باحثون: لا يمكن دخول العالم الرقمي بذهنية الورقي
منتدى أصيلة يناقش الجدل بين الإعلام الرقمي والتقليدي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شهدت ندوات منتدى أصيلة الثقافي جدلًا ساخنًا بين مؤيدي الاعلام الورقي والرقمي، شارك فيه عدد كبير من الاعلاميين العرب، كان ختامه أنه آن&أوان الانتقال من إعلام السلطة إلى سلطة الإعلام.
أصيلة: عبد الرحمن الماجدي من أصيلة: يواصل منتدى أصيلة الثقافي فعالياته، التي خصص محورها الثاني لتحديات الاعلام العربي بين الرقمي والتقليدي، شارك فيها باحثون وإعلاميون من مواقع الكترونية وصحافة ورقية وسمعية ومرئية، خلال يومي الندوات التي امتدت من 26 حتى 29 تموز (يوليو) الجاري في صالات مكتبة الامير بندر بن سلطان في مدينة أصيلة المغربية ومركز الحسن الثاني للملتقيات الدولية في مدينة أصيلة القديمة.
ودار جدل حول أهمية ومقبولية الاعلامين الورقي والرقمي، فانقسم المحاضرون والمتداخلون بينهما في عالم يتجه قدمًا لإلغاء المسافات بين النخبة والعامة في الفن والأدب والاعلام. وأشار المتداخلون إلى سقوط سلطة الاعلام الرسمي أمام سطوة الاعلام الرقمي الذي جاء بتقنية المواطن الصحافي خاصة في مواقع الـ"سوشال ميديا" الذي يترجم عربيًا بمواقع التواصل الاجتماعي، وهو تطور للـ "ديجيتال ميديا" أو الاعلام الرقمي.
وكانت ذروة الجدل في اليوم الثاني من الندوات التي أدارها كل من الدكتور فهد الحارثي، رئيس مركز اسبار للدراسات والبحوث والاعلام الذي يرعى الندوة مع منتدى أصيلة والدكتور محمد شومان استاذ الاعلام في الجامعة البريطانية في مصر والدكتور عيسى النشي استاذ الاعلام في جامعة الكويت.
حضور كويتي لافت
كان حضور دولة الكويت لافتًا من خلال رعاية وزارتي الاعلام والدولة لشؤون الشباب لندوات الاعلام الرقمي العربي، حيث شارك عدد كبير من الصحافيين ممثلًا بوزير الاعلام والاتصال ووزير الدولة لشؤون الشباب الشيخ سلمان السالم الحمود الصباح، وماضي الخميس الامين العام للملتقى الاعلامي العربي، وصالح العلاج مدير موقع دروزه، وعيسى النشمي استاذ الاعلام في جامعة الكويت، وهند احمد الناهض وفاطمة السالم استاذة الاعلام في جامعة الكويت، مرسخين ريادة الكويت في الاعلام في منطقة الخليج العربي.
الدكتورة رحيمة عياشي قطوش من الجزائر، الاستاذة المساعدة بكلية الاتصال في جامعة الشارقة، أكدت ضرورة بقاء الصحافة الورقية التي ما زالت تتوخى الدقة والبحث في مصدر الخبر قبل نشره، وهو ما رأت أن الصحافة الرقمية لا تهتم به كثيرًا.
ومثلها ذهب مختار لغزيوي، مدير نشر جريدة الأحداث المغربية، وموقع أحداث إنفو، حيث رأى أن الصحافة الورقية أو المكتوبة هي اليوم الوحيدة التي يمكن أن نعتد بها ونعتبرها مصدرًا موثوقًا به، أما مواقعنا الإلكترونية العربية فرغم أنها مواقع محترمة وتتميز بالجرأة، فإنها ما زالت تعاني في المصداقية. لكن للاعلامي المغربي الشاب يوسف ججيلي، ناشر ورئيس موقع 360 المغربي، رأيًا مغايرًا للممايزة بين الصحافة الورقية والالكترونية وهو المنافسة بين التلفزيون والصحافة الرقمية.
جدل الورق والرقمية
الجدل الأكبر احتدم بين صالح العلاج مدير موقع دروازه ومدير موقع جريدة الشرق الاوسط عضوان الاحمري، اذ أصر العلاج على قرب موت الصحافة الورقية مشددًا على أن استخدام الورق يعد أنانية تضر بالبيئة. لكن الاحمري قال إن ما حدث هو تغيير في الوسائل وفي الصيغة المكتوبة للجمهور، ورأى في ما يجري من انتقاد للاعلام الورقي هجومًا قاسيًا على الصحافة الورقية، وغير منطقي لأسباب كثيرة؛ منها أن أكثر مهاجمي الصحف التقليدية لهم حس ثوري ضد الحكومات والمسؤولين، ويريدون أن ينشروا كل شيء يريده جمهورهم، وأن يكسبوا جمهورًا، لكننا سنخسر بذلك الرصانة واللغة الرصينة التي لا تخرج في الصحافة الورقية إلا بعد تدرجها عبر سكرتارية التحرير والمدققين اللغويين.
العلاج أشار إلى أن الاعلام الرقمي اقترن بشريحة الشباب ولا مكان لشيوخ الصحافة بين زملائهم الرقميين الا في التصحيح اللغوي والارشيف.
تأثير وانتشار
من جانبه، قال أمجد المنيف، المستشار في قطاع الاتصال والإعلام الجديد في المملكة العربية السعودية: "لا تزال هناك مشكلة في التفريق بين التأثير والانتشار، في ما يتعلق بالمفارقة بين الإعلام التقليدي والرقمي"، ضاربًا مثلًا في صفحة النجمة الاميركية كيم كادرشيان التي لديها 32 مليون متابع لتغريداتها على تويتر لكنها غير مؤثرة مقارنة بوزير لديه بعض آلاف من المتابعين ولتغريداته تأثير كبير.
وأضاف: "دراسات التأثير من أصعب الدراسات الاتصالية، بالإضافة إلى أن معرفة حجم التأثير الحقيقي على المتلقي يحتاج إلى أدوات بحثية ومسحية حتى نتوصل لنتائج يمكن الاعتماد عليها وتعميمها، لذلك فإن هذا الموضوع ما زال محل بحث وأخذ ورد بين علماء الاتصال الجماهيري في العالم".
وشدد المنيف على ضرورة عدم إغفال أن أدوات وعناصر الصحافة والإعلام ثابتة، مهما تغيرت المنصة أو الوسيلة، وهذا يمكن ما يعرف بالإعلام التقليدي من التمدد ليصبح جديدًا، ما يعني أن لا ضرورة أن تختفي إحداها، فيمكن التطور والتحديث والتمدد.
الأثر يختلف
أضاف: "يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن حجم التأثير يختلف من بلد لآخر، ومن جمهور لجمهور، ومن مجتمع لآخر، وحتى المنصات الحديثة، كالشبكات الاجتماعية مثلا، تختلف أهميتها من بلد لآخر، مثلًا فايسبوك هو الأهم في مصر، وتويتر الأهم في السعودية، وانستاغرام الأهم في الكويت، لذلك يفترض مراعاة ثقافة واهتمامات وظروف كل بلد، قبل تحديد ماهية التأثير".
لكن للصحافي ججيلي رأى مغاير، مفاده أن المنافسة معقودة بين التلفزيون والرقمي، وقال إن الصحافة الإلكترونية لن تقصي الصحافة الورقية لأن المنافسة بينهما ضعيفة، وإنما المنافسة الحقيقية توجد بين الصحافة المكتوبة الإلكترونية والتلفزيون، وعزا ذلك إلى أن إنتاج البرامج والاستطلاعات والتحقيقات بالفيديو أسهل بكثير في المواقع الإلكترونية الإخبارية من إنجازه في التلفزيون.
عادل عيدان، مدير مكتب قناة "العربية" في الكويت، استعرض تطور موقع العربية نت وتحقيقه نسبًا مليونية خلال عشر سنوات. وقال: "الرهان الأساسي لتطوير الإعلام الجديد في المجتمع هو الارتقاء بدور المواطن النشيط، بحيث لا يتلقى الخبر أو المعلومة بشكل سلبي، وإنما يتعرض له بشكل انتقائي وينتقده، ويبحث دوما في الوسائل ويقارن بينها".
منافس قوي
وكان للاكاديمية حصتها فقد قدمت هبة أمين أحمد شاهين، مدير المركز الإعلامي وأستاذة الإعلام بجامعة عين شمس في مصر، دراسة ميدانية حول استخدام الجمهور المصري الصحافة الإلكترونية، موضحة أن الصحافة الإلكترونية فرضت نفسها على الساحة الإعلامية منافسًا قويًا للصحافة الورقية، واستنتجت أن ظهور الصحافة الإلكترونية لم يؤد إلى إلغاء نظيرتها الورقية، لكنه قلص إلى حد كبير من جمهور الصحافة الورقية، ما يبرز خطورة التحدي الذي يواجه الصحافة المطبوعة، في ظل نمو الصحف الإلكترونية وازدياد مستخدميها.
وشهدت الندوات مداخلات من الجمهور والصحافيين المتابعين أسهمت في إغناء موضوعات الندوات بينها مداخلة "إيلاف" التي أشارت إلى ضرورة الاستعداد للهزة الكبرى التي خلقتها مواقع التواصل الاجتماعي وزلزلت الاعلام التقليدي واستفزت الصحافة الالكترونية، وإلى الاستعداد جيدًا لدخول عالم الرقمية بذهنية رقمية تجنبًا للاصابة بالانفصام الثقافي الذي يسببه دخول الرقمية بذهنية ورقية. وختمت "إيلاف" بالقول إن الاعلام الورقي لن يتأبد، كما ورد في كلام المتحمسين له، الا على رفوف المتاحف، لأن حتمية التاريخ لا يمكن إيقافها.
وختام الندوات لخصه الدكتور فهد العرابي الحارثي بعبارة أن الاعلام الرقمي قلب الصورة من إعلام السلطة إلى سلطة الإعلام.
يذكر أن موسم أصيلة الثقافي انطلق بدورته السابعة والثلاثين في 24 تموز (يوليو) الجاري، ويستمر حتى 9 آب (أغسطس) ويكرّم التشكيلي المغربي الراحل فريد بنكاهية كضيف شرف.