أخبار

تونس تشهد عودة قوية لرموز حزب بن علي سياسيًا وإعلاميًا

الغنوشي عارض قانون العزل السياسي فأغضب الكثيرين

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في الوقت الذي تعود فيه فلول نظام بن علي لتتصدّر من جديد الساحتين الاعلامية والسياسية في تونس، صدم راشد الغنوشي، زعيم حركة النهضة الاسلامية، خصومه وحلفاءه بمعارضته علانيةً قانون (تحصين الثورة)، الذي تدعو كثير من الأحزاب إلى تمريره قبل الانتخابات لقطع الطريق أمام عودة الاستبداد.

محمد بن رجب من تونس: أثار تصريح رئيس حركة النهضة التونسية، الشيخ راشد الغنوشي بأنّ "حزبه سيصوّت ضد قانون تحصين الثورة وأنّ الحركة ضد أي إقصاء مهما كان وتسعى الى أن يكون كافة التونسيين جميعًا على نفس درجة المساواة"، ردود فعل متباينة داخل الساحة السياسية في تونس.

واعتبر الغنوشي أنّ "قانون العدالة الانتقالية" هو الفيصل في التمييز بين الدستوريين الذين أجرموا سابقًا وغيرهم، داعيًا إلى تكوين حكومة وحدة وطنية بعد الانتخابات القادمة تضم 90 % من الأحزاب السياسية.

ويطالب بعض السياسيين في تونس، وقطاع عريض من الشارع بضرورة سن قانون للعزل السياسي يقصي رموز النظام السابق ومسؤولي حزب "التجمع الدستوري الديمقراطي" المنحل من الترشح للانتخابات المقبلة.

عين الإنتهازية

يقول عبدالوهاب الهاني، رئيس حزب المجد، إنّ تصريح رئيس حركة النهضة بعدم التصويت على قانون العزل السياسي هو "عين الإنتهازية"، ولا علاقة له لا بالدهاء ولا بالمصلحة العليا للبلاد ولا بأهداف الثورة، وإنما لمغازلة بعض الأحزاب من المنظومة السابقة، وهو دليل على غياب الوجهة السياسية السليمة لدى الحزب الأغلبي اليوم في تونس وسقوطه في دوامة الإنتهازية المقيتة، على حدّ تعبيره.

وشدّد الهاني في تصريح لـ"إيلاف" على ضرورة الإسراع بالمحاسبة الفردية سواء تعلق الأمر بجرائم الإستبداد أوالفساد، مشيرًا إلى أنّه في كل مسار من العدالة الإنتقالية مسؤوليات جماعية، وبالتالي تقليص عدد المشمولين في هذه المسؤولية السياسية، وكذلك تقليص رموز المنظومة السابقة لفترة معقولة من الزمن وقصيرة عموماً لتحصين الإنتقال الديمقراطي، ولكن مسار المحاسبة فردياً أو تحميل المسؤولية الجماعية كان ينبغي أن يكون في الأشهر الأولى للإنتقال الديمقراطي، وهذا لم يحصل بل أصبح بمثابة صعوبة كبيرة.

أي منطق وأي مسؤولية؟

استنكر الهاني أن يكون رئيس حركة النهضة تكلمّ من منطق المسؤولية والحرص على سلامة الدولة، وقال: "لماذا لم ينزل وحي هذا الحرص على مستقبل تونس إلا الآن ؟ لماذا أدخل البلاد في أتون الصراعات طيلة سنتين ؟"، وتحدث الهاني عن وجود "أيادٍ تحركه ليدخل في فخ الإنتهازية".

وأضاف رئيس حزب المجد: "لو كان حكيمًا فعلاً لكفّ الأذى عن المناضلين الذين يكتوون بنار الحملات المسعورة لقياداته المتهورة".

واستغرب الهاني أن ينفتح الغنوشي على المنظومة السابقة، بينما يواصل رئاسة حركته لتشويه المناضلين الذين دافعوا على منظوريه طيلة عقدين من الزمن.

ضغط خارجي

تفاعل القيادي المستقيل حديثًا من حركة النهضة رياض الشعيبي (كان عضواً في مجلس الشورى) مع تصريحات راشد الغنوشي التي ترفض قانون العزل السياسي (تحصين الثورة).

وقال الشعيبي في تصريحات تلفزيونية إنّ "حركة النهضة استجابت للضغط الخارجي بسبب الترتيبات للإنتخابات القادمة، فتونس تسيّر بأيادٍ خارجية أفسدت التجربة السياسية وتدخلت دون أن تترك التجربة الديمقراطية تنضج تدريجيًا"، منتقدًا "علاقة حركة النهضة بحزب نداء تونس الذي يهدد المسار الإنتقالي ويمثل الثورة المضادة"، على حد تعبيره.

ضغط وابتزاز

وقال عبد الوهاب الهاني: "الحلّ يكمن في الإسراع بالمحاسبة خاصة في بعدها الفردي كجرائم السرقة ونهب المال العام والتعذيب وقد تعاملت حكومتا الترويكا في الملفات التي تدين المسؤولين السابقين كأوراق ضغط وابتزاز"، مؤكدًا أنّ هذه المرحلة "ضرورية للمرور إلى ما بعدها من استقرار ومصالحة".

وأوصى المجلس الوطني لحزب التكتل (حليف للاسلاميين) في ختام أشغاله بضرورة تنصيص القانون الانتخابي آلية تقضي بمنع رموز النظام السابق البارزين والمسؤولين عن عمليات القمع والفساد المالي والاداري خلال فترة حكم نظام بن على، من تقلد مناصب قيادية في الدولة خلال المرحلة القادمة.

بين المطرقة والسندان

أكد رئيس لجنة الهيئات الدستورية في المجلس التأسيسي عن حزب التكتل للعمل والحريات جمال الطوير أنّ "رأي حركة النهضة لا يلزمنا ولن يؤثر علينا وبالتالي على إيجاد آليات منصفة تعزل الرموز السابقة المستفزة والتي لا غاية لها غير إفساد العرس الإنتخابي التي ستعيشه تونس الجديدة".

وأشار الطوير في إفادة لـ"إيلاف" إلى أنّ زملاءه من نواب حركة النهضة منقسمون حول هذا الموضوع، وبالتالي لا يمكن التكهن بإلتزام نواب حركة النهضة، مؤكدًا في ذات الوقت أنّ حزب التكتل لا يريد أن يكون إقصائيًا ولا داعياً للتشفي، بينما يجب منع رموز التجمع المنحلّ من العودة إلى العمل السياسي على الأقل حتى تنبني الديمقراطية على أسس صحيحة وبعد ذلك يمكنهم خوض السباقين الإنتخابي والسياسي كغيرهم من التونسيين.

لا للعقاب الجماعي

وأكد الطوير أنّ النقاش حول هذا الموضوعلا يزال في مستوى اللجان، ولكن ستكون مشاركة حزب التكتل في لجنة التشريع العام ولجنة التوافقات بمشاركة رؤساء الكتل، فعالة للوصول إلى الصيغة المثلى حتى يتم منع رموز الصف الأول على الأقل الذين ساهموا في تزييف الإنتخابات وكانوا شهوداً على اضطهاد وتعذيب المساجين السياسيين، مشيرًا إلى أنّ ذلك لن يكون عقابًا جماعيًا حتى لا يعطي صورة عكسية.

وأوضحت مية الجريبي رئيسة الحزب الجمهوري أنّ "حزبها لم يغيّر موقفه خلافًا للبعض الذي يتغيّر حسب الأوضاع".

وقالت الجريبي لـ"إيلاف": "نحن ضد الإقصاء والعقاب الجماعي ونعتبر أن الدولة قامت ضد منظومة كاملة وضد الإستبداد، وعلى كل التونسيين أن يقطعوا أمام عودة هذه المنظومة، وفق عدالة انتقالية متوافق عليها من طرف الجميع ويرضخ لها الأطراف وليس الجماعات".

أضافت الجريبي: "نحن نقف صفًا واحدًا ضد عودة منظومة الإستبداد بأي شكل من الأشكال من أجل طيّ صفحة الماضي نهائيًا"، مشددة على ضرورة أن تتقدم تونس إلى الأمام "وفق منظومة جديدة تحقق لها المصالحة بعد المصارحة الحقيقة والتوافق على آليات قطع الطريق".

التجمعيون الإنتهازيون

يرى رئيس حزب المجد، عبدالوهاب الهاني أنّ عودة التجمعيين بقوة في المنابر الإعلامية "يمثل خطراً حقيقيًا على الثورة لأنّ الشعب التونسي قام بثورة لأجل أن لا ينظر إلى الماضي مرة أخرى"، مشدداً على أنّ "المنظومة السابقة تعود اليوم في أبشع أشكالها وأقذر نجومها".

وقال :"الذين يعودون اليوم ليسوا المناضلين الدستوريين الصامدين، ولكن الذين نراهم هم رموز التجمع القذر الذين امتصوا دماء الشعب وثرواته ورموز الإنتهازية التجمعية هي التي تتصدر اليوم الساحة السياسية، وهذا يثير الخوف على مستقبل تونس ومصير الثورة وهو علامة فشل حكومتي الترويكا".

من ناحيتها، أشارت مية الجريبي أن الثورة قامت ضد استبداد التجمع المنحلّ وقد وقع التنصيص في الدستور على قيم هذه الثورة، والتأكيد على أنها جاءت ضد نظام معيّن، وبالتالي فإن "هذه الرؤوس التي تطلّ علينا لتمجّد التجمع وممارساته هي منافية لروح الثورة بل للدستور الذي وضح دوافع ومقومات هذه الثورة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف