كتَّاب إيلاف

أما من عودة الى الدكتاتور؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

في ظل الوضع العراقي الغريب الاطوار بكل مآسيه وتغريبه واسوداده وفوضاه التي فاقت الانفلات بأشواط بعيدة بحيث حلّ اكثر من ديكتاتور هنا وهناك وكلٌ يقول انا السيد الأوحد وانا ظل الله وناصره وانا السيد الرأس وبيدي صولجان العرش الاعلى ، اينما تذهب ترى دكتاتورا أرعن يقود مليشيا او يمتطي تيارا او يعتلي ظهر حزب غارق في الاثنية والعمى لايبصر سوى منافعه لايعرف شيئا عن الديمقراطية الاّ في همهمات لسانه وتهويمات عقله .

هنا في بلادي بعد ان سُدّت كل منافذ الحل والخلاص يتطلع جموع من ابناء شعبي ممن اصابه اليأس والاحباط بسبب انقطاع حبل الامل الذين استمسكوا به وهماً وخديعة تماما مثلما كان فولتير يؤمن بان الاستبداد المنير كما كان يسميه قد يكون بارقة وضوءا كاشفا للخلاص من هوّة ظلماء حشر فيها الناس حشرا في كيِّ جهنم كان يسمى وطنا وملاذا .

قد يكون فولتير محقا ورأيه عين الصواب حينما يفقد ثقته بالديمقراطية ويهجسها انها تشيع البذاءات والحماقات والسوءات اذا مسك زمامها معتوهو السياسية والغوغاء وأخلاط الاثنيين والموتورين والنرجسيين من رعاة ترويج الدين والعرق من ضيقي الافق الذين لايتطلعون الى آفاق الحداثة والتنوير ومدارج التقدم والنهوض

وهل اكثر حزّا للنفوس عندما ارى قطاعات واسعة من الشعب في بلادي ومنهم مثقفون يشتدّ فيهم الحنين الى دكتاتور يطمحون فيه عدلا وكأن اربعة عقود من الدكتاتورية لم تكن كافية لتنتج لنا هذا الحال والمآل الذي لم كي يتخلصوا من هذا الوضع الكارثي الذي لم يعد يطاق حتى دبّ فيهم الامل والاستنجاد بدكتاتور منقذ عادل ومستنير وفق تصوّرهم .

وقديما صرخ الاغريق ، كل الاغريق بملء افواههم حينما عاثت الكليبتوقراطية " لصوص السياسة " ببلادهم فسادا ونهباً وهم الذين اسسوا الديمقراطية مرتعا جميلا للحياة السياسية والاجتماعية وتمنّوا مرغمين حتى أسافل القوم وأكثرهم وحشية وهمجية كي يحكموهموذلك في صرختهم المدوية : " تعالوا أيها البرابرة الأوغاد الأسافل ؛ فلتنقذونا من هؤلاء اللصوص  الماكرين "

حقا كانت دعوة ونداء الاغريق صائبة فلابد من منقذ يجئ لينتشل الملأ المنهك في بلاد غرقت بفوضى النهب والانفلات ، وشرّ الزمان حينما يجتمع الرعاة والراعي على شرعنة المفاسد والتلذذ بالسرقة واعتبارها حنكة وجرأة وبطولة مثلما يحدث الان في بلادي التي يتوزعها الدنيء والبذيء والجاهل والسافل وترخص فيها الضمائر وتتدنى السرائر وانعدام الحياء وتفاقم الرياء وشيوع الجرائم المنظمة ( الخطف والقتل والابتزاز المالي والسطو المسلح وقطاع الطرق والتحايل العشائري بقصد دفع الديّات والفصل --- الخ مما لايحصى من اساليب دنيئة وماكرة للاستحواذ على اموال الناس بطرائق غريبة ومفزعة لم نألفها قبلا حتى في أعتى الدكتاتوريات التي عشناها عقودا طويلة ) .

ومن البداهة اذا اردت ان تطيح بوطنٍ وتعيقه فما عليك الاّ ان تثقله بالحروب الداخلية  والديون معا مع ضياع الامل بالخلاص وفي هذا الحال المزري يبدأ التعلّق بمنقذ ولو كان وهماً وربما عدوّاً اخر أخفّ وطأةً لعلنا نجد مستبدّا مستنيراً بدلا من حلكة الظلام الدامس الطاغية فينا وفق منطق " حنانيك بعض الشرّ أهون من بعض " .

هل كان لزاما علينا ان نستجير بالطغاة والدكتاتورية والعساكر المنفوخين بالبطولة الزائفة لنتخلص من لصوص السياسة الذين افرغوا بلادي من كل ثرواتها وجعلوها تستجدي ديونا مرهقة ستثقل كاهلها أمدا قد يطول حتى ينوش الاجيال اللاحقة ؟؟ 

انا عن نفسي أجيب بملء فمي : نعم فالرمضاء أهون كثيرا من النار التي نكتوي بسعيرها الان ؛ واحيانا  لابد لنا من طغاة حتى نبرر حاجاتنا التوّاقة الى الحرية ، حرية الخلاص المؤقت من اللصوص والساسة الرعاع .

فما الذي يعمله شعب مثل شعب العراق تظاهر سنوات واحتجّ واعتصم دون ان يلمس ايّ تغيير او اصلاح او تحريك الى الامام حتى ولو قيد أنملة سوى ان يلوذ بما يتخيله منقذا وناجيا ونوحا عاصما من فيضان الدماء واتساع الموت وانتشار اجواء الكراهيات المذهبية والعرقية بكل روائحها المقيتة ، ومن يوقف الفوضى العريضة والانفلات على القانون الذي يداس الان بالأحذية سوى حاكم جائر يمارس دكتاتوريته بكل ما أوتي من قوة  ليسلّط سيفه وسوطه على رقاب وظهور تلك الشرائح الكبيرة في مجتمعنا المنفلت .

نحن الان نؤجل طموحاتنا من اجل مجتمع مدني متحضر ونظام حكم ديمقراطي فهذا المسعى بعيد المنال حاليا في بلادي ( لانريد عنبا ؛ نريد سلّتنا ) ، وكل مانصبو اليه في مرحلتنا الحالية عودة دكتاتور سليط اليد واللسان ، قويّ الشكيمة ولا يتورع من بسط قوته وقانونه مهما كان بالغ الصلافة ؛ فقد بلغت القلوبُ الحناجرَ من اشتداد الاسى والقهر والغضب الكامن في النفوس والبائن في الوجوه حتى بدأت تحنّ الى  منقذ كيفما يكون .

رحبا وسعة بك ايها الدكتاتور ، فمتى تجئ الينا بعصاك الغليظة ؟؟ 

jawadghalom@yahoo.com

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
وأطيعوا ...ولي الأمر وأن
عراقي لاجيء -

سلخ ظهرك بثمانين جلدة !!..

الحكم للة
فول على طول -

تحية لسيادة الكاتب أولا ونبدأ التعليق : وبدون مواربة مشكلتكم الأصلية مع الدين نفسة ..الدين خلق لكم مشاكل عديدة لا تقدرون على الفكاك منها ....لا يخفى على أحد أن الحكم للة هى أساس المشكلة ..ومن لا يحكم بغير حكم اللة فهو فاسق ..الاية السابقة ومثيلتها كثير جدا فى القران والأحاديث ..وما على أى صعلوك أن ينادى بها الا وينجرف وراءة ملايين البشر ..عليك فقط أن تقول أن هذا الحاكم لا يحكم بشرع اللة ..انتهى - مع العلم أن جميعكم يعرفون جيدا أن شرع اللة الذى تنادون بة لا يصلح - قطع الأيدى والأرجل والرجم وقطع الرقاب واقامة بقية الحدود مثل تعدد الزوجات والطلاق والغزو والنهب الخ الخ ...المصيبة أن شرع اللة حمال أوجة وكل فرقة من ال 72 فرقة تدعى أنها الناجية من النار ..ويمكن لأى فرقة أن تمثل المعارضة ويكون لها أنصار كثيرون ...انتهى - هل عرفتم السبب الحقيقى لتشرذمكم وتقاتلكم مع بعض وقتالكم للأخرين ومعارضتكم وعدم استقرار بلادكم ؟ كل الذين امنوا ودون تفكير يصوتون للدولة الدينية ويهربون للعيش فى الدولة المدنية ...عندما تصير الأمور أكثر اسودادا فى الدولة الدينية - داعش كمثال - تقولون أن هذا ليس هو الشرع الصحيح ..وسبب بلاوينا ابتعادنا عن سنة اللة ورسولة وهكذا دواليك تدورون فى دائرة مفرغة ...تحياتى على كل حال . أضف الى ما سبق فان العقل الجمعى للمسلم غير قادر على التحرر من العنصرية المقدسة التى يؤمن بها ...نحن الأعلون ..وخير أمة أخرجت للناس ..ولا ولاية للكافر على المؤمن ..ناهيك عن وضع الأنثى المزرى فى الدين الأعلى ....وثقافة الغزو والنهب والسلب ...العوامل السابقة لا يمكن أن تخلق مجتمعات سوية ...عليكم التحرر أولا من هذة الخزعبلات وبعد ذلك تصبحون مثل البشر ...هل يمكنكم التخلص من خزعبلاتكم ؟ لا أعتقد ...اذن سوف يظل الحال أسوأ مما هو علية ولا عزاء للمشعوذين . كل شعب يستحق حكامة ..وهذا الحاكم من هذا الشعب ونتاج ثقافتة . تحصدون ما تزرعونة ..اذن ما الغريب فى ذلك ؟

والشورى للبشر
غسان -

المدعو "فول" أصبح لديه خبرات متراكمة ليس في استقاء الحقيقة وتبليغها، فهذا أبعد مراده، بل لديه خبرات في توظيف اللغة للتمويه والتدليس والتهكم والتشكيك. هو لا يستند الى الفحص العميق لمبادئ الشريعة، وانما الى المختصر الذي يقود مباشرة الى الازدراء. فهذا مطمحه ومطمعه. حسنأ، لنتبع اسلوب "الفلاشات". نعم الحكم لله، ولكن الانسان هو خليفة الله على الارض. ومن لا يحكم بالشورى وسنة التدافع والتواصي بالحق -أنزلها الله كلها!- فاولئك هم الفاسقون. الشورى مبدأ عام، ولا مانع شرعي من اللجوء الى الية الانتخابات كوسيلة فنية. الشريعة تتضمن الأخلاق والعبادات والعقيدة وغيرها، وحصة التشريعات القانونية في القرآن، بما فيها الزواج والمعاملات المالية ونظامي الحدود والدفاع، لا تتجاوز 10% من القرآن كحد أقصى حسب رأي معظم الفقهاء. وهناك من يعتقد بأن "آيات الاحكام" القانونية لا تتجاوز 260 آية، في حين ان آيات اعمال العقل والتفكر والتدبر تصل الى 760 آية. القرآن يشمل آيات محكمات هن أصل الرسالة وجوهرها، ويضم جانب متشابه يشكل نافذة للحوار الفقهي الراقي والتعددي في الفروع والقضايا المستجدة، حيث رأي فقهي ما هو صواب يحتمل الخطأ ورأي فقهي آخر خطأ يحتمل الصواب. ولا مانع من الاجتهاد بدلاً من التقليد، بشرط ابقاء المحكمات في أعيينا وقلوبنا. انها تعددية في اطار الوحدة.