ما آلت إليه الأوضاع المختلفة في إيران، هو في الحقيقة والواقع نتيجة ومحصلة تجربة مريرة عمرها 44 عاماً، تجربة من الواضح أنها ليست مصدر سعادة ولا حتى أمل وتفاؤل للشعب الإيراني. يبدو ذلك واضحاً وضوح الشمس في عز النهار في ملامح وسحنات الشعب الإيراني عموماً والطبقات الفقيرة والمسحوقة خصوصاً.
لقد سعى النظام الايراني على مر العقود الأربعة المنصرمة إلى تطبيق نظرية ولاية الفقيه على أرض الواقع، محاولاً جعلها أمراً واقعاً للشعب الإيراني وتجربة سياسية ـ اقتصادية ـ اجتماعية يمکن الاحتذاء بها في بلدان المنطقة بشکل خاص، لكن يمکن القول بثقة إن النظام، وبعد کل هذه الأعوام، ما زال يواجه صعوبة ليس في تطبيق هذه النظرية فحسب، بل إنه يواجه رفضاً شعبياً واسعاً لها، مما يؤکد في الحقيقة فشل هذه النظرية شعبياً وعدم إمکانية تقبلها.
اندلاع أربع انتفاضات شعبية عارمة ضد النظام، وکان آخرها انتفاضة 16 أيلول (سبتمبر) 2022، وحدوث آلاف الاحتجاجات والتحرکات والنشاطات المضادة للنظام في داخل وخارج إيران، والأوضاع البائسة والسيئة جداً التي يمکن لمسها بکل وضوح، هي كلها بمثابة مؤشرات دامغة تؤکد، وبصورة قاطعة، الفشل الکامل لنظرية ولاية الفقيه، وعدم إمکانية تطبيقها وجعلها أمراً واقعاً برغم المحاولات والمساعي الحثيثة والمحمومة التي بذلها ويبذلها النظام.
محاولة النظام خداع الشعب الإيراني بلعبة الانتخابات من أجل الإيحاء بأن نظام ولاية الفقيه نظام ديمقراطيّ، وکذلك سعيه من أجل تجميل وجهه الحقيقي الاستبدادي البشع من خلال مسرحية "الاعتدال والاصلاح" التي ابتدعها في أواسط العقد التاسع من الألفية الماضية وبذل المستحيل طوال أربع ولايات رئاسية لجعل الشعب يميل إلى هذا النظام ويقتنع به، قد وصلت إلى طريق مسدود تماماً، لا سيما عندما هتف الشعب أثناء الانتفاضات الأخيرة بشعارات تندد بما يسمى بالإصلاحي والمحافظ على حد سواء، وتشدد على إن اللعبة انتهت واتضحت الحقيقة للشعب أن الطرفين يسعيان لخداعه وجعله يتقبل النظام ويخضع له.
فشل نظرية ولاية الفقيه ووصولها إلى طريق مسدود، هو في الحقيقة من قبيل تحصيل الحاصل، ونتيجة منطقية لنضال خاضه الشعب الإيراني منذ تأسيس هذا النظام وحتى يومنا هذا. وبطبيعة الحال ليس من المنطق أبداً نسيان وتجاهل الدور التعبوي والتوعوي لمنظمة مجاهدي خلق، التي کانت ولا زالت بمثابة الدينامو والمحرك والمحفز الأساسي للرفض الشعبي ضد النظام ومواجهته، ولا سيما أن ما بنيت عليه المنظمة من أمور ومسائل يدفع الشعب لرفض النظام ومواجهته، ليست من خارج الواقع الإيراني أو من فرضيات وإملاءات خاصة بها، بل إنها مستمدة من الواقع الإيراني ولذلك فإنها لاقت وتلاقي قبولاً من قبل الشعب الإيراني وبشکل خاص دعوة المنظمة إلى إسقاط النظام واعتبار ذلك الحل الوحيد لکافة المشاکل التي يعاني منها الشعب، وإسقاط النظام هذا في حد ذاته رسالة خاصة من المنظمة تؤکِّد أن نظرية ولاية الفقيه نظرية محکوم عليها بالفشل، ولا يجني الشعب من ورائها إلا المصائب والمآسي والويلات!
التعليقات