كتَّاب إيلاف

في ذكرى رحيل (ناصر الكويت)

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في يوم الأحد الخامس من جمادى الأولى عام 1442هـ الموافق للعشرين من كانون الأول (ديسمبر) عام 2020م نعى الديوان الأميري في دولة الكويت الشقيقة معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد الجابر الصباح النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع عن عمرٍ ناهز 72 عاماً بعد معاناة مع مرض عضال، لتطوي الكويت صفحة مضيئة من صفحات تاريخها السياسي. واليوم، مع مرور الذكرى الرابعة لرحيله، لم أجد أبلغ من وصف معالي الأستاذ عبدالله يعقوب بشارة لمعالي الشيخ ناصر عندما قال في رثائه: "كان الشيخ ناصر كنزاً مؤثراً لجميع القوى في الكويت تأهلت مواهبه بالثقافة وتفتّحت شجاعته مع حماسه للعدل وطغت نزاهته حدود صبره عندما فاضت روائح الفساد عبر سرقات عملاقة في حجمها وفي جرأتها وفي قوة المسامير التي كانت تحرسها، فخرج الشيخ ناصر مقتحماً المحرمات متوغلاً في غابات الأشواك غير عابئ بالمطبات تحرّكه نزعة الامتثال للقانون، فصرخ بالصوت العالي مندداً ومؤشراً نحو البِرَك التي يغمرها الفساد فأشعل الفضاء الكويتي في متابعة لصيقة لتحركاته وفي رصد لأقواله، وإذا أردنا إبراز أجمل الملفات في حياة الشيخ ناصر فلا شك أنها طلقاته القاتلة لمواقع الفساد وصرخاته المدوية لسيادة القانون، لا تخلو أحاديث الشيخ ناصر من رسم الخريطة التي يريد الكويت أن تعيشها وفيها صخب الأفكار وازدهار المواهب ورُقيّ الذمم وعُلوّ الأبهة في صورة الكويت التي فقدت برحيله إنساناً فارساً كشف الغطاء عن خراب الذمم في ضلوع النافذين".

إنَّ المتابع المتأمل لمسيرة معالي الشيخ ناصر صباح الأحمد رحمه الله يلمس في ثناياها كل الخصال الطيبة من كافة الأوجه فهو &- منذ صغره &- يُظهر تقديره للأشخاص من مختلف الأديان والأعراق والجنسيات، فمع تركيزه على التنمية السياسية والاقتصادية في الكويت والفنون الخاصة بالعالم الإسلامي كان يدرك تماماً قيمة الثقافات والحضارات والأفكار الأخرى، كما ساهمت نشأته كابن أكبر لوزير الخارجية أن يشهد منذ فجر شبابه الأثر الحقيقي للتفاهمات والتحالفات الدولية وحل النزاعات، وفي خلال سنوات الدراسة التي قضاها في القدس كان معروفاً عنه زيارة المساجد والكنائس والمعابد لفهم المجتمعات المحيطة ببلاده وبصفته عاشقاً حقيقاً لكل الأشياء الجميلة فقد استمتع باستكشاف الممارسات الفنية والثقافية المتأصلة في المناطق التي زارها في رحلاته، كان الشيخ ناصر صانع سلام وداعية ينادي لنهضة وتقدم بلده الكويت وكان مفكراً مبتكراً وصاحب رؤية يتمتع بمهارات التعامل مع الآخرين التي اكتسبها من خلال أعماله في مجال التجارة وجمع التحف والخدمة الحكومية.

إقرأ أيضاً:

كان لدى الشيخ ناصر تصورات بنَّاءة وأفكار تقدّمية يستحضرها بسهولة ليس فقط لأنه كان مثالياً بل لأنه كان مفكراً استراتيجياً متميزاً في إعداد فرق العمل لديه بشكل فعال لقد كان يرى بأن بلاده والمنطقة تتمتع بقدرات وإمكانات يمكن الاستفادة منها في المستقبل مدركاً لتداعيات السياسات والإجراءات وأن جميع الأمور ترتبط ببعضها ارتباطًا وثيقاً وعلاوة على ذلك كان واقعياً يواجه التحديات بجسارة نادرة لمن هم في موقعه دخل الأعاصير بمفرده وتوغّل فيها غير مكترث حتى لمصير مستقبله السياسي في سبيل الكويت وأهلها وهذا ما كان. رحم الله أبا عبدالله الشخصية العظيمة المُلهمة واسكنه فسيح جناته.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف