قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تلفت نظر المتابع للشأن البحريني، كمية المنظمات المدنية والحقوقية التي تتحدث عن البحرين وبغزارة في التقارير. ويمكن فهم ذلك أنه نشاط قوي يحق للمعارضة البحرينية فعله، لكنه بحسب متابعين لا يستقيم إذا صارت كل هذه المنظمات والمجاميع بتقاريرها وبحوثها تعمل وفق منظومة واحدة.المنامة: لا يلفت النظر لكل متابع للشأن البحريني أكثر من كمية المنظمات المدنية والحقوقية التي تتحدث عن وعلى وحول البحرين وبغزارة في المعلومات والتقارير، وتصاحب ذلك حملة علاقات دولية وسلسلة من التغطيات والأسماء التي تجوب بلداناً غربية تتحدث عن البحرين، ويمكن فهم ذلك أنه نشاط قوي يحق للمعارضة البحرينية فعله، لكنه بحسب متابعين لا يستقيم إذا صارت كل هذه المنظمات والمجاميع بتقاريرها وبحوثها تعمل وفق منظومة واحدة وفكرة واحدة ومشروع واحد.إذ يأخذ الكثير من البحرينيين، فضلاً عن أصحاب القرار في مملكة الخليج الصغرى، أن كل ذلك يتم بمعزل عن أي رأي يعطي توازناً في المشهد الذي تقدمه هذه المنظمات للعالم، بل وأنه يتم على نسق واحد وتوجه محدد سلفاً.يأتي ذلك على الرغم من أن الأدوات الإعلامية الأولية التي ساندت وتبنت وجهة النظر المعارضة في البحرين كانت ترتكز في الأساس على الآلة الإعلامية الإيرانية التي تربو على سبعين قناة فضائية، إضافة إلى عدد من الإذاعات والصحف والمؤسسات الإعلامية التابعة لها، حيث تملك هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية نحو 35 قناة إذاعية وتلفزيونية حكومية، يضاف إلى ذلك نشاط وكالة أنباء أهل البيت التي تتخذ من إيران مقراً لها، ولديها أفرع ومراسلون في العراق ولبنان، وشبكة من المراسلين السريين في دول مجلس التعاون، وتتبع هذه الوكالة للمجمع العالمي لأهل البيت الذي يترأسه المرشد الأعلى للثورة الإيرانية علي خامنئي، وفي عضويته الزعيم الشيعي البحريني المعارض الشيخ عيسى.في هذا الشأن تحصلت "إيلاف" على دراسة حديثة، تلقي الضوء على الكثير من الجوانب التي تكشف طريقة عمل هذه المنظمات وإدارتها، وعن منسوبيها ومموليها كذلك، إذ تتحدث الدراسة التي تنشرها "إيلاف" للمرة الأولى، عن كل ما يخص هذا الشأن تقريبًا.
أحداث البحرين والجذور الدينية:الدراسة تبدأ بصورة بانورامية تلخص أحداث العام 2011، وخصوصاً في جانب الأزمة التي ضربت المنامة حينما انقسم الشارع بين تجمعي الدوار والفاتح، إذ كان الأول معقل المعارضة وهم من الشيعة، فيما كان الثاني دعوة مضادة لمن أحسوا أن هناك من اختطف أصواتهم وأخذ بزمام الموقف بدلاً عنهم.ثم تشير الدراسة التي أعدتها الكاتبة البحرينية الشهيرة سوسن الشاعر والدكتور بشير زين العابدين إلى تقسيمات مهمة حول (منظمات المجتمع المدني: جذورها الدينية وشبكاتها الدولية)، إذ تؤكد الدراسة على أن غالبية العناصر الفاعلة في الإطار المرجعي والعمل السياسي والحقوقي في البحرين تنتمي إلى الجماعات الراديكالية التي أسست فروعاً لها في البحرين خلال الفترة الممتدة ما بين 1967-1979، ومن أبرزهم مجموعة من أعضاء "المجلس العلمائي"، وقيادات جمعية الوفاق، فضلاً عن زعماء التنظيمات المحظورة التي لا تعدو أن تكون فروعاً لجماعات متطرفة في الخارج، ومنسوبي المنظمات الحقوقية والإعلامية.وتلخص الدراسة أهم الجماعات الراديكالية وارتباطاتها الخارجية في تيارين رئيسين، فالأول هو التيار الحوزوي النجفي وامتداده الإيراني في قم، ومن أبرز شخصيات هذا التيار عيسى قاسم الذي أمضى تسع سنوات يدرس التعليم الديني في قم، ويتمتع بعضوية المجمع العالمي لأهل البيت الذي يرأسه المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية، وهو مؤسس المجلس العلمائي الذي يعمل خارج مظلة الشرعية في البحرين، والناطق الرسمي للمجلس العلمائي مجيد المشعل الذي أمضى نحو عشرين سنة يدرس في حوزات إيران، وكذلك الأمين العام لجمعية الوفاق علي سلمان الذي درس في الحوزة الدينية بقم خمس سنوات (1987-1992)، بالإضافة إلى العديد من أعضاء جمعية الوفاق الذين درسوا في الحوزة الدينية بقم.
أهم الحركات التي تقع تحت مظلة هذا التيار:1- جمعية التوعية الإسلامية (1967) والتي تم حلها عام 1981، ثم أعيد تأسيسها عام 2001.2- جمعية أحرار البحرين (1982) والتي أسسها سعيد الشهابي في لندن، وانتسب لها العديد من قيادات الوفاق.3- تنظيم "حزب الله" البحرين (1996) الذي ينشط كوادره في إيران ولبنان والعراق.4- حركة وفاء (2009) المتطرفة المنشقة عن جمعية الوفاق، والتي يتزعمها قدامى أعضاء حزب الدعوة من تيار الوفاء مثل عبد الوهاب حسين وعبد الجليل المقداد.كما تتبع لهذا التيار تنظيمات شبابية تنشط في المواقع الإلكترونية والمآتم والنقابات العمالية والصناديق الخيرية، حيث يوجد في البحرين نحو 120 صندوقاً وجمعية خيرية، كما تدير هذه المجموعة اتحاداً للصناديق الخيرية الخاصة بهم، ويزيد عدد المآتم التي تهيمن عليها عن ألف مأتم، ويهيمن على إدارتها تيار حزب الدعوة، وخاصة في مناطق تمركزهم مثل الدراز وبني جمرة وسترة وجد حفص.أما التيار الثاني فهو التيار "الرسالي" الشيرازي وامتداده في كربلاء، و بدأ بحسب الدراسة منذ أن قدم هادي المدرسي إلى البحرين عام 1971 وقام حينها بالإشراف على تأسيس مجموعة من الحركات الراديكالية التابعة لهذا التيار، ومن أبرزها: جمعية الإرشاد الإسلامي (1971) والجناح العسكري لهذه الجمعية متمثلاً في الجبهة الإسلامية لتحرير البحرين (1979)، وحركة الوحدة الإسلامية (1980)، وحركة الشهداء الإسلامية (1980) التي أسسها الشيخ جمال الدين العصفور، أما الجماعات المعاصرة التابعة لهذا التيار فهي:1- جمعية العمل الإسلامي (2001) التي ترأسها محمد علي المحفوظ.2- جمعية الرسالة الإسلامية (2002) التي أسسها جعفر العلي.3- جمعية أهل البيت (2003) التي أسسها عبد العظيم المهتدي البحراني.4- حركة خلاص (2007) التي أسسها عبد الرؤوف الشايب في لندن.الجدير بالذكر أن لهذه المجموعات امتداداً تنظيمياً في مجموعة من المنظمات الحقوقية، أبرزها: مركز البحرين لحقوق الإنسان (2001)، وجمعية البحرين لحقوق الإنسان (2001)، وحركة الحريات والديمقراطية "حق" (2005)، وجمعية شباب البحرين لحقوق الإنسان (2005)، والجمعية الأميركية لحقوق الإنسان في البحرين (2010)، إضافة إلى الائتلاف العالمي للدفاع عن الشعب البحريني (2011).
نماذج للتيارات وتصدير الثورةوتستعرض الدراسة نموذجًا لنشاط "التيار الرسالي" ، فتقول بأنه في أعقاب الثورة الإيرانية عام 1979؛ اندمج أتباع المرجع الديني محمد الشيرازي في برامج تصدير الثورة، وانتقل كادرهم التنظيمي إلى طهران حيث سخروا طاقتهم في دعم الثورة الإيرانية لقناعتهم بعالميتها، إلا أن انكفاء زعماء إيران نحو ترتيب الأوضاع في الداخل، وبروز إشكالية تعريف نظام "ولاية الفقيه" أديا إلى وقوع خلاف بين التيار الشيرازي وتيار ولاية الفقيه، ففرضت الحكومة الإيرانية الإقامة الجبرية على محمد الشيرازي في قم، واعتقلت ابنيه، وضيقت على أعضاء "جبهة تحرير البحرين"، ومنعتهم من ممارسة أنشطتهم وصادرت بيوتهم وسياراتهم وممتلكاتهم، وسجن بعضهم لمخالفتهم القوانين، مما اضطر أغلبهم للخروج من إيران.وكان حسن الشيرازي (شقيق محمد الشيرازي) قد أقام علاقات قوية مع نظام دمشق وأسس مركزاً له في السيدة زينب، حيث كان يشرف على تدريب كوادر الحركة الرسالية في معسكرات منظمة التحرير بلبنان، وفي هذه الأثناء انتقل عدد من كوادر الجبهة من البحرينيين إلى دمشق، منهم: جعفر العلوي، وعلي المحفوظ، وعبد الهادي الخواجة الذي أقام في دمشق خلال الفترة: 1983-1989، وأسس بها "لجنة الدفاع عن المعتقلين السياسيين في البحرين" عام 1983.ونظراً للتضييق الذي عانت منه في إيران؛ قررت قيادة الحركة الرسالية في نهاية الثمانينات الانتشار في مختلف الدول الغربية ونشر مفهوم "مظلومية" شيعة الخليج العربي من خلال التواصل مع المنظمات الحقوقية ووسائل الإعلام، وشهدت تلك الفترة تأسيس قواعد ارتكاز لأنشطتهم في الدنمارك والسويد وبلجيكا وبريطانيا وإسبانيا، وأميركا حيث أسس حسن القزويني مركزاً لهم في ولاية ميتشيغن. الخواجة حصل على عفو ملكي في العام 2001، وعاد للبحرين مع كثير ممن شملهم العفو، ومن هناك بدأوا نشاطاً مختلفًا من خلال مركز البحرين لحقوق الإنسان، بتدريب مئات الناشطين من كوادر الحركة الرسالية، وربطهم بشبكات الحركة في مختلف الدول الغربية، وتنسيبهم في مختلف المنظمات الحقوقية في الغرب، حيث استغل الخواجة عضويته في مختلف المؤسسات الحقوقية بالغرب لتنسيب خلايا الحركة الرسالية في هذه المنظمات، وركز على التدريب والتأهيل، مستفيداً من الفرص التي توفرت له وبالأخص منها تكليفه من قبل برنامج "أكويتاس" الكندي لتعليم حقوق الإنسان بتأسيس شبكة إقليمية لمعلمي حقوق الإنسان عام 2004، وكذلك من خلال عمله في تدريب كوادر حقوقية في البحرين والخليج العربي عامي 2006 و2007 لصالح منظمة "فرونت لاين".وفي عام 2009 قدم الخواجة استقالته كرئيس لمركز حقوق الإنسان بعد أن اختارته منظمة "فرونت لاين" الدولية لحقوق الإنسان ليكون منسقاً لها في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتم تعيين نبيل رجب في 11 سبتمبر 2009 ليحل محل الخواجة رئيساً لمركز البحرين لحقوق الإنسان، وفي هذه الأثناء نجح مركز الخواجة في تأسيس عدد من الكوادر الشبابية حيث نشطت ابنته مريم وزوجها محمد المسقطي وزميلهما حسين عبد الله في تجنيد أعداد من المعارضين من كوادر "حق".وتثير الدراسة معلومة مثيرة حين تؤكد أن نشاط الخواجة لا يقتصر على البحرين، بل يشكل مركزه مقراً إقليمياً للتيار الشيرازي في العراق والكويت والسعودية، حيث يقوم بتجنيد كوادر الحركة على الصعيد الإقليمي وتنظيم الدورات التدريبية لكوادرها بتمويل من بعض المؤسسات الغربية التي تتعاون معه. وتستعرض الدراسة نموذجًا آخر، وهو شبكة "الشهابي"، وهي شبكة متطرفة تديرها آلاء ابنة سعيد الشهابي، والأخير تم إسقاط الجنسية البحرينية عنه وهو مطلوب للعدالة في البحرين ويحمل الجنسية البريطانية، ويعمل من خلال مكتب ومقر تملكه السفارة الإيرانية في لندن، وكان كتب في مذكراته أنه كان ينظم مظاهرات في لندن لصالح نظام الثورة الإسلامية في إيران، وعيّن محرراً لمجلة العالم الإيرانية عام 1983، حيث استمر في رئاسة تحريرها حتى توقفها عن الصدور عام 1999، وكان في الوقت ذاته يترأس تنظيم ldquo;حركة أحرار البحرين الإسلاميةrdquo;، التي انضم إلى عضويتها آنذاك كل من: عبد النبي علي، ومجيد العلوي، وسالم النويدري، وجميل الجمري، ومنصور الجمري.هذه الشبكة بحسب الدراسة لا تزيد عن منظمة افتراضية وموقع الكتروني يدعى: "بحرين ووتش"، ويعنى "بانتهاكات حقوق الإنسان في البحرين" أما مجموعتها فتتكون من مجموعة من الطلبة المغتربين من البحرين وإيران وباكستان، يعترف بعضهم بتلقي أموال من الحرس الثوري الإيراني، رغم أنهم وضعوا على الموقع عبارة تقول بأن "هذه المجموعة تحصل على تمويلها من خلال تبرعات أعضائها".
السياق التاريخي والتوصياتالدراسة ساقت سلسلة تاريخية لما اصطلح على تسميته بالفوضى الخلاقة، والتقاء المصالح الأميركية بمفهوم "دمقرطة" دول المنطقة من خلال مجموعة من المشاريع بما فيها دعم الأقليات وتمكينها من العمل السياسي، وأكدت الدراسة أن أغلب المؤسسات التي استفادت من ذلك الدعم في البحرين؛ وأن الجزء الأكبر منها قد خصص بالفعل لدعم منسوبي التيارين الحوزويين: النجفي والكربلائي، وحلفائهم من زعماء فلول جمعيات اليسار التي أفلست بعد انهيار جبهات "تحرير" البحرين في ستينيات القرن المنصرم، وأدى ذلك إلى وقوع شرخ كبير في التيار اليساري الذي عارض العديد من أعضائه ارتماء زعمائهم في حضن الجماعات الدينية وقرروا الانفصال عنهم.الدراسة اختتمت بمجموعة من التوصيات، ومن أهمها وضع الضوابط القانونية لنشاط منظمات المجتمع المدني، وبالأخص منها ما يتعلق بالتواصل الخارجي، وما يضمن حماية هذه المنظمات من خطر استغلال الجهات الخارجية لها أو إخضاعها لأجندات شبكات عابرة للحدود، إضافة إلى تغليظ عقوبة نشر الاتهامات لأي جهة دون تقديم دليل للجهات المختصة أو تجاوز الأحكام التي تنص عليها القوانين المحلية، ودون أن يؤثر ذلك على الحريات العامة وخاصة حق التعبير وحق العمل السياسي.وكذلك تقديم الدعم لمختلف الفعاليات والمناشط المجتمعية وتأهيل المواطنين لإنشاء مؤسسات مدنية تعمل ضمن الأطر القانونية الدستورية المحلية، وتحرص على وحدة وسيادة الدولة والقانون.ومراجعة التشريعات المتعلقة بتناول الشأن الديني، واستحداث مواد تمنع منعاً باتاً استغلال المنابر الدينية للتأجيج الطائفي أو بث الفرقة والكراهية بين أبناء المجتمع.وعلى المستوى الخليجي أوصت الدراسة بمواجهة هذه القوى بإستراتيجية خليجية موحدة لمواجهة هذه التحديات غير التقليدية، وتحديد مواقع المعركة القادمة، وآليات التعامل معها، وتبادل المعلومات، والتحرك دولياً بمواقف موحدة تجاهها.وكذلك تأسيس مراكز البحوث والدراسات الخليجية التي تعنى بدراسة الظواهر المجتمعية، ومهددات الأمن الثقافي وسبل مواجهتها، ورصد المتغيّرات التي تطرأ على المجتمعات العربية، ووضع التصورات لمواجهة التحديات الخليجية المشتركة.أما دولياً فأوصت الدراسة وضع إستراتيجية شاملة لرصد نشاط هذه الشبكات، وتعقبها في الدول التي تنشط فيها، ومواجهتها بالمعلومات والحقائق، و إنشاء معاهد للفكر ومراكز للأبحاث والدراسات في العواصم الغربية بهدف توعية المجتمعات الغربية بمخاطر الجماعات المتشددة على الأمن الوطني لهذه الدول، ومخاطبة الإعلام الغربي، والمشاركة في الفعاليات الغربية التي تسهم في صناعة القرار وصياغة الرأي العام.