التيار الإسلامي يعتبر الهدف منها إيقاف الحراك الثوري
ضغوط سعودية مصرية وراء مراجعة بريطانيا موقفها من الإخوان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أمام الضربات الأمنية في مصر وعمليات التضييق الشديدة في مختلف الدول العربية، لا سيما الخليجية، إضطرت بعض قيادات جماعة الإخوان المسلمين للجوء إلى بريطانيا، إلا أن الحكومة البريطانية قرّرت مراجعة موقفها من الجماعة، ما أثار قلق التيار الإسلامي في مصر والمنظمات الحقوقية الدولية.
صبري عبد الحفيظ من القاهرة: تعتبر بريطانيا من أكثر الدول الأوروبية ذات التواجد الملحوظ لجماعة الإخوان المسلمين، وتتمركز فيها مجموعة من قياداتها، وتضم مقرًا رئيسًا لها، يدار منه التنظيم الدولي، بقيادة جمعة أمين، عضو مكتب الإرشاد للجماعة.
وتمتلك الجماعة مجموعة من الأذرع الإعلامية في لندن، ومنها انطلق موقع "الإخوان المسلمين"، إضافة إلى موقع "إسلام أونلاين"، إلى جانب صحيفة "ميدل إيست مونيتور"، التي تسيطر عليها الجماعة. كما تسيطر على مجموعة من المنظمات الحقوقية أيضًا، ومنها "المنظمة العربية لحقوق الإنسان - فرع بريطانيا".
مراجعة نقدية
قرّرت بريطانيا إجراء مراجعة داخلية لـ"فلسفة الإخوان". وقالت المتحدثة باسم الحكومة البريطانية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، روزماري ديفيس، في تصريحات لها، إن رئيس الوزراء ديفيد كاميرون قرر إجراء مراجعة حكومية داخلية لفلسفة جماعة الإخوان، والأنشطة التي يقومون بها، ومدى تأثيرها على المصالح الوطنية للمملكة المتحدة في الداخل والخارج على حد سواء، إضافة إلى مراجعة سياسة الحكومة البريطانية تجاه هذه الجماعة".
وبررت الحكومة البريطانية قرارها هذا بالقول: "في حين برز الإخوان المسلمون بقوة في الأعوام الأخيرة، لم يكن فهم المملكة المتحدة لهذا التنظيم، ولا سيما لفلسفته وقيمه، بالوتيرة نفسها.
وأمام المخاوف التي يُعبَّر عنها حيال الجماعة وارتباطاتها المزعومة بالتطرف والعنف، بات محقًا، وفي إطار الحذر، سعيُ الحكومة البريطانية إلى فهم أفضل لمواقف الإخوان، وكيف ينوون تحقيق أهدافهم، وما يعني ذلك بالنسبة إلى بريطانيا".
طلبات لجوء
ووفقًا لمصدر دبلوماسي، فإن وزارة الخارجية المصرية علمت أن نحو 13 قياديًا في جماعة الإخوان قد تقدموا بطلبات لجوء إلى بريطانيا أخيرًا، في أعقاب صدور قرار السعودية بتصنيفها جماعة إرهابية، وإلقاء القبض على قياديين في الكويت والمملكة السعودية وتسليمهما إلى مصر.
أضاف المصدر لـ"إيلاف" إن الأجهزة المصرية رصدت نشاطًا ملحوظًا لقيادات الجماعة في بريطانيا، لا سيما القيادات المقيمة هناك منذ سنوات، مثل جمعة أمين، ومحاولة نقل الثقل السياسي الخارجي للجماعة من قطر إلى بريطانيا، بسبب الضغوط التي تتعرّض لها الدوحة من مصر وجاراتها الخليجية.
وكشف المصدر أن المملكة العربية السعودية لعبت دورًا قويًا في ممارسة ضغوط على الحكومة البريطانية من أجل مراجعة مواقفها من الجماعة، إضافة إلى الدور المصري بالطبع. على حد قوله. ولفت إلى أن هناك تنسيقًا مصريًا سعوديًا في هذا الشأن من أجل محاصرة الجماعة، التي وصفها المصدر بـ"الإرهابية".
وذكر أن السعودية ومصر بعثتا برسالة إلى الحكومة البريطانية، مفادها أنه يجب عليها ألا تسمح بأن تكون بلادها مأوى للجماعات الإرهابية. وحذرت الرسالة من أن لندن سوف تكتوي بنيران الإرهاب إذا استمرت في إيواء الإرهابيين.
تنسيق بين هيغ وفهمي
في هذا السياق، أعلنت وزارة الخارجية المصرية أن الوزير نبيل فهمي تلقى اتصالًا من نظيره البريطاني وليام هيغ، ناقشا خلاله القرار البريطاني. وقال بدر عبد العاطي المتحدث باسم وزارة الخارجية، أن "الوزيرين تطرقا في مكالمتهما أمس (الأربعاء) إلى القرار الذي اتخذه رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، بالبدء بإجراء تحقيقات عاجلة حول الدور الذي تقوم به جماعة الإخوان المسلمين انطلاقًا من الأراضي البريطانية، ومدى ارتباط تنظيم الإخوان المسلمين بأعمال العنف والتطرف".
وحسب وجهة التيار الإسلامي في مصر، فإن هدف القرار البريطاني، هو التضييق على الإسلاميين لإيقاف الحراك الثوري في مصر، وطمس مجزرة فضّ اعتصام رابعة العدوية. وقال ضياء الصاوي المتحدث باسم شباب ضد الانقلاب لـ"إيلاف" إن الغرب، ولا سيما أميركا وبريطانيا، يدعمون ما وصفه بـ"الانقلاب" في مصر، مشيرًا إلى أن القرار البريطاني لن يؤثر في الحراك الثوري في الداخل المصري.
رهان على الشعوب
أضاف ان "رافضي الانقلاب في مصر لا يراهنون على الحكومات، بل يراهنون على الشعوب"، معتبرًا أن التضييق على قيادات التيار الإسلامي، ولا سيما جماعة الإخوان، سوف يكشف للعالم أجمع الوجه القبيح لمن يعتبرهم "الانقلابيين وحلفاءهم في المنطقة والغرب".
وذكر الصاوي أن هناك هدفًا آخر من وراء الضغوط التي تمارس على من وصفهم بـ"رافضي الانقلاب"، موضحًا أن هذا الهدف يتمثل في طمس آثار مجزرة فضّ اعتصام رابعة العدوية. ولفت إلى أن هناك تحركات قوية من أجل تعريف الشعوب المختلفة بتلك المجزرة، منوهًا بأنها تحظى بدعم إنساني من مختلف دول العالم.
من جانبها، دعت جماعة الإخوان في بريطانيا إلى "عدم الإذعان للضغط الخارجي المتمثل في إجراء مراجعة لوضع الجماعة". وقالت الجماعة في بريطانيا إن "الجماعة ستتعاون مع السلطات بكل شفافية في المراجعة التي أمر رئيس الوزراء، ديفيد كاميرون، بإجرائها، لكنها ستطعن في أي محاولة غير ملائمة لتقييد نشاطها أمام القضاء البريطاني، وأنه من المهم ألا تنحني الحكومة البريطانية للضغوط من الحكومات الأجنبية التي يقلقها سعي شعوبها إلى الديمقراطية".
وأضافت في بيان لها أن الجماعة "تشعر بالقلق، لأن المراجعة سيقودها السفير البريطاني في السعودية، جون جينكنز، حيث إنه من الصعب تفهم الطريقة التي سيدير بها السير جون جينكنز مراجعة داخلية مستقلة للإخوان المسلمين، ويواصل عمله كسفير لدى نظام غير ديمقراطي، يتخذ موقفًا سياسيًا معارضًا صراحة للإخوان المسلمين".
قلق دولي
أثار القرار البريطاني قلق الأوساط الحقوقية دوليًا، فدعت منظمة العفو الدولية الحكومة البريطانية إلى عدم تجاهل ما يجري في مصر من قمع واسع يطال أنصار الاخوان.
وقال آلان هوغارث، مسؤول السياسات والشؤون الحكومية في بريطانيا: "من حق المملكة المتحدة المشروع القيام بمراجعة أمنية لجماعة الإخوان المسلمين، ولكن عليها ألا تدع ذلك يلهيها عن واقع انتهاك حقوق الإنسان على نطاق واسع بحق أنصار الجماعة في مصر، التي تزداد فيها التصرفات القمعية لأجهزة الأمن".
أضاف هوغارث في بيان للمنظمة: "منذ عزل محمد مرسي في العام الماضي، تعرّضت جماعة الإخوان المسلمين لعملية قمع كبيرة، وجرى اعتقال الآلاف من أنصار الحركة، وسط وجود تقارير عدة تشير إلى تعرّضهم للتعذيب داخل السجون، كما صدر في الأسبوع المنصرم حكم مثير للصدمة بإعدام 528 شخصًا دفعة واحدة بعد محاكمة غير عادلة".
وختم بالقول: "سبق لوزير الخارجية، وليام هيغ، أن أشار إلى القلق العميق لدى الحكومة البريطانية حيال أحكام الإعدام الجماعي في مصر، ومن غير المنطقي ألا تعكس المراجعة المزمعة من قبل رئاسة الحكومة مثل هذه الأمور المثيرة للقلق".