حتى اليوم لم تعلن السلطات رسمياً عن وفاته
من هو رون آراد ولماذا تخشى عائلات الرهائن تكرار مصيره؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
منذ انطلاقة احتجاجات عائلات الرهائن الإسرائيليين والإسرائيليات لدى "حماس"، رُفعت صورة بالأبيض والأسود لشاب بزي عسكري، كتب عليها "لا تتركوهم وحدهم هم أيضاً".
إنها صورة الطيّار الإسرائيلي رون آراد (1958- ؟) الذي سقطت طائرته الحربية في لبنان عام 1986 ونجا من الحادث مع زميله.
لكنه وقع أسيراً في أيدي مجموعة مقاتلين من عناصر تنظيم "حركة أمل" اللبناني، وفق ما أعلنت السلطات الإسرائيلية آنذاك.
تمكن الجيش الإسرائيلي حينها من تحديد موقع الطيار يشاي أفيرام، الذي كان برفقة آراد وإنقاذه، وبقي الغموض يحيط بمصير رون آراد لسنوات طويلة، ولم تتمكن إسرائيل من استعادته حيّاً، أو استعادة جثته، بعدما رجحت تقارير وفاته في لبنان.
وحتى اليوم، لم تعلن السلطات الإسرائيلية رسمياً عن مصيره.
ما جديد ملف الأسرى والرهائن الإسرائيليين بعد مرور أكثر من مئة يوم على بدء الحرب؟احتجاجات أهالي الرهائن الإسرائيليين والاحتمالات المتوقعة بشأن مصيرهموناشدت يوفال آراد مطلع كانون الثاني (يناير) الماضي، وهي ابنة الطيّار المفقود وعمرها 38 عاماً، في منشور على حساب والدتها تامي على فيسبوك، الحكومة الإسرائيلية بأن "تتحمّل المسؤولية" وأن "تأخذ قرارات مؤلمة" في مسألة التفاوض من أجل إطلاق سراح المحتجزين لدى "حماس".
وقالت: "التاريخ لا يعيد نفسه فحسب، بل الناس يرفضون التعلم من دروسه".
واحتجز مقاتلو كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة "حماس"، وفصائل أخرى، نحو 250 شخصاً عسكرياً ومدنياً إسرائيلياً خلال هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2023.
وأفرجت "حماس" عن 105 رهينة من المدنيين خلال عملية تبادل جرت أثناء اتفاق وقف إطلاق النار في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، مقابل الإفراج عن 240 معتقلاً فلسطينياً - من بينهم نساء وأطفال - من السجون الإسرائيلية.
وأعلنت كتائب القسام عن مقتل العشرات من الرهائن الإسرائيليين "نتيجة القصف الإسرائيلي".
وحتى الآن فشلت محاولات إنجاز صفقة تبادل ثانية، رغم محاولة الوسطاء الدوليين مثل قطر والولايات المتحدة ومصر.
فما هي قصة رون آراد ومصيره الذي يخشى إسرائيليون تكرارها؟
سقوط الطائرةفي 16 تشرين الأول (أكتوبر) 1986، حلق رون آراد برفقة يشاي أفيرام، خلال مهمّة تنفيذ غارات على مواقع لفصائل فلسطينية في لبنان.
بحسب الرواية الإسرائيلية، أطلقت الطائرة إحدى القذائف التي انفجرت على مسافة قريبة منها نتيجة خطأ تقني.
أصيبت الطائرة وسقطت في منطقة محاذية لمخيّم "المية ومية" للاجئين الفلسطينيين شرق مدينة صيدا جنوب لبنان.
لكنّ رون آراد ويشاي أفيرام تمكنا من القفز بمظلتيهما، وحاولا الهرب تحت وابل كثيف من رصاص مجموعات مسلّحة كانت تتعقّب سقوط الطائرة.
واستطاع الجيش الإسرائيلي أن يحدد موقع أفيرام وينقذه، لكنّه فَقَد أثر آراد الذي أُسر على يد مجموعة مقاتلين.
وأشارت تقارير الموساد الإسرائيلي آنذاك إلى أنّ المسلحين ينتمون إلى "حركة أمل"، وأنّهم سلّموا الطيار الإسرائيلي إلى مسؤول الأمن في الحركة آنذاك، مصطفى الديراني.
قصة حركة أمل بين موسى الصدر ونبيه بري مصطفى الديراني: من آسر رون آراد إلى أسير في السجون الإسرائيليةكان لبنان يرزح تحت وطأة حرب أهلية منذ عام 1975، إلى جانب الصراع المسلّح الذي كانت تقوده فصائل فلسطينية ولبنانية ضدّ إسرائيل.
وكانت إسرائيل تحتل مناطق في جنوب لبنان والبقاع الغربي منذ عام 1978، ونفذت اجتياحاً واسعاً للبنان وصل إلى العاصمة بيروت عام 1982 واستمرّ حتى عام 1985. حينها أعادت إسرائيل نشر قواتها، وبقيت في جزء من الجنوب اللبناني حتى انسحابها عام 2000.
بحسب الرواية الإسرائيلية، تسلّم مسؤول الأمن في تنظيم "حركة أمل" اللبناني، مصطفى الديراني، رون آراد من المجموعة التي أسرته بعد سقوط طائرته عام 1986.
وتشير تقارير إعلامية إسرائيلية إلى أنّ "حركة أمل" حاولت آنذاك عقد صفقة للإفراج عن معتقلين لها في السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن آراد، لكنّ إسرائيل رفضت.
بعد عام، شهدت "حركة أمل" انشقاقات في صفوفها، وأسّس الديراني مع مجموعة من الشبان الموالين له تنظيم "المقاومة المؤمنة".
احتفظ الديراني برون آراد، لكن مجموعة مقاتلين داهمت المنزل حيث كان محتجزاً، واختطفته عام 1988، وفق تصريح لأمين عام "حزب الله" حسن نصرالله عام 2000.
عام 1994، نجحت وحدة من الكوماندوس الإسرائيلي باختطاف مصطفى الديراني من قريته، النبي شيت، في جنوب لبنان، وكان الهدف الأساسي من العملية التحقيق معه بشأن مصير آراد.
أفرجت السلطات الإسرائيلية عنه عام 2004 في صفقة تبادل مع "حزب الله"، شملت الإفراج عن 462 معتقلاً فلسطينياً ولبنانياً، مقابل الإفراج عن عقيد إسرائيلي متقاعد اختطف في لبنان يدعى إلحانان تانينباوم، وجثث ثلاثة جنود، قتلوا في اشتباكات مع "حزب الله"، عام 2000.
ولم تشمل الصفقة رون آراد.
بعد الإفراج عن مصطفى الديراني أعلن الأخير في 9 نيسان (أبريل)، اندماج حركة "المقاومة المؤمنة" بـ"حزب الله".
نقلت صحف إسرائيلية عن تقارير أمنية أنّ الديراني سلّ آراد إلى عائلة لبنانية في منطقة البقاع اللبنانية، خشية مداهمة القوات الإسرائيلية المواقع العسكرية التابعة لـ"حركة أمل"، بحثاً عن الطيّار الأسير.
عام 1988، داهمت قوات إسرائيلية قرية ميدون البقاعية ونشبت اشتباكات حادة في القرية.
قال أمين عام "حزب الله"، حسن نصرالله، في مقابلة على قناة "الجزيرة" عام 2006، إنّ مجموعة من الأشخاص غير المعروفين للحزب، دخلت المنزل حيث كان آراد محتجزاً، وأخذته إلى مكان مجهول.
تقاطعت معلومات "حزب الله" حول احتمال مقتل الطيّار الإسرائيلي عام 1988، مع تقرير لجهاز الموساد وجهاز الاستخبارات العسكرية (أمان)، رجّح وفاة آراد في العام ذاته.
وفي أيلول (سبتمبر) عام 2009، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" تقريراً قالت إنه صدر عن لجنة استخبارات عسكرية سريّة، يفيد بأن رون آراد بقي حيّاً حتى عام 1995، وتوفي من المرض.
وردّ مكتب رئيس الوزراء في ذلك الحين، بنيامين نتانياهو، على تقرير الصحيفة بالقول "حتى يثبت العكس، سنعتبر أنه ما زال حيّاً".
سلّم "حزب الله" في كانون الثاني (يناير) عام 2004 رفات من عظام بشرية على أنها قد تكون لرون آراد. لكن الجيش الإسرائيلي أكّد بعد إجراء فحص الحمض النووي أنها لا تعود إلى رون آراد.
وفي إطار جهود إنجاز صفقة أخرى لتبادل الأسرى بعد حرب عام 2006، ووسط إصرار إسرائيلي على كشف مصير رون آراد واستعادته بأي صفقة، وربط قضيته بالإفراج عن سمير القنطار (1962-2015)، الذي كان يوصف بـ"عميد الأسرى اللبنانيين في السجون الإسرائيلية"، قرّر "حزب الله" أنّ يعيّن فريقاً في محاولة لكشف معلومات عنه.
وفي عام 2007، سلّم "حزب الله" للجانب الإسرائيلي، عبر وسيط ألماني، رسالة بخط رون آراد وصورة له، وتمكنت زوجة آراد من التعرّف على خط يده.
وقبل أيام على تنفيذ عملية تبادل عام 2008، تسلّمت إسرائيل تقريراً من "حزب الله" فنّد فيه الجهود التي بذلها لكشف مصير رون آراد، وأكّد أنه لا يملك المزيد من المعلومات.
ليس لرون آراد سوى صورتين ولقطة فيديو من فترة أسره في لبنان.
في الصورتين، ظهر ملتحياً ورجّح الجيش الإسرائيلي أنهما تعودان إلى فترة الثمانينيات.
أمّا لقطة الفيديو القديمة، لم تعرض إلا بعد 20 عاماً على سقوط طائرته، وذلك في وثائقي عرضته قناة "أل بي سي" اللبنانية في آب (أغسطس) 2008.
ورجحت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن القناة اللبنانية حصلت على الشريط المصوّر مما وصفته بـ"منظمة شيعية" ولكن ليس من "حزب الله".
وظهر رون آراد في الفيديو وهو يدخّن سيجارة ويقول إنه جندي إسرائيلي ويتوجه برسالة إلى عائلته.
الموساد يحاول مرة أخرىفي تشرين الأول (أكتوبر) 2021، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلي وقتها، نفتالي بينيت، أنّ الموساد نفّذ عملية "جريئة" بهدف الكشف عن مصير رون آراد.
وقال بينيت إنه لن يكشف عن المزيد من التفاصيل، لكن "القناة 12" الإسرائيلية، نقلت عن رئيس الموساد دافيد برنياع، قوله خلال اجتماع داخلي للموساد: "لقد كانت عملية شجاعة وجريئة ومعقدة، لكنها كانت فاشلة. لقد فشلنا".
ورد مكتب رئيس الوزراء على التقرير بإصدار بيان، أكّد فيه على أن المهمة لم تكن فاشلة بل "مهمة ناجحة، نُفّذت مع تحقيق أهداف عملياتية استثنائية".
لكن قناة "العربية" السعودية نشرت تقريراً في 5 تشرين الأول (أكتوبر) جاء فيه أنّ جهاز الموساد استطاع الوصول إلى قرية النبي شيت في البقاع، وأخذ عينة حمض نووي من إحدى الجثث، التي يعتقد أنها لرون آراد.
وجاء في تقرير قناة "العربية" أنّ الموساد اختطف جنرالاً إيرانياً من سوريا، واستجوبه بشأن مصير الطيّار آراد، قبل أن يفرج عنه.
وتناقلت صحف إسرائيلية تقرير القناة السعودية، لكن لم يصدر أي نفي أو تأكيد رسمي من السلطات الإسرائيلية.
وعقب إعلان بينيت، قالت تامي آراد، زوجة رون، إنّ العائلة تريد أن يستمر البحث عنه "طالما كان ذلك ممكناً".
ومن الفرضيات التي أحاطت بمصير رون آراد، أنّ "حزب الله" سلّم آراد للحرس الثوري الإيراني بعد اختفائه من البيت الذي كان محتجزاً بداخله، وذلك أيضاً وفق تقرير للموساد، بهدف استجوابه في إطار السعي للكشف عن مصير أربعة دبلوماسيين إيرانيين اختطفوا في لبنان على يد ميليشيا لبنانية كانت حليفة لإسرائيل عام 1982.
وقالت السفارة الإيرانية في بيروت عام 2008 إنّ الدبلوماسيين لا يزالون أحياء، واتهمت إسرائيل باعتقالهم.
لكن رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق، إيهود أولمرت، الذي تابع ملف رون آراد عام 2006، نفى، بعد إعلان بينيت بشأن عملية الموساد، أن يكون آراد قد نُقل إلى إيران. وأكّد أنه بقي في لبنان وقال: "نعلم أين أحتجز وكيف كان شكل غرفته".
ونقلت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" عن أولمرت أنه يرجح مقتل رون آراد في أيار (مايو) 1988، انتقاماً لمقتل عناصر من "حزب الله" في عملية للجيش الإسرائيلي جنوب لبنان.
المزيد حول هذه القصة الإسرائيليون وقادتهم يرفضون دفع ثمن صفقة الرهائن - هآرتسحرب غزة: هل يقبل نتنياهو بشروط حماس لاسترجاع الرهائن؟