدرجات العلمية والترقيات وليست بهدف الابتكار والإبداع في المجالات المختلفة مما يستدعي ضرورة إعادة النظر في إطار برنامج متكامل للنهوض بمستقبل البحث العلمي".&
السرقات العلميةوعن السرقات يقول د. الرماني: " إن السرقات في مجال الأبحاث العلمية هي عرض لمرض حقيقي يعاني البحث العلمي منه منذ فترة طويلة لأسباب متنوعة منها نقص الاعتمادات والتمويل، وانفصال البحث العلمي عن الواقع المحيط به والاكتفاء بالأبحاث النظرية الصماء" مضيفاً: " هناك أشكال أخرى من السرقات العلمية وهي انتشار المكاتب التي تقوم بكتابة مشروعات التخرج مما يؤهل هؤلاء الطلاب للسير في طريق السرقات العلمية واغتصاب مجهودات الآخرين من أجل الحصول على تقديرات لا يستحقونها".&ويضيف: " للأسف، بعضاً من مواقع التواصل الاجتماعي تروج لرسائل الدراسات العليا بمبالغ مالية محددة، مشروطة بحصول صاحبها على درجة الامتياز مع مرتبة الشرف. حيث يتم توفير رسالتي الماجستير والدكتوراه لجميع التخصصات بعد توفير الأطروحات، وتكون حديثة ومميزة ويتم إعدادها بشكل علمي. ولاشك أن الأسعار ترتفع لبعض الدراسات الخاصة بالإدارة والاقتصاد والسياسة ، نظراً للجهود الكبيرة التي تحتاجها".&ويشير د. الرماني إلى أحد المشكلات الهامة في قضية البحث العلمي وهي انتشار المكتبات التي تقدم خدمة تنفيذ الرسائل العلمية، خصوصاً في الدراسات العليا، وليست مقتصرة على وسائل التواصل الاجتماعي، وهي بلا شك مخالفة للنظام.&
ثروة مهدرةويضيف إن العديد من البحوث والدراسات ثروة علمية لم يتم استثمارها الاستثمار الأمثل في معالجة العديد من الظواهر أو المشكلات التنموية التي نعاني منها في واقعنا المحلي، إذ بمجرد تخرج الطالب يستحيل هذا الجهد العلمي المتقن بنتائجه الدقيقة إلى مجموعة من الأوراق التي تستودع إما درجاً أو رف مكتبة في أحسن الأحوال.&ويشير د.الرماني إلى أكثر من تسعة آلاف رسالة لم يتم الاستفادة منها حتى عام 2000م تمثل إجمالي نتائج الدراسات العليا من الرسائل العلمية حينذاك، وقد قدرت تكلفتها التقريبية بحوالي مليارين وسبعمائة مليون ريال سعودي، وهذا يوضح مقدار الهدر والفاقد الناتج عن عدم الاستفادة من تلك الرسائل، وذلك وفقا لدراسة بحثية بعنوان (تعظيم الاستفادة من مخرجات الدراسات العليا في خدمة قضايا التنمية والتطوير).&وتكشف الإحصاءات إلى أن عدد الجامعات في الدول العربية ارتفع من (12 جامعة) في عام 1945م إلى أن أصبح اليوم يفوق 240 جامعة، كما بلغ عدد كليات الدراسات الجامعية أو العليا أكثر من 600 كلية. في حين بلغ عدد طلاب التعليم العالي (ستة ملايين طالب وطالبة) في عام 2010م. ما يعني أن ثمة ملايين الرسائل الجامعية الغنية بالأفكار الجديدة والإحصاءات الدقيقة والتوصيات النافعة لم يستفد من أكثرها، حيث لم تسهم هذه الرسائل الإسهام الأمثل في دعم خطط التنمية والتصدي للمشكلات والتحديات التي نواجهها في واقعنا العربي.&ويضيف الخبير الاقتصادي: "إن الجامعات تعلن باستمرار عن أعداد الحاصلين على درجة الماجستير أو الدكتوراه، وتحتفي بتخرجهم كل عام، ولكن تبقى قضية البحوث العلمية معلقة حيث لا تزال هناك مئات الدراسات والأبحاث رهينة الأدراج".&وأكد أكثر من باحث أكاديمي على أن هناك جهات تنفق الملايين على دراساتها من دون تفعيل. لأن تفعيلها يحتاج إلى إمكانات مالية غير متاحة، وفي الوقت نفسه ربما تنفيذ بعض الدراسات قد يحتاج إلى تغييرات إما هيكلية وإما جذرية في بنية المؤسسات، أو يحتاج إلى إصلاحات كبيرة. على الرغم مما بذل فيها وصرف عليها سواء كانت جهود مالية أو ذاتية فهذه مشكلة. بل إن هناك دراسات مؤسسية ودراسات موجهة تم الصرف عليها لمواجهة مشكلة معينة. إذن هناك قصور في الوقت الراهن في تبني بعض الدراسات والأبحاث العلمية.&
أبحاث غير موجهةويؤكد د. الرماني أن معظم الأبحاث العلمية في العالم العربي أبحاث غير موجهة، وغير مطلوبة. وللأسف لا توجد بحوث موجهة لتشخيص المشاكل والتحديات أو تحديد الاحتياجات التي تواجه التنمية أيا كان نوعها، بمعنى أن الأبحاث غير مطلوبة من الوزارات والأجهزة المختلفة، بل إن بعض هذه الجهات تستعين بجامعات أجنبية رغم أن لديها باحثين في جامعات الوطن وتتجاهلهم، ما يضطرهم إلى التركيز في أبحاث بقصد الترقية العلمية، فالكل يسبح في عالم مختلف.&ويضيف الخبير الاقتصادي: "هناك كثيراً من الأبحاث الجيدة التي لم يتم نشر نتائجها في الدوريات أو حتى المؤتمرات، وهنا يكمن الخلل حيث ستبقى هذه البحوث حبيسة الأدراج والأرفف والملفات ولن يطلع عليها أحد". مشيرًا إلى أنه في كل عام يتم إنجاز العديد من الأبحاث العلمية داخل وخارج المملكة عن المملكة وشؤونها، ويشارك العديد من الأفراد والجهات في تنفيذها، وغالبية هذه الأبحاث يتم نشر نتائجها، ومع ذلك لا نجد لهذه الأبحاث نتائج كبيرة في حل العديد من المشكلات التي تواجه المجتمع.&ويشير د. الرماني إلى أن برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي يعتبر أحد أهم البرامج الوطنية لذا فقد تم ابتعاث عشرات الآلاف من الطلاب والطالبات للدول المتقدمة في أمريكا وكندا وأستراليا وبريطانيا وسنغافورة وغيرها في كافة التخصصات. وقد أثبت عدد من هؤلاء المبتعثين كفاءة وتميزاً علمياً عالياً فحصل بعضهم على براءات اختراعات في مجالات علمية متنوعة سجلت كإنجازات عالمية نفخر بها.ويختتم: "للأسف، ليس هناك خطة استراتيجية لاستيعاب هؤلاء المبتعثين في القطاعين الحكومي والخاص، بل إن وزارة التعليم لم تستطع حتى استيعاب هذه الكوادر الوطنية في جامعاتها وتوفير الوظائف الأكاديمية".&