أخبار

حالة من الترقب لملامح الحكم في البلاد

سيناريوهان لمستقبل أفغانستان: إمارة إسلامية أو حكومة انتقالية

المتحدث الرسمي باسم حكومة طالبان ذبيح الله
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من الرياض: تتسارع الأحداث في أفغانستان مع دخول حركة طالبان إلى كابل قبل خمسة أيام من دون الإعلان عن حكومتها، وهروب الرئيس الأفغاني من البلاد. وتقول مصادر مقربة من الساسة الأفغان لـ"إيلاف" إن أفغانستان تتأرجح اليوم بين احتمالين؛ إما إعلان قيام إمارة أفغانستان الإسلامية أو تشكيل حكومة انتقالية شاملة.

ومع دخول طالبان إلى القصر الرئاسي مساء الأحد الماضي، حلقت طائرة الرئيس الأفغاني أشرف غني فوق طاجكستان، فرفضت الحكومة الطاجيكية استقبالها، ليستقر غني أخيراً في دولة الإمارات العربية المتحدة التي استقبلته لأسباب إنسانية وفق وزارة الخارجية الإماراتية.

هروب الرئيس الأفغاني من البلاد جعل الغموض يحوم حول مستقبل البلاد. وأثار المتحدث باسم الحركة "ذبيح الله مجاهد" تساؤلات لدى الصحافيين والمجتمع الأفغاني حول مستقبل البلاد وشكل الحكومة القادمة بقوله "سنترك القانون والدستور للحكومة القادمة وهي من تقرر".

وتضع مصادر مقربة من الساسة الأفغان لـ"إيلاف" احتمالين لشكل الحكومة المستقبلية في أفغانستان والهيكلة القيادية لها.

قيام إمارة أفغانستان الإسلامية
وتشير المصادر إلى أن الاحتمال الأول يقضي بأن تعلن طالبان خلال الأيام القليلة المقبلة عن قيام إمارة أفغانستان الإسلامية التي سيتزعمها الملا هبة الله آخوندزاده، الزعيم الحالي للحركة، ويستحدث منصب رئيس للوزراء يتولاه الملا غني برادر، نائب الزعيم ورئيس المكتب السياسي للحركة في الدوحة صهر الملا محمد عمر الأب الروحي لحركة طالبان والذيْن أسسا الحركة معاً في عام 1994.

وتضيف المصادر أن أركان الحكومة الجديدة في أفغانستان في حال إعلان إمارة أفغانستان الإسلامية ستكون كالتالي:

تذهب وزارة الدفاع ورئاسة اللجنة العسكرية العليا الى النائب العسكري لزعيم الحركة وابن الملا محمد عمر الملا محمد يعقوب، وهو صاحب جناح قوي في الحركة ولديه أنصار لا يستهان بعددهم.

أما وزارة الداخلية، فمن المتوقع أن تسند إلى النائب الآخر لزعيم الحركة وقائد شبكة حقاني الشيخ سراج الدين حقاني أو من يمثله. وحقاني هو ابن الزعيم "الجهادي" الأفغاني جلال الدين حقاني، والذي يشرف على التمويل العسكري والمالي للحركة.

وتتوقع المصادر ان يتسلم الملا شير عباس ستانكزي، الرجل الأبرز في المفاوضات بين طالبان والولايات المتحدة الأميركية والذي قاد المحادثات بنجاح ترتّب عليه توقيع اتفاقية سلام بين الحركة والقوة العظمى وزارة الخارجية للإمارة الإسلامية - حال إعلان الإمارة.

يذكر أن الملا شير عباس ستانكزي ترأس المكتب السياسي للحركة منذ 2015 وحتى 2018، وهو خبير دبلوماسي في طالبان وذو تجربة سياسية مع الحركة كونه شغل منصب نائب وزير الخارجية في حكومة طالبان التي قامت في أواخر التسعينات من القرن الماضي. درس ستانكزي في كلية عسكرية خلال الستينات من القرن الماضي عندما انتقل إلى الهند، ويتمتع بخبرة سياسية وعسكرية واسعة كما يجيد التحدث بخمس لغات.

حكومة انتقالية "شاملة"
الاحتمال الثاني الذي تضعه المصادر لـ "إيلاف" هو الإعلان حكومة انتقالية "شاملة" ستكون بتشكيل مجلس للحكم في البلاد، أشبه بالمجلس السيادي السوداني ويكون لطالبان بلا شك نصيب الأسد كونها القوة الأكبر، ويتبقى لباقي القادة والساسة نسبة 30٪ من هذا المجلس.

تضيف المصادر أنه في حال اتخذت المجريات هذا السياق، سيتفق الساسة على رجل مستقل وله باعٌ في السياسة والمصالحة وتعرفه الحركة وقيادتها، لتكلفه برئاسة الجمهورية أو رئاسة الوزراء ويدير البلاد ليُكمل مسيرها ويعيد عمل مؤسسات الدولة ويحظى بدعم اقتصادي وسياسي دولي والأهم من ذلك أن تحظى باعتراف رسمي من المجتمع الدولي.

هذا الرجل الذي تترقبه أفغانستان وتتمنى بأن يترأس حكومة انتقالية ويكون من خارج عباءة رجال الدين ولا يسكن قصور الساسة الأفغان الذي شاهدوهم باستمرار على شاشات التلفاز وأوراق الصحف، حتى لا يميل إلى طرف دون آخر، وحتى لا يقدّم مصالح طالبان ويتبنّى فكرها الذي كان في قبل أكثر من عشرين عاماً، ولا يكون ربيب قصور الساسة الذين لطالما قدّموا مصالحهم على البلاد والشعب واستغلوا مكانتهم في زيادة مكتسباتهم الشخصية.

مصادر "إيلاف" تشير إلى ثلاثة أشخاص قد يترأسون الحكومة الانتقالية، فهم لطالما كانوا يعملون في الكواليس ولم يتسيّدوا المشهد السياسي منذ عقدين من الزمن وعملوا بعيداً عن الإعلام.

الأوفر حظاً بين الثلاثة هو "سيد جلال كريم" السفير الأفغاني السابق لدى السعودية، والذي عمل وسعى في تقريب وجهات النظر بين أفغانستان وباكستان وحاول إنهاء الحرب الباردة بين البلدين، ونجح بإطلاق سراح ألف سجين وأوقف إطلاق النار لمدة شهر بين حكومة طالبان وتحالف الشمال في أفغانستان، وساهم بتخفيف التوتر بين إيران وطالبان، بعد أن حشدت القوات الإيرانية قواتها على الحدود مع أفغانستان بعد إعدام الحركة لثمانية دبلوماسيين إيرانيين وصحافي، وأخذت عدداً من الرهائن، فبادر سيد جلال بتخفيف التوتر بينهما وأطلق سراح الرهائن الإيرانيين وأعادهم إلى طهران.

فهو الأوفر حظاً ليترأس الحكومة الانتقالية طالما أن له تاريخ مع طالبان وحياده وجهوده في إحداث سلام داخل أفغانستان منذ أكثر من عقدين من الزمن.

الرجل الثاني والذي قد يترأس الحكومة الانتقالية وهو احتمال ضعيف جداً بعد هروب الرئيس أشرف غني والمقربين منه الذين كانوا يدعمونه، رجال الأعمال المهندس "أحمد دراني" والذي يقيم في مدينة دبي، فقد كانت أطراف في الحكومة الأفغانية السابقة تدعمه ليترأس السلطة الانتقالية ولكنها لم تعمل بجدية ليحلّ السلام في أفغانستان ويمكّنوا درّاني من رئاسة الحكومة.

ثالث المرشحين للحكومة الانتقالية هو "أحمد بير جيلاني" ابن الزعيم الجهادي السابق بير جيلاني، وزعيم حزب الجبهة الوطنية الأفغانية، والذي قد تستبعده طالبان كونه يميل إلى تحالف الشمال وكان والده من أبرز الداعمين لتحالف الشمال المناهض لحركة طالبان في التسعينات الميلادية.

بذلك يكون رئيس الحكومة الانتقالية يترأس البلاد من فترة تتراوح بين سنة ونصف إلى ثلاث سنوات، يقوم بالتعاون مع طالبان والساسة الأفغان بصياغة دستور جديد للبلاد، ويجذب دول المنطقة والعالم للاستثمار في البلاد ويعيد العمل المؤسساتي ويهيئ الأفغان لانتخابات جديدة يشارك فيها طالبان والساسة والأحزاب ويقدم كل فريق مرشّحه، أو يتفقون على انتخابات بصورة جديدة عن العالم.

الملا هبة الله
ولكن في كل الأحوال سيكون زعيم الحركة الملا هبة الله هو الرجل الأعلى في البلاد سواء كانت إمارة أو حكومة انتقالية تسلّم البلاد لحكومة منتخبة سيظل زعيم الحركة الحالي هو رأس البلاد ومرشدها، وفي حال اتفق الأفغان على الخيار الثاني وهي الحكومة الانتقالية ومن ثم الحكومة المنتخبة فإن الملا غني برادر سيكون نائب الأمير هبة الله أو نائب "المرشد الأعلى" لو فضّلت طالبان إطلاق اللقب الأخير عليه.

ولكن المجتمع الأفغاني والعالم يترقّب الأيام القادمة ما سيتفق عليه الملا غني برادر مع الساسة الأفغان عند وصوله إلى كابل، والذي وصل مؤخراً إلى قندهار - معقل رأس الأب الروحي للحركة الملا محمد عمر- قادماً على متن طائرة عسكرية أميركية من الدوحة برفقة سبعة من قادة الحركة المقيمين في قطر.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف