دعوا إلى ضرورة حماية الفئات الأكثر عرضة لخطره
المغرب: فاعلون يطمحون للقضاء على الإيدز في 2030
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مراكش: شهادة صادمة قدمها المحامي والفاعل الحقوقي إدريس هدروكي حول الانتهاكات الحقوقية التي طالت بعضا من موكليه من المتعايشين في فيروس داء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز)، خلال الندوة التحسيسية والترافعية التي نظمتها جمعية محاربة السيدا لفائدة مجموعة من رجال القانون من قضاة، ووكلاء الملك (ممثلو النيابة العامة) لدى محاكم مراكش، وضباط الشرطة القضائية، وأطر المؤسسات السجنية، ومحامون و حقوقيون، صباح امس الثلاثاء بمراكش.
الحكاية بدأت حين تقدم أحد المواطنين بشكوى لدى مصالح الأمن بمدينة فاس ضد قريبه الذي يحمل الجنسية الهولندية و الذي عاد للعيش ببلده الأم (المغرب) بمدينة فاس، وكان حاملا للفيروس. المشتكي ادعى أن قريبه مصاب بالإيدز و أنه يعاشر نساء بالعشرات ولابد أنه نقل لهن الفيروس. أمام هكذا ادعاءات لم تتوان مصالح الأمن في توقيف المعني بالأمر و وضعه تحت الحراسة النظرية (الاعتقال الاحتياطي) ، سيما أن جيوشا من المواقع الإخبارية المحلية اججت الرأي العام، حتى أصبح الناس يتناقلون أخبار المصاب بالإيدز الذي ينقل الفيروس يمينا و شمالا.
أظهرت التحريات و التحقيقات أن المصاب لم يتصل إلا بثلاث نساء فقط ، و أنهن لم يصبن بالعدوى لأن المتعايش كان يأخذ الدواء بانتظام منذ علمه بالإصابة، وتم تكييف المتابعة من جناية «تسميم مواطنين» إلى جنحة الفساد فقط، حيث قضت هيئة الحكم في حقه بشهرين حبسا نافذا، قضى فيها 6 أشهر أثناء الإعتقال الإحتياطي.
هذا المواطن بعد أن ضاق ذرعا من حياته بمسقط رأسه، قرر جمع حقائبه والرجوع إلى المكان الذي جاء منه، حتى يتمكن من مواصلة حياته دون مشاكل، لكن حتى هذا الحل لم يستطع تحقيقه على أرض الواقع، بعد أن وجد صعوبة في تصفية أملاكه وبيعها بسبب سمعته التي لوكتها الألسن لشهور عديدة، حتى بات كل الناس ينفرون منه لمجرد سماع إسمه.
صفر إصابة خلال 2030
هذه الحكاية التي تتكرر مع عدد من المتعايشين مع داء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز) كشفت عن مكامن الإختلالات التي تشوب معالجة المصابين بداء فقدان المناعة المكتسبة، و التي أكد مولاي أحمد الدريدي المنسق الوطني لفروع جمعية محاربة الإيدز ، على أن تجاوزها وحده سيمكننا من بلوغ 0 إصابة خلال 2030.
رغم أن المغرب لا يسجل أرقاما مرتفعه في عدد المتعايشين مع الداء، حيث لا يتجاوز عددهم 0،14 في المائة، إلا أن الرقم يرتفع نسبيا في صفوف ممتهنات الجنس مثلا، حيث تصل النسبة ل5 في المائة بجهة سوس ماسة درعة (جنوب)، في حين تصبح 25 في المائة في وسط مستعملي المخدرات بالحقن بشمال المغرب، كما أن الفئات الأكثر عرضة وزبنائهم الذين يجمعون 67 في المائة من الإصابات الجديدة يعتبرون محركات للوباء، ناهيك من أن 70 في المائة من النساء المتعايشات أصبن داخل بيت الزوجية، مما يدل على أن شركاءهن مسؤولون بشكل مباشر عن الإصابة، بسبب وضعية الهشاشة التي تعانيها المرأة و المرتبطة أساسا بالنوع الإجتماعي.
وأشار الدريدي إلى أن القضاء على الوباء و انتشاره لبلوغ 0 إصابة في غضون 2030 بجهة مراكش (جنوب) وهو ما لن يتسنى، يؤكد الفاعلون، دون الحد من العوائق المتمثلة في التمييز و الوصم ضد المتعايشين.
حماية الفئات الأكثر عرضة
تعد عاملات الجنس و المثليين و المدمنين على المخدرات الفئات الأكثر عرضة للإصابة، وهو ما يؤكده الفاعلون داخل جمعية محاربة السيدا، الذين دعوا أثناء تقديم عروضهم حول عوائق نجاح مقاومة الداء و الحد منه، إلى إلغاء التشدد إزاء هاته الفئات، عن طريق تعزيز العدالة وحقوق الإنسان، و إعادة النظر في عجز الإدانة القانونية و الإجتماعية عن التأثير في توجهات الأفراد، بالإضافة إلى عجز الفاعلين في الوصول إلى هذه الفئات التي تبقى غير معروفة، خوفا من الكشف.
و أجمع كافة المتدخلين سواء العاملين بشكل مباشر مع الفئات الاكثر عرضة للمرض أو الحقوقيين على ضرورة حماية الفئات الأكثر عرضة للخطر، حيث تعد الإصابة بالفيروس أكثر خطرا على المجتمع من الأفعال المؤدية للإصابة، كما أن بناء صلات الوصل معهم بعيدا عن هواجس العقاب سيدفعهم إلى أن يصبحوا عناصر فاعلة في محاربة داء فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز).
وأكد المتدخلون، خلال الندوة التحسيسية و الترافعية، أن المغرب ، وبفضل البرامج الوطنية لمحاربة السيدا المتتالية منذ سنة 2003 حتى 2017، عرف توسيع خدمات الوقاية وتوسيع خدمات تحليلات الكشف عن الفيروس حيث ارتفعت نسبة عدد الأشخاص الحاملين للفيروس الذين يعرفون حملهم له من 22 في المائة سنة 2011 غلى 63 في المائة في نهاية ديسمبر 2016.
كما أشار المتدخلون إلى نتائج تقليص عدد الإصابات الجديد سنويا بنسبة 37 في المائة ما بين 2011 و 2016 التي حققها المغرب في هذا المجال. و أجمعوا على أنه رغم المجهودات الجبارة إلا انه ما زال هناك الكثير يجب عمله، خاصة في مجال الوجه الآخر للوباء، أي الوصم و التمييز الذي يطال الأشخاص حاملي الفيروس و الفئات الاكثر عرضة للإصابة، و الذي بتبنيه مقاربة مبنية على الحق في التنمية، الصحة وحقوق الإنسان، سوف تكون نهاية الإيدز في 2030.