أخبار

قضية قد لا تحلّ بالقانون وحده فالإشكال ثقافي فكري

المغرب على خطى تونس لـ"تجريم التكفير"

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

بعد تواتر دعوات التكفير ضد سياسيين ومعارضين في المغرب، تتجه المملكة إلى اللحاق بتونس في تجريم التكفير، رغم أن كثيرين يرون الحل القانوني غير كافٍ للقطع مع هذه الظاهرة.

أيمن بن التهامي من الرباط: على النهج التونسي، يتجه المغرب نحو "تجريم التكفير" بعد عودة الخطاب المتطرف بـ"أقبح أشكاله"، إلى درجة "استباحة" جماعة "التوحيد والجهاد بالمغرب الأقصى" دم الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر.

وجاء هذا التهديد بعد أيام من "تكفير" الشيخ السلفي عبد الحميد أبو النعيم، في شريط فيديو، لإدريس لشكر وعدد من السياسيين والمثقفين، وهو ما كلفه حكمًا قضائيًا حُدد في شهر مع وقف التنفيذ، مع أداء غرامة مالية قدرها 500 درهم (حوالي 60 دولارًا).

القانون ليس حلاً

دفعت عودة "بروز أصوات التشدد والتطرف"، حزب الأصالة والمعاصر (المعارض) إلى التقدم بمقترح قانون في مجلس النواب لـ "تجريم التكفير".

ويتوقع أن يعرف مقترح القانون، الذي أحيل على لجنة العدل والتشريع من أجل دراسته ومناقشته قبل التصويت عليه، نقاشًا حادًا داخل مجلس النواب، لكون أن فريقًا لا بأس به يميل إلى الموقف الذي يرى بأن "القانون ليس الحل الأمثل لمعالجة هذا الإشكال المجتمعي والثقافي".

الفكر والثقافة

في هذا الإطار، أكد عبد العزيز أفتاتي، النائب البرلماني والقيادي في حزب العدالة والتنمية (الائتلاف الحاكم)، أن "مثل هذه الموضوعات تحتاج إلى نقاش ثقافي وفكري وتصعب معالجتها بالقانون، فقمع هذه العملية بالتشريع لا ندري ما إذا كان سيأتي بنتيجة أم لا".

وقال عبد العزيز أفتاتي لـ"إيلاف": " في الغالب سيكون هناك نقاش يصعب حصره. فمن تقدموا بالمقترح يبدو أنه ليست لديهم أدنى فكرة حول صعوبة التفاهم حول التعريف".

وزاد مفسرًا: "يجب اعتماد تشريع ملزم وهذا يتطلب الذهاب للمجلس العلمي الأعلى للحصول على تعريف. لهذا فإنني أرى أن هذا الموضوع سيبقى من مشمولات التوعية".

إشكال ثقافي في العمق

صعوبة "حل" هذا الإشكال بـ"عصا القانون" جعلت فريقًا في المعارضة يذهب في اتجاه تبني الموقف نفسه.

فقيادي بارز في حزب معارض، فضل عدم ذكر اسمه، أكد أنه "ليس مقتنعًا بهذا المقترح"، مشيرًا إلى أن "هذا الإشكال المجتمعي والثقافي لا يمكن حله بالقانون".

وقال النائب البرلماني في تصريح لـ "إيلاف"، إن "معالجة هذا الإشكال يقود إلى مسار إصلاح الحقل الديني والاجتهاد الديني، وعلاقة الدين بالدولة، ووضع العلماء".

وتساءل: "كيف يمكن أن نترك كل هذا جانبًا ونذهب إلى التقدم بهذا المقترح ويمر".

أضاف "نحن نعرف أن بلادنا فيها أمير المؤمنين، كما أن هناك المجلس الأعلى للإفتاء ثم مجالس علمية، ونحن نتصور أن هذه المجالس العلمية تصدر، غدًا، رأيًا أو فتوى. فهل ستكون هي أيضاً مشمولة بهذا القانون؟".

وقال النائب البرلماني: "الإشكالية هي إشكالية ثقافية في عمقها وأكاد أقول تربوية ومرتبطة بإصلاح الحقل الديني، والدفاع عن نموذج مغربي إسلامي معتدل، وهذا كله يصعب حله فقط بالقانون".

المعالجة الوسط هي الحل

الشيخ السلفي محمد عبد الوهاب رفيقي، المعروف بأبو حفص، نائب الأمين العام لحزب النهضة والفضيلة، لديه بدوره "تحفظ" حول معالجة الموضوع بـ"القانون".

وقال في هذا الصدد لـ"إيلاف": "أنا أعارض التعامل مع هذا الموضوع بالطريقة القانونية. فلابد أن يكون هناك توازن في الموضوع ومراعاة جانبين".

الجانب الأول، يوضح محمد عبد الوهاب رفيقي، يتجلى في "مراعاة مسألة الإيمان والكفر والإسلام وعدم الإسلام. فهذه أحكام شرعية لا يمكن نفيها ولا حذفها وهي موجودة في القرآن والسنة".

أما الجانب الثاني، فيتمثل في كون أنه "لا يمكن فتح الباب لمن هب ودب ولأي كان ليمارس الحق في تكفير الناس وإخراجهم من الإسلام. إذ يجب عدم ترك الأمر فوضى"، مشيرًا إلى أن "المعالجة الوسط التي أراها هي أنه لا بد من إطلاق الحوار في هذا الباب للتحديد والاتفاق بين كل أطياف المجتمع على ماهية الثوابت والحدود والقطعيات الشرعية الدينية التي يتمثل المس بها مساساً بالهوية. ومن ناحية أخرى لضبط الآليات وتحديد من له الأهلية لإعطاء مثل هذا الحكم".

وأضاف "في نظري هذا الأمر يجب أن يقتصر على القضاة نظراً لأن القضية تتعلق بحكم، والأحكام ينبغي أن تسلك مسلك القضاء".

الفراغ التشريعي والتنظيمي

في حال تمرير مقترح القانون، فإنه سيجري بمقتضاه تعديل فصل في القانون الجنائي من أجل تجريم "التكفير"، سواء تعلق الأمر بالأشخاص أو الهيئات بجميع الوسائل، بعد إدراجه ضمن دائرة "القذف".

المقترح، الذي يهدف إلى تدارك الفراغ التشريعي والتنظيمي الحاصل في هذا المجال، يقضي بتتميم وتغيير مجموعة القانون الجنائي في الباب الأول المكرر من الجزء الأول من الكتاب الثالث من الظهير الشريف رقم 1.59.413 والصادر في 28 جمادى الثانية 1382 (26 نوفنبر 1962) بالمصادقة على مجموعة القانون الجنائي، وتحديدًا في الفصل 442، والذي يعرف مفهوم القذف ويعدد حالاته، بإضافة حالة "تكفير الأشخاص والهيئات بجميع الوسائل".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف