جريدة الجرائد

قناة السويس.. الدروس المستفادة

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

أيمن الحماد

ارتبطت قناة السويس في الذهنية المصرية بالتحدي والإصرار والانتصار، وهي كذلك حتى يومنا هذا؛ فالمصريون الذين أقبلوا على الاكتتاب في شهادات الاستثمار الخاصة بمشروع تنمية قناة السويس الجديدة ليجمعوا نحو 59 مليار جنيه، يبرهنون للعالم مدى رغبة المصريين في الحياة، والإقبال عليها والتطلع من أجل تحقيق نقلة نوعية على المستوى المعيشي، وهو أمرٌ لطالما كان تحدياً للحكومات المتعاقبة على مصر منذ استقلالها وحتى عهدها الحالي.

وبالرغم من أن العقبات التي واجهت مصر في مرحلة ما بعد 30 يونيو، إلا أن المصريين الذين اختاروا الرئيس عبدالفتاح السيسي في مايو 2014، وثقوا بالرجل الذي لازال يبلي بلاءً حسناً على المستوى الاقتصادي بعد أن استطاع من خلال مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي -الذي دعا له الراحل الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله - جذب 60 مليار دولار وهو أمرٌ فاق توقعات أكثر المتفائلين وأقلقهم في ذات الوقت، ومن بعده التوصل إلى اتفاقية سد النهضة الإثيوبي المثير للجدل بسبب تأثيره السلبي على مستوى مياه نهر النيل.

تحدث هذه الإنجازات الملموسة في وقت يخوض الجنود المصريون شرق القناة حرباً شرسة على التنظيمات المتطرفة، التي تحاول دفع مصر نحو فوضى تشبه تلك التي تضرب جارتها ليبيا، ولعل حادثة اغتيال النائب العام المصري قد استفزت المؤسسة الأمنية المصرية والرئيس السيسي نفسه، للقيام بحملة عسكرية وأمنية شرسة، فالاضطراب والتنمية ضدان لا يجتمعان.

إذاً الرئيس المصري الذي وعد بالانتهاء من حفر القناة في عام واحد أوفى بوعده الذي قطعه، ويبقى هذا النجاح مسؤولية ستلزم المصريين وقيادتهم على النهوض ببلدهم، والانتقال بها للتنمية التي ضلّت طريقها لسنوات عن بلد يحدّه بحران ويخترقه نهر، ويعاني الأمية والفقر.

إن حجم ومستوى الحضور العالمي لحفل افتتاح القناة يظهر الالتفاف الدولي حول مصر، التي ينظر لها كثقل ومحور مهم في التقاطعات السياسية في الشرق الأوسط، وعودتها إلى المشهد السياسي والاقتصادي الإقليمي أمرٌ حيوي ومطلوب في هذه المرحلة التي تقف المنطقة فيها أمام مفترق طرق.

لقد أثبتت المملكة والدول الخليجية التي وقفت مع مصر بعد ثورة 30 يونيو أن الوحدة العربية أفعالٌ لا أقوال، وأن العرب بإمكانهم المضي سوياً، وتحقيق إنجازات ونجاحات إذا توحدت رؤاهم، وصدقت نواياهم، كما أن المحنة التي مرت بمصر وإن بدا ظاهرها مقلقاً ومزعجاً إلا أنها كشفت عن التأثير العميق لهذا البلد في المحيط الخارجي، وأظهرت حصانة قوية لدى المصريين الذين يعشقون التحدي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف