حضّ على ضرورة احترام الحريات الفردية
قيادي إسلامي تونسي يرفض تجريم المثلية وإستهلاك "الحشيش"
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أبدى قيادي اسلامي بارز في تونس مواقف غير مألوفة في أوساط حزبه (حركة النهضة)، إذ اعتبر المثلية الجنسية واستهلاك نوع خفيف من المخدرات، سلوكات تدخل في إطار "الحريات الفردية"، رافضًا تسليط عقوبة على مرتكبيها.
إسماعيل دبارة من تونس: قال لطفي زيتون، وهو قيادي بارز في حركة النهضة التي تتشارك مع أحزاب أخرى في "حكومة الوحدة الوطنية"، إنّه يساند إلغاء القانون 52 الذي يعاقب مستهلكي مخدر القنب الهندي في تونس.
وقال زيتون، وهو المستشار السياسي لرئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، لصحيفة Le point الفرنسية إنّ هذا رأيه الشخصي الذي قد لا يتفق معه كافة منتسبي حزبه (النهضة).
وقال زيتون ردًا على سؤال للصحيفة الفرنسية بخصوص الجدل المتصاعد في تونس حول فصل قانوني زجّت الحكومة بموجبه بالآلاف من التلاميذ والطلبة والشباب العاطل في السجن بسبب استهلاك مادة "الزطلة: "هذه المسألة من وجهة نظري الشخصية؛ هي مسألة حرية فردية".
يضيف: "ولكن من الطبيعي في أي حزب إسلامي أو حزب محافظ ألا تحظى مثل هذه المواقف بدعم كبير، لأن هنالك دائمًا ميلاً للتدخل في الحياة الخاصة في المجتمع، ولكن من عاشوا في الغرب مثلي، يعرفون أن الخصوصية الفردية مقدسة هناك ويجب احترامها، وهذا أمر أساسي حتى تكون هنالك دولة ديمقراطية ومجتمع منفتح وديمقراطي، إذ أن هذا لا يتحقق إلا من خلال معطيين اثنين أساسيين: الازدهار الاقتصادي والحرية الفردية".
ويعتبر زيتون من "قيادات المهجر" إذ عاش في العاصمة البريطانية لندن سنوات طويلة بعد أن هاجر اليها، اثر شنّ نظام الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي حملة على التيار الاسلامي في التسعينات، وعاد زيتون بعد ثورة 14 يناير إلى تونس مع كبار قادة النهضة، وعلى رأسهم الشيخ راشد الغنوشي.
وشدد زيتون على أن قرار إلغاء العقوبات يجب أن يتعلق فقط بمادة "الزطلة" لأنها تعتبر من المخدرات الخفيفة، على حد تعبيره، وحضّ على أن يستعاض عن العقوبة السجنية بما أسماها "التربية والتوجيه"، أما بقية الأنواع فإنه يجب تجريم استهلاكها.
وأشار زيتون إلى أن ظاهرة استهلاك "الحشيش" في تونس انتشرت بشكل ملحوظ، حيث إن 3.5 ملايين شخص معنيون بهذه المسألة، 77 في المئة منهم من الشباب، وهذا الانتشار الكبير لا يمكن معالجته بالعقوبات والتجريم والسجن، بل بالتعليم والتوعية، على حد تعبيره.
وارتفعت مؤخرًا أصوات حقوقيّة وسياسيّة للمطالبة بوضع حدّ للعقوبات السالبة للحريّة لمتعاطي المخدّرات، خاصّة مادة القنب الهندي التي تعرف محليًا باسم "الزطلة"، والتي يتضمّنها القانون المعمول به حاليّا والمعروف في تونس بالقانون 52. (تفاصيل أوفى هنا)
وتعتبر منظمات حقوقية أنّ (القانون 52) لا تتوفّر فيه ادنى الضمانات للمشتبه في استهلاكه المخدّرات، خاصّة أن الشرطة في تونس تستعمله لابتزاز الشباب نظرًا لتضمّنه فصلاً يبيح لهم إخضاع المشتبه فيه لـ"اختبار البول" حتى ان لم يكن في حالة تلبّس باستهلاك المخدّرات.
رسالة للبرلمان
وجّهت 3 من اكبر المنظمات الحقوقية في تونس رسالة للبرلمان، تلقّت "إيلاف" نسخة منها، تطالب من خلالها بتعديل مشروع قانون المخدرات وإلغاء عقوبة السجن للمتعاطين المتنافية مع أحكام حقوق الإنسان.
وشدّدت كل من "هيومن رايتس ووتش" و"محامون بلا حدود" و"الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان" (الحائزة على جائزة نوبل للسلام) في رسالة مشتركة إلى البرلمان على ضرورة أن يقع إلغاء جميع العقوبات بالسجن لمتعاطي المخدرات أو حيازتها للتعاطي الشخصي.
ووفق نصّ الرسالة، وضعت المنظمات الحقوقيّة الثلاث على لائحة مطالبها بخصوص مشروع قانون المخدّرات الجديد إلغاء العقوبة الصارمة المقترحة لمن يرفض الخضوع لاختبار البول لاستهلاك المخدرات، بالاضافة الى إلغاء الجريمة الجديدة التي تضمّنها مشروع القانون وهي "التحريض" على تعاطي المخدرات، والتي يمكن استخدامها ضد جماعات تدافع عن عدم تجريم المخدرات.
ومؤخرًا، أثار تصريح للرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، حول مسألة إلغاء عقوبة السجن لحيازة مادّة القنّب الهندي جدلاً مُضاعفًا حول هذا الموضوع.
وقال السبسي في حوار على قناة "نسمة" الخاصة، الأسبوع الماضي إنه سيجمع المجلس الأعلى للأمن التونسي وسيطالبه بعدم تتبع الشباب مستقبلاً من أجل استهلاك "الزطلة"، إلى حين إيجاد حل جذري والمُصادقة على مشروع تعديل القانون من قبل البرلمان.
المثلية الجنسية
تسأل Le point ضيفها كذلك على قانون سارٍ في تونس يجرّم المثلية الجنسية، ويرد زيتون: "نفس الشيء، أنا ضدّ الفصل 230 الذي يعاقب بـ 3 سنوات سجنًا ممارسي المثلية الجنسية، إذ لا ينبغي لنا التدخّل في المجال الخاص.
ويرى أن الدولة تفرض قانونها في الفضاء العام لا الخاص، مبديًا رفضه إخضاع المتهمين في هذا النوع من القضايا إلى فحوصات جسدية قسرية دون ارادة منهم، في اشارة إلى "الفحص الشرجي" الذي يستعمل لكشف ممارسي المثلية الجنسية.
يقول:"اختبار يقيس درجة الكحول في الجسد خلال السياقة أمر مقبول، فنحن هنا نتحدث عن فضاء عام مشترك، لكن غير ذلك لا يُقبل".
ويتسبب الاجراء الذي يعرف في تونس باسم "الفحص الشرجي" بتثبيت ادانة عدد من الطلاب والاجانب في السنوات الأخيرة في قضايا تتعلق بالممارسة المثلية.
وانتفضت منظمات حقوقية كثيرة ضدّ هذا الإجراء ووصفته بـ"القروسطي" وأدانت بشدة انتهاك الحرمة الجسدية للمواطنين، كما طالبت بإلغاء الفصل القانوني الذي يجرّم المثلية. (تفاصيل أوفى هنا)
وينصّ الفصل 230 من المجلة الجزائية التونسية (القانون الجنائي) على أن "يعاقب مرتكب اللواط أو المساحقة بالسجن مدة ثلاثة أعوام".
ويندرج هذا الفصل ضمن "الجرائم الجنسية في الفرع الثاني المتعلق بالاعتداء بما ينافي الحياء"، ولم يقع تعديله منذ سنة 1913 (تاريخ إصدار القانون الجنائي التونسي)، والتي تتضارب، حسب فقهاء القانون في تونس، مع الدستور الجديد الذي يمثل ضمانًا للحريات الخاصة، على حدّ تعبيرهم.
&&&
واعتبر وزير العدل التونسي السابق محمد صالح بن عيسى (حكومة الحبيب الصيد)، ان "الفصل 203 من المجلة الجزائية الذي يجرم اللواط هو ما يجب التركيز عليه والتفكير في كيفية الغائه، خاصة انه وعلى ضوء الدستور هناك عديد من القوانين المتعارضة مع ما تضمنه من تنصيص على الحريات التي يجب ان تُنقح او تُلغى بضغط من المجتمع المدني"، وأدت تصريحاته تلك إلى اقالته من منصبه.
التعليقات
التقية والتمكين
عُقيل -الجملة المفتاحية في المقال هي "ردا على سؤال الصحيفة الفرنسية". الإسلاميون في تونس بارعون في ممارسة "التقية" فهم يخاطبون الغرب بلغة، والرأي العام في تونس بلغة ثانية، وصقور الحركة بلغة ثالثة. ومن أساليبهم في هذا المجال، تقاسم الأدوار وإعطاء مختلف المتكلمين باسمهم اتساقا في المواقف يوحي بالمصداقية. وقد بلغوا درجة ادعاء الديمقراطية في خطابهم الرسمي وقد يصبحون قريبا علمانيين. المهم بالنسبة لهم هو البقاء.....في انتظار التمكين.