لايف ستايل

نحو تعزيز الحوار الثقافي وتسليط الضوء على التراث المشترك

مشاركة غير مسبوقة للفاتيكان في بينالي الفن الإسلامي في السعودية

الرياضيات كما يستكشفها قسم "المدار" توفر أرضية مشتركة للتفاهم عبر الزمان والمكان. الصورة: مؤسسة بينالي الدرعية
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لأول مرة، تشارك مكتبة الفاتيكان الرسولية في بينالي الفن الإسلامي، المقرر عقده في جدة، المملكة العربية السعودية، بين 25 كانون الثاني (يناير) و25 أيار (مايو) 2025.

إيلاف من جدة: تشارك مكتبة الفاتيكان في بينالي الفن الإسلامي 2025 في مدينة جدة الساحلية على البحر الأحمر، لاستكشاف دور الأرقام في الحضارة الإسلامية وتعزيز الحوار الثقافي من خلال الفن والتراث المشترك.
ويعد هذا الحدث، الذي سيقام في صالة الحجاج الغربية في مطار الملك عبد العزيز الدولي - وهو بوابة لملايين الحجاج المسلمين - بأن يكون علامة فارقة في تعزيز الحوار بين الثقافات، حيث تشكل دعوة الفاتيكان للمساهمة في هذه الفعالية بمثابة بادرة رمزية للوحدة والاحترام المتبادل بين الثقافات المختلفة.


وأعلنت مؤسسة بينالي الدرعية، عن اختيار "وما بينهما" عنواناً للدورة الثانية من معرض الفنون الإسلامية بمشاركة مؤسسات وفنانين من مختلف أنحاء العالم. ويقول وزير الثقافة السعودي، ورئيس مجلس أمناء مؤسسة بينالي الدرعية، "إن قدرة الفن على إحداث تحوّلات جوهرية تُسهم في بناء مجتمع مزدهر ونابض بالحياة، وفي ظل ما تشهده السعودية من دعم وتمكين وتشجيع للقطاعات الثقافية، تواصل مؤسسة بينالي الدرعية في تكريس جهودها لرعاية التعبير الثقافي وتعزيز الثقافة والفنون وإثراء الحراك الفني العالمي، عبر مبادراتها القيمة".

وتمثل مشاركة الفاتيكان في هذه الفعالية فصلاً جديداً في الدبلوماسية الثقافية. فرغم غياب العلاقات الدبلوماسية التي تربط بين السعودية والفاتيكان، إلا أن الدعوة السعودية للفاتيكان للمشاركة في هذه الفعالية تظهر كيف يمكن للفن والمعرفة أن يتجاوزا الحدود والاختلافات الثقافية.

بناء الجسور
ويشكل بينالي الفن الإسلامي، الذي تنظمه مؤسسة بينالي الدرعية، منصة ثقافية للاحتفاء بالتراث الغني للفن الإسلامي في سياق معاصر.
وبعد النجاح الكبير الذي حققته الدورة الافتتاحية في عام 2023، والتي جذبت أكثر من 600,000 زائر، من المتوقع أن تشكل دورة 2025 نقطة تحول في تعزيز الحوار بين الحضارات المختلفة من خلال الفن.
في هذا السياق يقول الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان: "بعد الأرقام المهمّة التي حققها بينالي الفنون الإسلامية في نسخته الأولى، يعود البينالي بطموحات أكبر، ليضم تشكيلة واسعة من المؤسسات الفنية والثقافية، والرعاة، والفنانين من المملكة ودول العالم، التي نشأت وتطوّرت فيها ثقافات إسلامية متنوعة".

الأرقام كلغة مشتركة
من أبرز مساهمات الفاتيكان في البينالي هي دوره في قسم "المدار"، الذي يركز على مفهوم الأرقام في الحضارة الإسلامية ودورها الحاسم في التطورات العلمية والفنية والروحية.
وتعرض مكتبة الفاتيكان مخطوطات تاريخية ومجلدات نادرة تسلط الضوء على كيفية استخدام الأرقام في تطور البشرية، من العد البسيط إلى علم الفلك المتقدم.
وفي هذا الإطار، يقول عميد مكتبة الفاتيكان الرسولية الأب ماورو مانتوفاني، إن "الأرقام كانت دائمًا أكثر من مجرد أدوات، فهي كانت أساسًا لبناء الجسور بين الثقافات، سواء في الملاحة أو العمارة أو الفكر الديني". ويجسد تصريح مانتوفاني كيف تربط الرياضيات بين الحضارات المختلفة، مما يجعلها أداة عالمية للتفاهم المتبادل.

تاريخ وعلوم وروحانيات
ويمتد بينالي الفنون الإسلامية في دورته الجديدة على مساحة 110,000 متر مربع ويقدم للزوار رحلة متعددة الحواس بين الماضي والحاضر. ويتألف من 7 أقسام، هي: (البداية، والمدار، والمقتني، والمظلة، والمكرّمة، والمنورة، والمصلّى).
من خلال تقديم الفن الإسلامي إلى جانب مخطوطات الفاتيكان، يسعى الحدث إلى خلق سرد متكامل يُظهر كيف ساهمت المساعي الفكرية والفنية المشتركة في تطور البشرية عبر العصور.
وفي إطار تسليط الضوء على كيفية تأثير الأرقام في الابتكار العلمي والتأمل الروحي، سيتم استعراض التصاميم الرياضية والهندسية التي شكلت الفن الإسلامي على امتداد قرون.


رمز للأخوة
ويصف كبير أمناء مكتبة الفاتيكان المونسينيور أنجيلو زاني التعاون بين الفاتيكان والسعودية بأنه "رمز للأخوة". ويُعتبر البينالي فرصة للتأمل في كيفية تعزيز السعي المشترك للمعرفة من أجل الفهم والوحدة بين الثقافات المختلفة.

فريق إشراف عالمي
يقود بينالي الفن الإسلامي في السعودية بنسخته الثانية فريق من القيمين العالميين، يضم المؤرخ والمؤلف الدكتور عبدالرحمن عزام، والقيّم الفني السابق في معهد سميثسونيان جوليان رابي، ومدير مجموعة آل ثاني الدكتور أمين جعفر.
ومن المتوقع أن يشمل المعرض أعمال الفنان السعودي مهند شونو الذي يستكشف رؤيته الروحانية من خلال الفن المعاصر.
كما تشهد دورة 2025، عرض الكثير من الأعمال الفنية الجديدة التي تم إنتاجها بتكليف خاص من مؤسسة بينالي الدرعية، وقام بإنتاجها أكثر من 20 فناناً من المملكة، والعالم العربي، وباقي دول العالم.
ويسهم المزج بين الكنوز التاريخية والتفسيرات الحديثة في خلق بيئة تشجع الزوار على التفكير في أهمية أنظمة المعرفة القديمة، بما في ذلك الأرقام في الفن والعمارة واللاهوت، وتأثيراتها المستمرة.

نحو مستقبل مشترك
يأتي بينالي الفن الإسلامي 2025 في جدة كرمز لإمكانية التواصل الإنساني من خلال الفنون والعلوم. وتُؤكد مشاركة مكتبة الفاتيكان في هذا الحدث أن القيم المشتركة تتجاوز الاختلافات الدينية. ويشكل قسم "المدار" الذي يركز على الرياضيات، مساحةً لعرض كيفية استفادة الحضارات المختلفة من إنجازات بعضها البعض.

من بينالي الفنون الإسلامية في دورته الأولى. (2023) - biennale.org.sa

احتفاء بالتنوع
ويرى المونسينيور زاني أن هذا البينالي يمثل "احتفاءً بالتنوع" ويهدف إلى بناء جسور بين الماضي والحاضر والمستقبل. سيواجه الزوار أعمالاً فنية تدعوهم للتفكير في قوة التجارب الإنسانية المشتركة وجمال التنوع الثقافي.
ومن المقرر أن يكون بينالي الفن الإسلامي 2025، بتعاونه غير المسبوق بين الفاتيكان والعالم الإسلامي، حدثاً ثقافياً بارزاً يفتح آفاقًا جديدة للحوار بين الحضارات المختلفة.
من خلال عدسة الأرقام، سيستكشف الزوار الروابط العميقة التي تجمعنا جميعًا - الماضي والحاضر والمستقبل.

وأكدت المؤسسة أن البينالي سيشهد عرض الكثير من المقتنيات النادرة، من أهم المجموعات التابعة لمؤسسات الفنون الإسلامية حول العالم، امتداداً من تونس إلى طشقند في أوزبكستان، ومن تمبكتو في مالي إلى يوجياكارتا في إندونيسيا.

كما تشمل المؤسسات المشاركة في نسخة هذا العام أسماء عالمية، مثل متحف اللوفر (باريس)، ومتحف فيكتوريا وألبرت (لندن)، ومعهد أحمد بابا للتعليم العالي والبحوث الإسلامية (تمبكتو)، ومتحف الفن الإسلامي (الدوحة)، والمكتبة السليمانية (إسطنبول)، إلى جانب مؤسسات رائدة من المملكة، مثل مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي "إثراء" (الظهران)، ومجمع الملك عبدالعزيز للمكتبات الوقفية (المدينة المنورة)، ومكتبة الملك فهد الوطنية (الرياض). كما سيوفر البينالي فرصة نادرة لمعاينة مقتنيات وأعمال فنية من مكة المكرمة والمدينة المنورة.

* أعدت إيلاف هذا التقرير عن Zenit، ويمكن تصفح (المادة الأصل هنا)

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف