قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
&
يقول ناشط حقوقي إن أوضاع حقوق الإنسان تدهورت كثيرًا في مصر، إذ إن الشرطة عادت إلى ممارسة التعذيب على نطاق واسع، قائلاً إن الاستبداد يساهم في اتساع رقعة الارهاب، ورأى أن الهجوم على المؤسسات الحقوقية في وسائل الإعلام غير مبرر، موضحًا أنها تعاني من حملات التضييق.&
القاهرة:&قال الناشط الحقوقي البارز جمال عيد، إن الأوضاع في مصر الآن أكثر استبداداً وتضييقاً من عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك، مشيراً إلى أن الشرطة عادت لممارسة التعذيب بمنهجية واسعة.&وأضاف مدير الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان في الحلقة الثانية من مقابلته مع "إيلاف"، أن المنظمات الحقوقية في مصر تعاني من حملات للتشهير والتضييق عليها، متهماً الإعلام المصري بعدم المهنية.&وأوضح أن الإرهاب لن ينتهي، إلا عبر ترسيخ سيادة القانون، وإعلاء قيم المواطنة المتساوية، وتطبيق العدالة الإجتماعية. وإلى نص الجزء الثاني من الحوار مع "إيلاف".&
تضييق وتشهير&
كيف هو حال أوضاع المنظمات العاملة في هذا المجال، هل تتعرضون إلى مضايقات أمنية؟&هذا النظام إمتداد لنظام مبارك، لكنه أكثر قمعاً، التضييق علينا وعلى الأصوات الحرة شديد جداً. لم يبقَ صوت معارض إلا بعض المنظمات الحقوقية، ولذلك رفع سقف الحملة ضدها، سواء بالتضييق أو التشهير، نحن تعبنا وسئمنا، ورغبنا في أن نقفل أبواب المنظمات، لكن ما يقف حائلاً دون الإغلاق أن أعداد القضايا ومن يلجأون إلينا من المظلومين يتضاعف يومياً، ما يؤلمني حقاً أنه بمقابل الحملات ضد المنظمات الحقوقية، هناك ظلم واضح على الأرض.&
وماذا أنتم فاعلون، هل ثمة وسائل للمقاومة والصمود، أمام ما تعتبره ظلماً وتضييقاً؟&العمل العام والدفاع عن حقوق المجتمع ليس منة من أحد، بل هو حق للمواطن، فمن حقي المشاركة والإنتقاد، ولو لدي القدرة على مساعدة أي إنسان قانونياً أو حقوقياً، من العيب ألا أفعل ذلك. وإذا كانت عمليات التشهير ضدنا تركز على التمويل، فأنا أرد بالقول إنني حصلت على جائزة حقوقية ضخمة جداً،&وهي مليون يورو مقسمة على ثلاثة فائزين، تبرعت بنصيبي منها كاملاً وأنشأت بها خمس مكتبات عامة في أحياء شعبية، ولو كنت أسعى وراء المال، لأكتفيت بالجائزة التي تغنيني عن العمل لسنوات طويلة.في عهد مبارك، كان عدد المنظمات الحقوقية حوالي 60 منظمة، لكن الجاد منها حوالي 15 منظمة، أما الآن فالعدد أكثر من 150 منظمة، الجاد منها حوالي &10 منظمات فقط، "هي اللي بتعمل لهم الدوشة دي". لن نستجيب للمطالبة بأن نتواطأ مع الدولة في ظلمها، سواء عبر المحاكمات الجائرة والتضييق على الإعلام والتعذيب. ليس أمام النظام من خيارات إلا أن يسجننا أو يحسن أوضاع الحقوق والحريات.&
وما مظاهر التضييق على النشطاء أو المنظمات بشكل واضح؟&سأضرب مثالاً آخر للتضييق بواقعة حدثت معنا مؤخراً، حيث وصلنا خطاب من هيئة التأمينات، يقول فيه إن لديها ملاحظات على عمل مؤسسة الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، التي تعمل كشركة محاماة، وندفع الضرائب بانتظام. وفي الأحوال العادية يطلب من أية مؤسسة الرد على الملاحظات في خلال 15 يوماً، إلا أنها طلبت منا الرد في خلال ثلاثة أيام فقط. إنه جهاز أمن الدولة يرتدي ملابس هيئة التأمينات.&
اتهامات بدون أدلة&
ولماذا تجري عمليات تشهير في الإعلام دون أن يقدم أي ناشط للمحاكمة بتهمة التمويل الأجنبي؟&لأن الدولة ليست لديها أية أدلة، نحن نعمل في النور، ولذلك تستخدم إعلام الكفتة والأسطول السادس، (يقصد ترويج الإعلام المصري لجهاز أعلن عنه الجيش لعلاج المرضى بفيروس "سي" والأيدز، وثبت أنه خدعة، بالإضافة إلى ترويج الإعلام أن الأسطول السادس الأميركي حاول غزو مصر أثناء ثورة 30 حزيران( يونيو) 2013، انقاذاً لحكم جماعة الإخوان، إلا أن الجيش المصري تصدى له وأسر قائده). لا يوجد إعلام مهني في مصر حالياً، إذا أردت متابعة إعلام مهني أشاهد قنوات "دوتشيه فيله" أو "بي بي سي". ولأن الإعلام المصري غير مهني، فإن هناك تراجعاً شديداً في نسبة الإقبال عليه، ويعاني حالياً من أزمة ضخمة. لايمكن للإنسان أن يتابع الأكاذيب دائماً.&
وما أسباب تبعية الإعلام للسلطة، رغم أن أغلب القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية مملوكة لرجال الأعمال، وليس للدولة؟&بعض رجال الأعمال المالكين لوسائل الإعلام غير معروف على وجه الدقة مصادر ثرواتهم، ولديهم ارتباط بمصالح مع السلطة، ولذلك فهم يجاملون الدولة، في مقابل السماح لهم بالعمل في مجالات أخرى. لا يوجد في مصر إعلامي أو معد يتمتع بالمهنية، باستثناء الإعلامية ليليان داوود، وهي ليست مصرية، لاسيما بعد رحيل الإعلاميين المهنيين، أمثال يسري فودي، وريم ماجد، وباسم يوسف، بلال فضل.المتواجدون على الساحة الآن هم المهللون و"المطبلتية" فقط.&
الاستبداد يغذي الإرهاب&
هل من الطبيعي أن يسير التضييق على الحريات والإعلام بالتوازي مع الحرب على الإرهاب؟&طالما هناك متدينون سيكون من بينهم متطرفون، والإرهاب لن ينتهي من العالم، ولكن يجب محاربته وحصاره، ولن يكون ذلك إلا عبر ترسيخ سيادة القانون، وإعلاء قيم المواطنة المتساوية، وتطبيق العدالة الإجتماعية، ومحاربة الفقر والفساد. وهذه الإجراءات تخلق مناخاً يعادي بطبعه الإرهاب، لكن الإستبداد والتضييق على الحريات يسهم في اتساع رقعة الإرهاب. ما يحدث في مصر حالياً هو معركة الجيش والشرطة ضد الإرهاب، ولن تنجح إلا عندما تصبح معركة المجتمع ضد الإرهاب، لأن هناك جزءًا من هذا المجتمع يدعم الإرهاب، ولن يتحول إلا عندما يثق في أن الدولة تحارب الفساد، وأنها لا تفرق بين مسلم ومسيحي، وأن المواطنين جميعاً متساوون أمام القانون، وأن تتعامل بشفافية مع مختلف المعلومات، للقضاء على الشائعات، وألا تمارس الإنتقام ضد من يؤمنون بالثورة والديمقراطية.&
بمناسبة الحديث عن غياب المعلومات ومطالبتك بالشفافية، كيف ترى زيادة نسبة قرارات النائب العام بحظر النشر في القضايا المختلفة؟&التوسع في قرارات حظر النشر مؤشر خطر جداً على أن مؤسسة العدالة في مصر تكيل بمكيالين، وأنها تعاني من الخلل، لأن هذه القرارات تصدر الآن بهدف حماية رموز سياسية في النظام الحالي أو في نظام مبارك متورطة في قضايا فساد خطيرة. ويذكرنا التوسع فيها حالياً بالنائب العام الأسبق عبد المجيد محمود، الذي توسع فيها أيضاً في عهد مبارك.&
التعذيب لم يتوقف&
تشير تقارير المنظمات الحقوقية المحلية والدولية إلى عودة عمليات التعذيب بشكل واسع في مصر، ما الأسباب من وجهة نظرك؟&أذكر الجميع، لاسيما السلطة أن ثورة 25 يناير 2011، اندلعت في عيد الشرطة احتجاجاً على التعذيب وانتهاكات الشرطة. التعذيب لم يتوقف إلا لشهور قليلة بعد الثورة، ولكن الشرطة العسكرية، مارست التعذيب خلال تلك الشهور، ونتذكر منها انتهاكات اختبارات العذرية التي أجريت للمعتقلات في السجن الحربي. انتشار التعذيب حالياً يرجع إلى عدة أسباب تتمثل في أن الذين تولوا أمر السلطة تعودوا على استخدام الشرطة لحماية أنفسهم وقمع الشعب، كما أن جهاز الشرطة تعود على أن التعذيب أمر طبيعي، فضلاً عن وجود رغبة لدى قيادات الشرطة في الإنتقام من الشعب، لاسيما الفقراء والسياسيين، بسبب قيامهم بثورة 25 يناير. التعذيب في مصر حالياً يجري بمنهجية واضحة، لاسيما منذ مجيء نظام عدلي منصور والسيسي، والنظام يغمض عينيه، وهذا يؤكد غياب الإرادة السياسية لإيقافه، ويمكنني القول أن أداء الشرطة الآن أسوأ من عهد مبارك.&
مظاهرات ضد الإخوان&
&هناك تشكيك من قبل بعض التيارات السياسية في رغبة النظام بإنتخاب برلمان، هل تتفق معها؟&وضع الجيش في يوم 3 &تموز ( يوليو) 2013، خريطة للمستقبل، وتنص على إجراء الإنتخابات البرلمانية والرئاسية خلال 6 أشهر، وها قد مر نحو عامين بدون برلمان. نحن شاركنا في مظاهرات 30 يونيو، ضد الإخوان ورئيسهم الإخواني محمد مرسي، الذين تحولوا من حالة المظلومية إلى الإستعلاء على الشعب، وضد إعلاء الخطاب الطائفي الذي سمح به مرسي، وتسبب في قتل الشيعة بمصر، وضد تجاهل محاسبة الشرطة، التي قال عنها إنها كانت في القلب من العبور الثاني ثورة يناير، وضد تكريمه لقيادات العسكر المتهمين في جرائم، بدلاً من محاكمتهم. نحن خرجنا من أجل إجراء إنتخابات رئاسية مبكرة، وليس من أجل أن يحكم الجيش والسيسي.&
ولماذا تستخدم لفظ "مظاهرات" وليس "ثورة " في الحديث عن "30 يونيو"؟&30 يونيو مظاهرات شارك فيها الملايين، لكنها ليست ثورة، لأن الثورة الحقيقية هي ثورة يناير التي مازالت مستمرة حتى الآن. الدولة بكافة مؤسساتها شاركت في 30 يونيو، بدءًا من الإعلام والداخلية والجيش، وهل هناك دولة تقوم بالثورة على نفسها؟!.&أما 25 يناير فهي ثورة أجبرت الجيش على طاعة الإرادة الشعبية، ولكن في 3 يوليو أمسك الجيش بالحكم. ورغم أنهم وضعوا خارطة المستقبل في هذا اليوم، قالوا فيها إن الإنتخابات الرئاسية والبرلمانية ستكون في خلال ستة أشهر، إلا أنهم لم يحترموها. وأذكر الجميع هنا بحديث اللواء أحمد وصفي، قائد الجيش الثاني السابق، الذي قال فيه "لما تلاقوا واحد فينا أترقى ولا أصبح رئيس جمهورية، ابقوا سموه إنقلابا". لا يهمني الآن هل هو إنقلاب أم ثورة، ما يهمني أن الوضع الآن أكثر استبداداً وتقييداً مما سبق.&
هل أخطأ التيار المدني في تقدير الموقف، وأسهم تهميش دوره حالياً فيما بعد 30 يونيو؟&بعض الليبراليين "ملكيين أكثر من الملك"، يقفون مع الدولة العسكرية، وكذلك اليساريين والقوميين والإسلاميين، الجميع أخطأ، لكن لا يليق على الإطلاق المساواة بين أخطاء جماعة الإخوان التي تولت الحكم، وأخطاء الليبراليين أو التيار المدني عموماً. الغريب أنهم لم يعترفوا بأخطائهم، واعتبروها مؤامرة، إلا أن الإختلاف معهم، ليس مبرراً لإباحة دمائهم، والسكوت عن الظلم والتعذيب الذي يتعرضون له، أو قتل المئات منهم دون تقديم الجناة للمحاكمة.