كتَّاب إيلاف

الاحتلال الأميركي ومشروع تمزيق العراق!

الاحتلال الأميركي لم يمتلك مشروعاً استراتيجياً في العراق وكان متردداً بين البقاء أو الانسحاب
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أمضى الاحتلال البريطاني للعراق أربعة عقود (1917-1958) تصدى خلالها لمشروع بناء الدولة على مستويي الإدارة الحديثة والمالية وإصدار العملة العراقية، ومجموعة البنى الفوقية والقانونية والتشريعية والسياسية، واتجه المستوى الآخر نحو البنى التحتية في إنشاء الطرق والجسور وخطوط الماء والمجاري وسكك الحديد لغالبية مدن العراق، إضافة إلى بناء المستشفيات والتعليم وإنشاء الموانئ والمطارات واستكشاف النفط وتصنيعه وتصديره وغير ذلك، بل إنَّ العديد من تلك المنجزات ما زالت شاخصة إلى وقتنا الحاضر.

جاء الاحتلال الأميركي عام 2003 حاملاً وعود وأحلام الديمقراطية التي يشكو جفافها مناخ العراق السياسي منذ سقوط النظام الملكي، واستبدل تلك الوعود بنظام سياسي هجيني يحمل عناوين ديمقراطية، لكنه يقوم على تفريق الآصرة الوطنية على أسس مكوناتية تحمل معها أسباب احترابها، وتضع نيران خلافاتها تحت رماد فسادها المتخادم بين أحزابها وشخوصها التي أوكل لها الاحتلال تمثيل طوائفها وأعراقها بنحو شكلاني احتكاري زائف، سرعان ما فضحته الأحداث وأسقطته احتجاجات الجماهير العراقية من شمال الوطن إلى جنوبه.

كشف الاحتلال الأميركي عن عدم امتلاكه مشروعاً استراتيجياً في العراق، وبات الأمر متردداً بين الإدارتين (إدارة الحزب الجمهوري وكذلك إدارة الحزب الديمقراطي) ما بين الانسحاب أو البقاء في العراق! احتلال غير معني بالتحولات الكارثية التي أصابت العراق بوجود سلطة متشكلة من أحزاب وتشكيلات تتبع ولاءها الطائفي، وتنتمي لعمقها الإثني والقومي وتهمل كل ما يعني بالمواطنية العراقية وحقوقها ومشروع بناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة؛ واقع سمح بامتدادات وتدخلات ناعمة وصريحة لدول جوار العراق، تحت أنظار السفارة الأميركية، وبرغبة الأحزاب الحاكمة التي وفرت بيئات مستقبلة حتى غدا التواجد العسكري والميليشياوي لدول الجوار صارخاً ومتحدياً للنظام السياسي الهش وطنياً، ما جعل دول الجوار تجد فرصتها التاريخية لتمارس النهش والتسليب الانتقامي من العراق الذي أرهبها طوال نصف قرن بقوة نظامه الدكتاتوري وسلاحه الفتاك واستعداده الدائم للحرب، مهما تعارضت الظروف، الأمر الذي ساهم بسرعة سقوطه المدوي عام 2003.

نستطيع القول إنَّ سياسة إيران في العراق نجحت أكثر من السياسة الأميركية، فالأميركي يتعامل مع القوي على الأرض، بينما الإيراني يصنع القوي على الأرض تحت أكثر من عنوان، تارة بولاءات طائفية عقائدية، وأخرى تحت غطاء اسلاموي، وثالثة في حسابات النفوذ والمواقع المهمة في العراق، حتى صارت المواقع الرئاسية والوزارية والأمنية بالدولة لا تمر دون ختم موافقة طهران التي زحفت حتى الخط الثاني والثالث من مواقع المسؤولية بالعراق.

تفوقت سياسة إيران على أميركا في العراق من خلال سعيها لإيجاد نظام سياسي هش وضعيف لـ"الدولة"، وإلى جواره تشكيلات عقائدية مدنية وميليشياوية تمثل أذرعاً عسكرية لها، ومابين الاثنين تشتغل آليات اللادولة لتتوازن أو تتفوق على الدولة، وبهذا تستحكم بمراكز السلطة الفعالة، المال والأمن والقضاء، مستفيدة من الصناعة السياسية الأميركية لنظام سياسي عراقي مغترب، وبلا حدود أو هوية مواطناتية عراقية، حتى بلغت الأمور أن يذهب مجلس النواب إلى تشريع قانون العطل الرسمية التي توزعت بين مناسبات دينية وطائفية وعرقية، بينما لا توجد بينها عطلة رسمية للعيد الوطني العراقي!؟

النظام القوي يكتسب طاقة استمراره من الشعب، وبالقدر الذي توفره له من حقوق وحريات ورفاهية عيش وخدمات، ويفقد طاقته على الاستمرار مع قسوة الواقع وتضخم المعيشة وتزايد الأزمات وسقوط الأقنعة الطائفية والعرقية، كيف يكون الحال ونحن نتحدث عن حكومة هشة فاسدة وضعيفة مراكز سلطتها تخضع لتبعيات طائفية واستقطابات دولية!؟ نعم انكشفت حقائق السلوك السياسي لأحزاب الفساد ونهب ثروات البلاد حتى أصبح العراق مثالا عالميا للتخلف والفساد القياسي بين الدول.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صدقت عن الاحتلال الانكليزي
صالح -

ولكن لا تظلم كثيرا الاحتلال الامريكي الذي كان هدفه الاساسي ازالة النظام البعثي وازلامه اولا ومن ثم العمل على وضع الاسس لعراق جديد,ولكن قيام مقتدى الصدر بالعمل على التصدي للامريكان لانهم بنظر الصدر محتلين ونسى انهم محررين وقيام اهل السنة بالهجوم على الامريكان وزرع العبوات وتفجيرهم كل شيء في العراق وضع الامريكان في موضع الدفاع وشتت خططهم ما بين البناء وبين الدفاع,واراد الشيعة ايران هي التي تحتل العراق بدلا من الامريكان وكان لهم ما ارادوا وابحث عن ايران في خراب العراق

مضاعفات الغباء الامريكي
علي خالد -

امريكا تعاملت مع العراق بنفس غباء تعاملها مع فيتنام، حينها قامت امريكا بالتصرف بعنف مفرط، معولين على كسر ارادة الشعب وفشلوا بمهمتهملم تتعلم امريكا الدرس، وتم اعادة تجربة فيتنام في العراق، وقابلها عدم مقبولية ونبذ في الشوارعوتم تسليم العراق لايران بقصد او بدون قصدفي الجهة المقابلة ايران استغلت الظلم الذي تعرض له الشيعة من نظام صدامللتوغل في العراق ونجحت بذلك بسياستها الشيعية-الفارسية اختلفنا او اتفقنا مع الايرانيين تبقى سياستهم هي الادهى للسيطرة على الشيعة وبسط نفوذهم! حتى مع الدول الغير شيعية مثل "فنزويلا"مرونة ايران والدهاء الفارسي تفوق على العنجهية الامريكية التي عبدت الطريق وسلمت كل شيء على طبق من ذهب.

قليل من الصدق ..وقليل من الشجاعه
قول على طول -

الاحتلال الامريكى ...والربيع العربى ..وداعش ..الأشياء السابقه كشفت مجتمعاتنا على حقيقتها ...مجتمعات عنصريه تقدس الطائفه والمذهب والعشيره ولا علاقه لأمريكا بها ..امريكا لم تجلب معها أى مذهب ..والربيع العربى أوضح لنا حقيقتنا بأننا شعوب عنصريه تخريبيه تقدس الموت والخراب والارهاب وداعش هى النسخه الأصليه من الدين الحنيف ..

أمريكا نشرت الفوضى عن عمد
فادي أنس -

عن نفسي أتحدث وأقول بأني كنت مقتنعا بأن بلدي العراق سيصبح مثل ألمانيا أو اليابان خلال سنوات معدوده بعد الغزو الأمريكي في 2003. يالسذاجة تفكيري وسطحيتي ويالبؤسي, فقد تصورت يومها أن بغداد ستصبح مثل سان فراسسكو والبصره كما نيويورك وسيكون العراق قبلة العالم. الذي حصل هو أن من كان يقاتل العراقيين ويقتلهم بالأمس قد صار يحكمني. لقد أبدلوا الحكم العلماني وأن كان دكتاتوريا بحكم الطوائف ومكنوا أيران من بلدي. لقدد شرع الأمريكان وجود الميليشيات التي تتغطى بغطاء الدوله لكنها تتصرف كما عصابات الأجرام وتأتمر بأوامر الولي الفقيه. قلبي عليك ينزف دما يا من كنت عراق العرب, يامن كنت عراق المجد والعزة والكرامه وقد هويت الى واد سحيق لن تخرج منه قبل النفخة الأولى لأن أعدائك أستمكنوا من رقبتك. كنت يوما في بلد أوربي وقد دعيت الى حفله, وبعد مرور ساعات على بدء الحفله أقترب مني أحد الحاضرين من أهل ذلك البلد وقال لي بلسان صارم, "لاتقولوا بأنكم تنتمون الى القومية كذا لكن قولوا بأنكم عراقيون فالعراق بلد يرفع رأس من ينتمي أليه فخرا, أنتم مختلفون عن محيطكم وانتم تسبقون من حولكم بسنوات, ثم ختم حديثه ممازحا لماذا لاتطلبون الأنتماء الى أوروبا"...أمريكا تعمدت نشر الفوضى في العراق من أجل عدة أشياء متداخله فيما بينها, أولها عداء العراق لأسرائيل, وثانيها الطمع بثروات العراق, وثالثها كان السبب المباشر للعدوان و القشه التي قصمت ظهر البعير وهو قرار صدام حسين بالتحول من بيع النفط العراقي بالدولار ألى بيعه باليورو.