كتَّاب إيلاف

خطة إسقاط الجيش اللبناني وشيطنته

يواجه الجيش اللبناني حملة عنيفة خرجت إلى العلن بشكل كبير في الأسابيع الماضية في محاولة استباقية لتقليص الدور الذي سيلعبه في الفترة القادمة
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

تعدّ المؤسسة العسكرية في لبنان واحدة من المؤسسات الرسمية القليلة التي ما زالت تحافظ على وجودها بعيداً عن الحسابات الطائفية في زمن سقوط المؤسسات الرسمية بشقيها المدني والعسكري.

ومنذ اتفاق الطائف، لم يمتلك الجيش اللبناني حرية مطلقة في التصرف؛ إذ كان دائماً إلى جانبه جسم عسكري آخر يتقاسم معه القرار وفق شعارات عديدة ووحدوية في ظاهرها، من الجيش السوري ووحدة المصير والمسار قبل انسحابه عام 2005، إلى حزب الله وثلاثية "الجيش والشعب والمقاومة".

يواجه الجيش اللبناني حملة عنيفة خرجت إلى العلن بشكل كبير في الأسابيع الماضية في محاولة استباقية لتقليص الدور الذي سيلعبه أو من الممكن أن يلعبه في الفترة القادمة. وصلت هذه الحملة إلى حد تحمّله مسؤولية الدخول في حرب إسناد لقطاع غزة.

وتطال الهجمة الهادفة إلى شيطنة المؤسسة العسكرية في نهاية المطاف شخص قائدها جوزف عون، بزعم تواصله مع الأميركيين وتنفيذ مطالبهم. وللهجوم هنا هدفان: هدف قريب يتمثل في منع التمديد له، ما يجعل فرصه في الوصول لرئاسة الجمهورية ضئيلة للغاية أو تكاد تنعدم.

وفي الساعات الأولى لانطلاق الحرب الشاملة التي تشنها إسرائيل، بدأت الانتقادات توجه بشكل لاذع ومفاجئ إلى الجيش ودوره. هذه الهجمة التي تقف وراءها جهات معلومة بدأت بالترويج لدور الجيش السلبي في معالجة أوضاع النازحين، حتى وصل بالبعض إلى القول: "نعلم أن الجيش لا يستطيع القتال، ولكن لا نعلم لماذا يخفق في توزيع المساعدات أيضاً".

إقرأ أيضاً: إشارات خطيرة تُلتقط في بيروت

وتوازياً، بدأ الحديث همساً في تصويب مباشر على قائد الجيش واتهامه بأنه سيتفرج على الإشكالات الداخلية، ويكتفي في بعض الأحيان بنشر تشكيلات مقاتلة في مناطق طائفية معينة للحصول على شرعية مسيحية تمكنه من الوصول إلى رئاسة الجمهورية. أيضاً التصويب من قناة عدم قيام الجيش بردم الحفرة التي خلفتها غارة إسرائيلية على منطقة المصنع الحدودية بين لبنان وسوريا.

لطالما شهدت المواجهات بين حزب الله وإسرائيل عمليات إنزال عديدة نفذتها الأخيرة على مواقع أو منازل تعود لمسؤولي الحزب لكي تختطفهم، كما حدث مع الشيخ عبد الكريم عبيد ومصطفى الديراني. كانت تمرّ هذه العمليات دون تصويب سواء على الجيش اللبناني أو حتى على حزب الله على خلفية الإخفاق الأمني والعسكري، لكن ما حدث في البترون بعد عملية الإبرار الإسرائيلية التي استهدفت عماد أمهز كان لافتاً لجهة انتقاد الجيش اللبناني وتحميله مسؤولية الفشل في الحؤول دون خطف هذا الشخص، ومحاولة إظهار أنَّ الجيش لا يزال قاصراً ليكون القوة العسكرية الوحيدة التي تحمي لبنان.

إقرأ أيضاً: خطة حزب الله... أربعة أهداف للحرب ضد إسرائيل

لماذا بدأت هذه الهجمة بعدما كان التغني بتجانس الجيش والحزب وتكامل الأدوار شعار المرحلة السابقة؟ الهدف مستقبلي: فالحلول المتداولة لوقف الحرب ستعطي الجيش فرصة لم يحصل عليها منذ اتفاق الطائف، وهي بسط سيطرته الكاملة دون وجود شريك عسكري إلى جانبه من جنوب الليطاني إلى المعابر الحدودية والمطار. وبالتالي، يتم زرع الفكرة منذ الآن عن دور الجيش المتخاذل في الحرب، وبث الشكوك حول عدم قدرته على حماية مواطنيه، وعندها سيصطدم الجيش مع الأهالي الغاضبين إذا أراد القيام بدوره وتنفيذ المهام المنوطة به، تماماً كما كان يحدث مع اليونيفيل. وستتطور الأمور وصولاً إلى اتهامه بأنه جيش فئوي، لينفتح بعدها سجال وتساؤلات ونقاشات حول ضرورة تبادل المراكز على صعيد وظائف الفئة الأولى، وعدم حصر قيادة الجيش أو حاكمية المصرف المركزي بيد طائفة معينة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف