هل بدأ العد العكسسي لإنهاء التشافيزية في فنزويلا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أمل فارس
منذ وصول أوغو تشافيز في بداية العام 1999 إلى السلطة في فنزويلا، عبر الوعود التي أطلقها لدعم الفقراء الذين يعتبرون أكثرية السكان في دولة تعتبر ضمن العشر دول الأولى في إنتاج النفط، قام بإرساء دعائم نظاماً ديكتاتورياً مازال مستمراً حتى بعد وفاته. هذا النظام الديكتاتوري الماركسي المدعوم من عصابات المهربين ويخضع لتوجيهات الأخوين كاسترو، الذين تشبثا بسدة الحكم طوال ستين عاما، ليس نظاماً سيئاً كما يعتقد الكثيرون بل إنه النظام الأكثر قسوة ووحشية من بين جميع الأنظمة التي كان على جمهورية فنزويلا احتمالها خلال مئتي عام. وللتخلص منه لا يكفي أن يكون المعارضون هم الأغلبية لأنهم فعلا كذلك منذ وقت، لكن ما عليهم فعله هو السعي ليكون حضورهم واضحا وفعالا على الساحة الدولية، فقد استغرق العالم الكثير من الوقت لكي يلتفت إلى فنزويلا ويدرك بأنها تخضع لعملية تدمير للبنى التحتية، حيث حرم فيها المواطن من المستوى المعيشي الجيد وضعفت انتاجيته وانعدم أمن وسلامة الأفراد فيها.
وفي العديد من الدول حول العالم كان ينظر إلى فنزويلا كدولة في طور تحول ثوري، "حيث من المفترض أن تسود العدالة"، لكن في حقيقة الأمر عمل الرئيس السابق أوغو تشافيز على فرض سحره على شعوب دول أخرى وكسبها إلى صفه، في حين كان رؤساء تلك الدول سعيدين بأموال البترول التي أغدقها تشافيز عليهم، بينما فضل رؤساء آخرون الحيادية تجنبا لغضب آخرين وقفوا بحدة للدفاع عنه.
لم يكن مسيطرا على أحد من قبل كان شعبا حيا! لدرجة أن أي حدث صغير يضر بأهل الأحياء الفقيرة أو المتوسطة بحجم حفرة مكشوفة غير معبدة في طريق ما كان كافيا لتخرج جموع الناس باحتجاجات وتقطع الطرق وتشتعل عجلات السيارات لتتعالى أصوات الرفض بلا حسابات ولاخوف من احتمال الفصل من العمل أو الحرمان من المنح الدراسية كما يحدث الآن، وكانت مطالبهم تلقى نتائجها ويستجاب إليها من قبل الحكومة، أما عقب تسلم تشافيز للحكم عام 1999 وحتى اليوم فقد انقلبت كل المعايير فظاهريا كانت خطاباته توحي بأنه يريد للشعب أن يرتقي ويتسلم زمام أمور الدولة كما تعد بذلك كل الانظمة الشمولية ولكن في حقيقة الأمر كان يستأصل منه كل جذور الديمقراطية وينتزع منه مساحة الحرية التي اكتسبها منذ الاستقلال عام 1930.
شعب فنزويلا اليوم يتضور جوعا، والحديث عن الجوع لم يعد ضربا من الخيال، فالقسم الأكبر من المواطنين لم يعد بإمكانهم تناول ثلاث وجبات في اليوم، الكثيرين منهم يكتفون بوجبة واحدة إن استطاعوا لذلك سبيلا، هذا من دون ذكر الشراب وهو عنصر غذائي مرافق ومهم في الوجبة حيث يعرف هذا جميع المقيمين في المناطق الحارة، وتقول الإحصائيات أن مستشفى "تشكينتيرا" في مدينة ماراكايبو وحده قد استقبل في الفترة الماضية 51 حالة لأطفال مصابين بالجفاف، من بينهم طفلة تبلغ خمسة أعوام وصلت إلى قسم الطوارئ الخاص بمعالجة الجفاف بوزن يبلغ 5,800 كغ فقط!.
ولأن العالم يدين الجوع والمرض فقد بقي الرئيس مادورو وحيدا ليس فقط على الساحة الدولية، وإنما داخليا أيضا سيما أن الغالبية العظمى للشعب الفنزويلي والذين يعتبرون أنفسهم جزءا من الثورة التي قام بها الضابط "الخالد- الراحل" أوغو تشافيز، باتوا يتملصون من زعيمهم الحالي نيكولاس مادورو ويستاؤون من الفساد وعدم الكفائة التي يتمتع بها نظامه، والجوع المتفشي في أنحاء البلاد. وقد بدأت أول بوادر التململ تلك منذ أكثر من سنة ونصف في صفوف الحزب الإشتراكي الفنزويلي الموحد الملقبين ب "بولو الباطرياركي"، حيث تناقش رسميا استقالة مادورو،وقد بدأت ومنذ أشهر أولى الإنشقاقات الفعلية عن الحزب بالظهور بشكل علني، كرئيس بلدية كراكاس السابق "خوان بارّيتو" الذي صرح بأن خروج مادوروا من الحكم هو ضرورة لتجنب "اندثار التشافيزية" وهذا وإن دل على شيء فهي الرغبة من قبل الأغلبية بقلب صفحة هذا النظام الذي بات مرفوضا من قبل جميع أطياف الشعب الفنزويلي.
يأمل الجميع أن تكون هذه الفترة هي بمثابة الأيام الأخيرة لنظام عبثي يتشاطر خوفه مع أفراد ما يدعى بـ"الكوكوجو" للقوات المسلحة وهو الفصيل المسؤول عن حمايته، ذلك أن الشريحة العظمى من أفراد الجيش والشرطة وبشكل خاص من هم في سن الشباب ويحملون فكرا واعيا وسليما باتوا يؤيدون ضرورة التغيير.
وقد أعلن البرلمان الفنزويلي ذو الأغلبية المعارضة في اجتماعه الذي عقد في 23 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري أن " خرقا للدستور ومحاولة انقلاب واضحة" قد قام بها الرئيس نيكولاس مادورو بحق الدستور الفنزويلي وذلك بعد أن تبين أن الرئيس ذو أصول كولومبية وهذا ما أكدته الصحافية والكاتبة "نيتو بيريس أوسونا" في كتابها الجديد "نيكولاس مادورو كولومبي الأصل"، وذلك يعد مخالفا لنص الدستور الفنزويلي حيث تنص المادة 227 على "أن رئيس البلاد يجب أن يكون ذو أصول فنزويلية وألا يحمل جنسية أخرى"، وقد أعلن البرلمان ذو الأغلبية المعارضة في جلسة حاصة يوم الأحد الفائت بأنه سيتوجه إلى المجتمع الدولي للمطالبة " بتفعيل كافة الآليات اللازمة لضمان حقوق الشعب الفنزويلي" في سعيه لإجراء الاستفتاء الشعبي في موعده المحدد في 26ـ 27 من الشهر الحالي والذي كان من المقرر إجراؤه في نيسان / أبريل من العام الجاري وتأجل رغم اكتمال عدد الأصوات اللازمة بسبب رفض النظام.
كاتبة فنزويلية من أصل سوري