كتَّاب إيلاف

العراق: ثروات وميليشيات

عزّزت بغداد وجودها العسكري بوحدات من الجيش والحشد الشعبي على طول الحدود مع سوريا
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لا يتمنى أي شخص محب للعراق وأهله قيام حرب أهلية جديدة فيه، بالرغم من تفاقم حدة الصراع الشيعي - الشيعي الداخلي وظهور بوادر لثورة سنية عربية فيه. فهل يتكرر المشهد السوري في العراق، حتى ولو بعد حين؟

المشهد العراقي يثير القلق لأسباب عدَّة، منها النفوذ الإيراني وتواجد الميليشيات الموالية لإيران، والتي تتلقى الأوامر من طهران. وذلك بالرغم من التنظيم الجيد للسلطتين التشريعية والتنفيذية في بعض المجالات، إلا أنه تنظيم يشوبه بعض التداخلات، ومن أهمها وجود متنفذين أعلى من القانون والنظام، وظاهرة الفساد، والأهم من ذلك تغليب الطائفية على المصلحة العامة. يتم اعتبار العراق للطائفة الشيعية فقط دون سواها، بما في ذلك أبناء الوطن الواحد من السنة العرب، باستثناء كردستان. هذا التمييز ربما يدفع العراق كاملاً ثمنه عاجلاً أو آجلاً.

التغييب المتعمد للدور السياسي والتمثيل البرلماني الفعلي والتنموي للمكون السني مقارنة بالمكون الشيعي، والكراهية المتزايدة للتغلغل المؤسسي والميليشياوي الإيراني، ربما يدفع إلى ثورة عارمة في مناطق السنة وفي بعض مناطق الشيعة. وربما يصاحب ذلك تحالف عربي - كردي في ظل استهداف إيران للأراضي الكردية والمصالح الكردية وتهديد أمن واستقرار كردستان العراق، التي تتمتع بعلاقة مميزة مع الولايات المتحدة الأميركية. وربما يكون هناك تحالف قومي أكثر فعالية بين الأكراد لردع أي اعتداء من قبل طهران على كردستان العراق.

وقوع السلطة والثروة والسلاح بيد الميليشيات الشيعية العراقية ذات الصبغة الإيرانية يشكل تهديداً خطيراً لأمن واستقرار العراق الغني بالثروات. فقد ازدادت حدة المنافسة والصراع فيما بينها على السلطة واقتسام الثروات، وكاد أن يقع اقتتال دامٍ شيعي - شيعي بين قطبي المكون الشيعي في العراق قبل عام. ويبقى الصراع السياسي مستمراً بينهما، وربما تتفجر الأوضاع في أي لحظة.

إقرأ أيضاً: تكريم عثمان العمير: إمبراطور الصحافة العربية

يشكل هذا الواقع دافعاً لبقية مكونات المجتمع لنشوء معارضة مسلحة، خصوصاً مع الإحساس المتزايد لدى السنة العرب في العراق بالظلم والتهميش وسلب الحقوق. ويُضاف إلى ذلك وقوع انتهاكات جسيمة من الميليشيات الشيعية بحق العرب السنة، وشعورهم بأنهم سيكونون ضحية لأي صراع إقليمي. فالسيطرة الشيعية تجعلهم عرضة للهيمنة على مناطقهم ومدنهم، وحاجتهم للدفاع عن أنفسهم ومصالحهم.

الموقع الجيوسياسي والطبيعة الجغرافية للعراق، واشتراكه بحدود مع سوريا بطول يزيد عن 600 كيلومتر، ووجود اضطراب في سوريا، يجعل من العراق ممراً للسلاح، ويسهل تسليح الفصائل والعشائر السنية العراقية التي تعاني الأمرين من السيطرة الشيعية والتهميش المفتعل.

وجود ثروات هائلة في العراق يشكل دافعاً لتجديد مطامع بعض دول الجوار ودول الإقليم لاقتسام هذه الثروات. كما أن القوى العظمى تسعى لتسيير الصراع في العراق لتحقيق مصالحها.

إقرأ أيضاً: السلاح النووي: من هيروشيما إلى مرسوم بوتين

التهديد الميليشياوي العراقي لإسرائيل يضع العراق في مواجهة مباشرة معها. والهجمات الصاروخية والطائرات المسيّرة من العراق تشكل ذريعة لاستهداف العراق من قبل إسرائيل، مما يُضعف قدراته العسكرية إذا ما قامت إسرائيل بهجمات عنيفة عليه.

تخلي الولايات المتحدة الأميركية عن دعم الحكومة العراقية عسكرياً أضعف من قدراتها العسكرية والأمنية للسيطرة والتحكم بكافة الأراضي العراقية.

تشهد هذه الأيام تحركات للميليشيات الشيعية العراقية باتجاه سوريا، ودخولها مناطق سنية عراقية وصولاً إلى الحدود السورية، كميليشيات طائفية وليس كأحد مكونات الجيش العراقي. فالجيش العراقي كان قد خاض آخر معاركه في مطار بغداد عام 2003، وبعدها فككته الولايات المتحدة الأميركية بحجة اجتثاث البعث وتهديده لإسرائيل وامتلاكه أسلحة دمار شامل.

إقرأ أيضاً: حلب وشتاء سوريا الساخن

دخول الميليشيات الشيعية العراقية لمناطق السنة ومحاولتها التدخل المسلح في سوريا يزيد من دافع الفصائل والعشائر السنية داخل العراق وفي مناطق الفرات السورية القريبة من العراق، مثل دير الزور والرقة، لتسليح نفسها.

تشن مقاتلات، يُرجح أنها أميركية، ضربات على هذه الميليشيات على الحدود العراقية وعلى قوافلها وتواجدها داخل الأراضي السورية القريبة من الحدود. فهل تسهم هذه الضربات في كبح جماح هذه الميليشيات، أم يتطور الوضع على الأرض لإيقافها من دخول سوريا الجريحة؟

لتدارك أيّ أسباب للاقتتال داخل العراق وعواقبه الوخيمة، على الحكومة والبرلمان والأحزاب العراقية البدء في تصحيح الوضع الداخلي وتغيير المنهجية السياسية والعسكرية والأمنية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
غلطة النظم الخليجية بمليون ،،
عبدالله -

قبل 2003 كان الشيعة قملاً مقصوعاً ، وبكل اسف ساهمت الحكومات السنيّة في الخليج العربي في اسقاط حكم صدام العلماني ، واستبدلوه بحكم تابع لايران يكرههم ويتوعدهم بالابادة ،،