كتَّاب إيلاف

أما من راشد؟

امرأة تدفع عربة أطفال قرب شجرة رمزية لعيد الميلاد صنعت من غلافات قذائف فارغة وذخائر في كييف، أوكرانيا، في 18 كانون الأول (ديسمبر) 2023
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أما من راشد يجنبنا منظر شلال الدم الهادر المراق في الشوارع؟ أما من راشد ينزع فتيل الكراهية الذي تمكن من الصدور؟ أما من راشد ينشر السلام بين الناس كقيمة إلهية سامية عليا؟ أما من راشد يدعو إلى التعايش ونبذ البغضاء؟ أما من راشد يعلي من قيمة دماء البشر المراقة على مذبح السياسة اللعينة؟ أما من راشد يعظ الناس أنَّ الأرض أرض الله، وأنَّ كل من حصل على رخصة حياة من الله يحق له العيش عليها آمناً على حياته وماله وعرضه، أياً يكن لونه أو جنسه أو عقيدته أو مذهبه؟ أما من راشد شجاع يشذ عن القطيع، هذا القطيع السائر في حقل الألغام منذ مئات السنين، وكم انفجرت فيه هذه الألغام وأصابت وبترت الكثير من أطرافه إلا من رحمه ربه؟

إقرأ أيضاً: سُعار السلطة وسُعار القوة

أما عن الذين أعمتهم القوة وأدمنوا إهراق الدماء فهم الخاسرون إن عاجلاً أو آجلاً، ولن تعود إسرائيل إلى ما كانت عليه وقد اكتشف العالم كله أهدافها، ولن يعود الغرب كله إلى تأييدها تأييداً أعمى وقد اكتشفت شعوبه الحقيقة. ثم ما هو السيناريو المحتمل بعد هذه الحرب؟ هل ينتصر الفلسطينيون ويلقون اليهود فى البحر مثلاً، أو يبيدونهم (تسعة ملايين هم سكان فلسطين) وما هي اللوجستيات اللازمة لتنفيذ هذا السيناريو البشع؟ وإذا حدث العكس وانتصر اليهود، فماذا سيفعلون بخمسة ملايين فلسطيني؟ هل يمطرونهم بقنابلهم النووية ويهدمون المعبد على رؤوس الجميع مثلاً؟ إذن العيش المشترك هو مآلنا لا محالة، والسلام العادل هو الحل الحتمي، السلام الدائم المحمي بإرادة الشعوب، وليس السلام البارد المفروض بالقوة.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

إنَّ مصير العالم مرهون الآن بسلوك طرفين متنازعين: المتطرفون دعاة العنف والحرب والقتل فى كل الكوكب، من فلسطين وأوكرانيا وأرمينيا وأذربيجان والبوسنة إلى السودان ولبنان وليبيا والعراق وكل البؤر الموبوءة بهم فى كل قارات الكوكب، والطرف الثاني الذي يعول عليه سكان الكوكب كله هم دعاة السلام والعيش المشترك، وإن كانوا أقلية، وصوتهم ضائع فى خضم الانفجارات، إلا أنَّ ظهيرهم الإنساني أغلبية كاسحة، فالسلام هو القاعدة البشرية المستدامة، وبه تقدمت البشرية، وبفضله تحققت الابتكارات والاختراعات التي سهلت حياة البشر، أما حالات الحروب والاقتتال فهي الاستثئناء، ووظيفة دعاة التخلف الذين يحاولون جر البشرية كلها إلى عصور الغاب السحيقة، حيث لا قانون ولا منطق غير منطق القوة الغاشمة والبطش والاستئساد على الضعيف، وقهر الناس وسلب حرياتهم بدعاوى كاذبة ومضللة.

فليهب دعاة السلام، وهم كثر في كل الأديان والأعراق لإنقاذ البشرية قبل فوات الأوان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف