أخبار

إحصاء صادم في بلد طالما يتغنى باستقراره

السلاح ضمان الأمن في النمسا

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لم يصدق الباحثون النمساويون أن أبناء وطنهم سيجيبون بنعم على سؤال "هل يؤمن السلاح الأمان؟"، وكانت دهشتهم أكبر حين قالت الغالبية إنها لا تشعر بأمان في النمسا.

ماجد الخطيب: تصدى العلماء النمساويون من معهد كلاغنفورت للأبحاث الإنسانية لموضوع حساس جدًا في دراستهم المعنونة "هل يؤمن السلاح الأمان؟" في المجتمع. وكانوا يعتقدون أن مثل هذه الدراسة خليقة بمجتمع آخر، مثل مجتمع الولايات المتحدة الذي يقترب فيه عدد الأسلحة (المجازة وغير المجازة) من عدد السكان، لكنهم تفاجأوا بنتائج استطلاع الرأي الذي شمل آلاف النمساويين من مختلف الأعمار والأجناس والمواقع الوظيفية والمراتب الاجتماعية.

أسلحة متفشية

لاحظ الباحثون أن اثارة الجدل حول نفع الأسلحة وانتشارها وعلاقتها بالأمان وبالمجازر التي ترتكب في المدارس، لن توصلهم إلى النتيجة المطلوبة. ولهذا لجأوا إلى استطلاع الرأي. فهناك 2.5 مليون سلاح خفيف (مسدسات وبنادق) تنتشر في بيوت النمساويين. وهذا الرقم مأخوذ من إحصائية الدولة عن الأسلحة المسجلة رسميًا. أما عدد الأسلحة غير المسجلة فمجهول، لكن السلطات تقدر ذلك بنفس عدد الأسلحة المسجلة. كما لا يشمل هذا العدد الأسلحة البيضاء مثل السكاكين والبلطات.

ولا تُقارن النمسا بالولايات المتحدة من ناحية انتشار الأسلحة لأن الأسلحة تنتشر بنسبة 88.8% لكل 100 مواطن أميركي، وتنخفض إلى 30.4% بين النمساويين. إلا، أن النسبة تبقى عالية نسبيًا قياسًا بالمانيا (30%) وبريطانيا (6.2%) وهولندا (3.9%) واليابان (0.6%).

المقلق بالنسبة للباحثين الذين أجروا الدراسة هو أن نسبة ضحايا القتل بالأسلحة في النمسا عالية، مقارنة ببقية البلدان الأوروبية واليابان. فهذه النسبة ترتفع في النمسا إلى 3 لكل 100 ألف مواطن، بينما تنخفض في ألمانيا إلى 1.1 لكل 100 ألف مواطن. ومعروف أن الولايات المتحدة تتصدر العالم في هذا المجال، لأن الأسلحة تودي بحياة 10.4 إنسان من كل 100 ألف مواطن (0.6 في اليابان). ولهذا، قال الباحثون في دراستهم إن النمسا تعبق برائحة البارود.

لا يقتل

السلاح وحده لا يقتل. على أساس هذه المقولة القديمة، التي تشير بأصبع الاتهام إلى دور الإنسان في استخدام السلاح للقتل، تتفق نسبة عالية من النمساويين، إذ صوتت نسبة 68% منهم إلى جانب هذه المقولة. لكن 22% منهم صوتوا ضدها، مع بقية منهم لم تحدد رأيها بدقة من الموضوع. لكن، هل يأتي الخطر على الحياة والمجتمع عمومًا من مالكي الأسلحة المسجلة رسميًا أم من أصحاب الأسلحة غير المسجلة؟ رفع 53% منهم أصبع الاتهام في وجه الأسلحة غير الشرعية، مع نسبة 22% اتهموا حملة الأسلحة الشرعية.

وعلى هذا الأساس أيضًا، قالت نسبة 7% لأنها تشعر بالخوف من حملة الأسلحة، وإن كانت هذه الأسلحة مسجلة رسميًا، في حين قالت نسبة 32% إن الخطر على حياتهم في النمسا يأتي من حملة الأسلحة غير المسجلة. وسواء كان السلاح رسميًا أو غير رسمي، فالحذر في الريف أكبر في استخدامه من المدينة. وقالت نسبة 85% أن الأمن أكبر في الريف منه في المدينة( 9%).

لا يشعرون بالأمان

في الرد على سؤال "كم تشعر بالأمان في النمسا؟" قالت نسبة 14% فقط إنها تشعر بأمان تام، في حين قدرت نسبة 52% منهم الشعور بالأمن "ليس بالكبير" أو "لا شعور بالأمن اطلاقًا". ورغم أن الحكومة في النمسا تروج في نشراتها وتقاريرها عن أن&النمسا واحة أمان، بحسب تقدير الدراسة. فإن المواطن لا يشعر بذلك، وقالت نسبة 67% إن الحكومة لا تفعل ما يكفي لحفظ الأمن مقابل 20% فقط امتدحت أداء السلطة من الناحية الأمنية.

وإذ القت نسبة 93% اللائمة في تدهور الوضع الأمني على عاتق "نسب الجريمة المتصاعدة"، وجهت نسبة 98% نظرها إلى "الجريمة المستوردة" و "الجريمة السياحية". وربما يعكس هذا الموقف الخوف الدائم للنمساويين من الأغراب واللاجئين وامتدادات نشاطات المافيا الايطالية إلى النمسا عبر الحدود المشتركة.

الأسلحة المجازة توفر الأمن

هنا كانت المفاجأة الكبيرة للباحثين، لأن 16% فقط ممن شملهم الاستطلاع ردوا سلبًا على سؤال ما إذا كانت الأسلحة المجازة تسهم في تحسين الوضع الأمني. وقالت نسبة 22% إن للأسلحة المجازة تأثيرًا كبيرًا جدًا في حفظ الأمن، مع نسبة 38% اعتبرت أن&للأسلحة دورًا كبيرًا في حفظ الأمن، ونسبة 24% قالت إن الأسلحة المجازة تعين في حفظ الأمن.

المفاجأة الأخرى كانت آراء المواطنين في الموقف من انتشار السلاح في النمسا، لأن نسبة 43% منهم دعوا إلى "لبرلة" قانون انتشار الأسلحة، ودعت نسبة 32% إلى تخفيف شروط امتلاك وحمل السلاح. أما نسبة الداعين إلى فرض قوانين متشددة أكثر على حمل السلاح فلم تزد عن 25%.

وفي الرد على سؤال "كيف تقيم النقاشات الجارية في النمسا حول ضرورة التشدد في قانون حمل السلاح؟"، عبرت نسبة 31% عن قناعتها بأن النقاش"مسيّس"، ونسبة 26% اعتبرت هذا النقاش "احادي الجانب"، مع نسبة قالت بوجود مبالغة في الموضوع، ونسبة 14% اعتبرت هذا النقاش "اعتياديًا".

ويرى مؤيدو "لبرلة" حمل السلاح وتخفيف شروطه أن الوضع السياسي الحالي، وتصاعد معدلات الجريمة والإرهاب، يستدعي توسيع اجازات حمل السلاح، مع مقارعة ظاهرة حمل السلاح غير المسجل واللاشرعي.

سلاح الموز

لم تجد منظمة العفو الدولية في ألمانيا أفضل من رسام الغرافيتي المعروف توماس باوغيرتل، الملقب بـ"بنانا توم"، لرسم ملصقها الجديد حول التسلح. ورسم "بنانا توم" موزة ينبثق من قشرها مسدس محشو ومكتوب تحتها: "القوانين التي تحد من تجارة الموز أكثر من القوانين التي تحد من تجارة السلاح".

وأكد فيردناند موغنتالر، المختص في العفو الدولية لشؤون التسلح، وجود العديد من القوانين التي تنظم حيازة واستخدام الأسلحة البيولوجية الكيميائية والذرية، لكن عدد القوانين التي تنظم تجارة الأسلحة التقليدية أقل بكثير من القوانين التي تنظم تجارة الموز.

ويجري تنظيم تجارة الأسلحة في ألمانيا بحسب قانون "الرقابة على الأسلحة إلى مناطق الحروب"، لكن هذا القانون لا يتعرض لتجارة الأسلحة الصغيرة. وأخطر ما في الأمر هو عدم وجود قانون ينظم مبيعات الأسلحة على الانترنت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف