أخبار

هل يكون الطيران الأميركي سلاحًا جويًا لميليشيات شيعية؟

صعد تنظيم الدولة الإسلامية فوقف العراق على حافة الهاوية

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

العراق على حافة الانهيار، الذي بدأ مع تصاعد تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، كما يبدو عهد نوري المالكي على وشك الأفول. فهل تعود الولايات المتحدة إلى العراق على وقع هذه التطورات؟

إعداد عبدالاله مجيد: تتخذ قيادة الجيش العراقي مقرًا لها احد قصور صدام بين نصب السيفين المتقاطعين ومبنى السفارة الاميركية في المنطقة الخضراء. مشى العميد سعد معن بخطى ثقيلة في قيظ الظهيرة نحو "غرفة العمليات"، فيما كان مساعدوه يدسون في يده أحدث التقارير عن مستجدات الوضع ويهمسون في أذنه. وكان هاتفه الخلوي يرن باستمرار.

والعميد معن هو الوجه المعلن للجهاز الأمني الذي، حتى عهد قريب، كانت مهمته أن يشرح للعراقيين ما تفعله قوات الجيش والشرطة ردا على الهجمات الارهابية المتكررة في بغداد. ولكن العميد معن منذ اسبوعين لم يعد يتحدث عن حوادث أمنية. فالجيش العراقي، أو ما تبقى منه، مشتبك الآن في حرب، ومعن بدأ يتحدث عن الجبهة.

الخطر الأعظم

في مركز العمليات، يتتبع معن خط الجبهة على خريطة، قائلًا: "إن الخطر الأعظم ليس في الشمال بل في الجنوب والغرب، بين المزارع والقنوات في محافظة بابل وبين الحقول وبساتين النخيل في الأنبار". كان معن يتحدث عن مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام وصعوده الخاطف بعدما كان حتى الآونة الأخيرة جماعة من بين عدة جماعات مسلحة تشترك في الحرب الأهلية المستعرة في سوريا.

وفجأة اصبح التنظيم قائد الجهاد العالمي، الوريث الجدير لراية زعيم القاعدة اسامة بن لادن، يعمل بسرية شديدة. وهو الآن يبث الخوف ويزرع العنف في بلدين وذاع صيته وصيت زعيمه ابو بكر البغدادي في ارجاء العالم أجمع. فحتى اجهزة الاستخبارات الغربية وغير الغربية لا تعرف الكثير عنه سوى انه كان ينتمي إلى تنظيم القاعدة قبل أن يختلف معه وينشئ جماعته.

والآن، يسيطر البغدادي ومقاتلوه على مناطق في سوريا والعراق تقرب مساحتها من مساحة الاردن.

لاجئون عراقيون في مخيم للهاربين من الدولة الإسلامية في العراق والشام

حاضنة حيوية

والحق أن مسرح عمليات قتالية متصل يوحد الآن مناطق شاسعة من البلدين. ونُقلت إلى سوريا آليات مصفحة للقتال في اراضيها وعاد جهاديون عراقيون قاتلوا في سوريا إلى بلدهم العراق. وتنقل مجلة شبيغل عن دوغلاس اوليفانت، الخبير في مؤسسة اميركا الجديدة للأبحاث، قوله إن المنطقة التي يُسيطر عليها المسلحون هي دولة في واقع الحال، ويمكن القول إنهم يوفرون حاضنة أكثر حيوية للارهاب الدولي من افغانستان قبل هجمات 11 ايلول (سبتمبر).

ويحذر العميد معن في قيادة عمليات بغداد من أن المسلحين يريدون نقل المعركة إلى العاصمة، لكنه يؤكد أن لدى حكومة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي ما يكفي من القوات للحيلولة دون ذلك، مشيرًا إلى دعوة المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني إلى "الدفاع عن العتبات المقدسة واستعداد آلاف المتطوعين".

واضاف معن أن العراق ليس وحده، قائلًا: "سنتلقى مساعدة من سلاح الجو الاميركي وسنضرب الارهابين ونقتلهم وسيرى العالم ويفهم أن اميركا معنا". واعلن أن بغداد آمنة.

"العم عزت"

لكن محللين يقولون إن معن وحده الذي لديه هذا التقييم للوضع وقد يتفق معه الضباط المحيطون به. ففي شمال العراق، فر الجيش العراقي امام هجمات المسلحين، والعراق نفسه يبدو ذاهبًا نحو التفكك.

والصراع ليس صراع اسلاميين ضد الدولة العراقية بل معركة بين حكومة ذات سياسات طائفية تسيطر عليها احزاب شيعية وبين قطاعات واسعة من السنة الذين يشعرون بالتهميش والاقصاء والتمييز. واثبت المسلحون قدرة فائقة على استثمار هذا الشعور بالظلم والحيف بين السنة لتوسيع رقعة سيطرتهم في مناطقهم.

ويتلقى البغدادي دعمًا من ميليشيات سنية أخرى ومن شيوخ عشائر، وحتى من بعثيين سابقين. وكتبت رغد صدام حسين تغريدة إلى "العم عزت"، تتطلع فيها إلى العودة للعراق. وكان عزت ابراهيم الدوري نائب والدها ويقاتل الآن مع المسلحين.

واصبح العراق منذ سقوط الموصل أكثر هشاشة. فالشيعة مرعوبون وخائفون على عتباتهم المقدسة في سامراء وكربلاء والنجف التي تعهد المسلحون بتدميرها. والسنة قلقون من أن يؤدي خوف الشيعة إلى الانتقام منهم وبذلك اشعال حرب اهلية. في هذه الأثناء اعلنت القيادة الكردية أنه من المستحيل أن يعود العراق إلى الوضع الذي كان عليه قبل الأحداث الأخيرة.

صورة لمسلحين من داعش على الحدود العراقية السورية

عودة أميركا

هددت ايران بالتدخل العسكري بدعوى حماية الشيعة وعتباتهم المقدسة فيما حذرت السعودية من التدخل الأجنبي أو الأجندات الخارجية. يضاف إلى ذلك فانه يُشتبه بأن رجال اعمال سعوديين وقطريين يمولون المسلحين.

وتقف الولايات المتحدة متفرجة على تركة احتلالها الذي دام 8 سنوات. وتشكل الأزمة العراقية كارثة بالنسبة للرئيس باراك اوباما. فهو انتُخب واعدًا بالانسحاب سريعًا من العراق ونفذ وعده. لكن ما يجري اليوم في العراق يدفعه إلى العودة إليه رغمًا عنه.

وكانت أولى خطوات العودة ارسال 300 مستشار عسكري اميركي وصلت طلائعهم بالفعل، فيما اخذت اجهزة الاستخبارات الاميركية تكثف نشاطها في العراق. وامتنع اوباما حتى الآن عن اصدار اوامر بتوجيه ضربات جوية لأسباب في مقدمها التباس الوضع على الأرض، إذ لا يُعرف مَنْ على وجه التحديد الذين يقاتلون قوات المالكي اضافة إلى المسلحين، ومن المرجح أن يكون بينهم رجال الصحوة الذين عملوا مع القوات الاميركية ضد مسلحي القاعدة ثم غدر بهم المالكي حين قطع عنهم رواتبهم ورفض دمجهم بالمنظومة الأمنية أو تأهيلهم لوظائف اخرى. ويكاد يكون من المؤكد أن تسفر الضربات الجوية في مثل هذا الوضع عن سقوط اعداد كبيرة من الضحايا المدنيين.

قوة جوية لميليشيات شيعية

وحذر الجنرال ديفيد بترايوس، القائد السابق للقوات الاميركية في العراق، من أن تقوم الولايات المتحدة بدور "القوة الجوية لميليشيات شيعية". واقترح أن تقتصر أي ضربات جوية على استهداف قيادات المسلحين فقط.

ومن العوامل الكبيرة في تشوش صورة الوضع ندرة المعلومات الموثوقة عن المسلحين واهدافهم، إذ ليس واضحًا حتى مع نذر الفوضى التي تهدد باجتياح العراق ما إذا كانت المجموعات المسلحة تعتزم الهجوم على بغداد، لا سيما أن الاستخبارات الغربية نفسها وحكومة المالكي لم تكن تتوقع ما حدث في الايام الماضية.

ويبقى ابو بكر البغدادي سرًا غامضًا، فهو على النقيض من بن لادن الذي كان يطلع على الرأي العام العالمي بين حين وآخر، بقي في الظل حتى اصبح شبيهًا بالاسطورة عند اتباعه. وهذه استراتيجية تبدو ناجحة. وفي وقت تنخرط اعداد متزايدة من المقاتلين في صفوف المسلحين فإن غالبية المقاتلين الشباب لا يعيرون اهتماما يُذكر لزعيم القاعدة الحالي أيمن الظواهري، الذي يُعد بيروقراطيا جامدا.

ويُعتقد أن زعيم المسلحين هو ابراهيم البدري من مواليد سامراء العام 1971 ودرس الشريعة في جامعة بغداد. وعمل امام مسجد في جنوب العراق.

خطأ فادح

انضم البغدادي إلى مقاومة الأميركيين. وفي شباط (فبراير) 2004، وقع في قبضة الجنود الاميركيين في الانبار وسُجن في معتقل كامب بوكا قرب ميناء أم قصر جنوبي العراق.

وفي اواخر 2004 ارتكب الاميركيون خطأ فادحًا عندما قررت لجنة تضم خبراء عسكريين اميركيين الافراج عن البغدادي افراجًا غير مشروط، كما أكد متحدث باسم البنتاغون لمجلة شبيغل. وبدأ صعود البغدادي الخاطف إلى قيادة المقاومة الاسلامية السرية فور الافراج عنه.

لكن البحث عن جذور الدولة الاسلامية يمتد أعمق، إلى عشية الغزو الاميركي عام 2003. ففي ربيع ذلك العام توجه إلى بغداد ابو مصعب الزرقاوي وفي جعبته مال وسلاح ورؤية. وكان هدفه اقامة خلافة اسلامية تمتد من سوريا إلى الخليج، ولتحقيق هدفه خطط لاشعال حرب دينية بهجمات دموية وحشية استهدفت الشيعة لتخويف السنة للوقوف معه والشيعة للهروب من البلد.

ومرت خمسة اشهر كاملة على الاحتلال الاميركي للعراق قبل أن يبدأ الزرقاوي هجومه بموجة من التفجيرات بينها تفجير مقر الأمم المتحدة في بغداد. ثم انتقل إلى استهداف الشيعة ومراقد أئمتهم. وبدأت جماعة الزرقاوي تفقد نفوذها بعد أن استعدت بأساليبها الاستفزازية العشائر السنية، فاستغل الاميركيون هذا العداء باقامة تحالف مع العشائر أسفر عن انبثاق الصحوات. وحين قُتل الزرقاوي، جاء مقتله بعد أن تمكن من اشعال حريق ما زال يزعزع استقرار الشرق الأوسط حتى اليوم.

ويُعتقد أن البغدادي قاتل تحت راية الزرقاوي وأصبح قائد الجماعة قبل أن تلوح بوادر الربيع السوري في العام 2011، ويمكن القول إن البغدادي حقق حلم الزرقاوي بإزالة الحدود بين العراق وسوريا.

وحشية ومقاتلون أجانب

ينتمي تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام إلى الجيل الجديد من مدرسة القاعدة، كما يقول الخبير الاميركي بمكافحة الارهاب بروس ريدل. ويرى اوليفانت أن التنظيم هو نجم المشهد الاسلامي، قائلًا: "إذا كنتَ تونسيا في السادسة عشرة وتريد الجهاد هل تذهب إلى أيمن الظواهري في باكستان؟ كلا، تذهب إلى داعش في العراق".

لكن البغدادي والتنظيم ما كانا ليصبحا بهذه القوة لولا الحرب الأهلية في سوريا واغتنامهما الفرصة التي وفرتها. وفي العام 2012، ارسل البغدادي مقاتلين إلى سوريا لاقامة فرع تنظيم القاعدة هناك باسم جبهة النصرة. وكان وقتذاك لم يزل من اتباع الظواهري.

حين اشتد عود النصرة، قرر البغدادي ضمها إلى دولة العراق الاسلامية. لكن زعيم الجبهة السوري رفض الالتحاق بالبغدادي على الأرجح بناء على اوامر من الظواهري. فأدى ذلك إلى افتراق الظواهري والبغدادي.

وفي نيسان (ابريل) 2013، ظهرت جماعة مسلحة جديدة في سوريا بدا وكأنها انبثقت فجأة من لا شيء. واطلقت الجماعة على نفسها اسم تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام، وفرض صعودها على المعارضة السورية المسلحة أن تقاتل على جبهتين، ضد قوات بشار الأسد من جهة وضد مسلحي داعش من الجهة الأخرى.&

اسفر النزاع بين البغدادي وجبهة النصرة عن انضمام الجهاديين الأجانب إلى داعش. وكان من اسباب ذلك قدرة البغدادي على دفع رواتب تبلغ مئات الدولارات شهريا وامتلاكه وفرة من السلاح والآليات. لا يعرف أحد عدد مقاتلي داعش وتتراوح التقديرات من 7000 إلى 15000 مقاتل. وتحرص قيادة داعش التي يُعتقد انها تتألف في الغالب من ضباط بعثيين سابقين على البقاء في الظل. ويقاتل في صفوف داعش الكثير من العراقيين ولكنها تضم نحو 300 مقاتل أجنبي، كما تذهب التقديرات، العديد منهم شيشان ولكن هناك نحو 300 مقاتل من فرنسا ايضا.

الآلاف فروا من الموصل

طعام للمدافع

يعتقد مسؤولون امنيون المان أن هناك عشرات الاسلاميين الالمان بين مقاتلي البغدادي. ولجاذبية تنظيم داعش اسباب متعددة منها قبوله رجالا غير مدربين عسكريا. ويسمي مسؤولون استخباراتيون المان هؤلاء "طعاما للمدافع"، فهم كثيرا ما يُستخدمون لتنفيذ عمليات انتحارية لكنهم يقومون بأعمال خطف مقابل فدية أيضا. واصدر داعش شريط فيديو متقَن الاخراج يدعو الجهاديين الاوروبيين إلى الانخراط في صفوفه.

وبخليط من القيادة المركزية وشراء الذمم والوحشية، تمكن التنظيم في وقت مبكر من استغلال عقب اخيل المعارضة السورية، أي غياب الوحدة بين فصائلها. فاستهدف داعش الوحدات الأضعف واقام تحالفات مع وحدات أخرى.

وفي مدينة الرقة شرقي سوريا قام داعش بتصفية المجاميع المسلحة الصغيرة من المعارضة. وعندما رفض لواء تابع للجيش السوري الحر التعاون ارسل داعش اربعة انتحاريين انقضُّوا في تعاقب سريع على مقر اللواء. وفي بلدة جرابلس السورية قرب الحدود التركية كانت أول خطوة أقدم عليها داعش بعد استعادة سيطرته على البلدة اعدام مقاتلي الجيش السوري الحر الذين وقعوا في الأسر. كما أعدم افراد من عائلات مقاتلي الجيش الحر الذين تمكنوا من الفرار. وقُطعت رؤوس بعضهم وعُلقت على أعمدة الكهرباء.

أهون الشرين

ويلاحظ محللون أن البغدادي نادرا ما يشتبك مع قوات النظام السوري مقدما خدمة لم يتردد جيش الأسد في الرد بمثلها. ولم يتغير هذا الوضع إلا بعد نجاحات داعش الأخيرة في العراق. إذ بدأت قوات الأسد تشن هجمات على مواقع داعش وكأنها تريد أن تقول للعالم انها أهون الشرين.

وبسبب داعش، لم تعد تصل مناطق المعارضة السورية أي مساعدات تقريبًا. يضاف إلى ذلك أن الحكومات الغربية توقفت عن دعم المعارضة المعتدلة خشية وقوع امداداتها بيد البغدادي، كما تقول مجلة شبيغل، مشيرة إلى أن المعارضة السورية تواجه الآن تحديًا هائلًا. فداعش في الداخل هو الأقوى والأشرس والأفضل تمويلًا، في حين أن مشاهد متطرفين يعرضون رؤوسًا مقطوعة على الانترنت هي الصورة التي يراها العالم الخارجي عند النظر إلى النزاع السوري. وهذا على الأرجح ما كان يريده البغدادي.

في إيلاف أيضًا: العراق في ذمة "داعش"!

مخطط داعش

اصبح داعش أقوى جماعة معارضة في سوريا. وفي الرقة البالغ عدد سكانها 200 الف نسمة اقام محاكم شرعية ومدارس تفصل بين الجنسين.

ويبدو أن داعش يعمل وفق مخطط مرسوم. ففي آب (اغسطس) 2013 سيطر مقاتلوه على قاعدة جوية قرب حلب قبل أن يطرد فصائل المعارضة الأخرى من اربع بلدات حدودية توفر ممرات إلى شمال سوريا. كما سيطروا على آبار نفطية وأخذوا يبيعون النفط إلى نظام الأسد مصدرًا للتمويل. ومن مصادر التمويل الأخرى مانحون اثرياء في الخليج واتاوات كانوا يجمعونها في الموصل ومدن سنية أخرى من العراق. ويُعتقد بأن داعش أغنى تنظيم ارهابي في العالم ولا سيما انه سرق 425 مليون دولار من فرع المصرف المركزي العراقي في الموصل.

لكن داعش يستمد قوته الحقيقية من الخوف الذي تبثه وحشيته وقسوته. فلا أحد يشعر بالأمان عندما يُنحر حتى الأطفال ورجال الدين السنة ويُخطف الناشطون والصحافيون. وأينما يظهر داعش يسارع إلى السيطرة على مواقع مهمة استراتيجيا مثل المحطات الكهرومائية وصوامع الحبوب والمحولات الكهربائية. وعندما سيطر مقاتلو البغدادي على الرقة احتلوا على الفور مخبز المدينة.

استرتيجية واضحة

تتحمل تركيا قسطًا من المسؤولية عن نجاح داعش. فهي سمحت بحركة المسلحين بكل حرية عبر الحدود للقتال في سوريا، ثم العودة للعلاج في مستشفيات تركية. وكان القادة الاتراك يراهنون على دور المتطرفين الاسلاميين في التعجيل بإسقاط الأسد. ولكن انقرة فقدت السيطرة على حلفائها المفترصين، كما يتضح من خطف داعش 80 تركيًا وأخذهم رهائن في الموصل.

وبدأ داعش يعد تقارير سنوية شاملة عن أنشطته مثلما تفعل أي شركة مسجلة في البورصة. وفي عام 2013 وحده، يقول داعش انه نفذ 10 آلاف عملية بينها 1000 عملية اغتيال و4000 تفجير والافراج عن مئات السجناء. وتُعد التقارير بدقة بحيث يبدو داعش تنظيما له بنية عسكرية هرمية واستراتيجية سياسية واضحتين لاقامة دولة اسلامية وليس جماعة ارهابية.

وبصرف النظر عن جهود داعش التسويقية فان البغدادي وتنظيمه اصبحا عاملا في اعادة رسم خريطة المنطقة. فان سوريا لم تعد دولة والعراق على وشك الالتحاق بها. وحين ينقشع غبار المعركة قد يكون من الضروري اعادة رسم الحدود التي كانت من نتائج الحرب العالمية الأولى عندما رسمها المنتصرون دون اعتبار لمن يعيشون في المنطقة.

لم يعد مجديًا

ردًا على خطر داعش الداهم، دعا المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني كل قادر على رفع السلاح إلى التطوع. وسيتضح مدى الاستجابة لهذه الدعوة خلال الاسابيع المقبلة. فالشيعة العراقيون ليسوا وحدهم الذين يسمعون ما يقوله السيستاني بل هناك من يسمعه في ايران ولبنان والبحرين والمنطقة الشرقية في السعودية.

وكان السيستاني قبل دعوته محسوبا على معسكر الاعتدال. وجعلت دعوته الدبلوماسيين الغربيين في بغداد يتساءلون عما ادى إلى تغيير نهجه. ولكن نائب رئيس الوزراء صالح المطلك يقول إن دعوة السيستاني اثارت استغرابه الشديد، ويعرف من أملى هذه الكلمات على آية الله. ورفض المطلك أن يذكر الدولة بالاسم ولكنه عندما سُئل إن كان يقصد ايران هز رأسه المتَعب بالايجاب.

في هذه الأثناء، يحاول المالكي البقاء على رأس السلطة التنفيذية لولاية ثالثة، فيما تريد الولايات المتحدة أن تكون للسنة كلمة أكبر في مركز صنع القرار حين تُشكل الحكومة العراقية الجديدة. لكن المطلك يئس من حدوث ذلك وقال لمجلة شبيغل: "بالنسبة لنا نحن السنة لم يعد من المجدي العمل مع المالكي. فهو عمل منهجيا على تهميشنا، ليس نحن السنة فحسب بل العديد من الكرد والشيعة ايضا. أخذ منا كل ما لدينا من تأثير وأحالنا موظفين حكوميين".

التحضير للاستقلال

يقترح المطلك بداية جديدة قائلًا: "ان رئاسة الجمهورية يجب أن تكون للسنة ولكن الأهم من ذلك هو السؤال عمن سيكون رئيس الوزراء الجديد". وكشف المطلك أن اربعة اسماء طُرحت على الطاولة هي نائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي ووزير المالية السابق بيان جبر ونائب رئيس الوزراء حسين الشهرستاني ورئيس المؤتمر الوطني العراقي احمد الجلبي. وكان الجلبي صديق الولايات المتحدة ثم انقلب عليها، وهو مصرفي فاشل له ارتباطات واسعة بأجهزة الاستخبارات في بغداد وواشنطن وطهران، بحسب شبيغل.

ويبدو أن نهاية الدور السياسي للمالكي الذي حكم البلاد ثمانية اعوام مترعة بالاخفاقات والازمات باتت قريبة. فهو بدلا من توحيد العراق لم ينجح إلا في تعميق انقساماتها.

في شمال العراق، بدأ الكرد منذ فترة يستعدون للنتيجة المنطقية المترتبة على سياسة المالكي، أي تفكيك العراق وتقسيمه. وبحسب الدستور العراقي فان محافظات اربيل ودهوك والسليمانية تشكل اقليم كردستان العراق. ولكن مساحة الاقليم اتسعت بمقدار النصف تقريبًا بعد سقوط الموصل وفرار الجيش العراقي.

ففي الجنوب تصل اراضي كردستاني إلى جبال حمرين قرب تكريت بعد سيطرة قوات البشمركة الكردية على كركوك بأكملها. وفي الغرب تمتد اراضي الاقليم إلى وسط العراق على ضفاف دجلة. وهي منطقة يقول الكرد انها تاريخيًا ارضهم.

ويدافع عن كركوك الغنية بالنفط نحو 3500 مقاتل من البشمركة، يتمركزون في كل المواقع الاستراتيجية بما فيها المطار العسكري، ومنشأة الماء وحقول النفط التي تعتبر من الأكبر في العراق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف