انتفاضة تاريخية في مرمى انتقادات مجحفة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
لا تشين المسالب والمآخذ عظم وشموخ الانتفاضة الجماهيرية في كردستان العراق ضد النظام البعثي في عام 1991. فبالرغم من الجدل المتجدد عن جدواها ونتائجها بعد ثلاث وثلاثين سنة من قيامها، وتعرضها لانتقادات مجحفة في أغلب الأحيان، ما زالت المنجزات والمكتسبات المتحققة شاخصة أمام الأنظار لا يمكن التغاضي عنها أو تجاهلها، والانتقاص من شأنها ليس إلا كلمة "حق يراد بها باطل" أو "لحاجة في نفس يعقوب".
والكلام عن الثورات والأحداث السياسية الكبيرة التي غيرت الأوضاع على أعقابها ورسمت خطاً فاصلاً بين ما قبلها وما بعدها وساهمت في إحداث مسار تاريخي جديد يحتمل وجهتي نظر كلاهما تعتمدان على معطيات نابعة من الواقع ومرتكزة على وقائع ملموسة، فمهما كان أكثر الثورات والوثبات والتحولات السياسية لها من تأثير في مجريات التاريخ ومصائر الشعوب ونضالها وتطلعاتها على أرض الواقع، فإنها لم تسلم من هذه الجدلية التي لا تغيِّر من وقعها وأهدافها شيئاً سوى أنها محاولة للتقليل من شأنها بإبراز مساوئها وإخفاء مميزاتها وتناسيها.
وأغلب الظن أنَّ كلا التوجهين لا يمكن غض الطرف عنهما ولكن يحكمهما تفاوت كبير قد يصل إلى مستوى المتناقضات، فالانتفاضة الجماهيرية كان لها الفضل الأكبر في نقل كردستان من أسوأ أحوالها تحت سطوة أعتى الدكتاتوريات وبراثنها والقمع والاضطهاد الوحشي وكبت للحريات وشمولية مفرطة في الحكم إلى ميدان إطلاق الحريات الشخصية والعامة غير المشروطة وانفتاح قل مثيله في جميع المجالات السياسية والاجتماعية والأمنية والتعليمية والإعلامية والمدنية، كما مثلت اللبنة الأولى التي أقيمت عليها المؤسسات الشرعية من حكومة وبرلمان وقضاء وقوات بيشمركة وباقي المؤسسات الأخرى، كما أنه من الطبيعي أن يشوب هذا الانفتاح والتحول الكبير خلل هنا وآخر هناك مصدره تصرفات فردية أو توجهات فئوية لا تمت للتوجه العام بصلة، أو يتخللها اجتهادات شخصية ومصالحية لم تدرس بشكل متكامل فحادت عن تحقيق أهدافها المرجوة، ناهيك عن أمور ليس من الإنصاف إلقاء مسؤولية وجودها على عاتق انتفاضة واجهت قبل ما يزيد عن ثلاثة عقود أكثر الأنظمة الشمولية بطشاً وتعاملاً بالحديد والنار وحكم عسكري استبدادي لا يتوانى عن إبادة مدن بمن فيها في سبيل بقائه كما حدث في مدن الجنوب بُعيد الانتفاضة الشعبانية، فليس من الإنصاف ربط تقييم انتفاضة شعب متعطش للحرية وقدم خلالها تضحيات جسام بنقص في الخدمات أو تأخر في الرواتب أو فشل مشروع خدمي ما أو تجاوزات مسؤول إداري أو فساد في بعض الأجهزة والمؤسسات، والحكم على صلاحه أو فساده من هذا المنطلق.
إنَّ مجرد تكلل الانتفاضة بالنجاح هو أكبر إنجاز تاريخي تحقق لكُرد العراق في العقد الأخير من القرن العشرين، وبفضله ينعمون باستقلالية وحرية، بالرغم من فجواتها، يفتقدها كثير من الشعوب في المنطقة، ولا يعدو ما يتفوه به المتشدقون في كل عام بالتزامن مع ذكرى الانتفاضة سوى نزوات صبيانية تريد النيل من أهدافها ورسائلها وآثارها.
التعليقات
امة مظلومة
ابو تارا -مع كل الاسى والاسف كل مكتسبات الانتفاضه الجماهرية الكوردية التأريخية العظيمة ستتعرض الى الخطر اذا استمر خلافات وصراعات الكورد الداخلية وانقساماتهم وانشقاقاتهم والتى لم تتحقق الا بثمن باهض وانهار من الدماء الزكية الطاهرة وخسائر جسيمة ويتجلى ذلك اليوم وبكل وضوح فى محاولات اخضاع الاقليم واضعافه وتقزيمه والتأمر على وجوده وكيانه الناهض والذى يواجه تحديات واخطار جسيمه فى ظرف دقيق ومنعطف تأريخى وحساس تحية للكاتب على مقاله الثمين ورأيه وتحليله الدقيق