الولي الفقيه لا وكلاؤه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مع تضارب ردود الفعل والانعکاسات بخصوص الرد الأمريکي على ضرب قاعدة للقوات الأميركية في سوريا، وبالرغم من انکماش وکلاء النظام الإيراني على أنفسهم تزامناً مع الرد الأميرکي، وقبل ذلك کله حالة القلق والحذر التي سادت ولا تزال تسود أوساط النظام الايراني، فإنَّ الرد الأميرکي لا يبدو مفيداً وحاسماً، لأنه کضرب ذنب "أبو بريص"، الذي يقوم بالتخلي عن ذنبه ساعة الخطر، ليعود فينمو من جديد. لذلك، وبعد انتهاء الرد الأميرکي، وحتماً لا بد من نهاية له، ستعود الأمور إلى سابق عهدها و"يا أبو زيد کأنك ما غزيت"!
أکثر ما يمکن أن يسبب حرجاً لإدارة بايدن، ويکشف عن ضعفها وترددها أمام تمادي النظام الإيراني ووکلائه في المنطقة، وخصوصاً على حساب الدور والنفوذ الأميرکي، هو أن هناك الکثير من الآراء ووجهات النظر التي ترى عدم جدوى الضربات الأميرکية، باعتبار أنها تساير نوعاً ما النظام الايراني، بل إن العديد من وجهات النظر ترى أن ثمة نوعاً من التنسيق الأميرکي ـ الإيراني في هذه الضربات، وبما لا يسفر عن مواجهة مباشرة بين الطرفين.
الحقيقة المرة التي على إدارة بايدن تقبلها هي أن النظام الإيراني، وخلال عهد الرئيس الأميركي الحالي تحديداً، صار بإمکانه أن يمسك أميرکا من موضع الألم وقتما يشاء، في حين أن أميرکا تقوم بتوجيه ضربات يمکن القول إن صدى قوتها وتأثيرها لن يصل بالزخم الذي يروج له إلى النظام الايراني، في حين أن هناك فيه فعلاً مواضع ألم غير عادية يمكن إمساك النظام الإيراني من خلالها فيما لو کانت أميرکا جادة فعلاً في "تأديب" هذا النظام وجعله يرتدع بحق.
إقرأ أيضاً: انتقد حماس أو إيران.. فتصبح من "الصهاينة العرب"!
مواضع ألم النظام الإيراني عديدة، أهمها بالدرجة الأولى تأييد نضال الشعب الإيراني من أجل نيل الحرية بصورة جدية وصادقة، ومد الجسور مع المعارضة الايرانية النشيطة والفعالة التي نرى في منظمة مجاهدي خلق أفضل نموذج لها، والاعتراف بها، وبالدرجة الثانية طرح وإثارة ملف حقوق الإنسان في إيران، وفتح ملف المجازر التي ارتکبها هذا النظام بحق الشعب الإيراني، لا سيما مجزرة إبادة آلاف السجناء السياسيين الايرانيين في عام 1988، والتي کان على رأس المشارکين فيها الرئيس الحالي إبراهيم رئيسي، خصوصاً أن هناك المئات من الأدلة والمستمسکات القانونية التي تدين النظام، وکذلك جريمة قتل الآلاف من المواطنين الإيرانيين الذين شارکوا في انتفاضتي 15 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 و16 أيلول (سبتمبر) 2022، أما أن تبادر إدارة بايدن إلى ضرب وکلاء إيران، فإن ذلك أشبه بقطع بعض من أغصان شجرة وترك أصلها.
إقرأ أيضاً: تفجيرات كرمان وإنقاذ نظام الملالي
الضربات التي تم توجيهها لحد الآن، مع الاعتراف بأهميتها، لا تعکس أبداً جدية الولايات المتحدة في الاقتصاص من النظام الإيراني الذي يختصر في شخص الولي الفقيه، أصل البلاء وأساس المشکلة، وهو قبل ذلك کله بمثابة جحر الأفاعي المختلفة في المنطقة، حيث خرجت وتخرج منه لتستقر هنا وهناك، وطالما بقي جحر الأفاعي هذا سالماً، ليس مستغرباً "عودة حليمة لعادتها القديمة"!