نصيبنا القلق ونصيبهم التفاؤل!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خالد أحمد الطراح
سادت عادة القلق في الأوساط الشعبية ككل، والسياسية تحديدا، طوال السنوات الماضية التي حفلت بالتراجع على مستويات مختلفة للدولة، بينما اليوم تقاسمنا الحكومة من خلال بعض أعضائها القلق!
حين يشاطرنا وزير ما، أو حكومة بأكملها، مفردات تعبر عن القلق، كما حصل مع وزير المالية في حديثه مع مجلة «أربيان بيزنس»، حين عبر على صدر المجلة عن رسالة القلق التي أطلقها الوزير بشفافية، حبا وحرصا على وطنه، الكويت، الذي ربما أدخله في دوامة من العمل الدؤوب وسهر الليالي على وثيقة الإصلاح من أجل الكويت، شعبا ووطنا!
القلق لم يعد مقتصرا على الوسط الشعبي، أو حتى خبراء الاقتصاد والمال، فالقلق أصبح عاملا مشتركا يجمعنا كشعب مع معظم أصحاب القرار الحكومي، وهو ظاهرة نادرة في العالم!
من الصعب أن يحدث في الدول أن تجد تقاسما في الهموم والقلق، فقد جرت العادة أن يقتصر القلق على عامة الناس، بينما يسود التفاؤل خطط الحكومة وقراراتها وسياساتها، إلى درجة أن من ينتقد الحكومة أو يعبر عن قلقه، يكون الجواب الحكومي «تفاءلوا بالخير تجدوه» ولا تسيروا في نفق مسدود أو العيش في أجواء مظلمة!
أعضاء الحكومة هم من أبناء الشعب، حتى لو جاؤوا بانتقائية أو كانت هناك تحفظات شعبية وسياسية على كثير منهم، فالحكومة يفترض أن تكون لديها شبكة من المعلومات تتفوق على الشبكة العنكبوتية!
أما الأخطاء التي تحصل في بعض، وليس كل، التعيينات القيادية، فهي أخطاء إجرائية بسيطة، حتى لو انتهى المطاف فيها إلى إبطال دستوري، أو استلزم الأمر تعديل مواد جنسية من المادة الثانية إلى الأولى كما حصل في السابق، تمشياً مع اشتراطات قانونية لبعض المناصب التي تستوجب توفر المادة الأولى، أي الحصول على الجنسية بالتأسيس وليس بالتجنيس، أو عبر وسائل أخرى هي أساساً بيد السلطة الحكومية، باعتبار أن مثل هذه الأمور سيادية وليست محلاً للنظر من قبل السلطة القضائية!
القلق مصدر اضطرابات نفسية وسيكيولوجية للفرد والمجتمع، وهو مصدر خطر قد يهدد حياة الإنسان إذا ما استشرى وسيطر على حواس وعقل الفرد، أو مجاميع معينة من الذين يستسلمون للقلق ويسمحون له بالتسلل في عروقهم، بخلاف حال وزراء الحكومة!
إذا كان ثمة عتب على الحكومة، فهو بسيط للغاية، ويكمن في عدم تقاسمها لجرعات التفاؤل الحكومية مع الشعب أو تصديرها ضمن الخطة التنموية كمحور رئيسي أو حتى فرعي غير مباشر للقضاء على احتمالات إصابة فرد أو مجتمع بكامله بالقلق!
نتمنى من الحكومة الرشيدة في القرار والسياسات تصدير التفاؤل ضمن الخطة النفطية في التصدير إلى العالم، أو طباعة بروشور توعوي يوزع مجانا على المواطنين مع التموين الشهري المدعوم من الحكومة، من أرز وسكر وزيت وحليب!.. قالها أبو الطيب المتنبي:
«كريشة في مهب الريح ساقطة
لا تستقر على حالٍ من القلق».
لا نتمنى أن يكون هكذا حالنا ومستقبلنا!