كتَّاب إيلاف

لا صديقَ ولا عَدُوَّ هنا يا غزة هاشم

دبابة إسرائيلية على تخوم قطاع غزة في 15 شباط (فبراير) 2015
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نهلت الفردية العربية من رومانسية الهم الفلسطيني، الذي وجدت فيه مبرراً ميتافيزيقياً للمظلومية التي تميزها عن العقل الغربي، وثملت بما في كوب البكائيات من حكايا العزيز إذا ذل والقوي إذا وهن وباقي أبطال السمر الليلي، حتى أصبح التعبير عن حالة الشجن الجماعي طقساً يمارس في أعياد سحق الشعب الغزي، حين يجيء المد البشري عبر الأزقة اليمينية واليسارية التي تفضي إلى الشارع العربي، قبل أن يعود أدراجه لأنَّ الطريق إلى غزة لا يمرّ عبر الطريق الوطني.

وككل مرة، يعود الجميع أدراجه، فيعود الشاعر لمراجعة أسلوبه المباشر في وصف ملامح وجه أنثاه اليهودية، ويعود الكاتب المنهك لدفاتره القديمة لعله يجد نصاً عن الفرق بين الهزيمة و"المهزومية"، نصاً يطنب ما يعلنه العنوان ولا يطول كثيراً احتراماً لزمن قراء الجريدة الإلكترونية، وتعود حكومة عربية تأوي ثلة من قادة العمل عن بعد إلى صناعتها المحلية في تنظيم المباريات الكروية، وتعود أساطيل الفرس أدراجها وتكتفي بتحصين حدودها البحرية، ويعود هَمُّ القضية أهَمَّ من الضحية.

إقرأ أيضاً: ماذا ينتظر خامنئي؟

وككل مرة، ينفض الجميع لأنَّ ليل غزة بارد طويل، ولأن حارس الميناء ربما تشَيَّع ولا ندري ما إذا كان تشيعه عَلَوِيًّا أم صَفَوِيًّا أم تملقاً وتمسحاً، والأكيد أنَّ حماس السنية خرجت عن جماعتها منذ دخلت في جبهة واحدة جنباً إلى جنب مع زيدية اليمن وإمامية لبنان وإباضية سلطنة عمان، والأكيد أنَّ اليوم الأول كما اليوم التالي مسؤولية إيران التي لا تشبه نفسها في الرواية، وورطة مصر التي تأتمر بأمر عبد الفتاح الذي لا يفتح المعبر إلا لماماً.

إقرأ أيضاً: هل يمكن للذكاء الاصطناعي توقع الموت... حقاً؟

وننسى ككل مرة أن حماس عربية المولد والمنشأ قبل أن تصبح بنت إيران بالتبني وتتوشَّح بالأسود. وأما فَتْحُ فولدت دون هوية وهاجرت من لبنان إلى الضفة الغربية بجواز سفر أحمر. وبين حماس وفتح ما بين الأسود والأحمر: اختلاف في الشعرية وتباين في الاستعارة. وحول حماس وفتح ضفة بعدت وقطاع صغير، وحولهما عرب وترك وفرس وغرب وشرق وكل الدنيا ناقصة أرضها، ناقصة فلسطين.

إقرأ أيضاً: هل يسرقون المطر الإيراني؟

ويبقى الحال كما تعودنا عليه، لأن خلط الأسود بالأحمر خطر على نظامنا الغذائي ولأنه عالم بين البينين. "فلا صديقَ ولا عَدُوَّ هنا يراقب ذكرياتِكَ" يا محمودنا الدرويش، لا صديقَ ولا عَدُوَّ هنا يا غزة هاشم، بل رماد عالم يراقب نوركِ الذي لا تخطئه العين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا مخرج من انتظار غودو
قارئ فلسفة -

بين سطور النص توازي مقصود او بغير قصد بين مسرحية بيكيت "في انتظار غودو" و مسرحية جون بول سارتر "لا مخرج" و هي لا تقل عنها شهرة. الانتظارية التي بنيت عليها مسرحية بيكيت، يوازيها انتظار المخرج من سطوة الغير على الأنا، كعقاب ابدي اختاره سارتر للموتى الخطائين. لا مخرج من انتظار غودو المخلص، و قد يكون غودو احتشاد الأنا و تمرده على سطوة الغير، كما قصد (او لم يقصد) كاتب النص. موفق