ماذا لو سقط أبي أحمد؟
مستقبل إثيوبيا في خطر.. 4 سيناريوهات للحرب في تيغراي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
إيلاف من بيروت: اندلعت الحرب في تيغراي في نوفمبر 2020، بعد أشهر من التوتر المستعر بين حكومة آبي و"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، التي رفضت الانضمام إلى "حزب الازدهار" الذي أسسه آبي.
بحسب "إندبندنت عربية"، قدم رئيس الوزراء النزاع بادئ الأمر على أنه "عملية لحفظ الأمن" سريعة ضرورية لاستئصال من زعم أنهم أعضاء فاسدون ومتمردون من النخبة في "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي". وسرعان ما سيطرت قوات الحكومة الإثيوبية مدعومة بقوات من إريتريا المجاورة، على بلدات رئيسة في تيغراي وعلى مدينة مقلى [ميكيلي].
غير أن آبي أساء تقدير مدى صعوبة الاحتفاظ بهذه المنطقة. وكانت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، التي خاضت حرب عصابات ناجحة ضد نظام "ديرغ" الماركسي اللينيني منذ عام 1974 وحتى عام 1991، قد تراجعت في أعقاب ذلك وانفرط عقدها كما أطلقت تمرداً لاستعادة السيطرة على المنطقة.
سرعان ما تحول الصراع مع "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" إلى شوكة في خاصرة آبي، إذ كانت هناك انتكاسات عسكرية تسير جنباً إلى جنب مع ورود أدلة على ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع، ما أدى إلى تشويه صورة الإصلاحي التي عمل على رسم معالمها لنفسه بعناية.
كان حرياً بآبي أن يتوقع ويستبق مدى صعوبة القضاء بدقة بالغة على قيادة الجبهة. فهو كان قبل أن يصبح رئيساً للوزراء في عام 2018، رئيساً للاستخبارات في الحكومة السابقة، المعروفة باسم "الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية"، التي حكمت إثيوبيا قرابة ثلاثة عقود. ولقد هيمنت "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" على تلك الحكومة، وتمتع قادتها بمناصب عسكرية بارزة في ظلها كما سيطروا على شطر كبير من الاقتصاد. ولم يكن هؤلاء ليتنحوا جانباً ببساطة، على الإطلاق. مع ذلك فإن آبي قد أخفق في تقدير مدى شراسة مقاومة ذلك التنظيم لأي محاولة لغزو إقليم تيغراي أو الإمساك بأراضيه بالقوة والسيطرة عليها.
بحسب تقرير "إندبندت عربية"، يمكن استشراف أربع نتائج محتملة للنزاع، بوسعها كلها أن تهدد في نهاية المطاف بقاء الدولة الإثيوبية نفسها.
تتمثل الأولى في انتصار متمردي تيغراي وأورومو على الجيش الإثيوبي الذي يشاع حالياً بأنه آخذ بالانهيار. ومن شأن نتيجة كهذه أن تحل الصراع مع حكومة آبي، بيد أنها تقتضي أن يتوصل كل من "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" و"جيش تحرير أورومو" على سبيل لحكم البلاد معاً، مع أن أجزاءً واسعة منها تكن لهما العداء. كما أن اضطرار المجموعتين إلى تقاسم السلطة سيؤدي على الأغلب إلى دفع التوترات القائمة بينهما منذ زمن طويل إلى ذروته، ما سيفاقم خطر تعاظم الاضطراب السياسي.
النتيجة الثانية الممكنة هي التوصل إلى تسوية عبر التفاوض. فالإقرار بأن الفوز العسكري قد يودي بها إلى أفق مسدود شأن آبي -أي محاولة السيطرة على إقليم مترامي الأطراف في مواجهة تمرد لا مناص من اندلاعه- قد يحمل "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" على تقرير عدم الزحف على أديس أبابا، وتسعى رسمياً عوضاً عن ذلك إلى تحقيق السلام بشروط مواتية لها. ويمكن لزعماء إقليم تيغراي أن يطالبوا، من بين أمور أخرى، باستفتاء على قدر أكبر من الحكم الذاتي لمنطقتهم والحماية لها. لكن من المرجح أن يؤدي ترتيب من هذا النوع إلى تصعيد في التوتر مع شريكهم "جيش تحرير أورومو" الذي يزعم أن العاصمة هي بمنزلة القلب لموطنه أوروميا. كما أن هذه النتيجة ستترك أيضاً الدوافع الكامنة وراء الصراع من دون معالجة، ما يثير تساؤلات حول قدرة حل كهذا على الدوام.
السيناريو الثالث المحتمل هو إزاحة آبي من منصبه من قبل قادته العسكريين أنفسهم. ورئيس الوزراء الذي لقي يوماً التكريم كصانع سلام وإصلاحي، صار على نحو متزايد يبدو عبئاً، وليس من المستحيل تخيل أنه سينضم إلى القائمة المتنامية لقادة أفارقة خُلعوا أخيراً، بمن فيهم الغيني ألفا كوندي، وباه نداو من مالي. غير أن انقلاباً عسكرياً لن يؤدي بالضرورة بالنزاع إلى الحل، إذ يبدو الجيش الإثيوبي منقسماً داخلياً وغير قادر على إلحاق هزيمة بـ"الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي" و"جيش تحرير أورومو" معاً بمفرده.
وثمة نتيجة محتملة أخيرة وهي الجمود المطول. يمكن القوات الإثيوبية أن تتمسك بالعاصمة وبخط القطار الذي يصل بين أديس أبابا وجيبوتي، في وقت تخفق باستعادة أي جزء من الأراضي التي تسيطر عليها قوات تيغراي وأورومو. وإذا حصل هذا فعلاً، فإن آبي سيتعرض لضغوط أكبر كي يحاول التوصل إلى تسوية عن طريق التفاوض. ولكن على الرغم من إجراء مباحثات سرية بين ممثلين عن الطرفين في العاصمة الكينية نيروبي، فإنهما لم يحرزا سوى قدر ضئيل من التقدم.
يعود ذلك جزئياً إلى أن كلاً من الفريقين يضم متشددين يرون أن التسوية هي كالخيانة. بكلمات أخرى، بصرف النظر عن مآل الصراع الحالي وخاتمته، فإن الاستقرار، ونجاة الدولة الإثيوبية نفسها، في نهاية المطاف، يقتضيان من قادة البلاد أن يضعوا رؤية جديدة لبلادهم، وهي الحاجة التي يبدو أنهم عاجزون عن توفيرها الآن.