عودة ترامب أم عودة أميركا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يقول ديستويفسكي: "في مخيلة كل إنسان حياة أخرى جميلة قد صنعها لنفسه، ولكنه لا يعرف الطريق إليها أبدًا"، لكن يبدو أن الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري دونالد ترامب لا يفكر بأميركا بهذه الطريقة، إذ رسم في مخيلته أميركا كما يريدها، وكما يجب أن تكون للعالم، والأهم من ذلك أنه يعرف الطريق إلى أميركا التي رسمها في خياله.
ترامب، أو بالأحرى الجرافة العائدة بكل قوة إلى البيت الأبيض، ولم يعد هناك ما يمكن أن يقف في وجهه، صنع منه الرئيس جو بايدن وكل الذين عارضوا عودته للرئاسة أسطورة في زمن صار للعلم فيه سطوة ليست بعدها سطوة!
الربط بين ترامب والأسطورة ليس مجرد ربط خيالي، بل هو الواقع الأميركي على حقيقته. فأميركا، ومنذ أن تسيدت العالم وصارت القوة الأعظم، لم تصعد بالطرق والأساليب التقليدية. بل إنها حالة غير عادية تختلف عن ذلك تمامًا. أميركا عبارة عن ذلك المقامر الذي يضمن فوزه قبل دخوله الرهان. وكل أولئك الذين يرسمون صورًا أو معادلات وفق لغة الأرقام بشأن ما يقال عن أفول الدور الأميركي وصعود الصين، فإنَّ مخيلاتهم أخذتهم بعيدًا عن "اليانكي" الأميركي الذي يريد دائمًا أن يكون في الصدارة.
إقرأ أيضاً: بيت خامنئي من زجاج
أولئك الذين تحدثوا عن تراجع الدور الأميركي، أو بعض المتباكين على الديمقراطية لأنَّ ترامب تخطاها، عليهم أن يفهموا ويستوعبوا حقيقة مهمة جدًا، وهي أنَّ أميركا ما زالت وستبقى القوة الأعظم في العالم. وإن الصخب والضجة الكبيرة التي أثارها ترامب ولا يزال، وخصوصًا بعد محاولة اغتياله، تدل وتؤكد على أن أميركا ما زالت بوصلة العالم، وأن الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي ما زالوا مجرد أفلاك تدور حول أميركا!
إقرأ أيضاً: إلا "إيلاف" العمير*
الحالة الأميركية ليست مجرد حالة تقليدية يمكن تقليدها أو إقصاؤها، بل إنها حالة قهرية لتجاوز وتخطي القوانين والأرقام والحواجز. والدولة العميقة في هذا البلد لا تشبه نظائرها في البلدان الأخرى، إذ أنها أعمق بكثير، بعمق روح المغامرة والمجازفة المختبئة كصدف في أعماق كل إنسان، ولكن ليس بإمكان كل إنسان إظهارها، تمامًا كما يقول الدكتور أليكسيس كاريل بشأن القوى الخفية في الإنسان، وقلة قليلة ممن يتمكنون من استخدام تلك القوى!
ترامب سيعود، وعودته مهمة للعالم كله كما هي مهمة لأميركا. فهو سيعيد لأميركا اعتبارها الذي اهتز خلال عهد العجوز بايدن. وهذه العودة ستؤكد مرة أخرى أنَّ الوقت لا يزال مبكرًا جدًا على التفكير في عالم بدون سيادة أميركا!