المسلم من سلم الناس من لسانه ويده... والمؤمن كيسٌ فَطِن... وحلال الإسلام وحرامه بين واجتناب الشبهات فيه فريضة واجبة كي لا نقع في المحرمات والمحظورات، والإسلام دين قيم وأخلاقٍ وحياء ورحمة وتراحم وعدل ونقاء؛ ومن يخرج عن ذلك فقد ظلم نفسه ولا يؤتمن على غيره، ومن لم يتب ويرجع إلى الفطرة السليمة للمسلم المؤمن فقد خرج... وهنا نُدرك نحن البسطاء أن أخلاق الإسلام هي الشرط الأساسي للإيمان، وكل من أسلم وجهه لله مخلصاً موحداً فهو مسلم والدين عند الله الإسلام، ولا يقوم الإيمان على ادعاءات وافتراضات كتلك التي يشيعها نظام الملالي في إيران بالمنطقة والعالم، ولا تمت إلى الإسلام بصلة، ولا توحي أن هؤلاء المدعين ينتمون للإسلام من قريبٍ أو بعيد، وباتت أعمالهم وأفعالهم واضحة للجميع لكثرتها وفداحتها.
مسيرة أربعة عقودٍ ونصف لسلطة أفاعي ملالي إيران سادها الاستبداد والظلم والدم والوحشية والعداء والعدوان، ولم يسلم فيها طفل ولا قاصر ولا مسن ولا امرأة ولا جار ولا أسير ولا ضعيف. قوافل من الصبية سيقت إلى الجبهات، وقوافل من الوطنيين النجباء في إيران سيقوا إلى مقاصل الإعدام بالباطل، ولتبرير تلك الإعدامات، يأتون بالإسلام ليكون قاعدة استناد لجرائمهم من خلال باب الفتوى المُلصقة بالإسلام تحت مسمى فتوى الحِرابة، التي حلت محل توجيهات بالقتل والإبادة لمن خالفوا خميني في عهد خلافته. ولم تقتصر حملات الإبادة على السجناء السياسيين فقط، بل شملت من في الشوارع والبيوت والمقرات السياسية، كما لم يسلم السجناء السياسيون المحكومون بالسجن، ومنهم من أنهى مدة محكوميته أو كان على وشك إنهائها، وهناك حالات أُبيدت فيها عائلات بأكملها، وبعض العائلات لم يتبق منها سوى شخص واحد، وبعضها لم يتبق منها سوى أطفال.
طفلة من هؤلاء الأطفال من ذوي السجناء السياسيين الذين أُبيدوا في مجزرة الإبادة الجماعية سنة 1988 هي السجينة السياسية الإيرانية مريم أكبري منفرد، التي أمضت وأنهت مدة حكم بالسجن 13 سنة بتهمة البحث قانونياً عن سبب إعدام أربعة أشقاء، هم ثلاثة أخوان وأخت واحدة، في تلك المجزرة البشعة، ولم تراع أفاعي سلطة الملالي أن مريم أكبري منفرد المرأة التي لا ذنب لها سؤال عن أسباب هدر دماء أهلها، أنها أم لطفلة ليس لها سواها، وقد كبرت وأمها في السجن، ولم تكتف بسجنها منفية 13 سنة في ظروف قاسية، لكنها بقيت صامدة ثائرة، فلما أوشكت على الخروج لفقت مخابرات أفعى ولاية الفقيه تُهماً جديدةً ضد هذه المرأة فحُكِم عليها بثلاث سنوات سجن إضافية.
ما يعيشه نظام الملالي في إيران من أزمات ورعب من عار الانتخابات المقبلة، وما سيجري فيها في ظل تفكك النظام من الداخل وضعف خياراته والخوف من السقوط في الانتفاضة الوطنية القائمة التي ستؤدي إلى سحق رؤوس أفاعي النظام وتقديم كبارها لمشانق القصاص، لا يوصف. فتلك الأفاعي تدرك أن جرائمها لن تمر دون عقابٍ وقصاص، طال الزمان أو قَصُر، وللهروب من السقوط والقصاص، لا بدَّ من خلق أزمات تمكنهم من الهروب إلى الأمام والاستمرار في السلطة. وكل الخيارات والإجراءات مباحة ومحللة، ولم تنجح خيارات القمع والاعتقالات والإعدامات، ولا بدَّ من خيارات مبتكرة كالتفجيرات وأفلام الخبث والادعاء التي يتناغم الغرب معها.
عجباً يتوضؤون بالدم ويدعون الإسلام والإيمان.
مؤخراً، أخرج نظام الأفاعي فيلماً دموياً جديداً في إيران، أتى امتداداً لمسرحية أفلام داعش في إيران، من خلال تفجيرٍ كبيرٍ دامٍ في مدينة كرمان المعارضة لعلي خامنئي وجنوده. وأودى التفجير بحياة عشرات الضحايا وعشرات الجرحى. وبالرغم من الطبيعة الجغرافية الصعبة في هذه المنطقة، إلا أنه لا وجود لداعش فيها من دون تنسيق مع الملالي، لسببين أولهما الاستنفار الأمني الكبير لأفاعي ولي الفقيه فيها، والثاني لأنَّ طبيعة الشعب الإيراني لا تتقبل أي نوع من أنواع هذه التنظيمات الإرهابية.
إنَّ تفجيرات بهذا الحجم لا يمكن تنفيذها على يد تنظيمات زائرة، ومن المرجح أن تكون عصابات الملالي قد نفذتها، تماماً كما حدث في سابق الأيام في الإمام الرضا بمشهد والمرقد العسكري في سامراء بالعراق ومرقد شاه في شيراز بإيران، وقد يكون هذا التفجير مدخلاً لفرض وتبرير ممارسات قمعية واسعة في المدينة، خصوصاً مع استعدادات الملالي لمسرحية الانتخابات الرئاسية قريباً في إيران، حيث يتوقع الملالي حدوث مواجهات ساخنة بين سلطاتهم القمعية في انتفاضة شعبية مرتقبة عما قريب، وكذلك من الممكن أن يكون ذلك من تدبير النظام لجر المجتمع الدولي إلى أسطوانة محاربة الإرهاب الذي يتعرض له نظام إرهابي خبيث، وبهذه الخطوة يكون قد نجا من أي نوايا دولية لردعه أو أي تحركات للمقاومة والشعب الإيرانيين لإسقاطه من خلال مقاطعة الانتخابات وتأجيج الانتفاضة.
أما الأكثر غرابة في حادثة التفجير المفتعلة هذه، فهو سيول التضامن الغربية التي تهافتت وتتهافت على الملالي كمن يتضامن مع منكوب عزيز، وما يخيفنا أكثر أن تكون هذه الفاجعة التي ألمت بالشعب الإيراني وهذ التضامن الغربي مقدمة لإعادة تمكين أفاعي ولي الفقيه من استعباد الشعب الإيراني وتركيع المنطقة برمتها.
أما شعوب ودول المنطقة التي لم تسلم هي الأخرى من سموم خميني وجنوده، ولا من خليفته خامنئي وزمرته وجنودهم، فلن تسلم أيضاً بعد إعادة تمكين الغرب للملالي في إيران مرة أخرى في إطار سيناريو محاربة الإرهاب. وقد يكون السيناريو القادم بالمنطقة أشد وأخطر، خصوصاً بعد حرب العدوان على غزة وما يحتاجه الغرب من أحداث تمكنه من المنطقة من جديد.
بلغ نظام الملالي في إيران من العجز والشيخوخة والهزال الأخلاقي مبلغاً لا يوحي بأدنى درجات الرشد والتهذيب. كذلك، يوحي الأمر بتدهور أوضاع النظام، وأنه بات على مقربة من التفكك والانهيار، وآخر الدلائل الكبرى على ذلك هرطقة خامنئي وما تفوه به في لقائه مع عائلة قاسم سليماني، بتحدثه عن قداسته، وأنه في أحد اللقاءات تحدث بحديث رائع وغير متوقع وغير معد له، وكان الكلام ينزل عليه، وكان الكلام كلام الله، وكان هو كلمة الله. لقد تفوه بهذا الكلام أمام الملأ، وتم نشره دون التحلي من قبله ومن قبل الناشر الحديث بأدنى قيم الإسلام وأخلاقه، وبحديث الهرطقة هذا، يتضح أن هذه الأفعى الكبيرة لا علاقة لها بالإيمان ولا بالإسلام ولا بالقيم الإنسانية، حيث لم يراع ما سيتسبب به حديثه من كفر وفتنة ورِدة. وليس هذا الهذيان بجديد، وما يؤكد ذلك تصريحات جنوده ومنهم الحرسي حسين سلامي، وقولهم إنَّ كل ما لديهم من نعمة وتفوق وخير هو ببركة خامنئي.
ختاماً، هل سنبقى متفرجين على مآسينا وما ينتظرنا من سوء المصير, أم سنستفيق من غفلتنا، ونقر أن لا خيار أمامنا سوى رؤوس الأفاعي في إيران، والإسهام في خلق إيران حرة ديمقراطية تحترم مبادئ حسن الجوار والقوانين والعهود والمواثيق الدولية.
اليوم آن الأوان ليقف الجميع إلى جانب نضال الشعب الإيراني ومشروع المقاومة الإيرانية لإحداث هذا التغيير عاجلاً في إيران.
التعليقات