كتَّاب إيلاف

الرياضة النسائية العربية.. وعودة محمودة

لاعبة التايكواندو السعودية دنيا أبو طالب خلال منافسات أولمبياد باريس 2024
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

هل يمكن أن نقول إنَّ المرأة العربية، بالرغم من العوائق التي وقفت في طريق نجاحها، تمكنت من العودة بقوة وإرادة لا تلين لتحقيق حلمها بنيل الميداليات التي زينت صدرها في أولمبياد باريس الأخير؟ وبالرغم من المنافسات الحادة التي واجهتها، جاء الرد الإيجابي بعد أن ابتعدت المرأة العربية في الماضي عن الساحة الرياضية، باستثناء بعض الدول التي اهتمت بها، مثل مصر ودول المغرب العربي وبعض الدول العربية الآسيوية، حيث برز منها عدد محدود من الأبطال في ألعاب القوى، الجمباز، الملاكمة، ورفع الأثقال، وغيرها.

هناك فئة قليلة من النساء استمرت في ممارسة بعض الألعاب الرياضية، بينما اتجهت أخريات إلى المعاهد الرياضية لاتخاذ الرياضة كمهنة (التدريب أو التدريس). وبرزت فئة من النساء وشقت طريقها جنباً إلى جنب مع الرجال.

في وطننا العربي، هناك من يرفض ممارسة الرياضة النسائية عموماً، ومنهم من يسمح بممارستها ولكنه يرفض دخولها في المنافسات، لا سيما الدولية، نظرًا لظروف السفر والمعسكرات وغيرها. لذلك، لم تحقق الرياضة النسائية العربية حتى الآن إنجازات كبيرة على مستوى الرياضات الجماعية، ككرة القدم وكرة السلة. بينما على مستوى الألعاب الفردية، مثل ألعاب القوى، كتبت بطلات عربيات أسمائهن في كتب التاريخ الرياضية، مثل الجزائرية حسيبة بولمرقة، والسورية غادة شعاع، والمصرية رانيا علواني في السباحة، فضلاً عن المغربية نوال المتوكل التي استطاعت التفوق على الظروف، وعلى الرجال، وحصلت على الميدالية الذهبية في سباق 400 متر حواجز في أولمبياد لوس أنجليس عام 1984. كما أن فارسات الكويت (نادية وجميلة المطوع، ولمياء العيسى، وسلوى القاضي، وبارعة الصباح) اكتسبن الشعبية على المستوى الخليجي والعربي والقاري. كذلك في لعبة الشطرنج، برزت على المستوى الخليجي والعربي نادية محمد صالح (الإمارات العربية المتحدة)، التي حصلت على البطولة العربية الثانية للشطرنج بدبي في عام 1984، وعلى المركز الثاني في البطولة العربية الفردية التي أقيمت بتونس في العام نفسه. كما شاركت في أولمبياد الشطرنج عام 1980 الذي أقيم بمالطا، وفي بطولة إنجلترا الدولية للشطرنج في عام 1981.

يزخر سجل الرياضة العربية بالمئات من الرياضيات المتألقات في رياضات عدة منذ عقود، حيث ذاع صيتهن عربياً وإفريقياً وعالمياً، مثل السباحة التونسية مريم الميزوني بطلة السبعينيات على المستويين الإفريقي والمتوسطي، والجزائريتين البطلتين الأولمبيتين نورية بنيدة مراح في ألعاب القوى، وسليمة سواكري وصوريا حداد البطلة الأولمبية في رياضة الجودو.

إقرأ أيضاً: ما مبرر لجوء النمسا إلى ترحيل اللاجئين؟

إذا كانت دول مثل المغرب والجزائر ومصر تزخر بنشاط رياضي نسائي منذ عقود، فإن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لدول عربية عدة لم تشارك منها رياضيات في المنافسات الدولية إلا في السنوات القليلة الماضية، مثل الدول الخليجية، بسبب تركيبة المجتمع المحافظ الرافض لممارسة المرأة للرياضة. وقد شغلت نساء عربيات العديد من المناصب في الإدارة والتسيير الرياضي، منهن: ريم بنت بندر بن سلطان، الكويتية فاطمة، التونسية درصاف القنواطي التي كانت حارسة مرمى قبل أن تصبح أول حكمة تونسية تدير مباريات كرة قدم للرجال في تونس وإفريقيا، والبطلة المغربية في ألعاب القوى نوال المتوكل التي تولت منصب وزيرة الشباب والرياضة في المغرب، كما شغلت منصب نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية. كما شغلت الجزائرية حسيبة بولمرقة منصباً في اللجنة الأولمبية الدولية والجزائرية.

تتطلع بطلة الملاكمة المغربية خديجة المرضي إلى حصد أول ميدالية لها في أولمبياد باريس بعد خروجها من دور الثمانية في أولمبياد ريو دي جانيرو 2016، قبل انسحابها من أولمبياد طوكيو لأسباب صحية. وقد أثبتت المرضي بشكل لا يقبل الشك أنها مستعدة تمامًا للتحدي الأولمبي بعد أن حصدت ذهبية بطولة العالم للوزن الثقيل العام الماضي، إلى جانب الفوز بميداليتين ذهبيتين في دورتي الألعاب الإفريقيتين الأخيرتين، وذهبيتين في بطولة إفريقيا.

إقرأ أيضاً: تركي رمضان... وصمت الجدران

وخاضت الرباعة المصرية سارة سمير أحمد تحديًا مع الذات لإثبات أحقيتها في التواجد على الساحة الأولمبية بعد غيابها عن أولمبياد طوكيو بسبب الإيقاف المتعلق بتعاطي المنشطات، حيث حصدت الميدالية البرونزية في أولمبياد ريو دي جانيرو عندما كانت في الثامنة عشرة من عمرها. وقد تجاوزت سارة أحمد (26 عاماً) كل العقبات التي واجهتها وتفوقت على نفسها خلال السنوات الأخيرة، وتمكنت من نيل ميداليتين ذهبيتين في آخر نسختين من بطولة العالم. إلى جانب سارة أحمد، هناك عدة أسماء في فريق رفع الأثقال المصري كانت مرشحة للصعود إلى منصة التتويج، وفي مقدمتها حليمة عباس ونعمة السعيد.

حصلت المرأة العربية في تاريخ مشاركاتها بالأولمبياد على 11 ميدالية ذهبية، أغلبها في سباقات ألعاب القوى، مقابل 6 فضيات و10 برونزيات، ليصل المجموع إلى 27 ميدالية حصلت عليها المتسابقات العربيات.

إقرأ أيضاً: حلم العودة إلى وطن مفقود!

وفي أولمبياد باريس الأخير 2024، حصلت اللاعبة الجزائرية إيمان الخليف على ذهبية الملاكمة، التي سبق لها أن نالت وصيفة بطلة العالم 2022. كما حصلت كاميليا نمور من الجزائر أيضاً على ذهبية الجمباز، ووينفرد يافي من البحرين على ميدالية ذهبية في سباق 3000 متر موانع للسيدات. كما حققت اللاعبة البحرينية سلوى عيد ناصر ميدالية فضية في سباق 400 متر، فيما نالت الرباعة المصرية سارة سمير في منافسات وزن 81 كغ في رفع الأثقال الميدالية الفضية. وبذلك، حصدت المرأة العربية في أولمبياد باريس في دورتها الـ33 خمس ميداليات بين ذهبية وفضية.

ويمكن إيجاز المشاكل التي تواجه الرياضة النسائية في العالم العربي في الأوضاع الاجتماعية السائدة، والضغوط التي تواجهها المرأة عند توجهها لممارسة الرياضة من نقد حاد من أقرب الناس إليها ومن المجتمع الذي تعيش فيه، فضلاً عن إهمال الأندية الرياضية للرياضة النسائية، وأخيرًا ندرة الكادر التدريبي والتحكيمي النسائي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف