أخبار

الوضع الإنساني في الجنوب يزداد سوءاً

"إكونوميست" البريطانية: بعد شمال غزة.. إلى أين؟

جريحان في مستشفى الشفاء بغزة
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إيلاف من دبي: كانت غزة قبل ستة أسابيع موطنًا لما يقرب من مليون شخص، وأصبحت الآن قوقعة مجوفة. تسيطر إسرائيل الآن على شمال وادي غزة، وهو مجرى نهر يشطر القطاع الذي يبلغ طوله 45 كيلومترًا. يبشر الدمار بنهاية مرحلة من الحرب الإسرائيلية ضد حماس، والتي بدأت في 7 أكتوبر بعد أن نفذت الحركة الإسلامية هجوماً انتهى بمقتل أو اختطاف 1400 إسرائيلي. وأدت العمليات الإسرائيلية إلى مقتل أكثر من 11 ألف فلسطيني في غزة، وأطاحت حماس من السلطة في شمال القطاع، بحسب ما تقول "إكونوميست" البريطانية.

تضيف المجلة: "كل هذا يثير سؤالين مهمين: الأول، والأكثر إلحاحاً، هو كيفية تخفيف الكارثة الإنسانية في جنوب غزة، حيث يعيش الآن 2.2 مليون نسمة تقريبًا. فالحصار الشامل الذي تفرضه إسرائيل على معابرها الحدودية مع غزة، والتدفق الهزيل للمساعدات عبر حدود غزة مع مصر، تركا سكان غزة في نقص شديد في الغذاء والماء، كما أدى نقص الوقود إلى شل المستشفيات. وحل الشتاء ببرده وأمطاره التي ستزيد البؤس بؤسًا". والثاني، بحسب المجلة البريطانية، هو ما سيحدث بعد ذلك في ساحة المعركة. ولم يقتصر الفرار من الشمال على المدنيين وحدهم، فبعض مقاتلي حماس فعلوا الشيء نفسه، كما لم تعثر إسرائيل بعد على زعيم الحركة في غزة، يحيى السنوار، أو قائدها العسكري، محمد ضيف، ويعتقد أنهما مختبئان في متاهة الأنفاق تحت القطاع. تضيف المجلة البريطانية: "في مرحلة ما، على إسرائيل أن تحول اهتمامها إلى الجنوب".

مأساة إنسانية

وفي الأيام الأخيرة، تركز الاهتمام على مستشفى الشفاء. التقارير الأولية تشير إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يعثر على قيادة حماس ولا أي من الرهائن. كما اختفى أيضًا معظم الفلسطينيين البالغ عددهم 60 ألفًا أو نحو ذلك الذين كانوا يحتمون بالمستشفى في الأيام الأولى للحرب. وعندما دخلت القوات الإسرائيلية، لم يبق سوى 1500 شخص أو نحو ذلك، وهم الطاقم الطبي والمرضى والنازحين. فر معظمهم إلى الجنوب، كما فعل الجميع. وتضاعف عدد سكان جنوب غزة خلال الشهر الماضي، وهي زيادة من شأنها أن تضغط على الخدمات الأساسية حتى بدون فرض حصار شبه كامل على القطاع. وقد أُجبر ما يقدر بنحو 1.5 مليون شخص على ترك منازلهم، معظمهم من الشمال ولكن أيضًا من الجنوب.

أدى نقص الوقود إلى شل الخدمات الأساسية، وتوقف ثلثي مرافق الرعاية الصحية عن العمل. محطات ضخ مياه الصرف الصحي متوقفة عن العمل. وتقول لجنة الإنقاذ الدولية إن الأمراض المنقولة بالمياه مثل الكوليرا والتيفوئيد ستبدأ حتماً في الانتشار. وفي 14 نوفمبر، أعلنت الأمم المتحدة أن عمليات تسليم المساعدات ستتوقف قريبًا؛ كانت تفتقر إلى الوقود الكافي حتى لتشغيل الرافعات الشوكية. دخلت ناقلة تحمل 23 ألف لتر من الديزل إلى غزة من مصر، أول شحنة من نوعها تسمح بها إسرائيل منذ بدء الحرب. كان ذلك أفضل من لا شيء. وتعني القيود الإسرائيلية أنه لا يمكن استخدام الوقود إلا الأمم المتحدة، ويقول توم وايت، مدير وكالة الغوث التابعة للأمم المتحدة في غزة، إن عملية التسليم غطت 9% فقط من الاحتياجات اليومية لمنظمته. كما هطلت أمطار غزيرة، فوجد بعض الفلسطينيين أن خيامهم انهارت، وبعضهم نام في الوحل.

تأخذ الإمدادات طريقًا غير مباشر عبر مصر. تصل إلى شمال سيناء. ثم تنقل بالشاحنات إلى معبر حدودي إسرائيلي لتفتيشها، ثم إعادتهم إلى رفح. يضيف هذا التحويل 100 كيلومتر إلى الرحلة، كما أن معبر رفح مفتوح بضع ساعات فقط كل يوم.

التقدم جنوباً

ثمة مسألة واحدة بالنسبة لإسرائيل وهي كيفية المضي قدماً في حربها. أمضى الجنود أكثر من أسبوعين يتنقلون من منزل إلى منزل بحثاً عن أسلحة وممرات تؤدي إلى أنفاق حماس. ضابط يشرح للمجلة الإجراء المنهجي: تستهدف المباني المشبوهة بالدبابات أو الغارات الجوية، ثم يقوم الجنود مع الكلاب المدربة وخبراء المتفجرات بعمليات التفتيش، ولا يسمح لهم بالمغامرة في الأنفاق. تشير الأسلحة والمتفجرات التي تركت في المنازل إلى أن مقاتلي حماس غادروا على عجل، ربما يحاول البعض البقاء على قيد الحياة في ما تبقى من الأنفاق، وربما فر آخرون إلى الجنوب أو تراجعوا إلى وسط المدينة. يقول اللفتنانت كوماندر أوز، قائد كتيبة، للمجلة البريطانية: "نتعامل مع نحو 90 أو 100 مبنى يوميًا".

يعلم جنرالات إسرائيل أنهم لن يتمكنوا من العمل في جنوب غزة بنفس الشراسة التي يتصرفون بها في الشمال. بدلاً من ذلك، يخططون لشن هجوم "أكثر قدرة على الحركة". لكن أي عملية من المحتمل أن تعرقل جهود الإغاثة وتتسبب في غضب دولي، وهو ما يتصاعد بالفعل. ففي قمة عربية إسلامية عقدت في السعودية، طالبت الدول المشاركة بوقف القتال، وبدأ بعض زعماء الغرب يرددون هذا الطلب. دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى وقف إطلاق النار، لكن الرئيس الأميركي جو بايدن يرفض الهدنة الدائمة، رغم أنه يتعرض لضغوط من حزبه لوقف النار، كما تجري محادثات لوقف القتال مقابل إطلاق سراح بعض الرهائن.

أخطر من حماس

على إسرائيل أيضًا أن تفكر في ما سيأتي بعد ذلك في غزة، الأمر الذي رفض نتنياهو القيام به حتى الآن. وفي الوقت الراهن، فقدت حماس قدرتها على الحكم في شمال القطاع. وربما فقدت أيضًا دعم الأشخاص الذين حكمتهم ذات يوم. يقول ضابط مخابرات إسرائيلي يرافق القوات داخل القطاع: "يلوم [سكان غزة] حماس على جلب هذه المأساة إليهم". بحسب "إكونوميست"، حتى قبل الحرب، كان صعبًا قياس الرأي العام في غزة: حكمت حماس كدولة استبدادية بحزب واحد، وكانت آخر انتخابات برلمانية فلسطينية أجريت في عام 2006. والآن أصبح الأمر أكثر صعوبة. ومع ذلك، تشير الأدلة إلى أن العديد من الناس في غزة غاضبون من حكامهم. وفي الأيام الأخيرة، تم التواصل مع العديد من الفلسطينيين عبر الهاتف في جنوب غزة، ووصفوا مشاهد الغضب التي تستهدف حماس، مثل تعرض رجال الشرطة للشتم والضرب أثناء محاولتهم تجاوز طوابير الطعام والماء.

هذا لا يعني أن سكان غزة اليائسين يشعرون بأي انجذاب تجاه إسرائيل. ولدت حماس في غزة؛ ونشأ قادتها الأكثر نفوذا، السنوار والضيف، في مخيم اللاجئين قرب خان يونس، المدينة التي تستضيف الآن عددا لا يحصى من سكان غزة النازحين من الشمال. وربما تكون إسرائيل قد وجهت للجماعة ضربة قاسية، لكن فترة طويلة من النزوح البائس من شأنها أن تبرز إلى العلن ما هو أخطر من حماس.

أعدت "إيلاف" هذا التقرير عن "إكونوميست" البريطانية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف