كتَّاب إيلاف

للشعب السعودي حقّ الرد يا صبحي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في كل دول العالم، إن كنت على يقين من هذا الأمر، يثورون من أجل أوطانهم، ولا يقبلون المساس بدولهم من أي إنسان كائنًا من كان. هذا الشعور لا يمكن أن يُستغرب، فلكل إنسان حقّه في الدفاع عن وطنه وطرح وجهة النظر التي يشعر من خلالها أنها واجب وطني بحكم وطنيته وإحساسه بوطنه، مع التفاوت الواضح بين الدول العربية ودول الغرب في هذا الجانب. المجتمعات العربية أكثر تعصّبًا في هذا الجانب، وقد تكون ردّة الفعل قاسية أكبر من الفعل نفسه، وقد يكون العكس، لكن يبقى الأمر ضمن إطار الردّ والدفاع المبرَّر.

في الأيام الماضية خرج الممثل المصري محمد صبحي عن النص وأقحم السعودية في ردّ لا يليق بمجتمع ودولة عظيمة مثل السعودية، لها تأثيرها الثقافي والسياسي والاقتصادي. وكان من الأفضل أن تكون لغة الحوار راقية تليق بمكانة السعودية وبقيمة الممثل محمد صبحي، الذي له تاريخ كبير في الفن المصري كمؤلف ومخرج وممثل ناجح. فالأشخاص الذين يحظون بانتشار عربي واسع ولهم جمهورهم، من الأفضل أن يتريّثوا عندما تحدث مشكلة أو موقف مزعج قبل أن يدلوا بأي تصريح إعلامي أو عبر السوشيال ميديا، حتى لا يجد نفسه في ورطة، وقد يخسر معها جمهوره الذي عاش عمره كله من أجله، ويبحث عن إسعادهم وأخذ المكانة التي تناسب هذا الجهد والتعب في قلوبهم. لذا، من الطبيعي مهما بلغت مكانة الشخص في مختلف المجالات، لن يجد أحدًا ينظر إلى هذه المكانة متى ما كان الأمر يمسّ وطنه وبلده الذي يحبّه، ولن يرضى أن يُمسّ مهما كان السبب.

المجتمع السعودي كان له ردّة فعل كبيرة في وسائل التواصل الاجتماعي على الكلام الذي كتبه محمد صبحي في أحد حساباته ردًّا على المذيع عمرو أديب، الذي يقدّم برنامج الحكاية على أم بي سي المصرية، عندما انتقد رأي محمد صبحي في فيلم الست الذي عُرض مؤخرًا في صالات السينما في الرياض. وكان انتقاد صبحي للفيلم قاسيًا كثيرًا، ولم يُراعِ في انتقاده بعض الجوانب المهمة في الفيلم الذي يتحدّث عن بعض من مسيرة الست أم كلثوم رحمها الله. وتطرّق عمرو أديب لموقف صبحي مع سائقه الخاص، وكيف تعامل معه في موقف انتشر في كل العالم العربي. محمد صبحي لم يجد ما يردّ به على عمرو أديب إلا أن يُقحم السعودية في الرد، ومن هنا بدأ الهجوم على صبحي، وما زالت الردود تتزايد حتى كتابة هذا المقال.

كل ما حدث بسبب هذا الأمر مبرَّر عند المجتمع السعودي، ويجدونه حقًّا مشروعًا لهم، فالدفاع عن الأوطان متاح بكل السبل السلمية السليمة التي تجعل كل مواطن أو مواطنة يشعرون أنهم قاموا بدورهم تجاه بلدهم. دائمًا القضايا التي ضمن هذا الإطار تأخذ وقتها، وتنتهي بمجرد ما ينتهي الأمر ويملّ المجتمع من الحديث فيها، وقد يعود حين يستجد جديد من أحد الأطراف. وفي حقيقة الأمر، يجب أن تتوقف مثل هذه المهاترات وعدم استمرار الخوض فيها، ففي النهاية نحن العرب نعتبر أنفسنا مجتمعًا واحدًا، ولدينا أولويات وقضايا مهمة يمكن أن نشترك في الدفاع عنها ودعمها ومحاولة الوصول إلى أماكن متقدّمة في هذا العالم.

أي خلاف يحدث بين بعض الشعوب العربية سيكون له مستفيدون، ويُضعف من وحدة هذا المجتمع. هذه الثقافة متى ما تم تعزيزها في المجتمعات العربية ستقلّ هذه الخلافات البسيطة، وسيسود الاحترام بين الشعوب أفضل مما يحدث الآن. السعودية دولة عربية لها تاريخ حافل في المسيرة العربية وقضايا العرب، وجزاءً فعّالًا في هذه المنظومة، وما يحدث اليوم تجاه كثير من القضايا العربية دليل واضح على أن السعودية بكل مكوّناتها السند الحقيقي للأمة العربية، ولن تتأخر عن دورها مهما حدث.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف