كيف توظف الدول ثرواتها؟ درس من التاريخ
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تذكر كتب التاريخ ان شبه الجزيرة الآيبيرية (إسبانيا والبرتغال) كماكانت تعرف في السابق، كانت الرائدة في اكتشاف العالم الجديد واستعمار القارة الأمريكية، ونهب ثروات سكانها الأصليين مما وفر للدولة الإسبانية وقتها شلالا من الذهب لم يعرف له التاريخ شبيها في السابق.
وكانت إنكلترا في الوقت نفسه تستولي على جزء لا بأس به من هذا الفائض عبر عمليات القرصنة والنهب والسطو على السفن الإسبانية الناقلة للكنوز والفيء والخراج والجزية (سمها ما شئت) الى بلد المركز والمنشأ. ويقال ان بعض أشهر ابطال إنكلترا الوطنيين – مثل السير فرانسيس دريك وغيره - كانوا في الواقع قراصنة من هذا الصنف.
ماذا فعلت النخب الإسبانية الحاكمة والمسيطرة والمهيمنة بالأموال والثروات النازلة فجأة عليها وعلى بلدانها عبر ذلك الشلال الذهبي؟ بددتها في عمليات البذخ والأبهة والترف وبناء القصور والكاتدرائيات والتحديث المظهري وشراء النفوذ وغير النفوذ وتجييش الجيوش شبه القروسطية وتسليحها تسليح الفرسان.
في المقابل، ماذا فعلت إنكلترا بالأموال المتراكمة نتيجة القرصنة والنهب وهمجية التراكم البدائي؟ وظفتها رأسماليا وصنعت بها الثورة التجارية، ونتيجة تراكماتها صنعت بعدها الثورة الصناعية مما كان من شأنه إخراج إسبانيا والبرتغال من حركة التاريخ الأوروبي الحديث وصناعته حتى وقت قريب جدا، وبقاء إنكلترا متربعة على عرش العالم دولة عظمى – بلا منازع - الى ما بعد الحرب العالمية الثانية.
يفسر بعض المؤرخين وعلماء الاجتماع الفارق الهائل بين سلوك إسبانيا وسلوك إنكلترا بإرجاعه الى الأخلاق البروتستانتية الجديدة التي سادت إنكلترا – أطروحة "ماكس فيبر" الشهيرة – في مقابل الأخلاق الكاثوليكية الاقطاعية التي ظلت مسيطرة بلا تجديد في إسبانيا والبرتغال. يجب علينا ان نفهم الأخلاق هنا بمعناها الاجتماعي الواسع بما في ذلك نوعية العقليات والذهنيات التي تعاملت مع هذا المال وتحكمت في طريقة توظيفه وإنفاقه.
حدث شيء مشابه (لما حدث بين إنكلترا وشبه الجزيرة الآيبيرية) في الشرق الأوسط في منتصف القرن العشرين بين الدول العربية وإسرائيل (المغتصبة لأرض فلسطين). يشبه تعامل العرب - منذ منتصف السبعينات من القرن المنصرم الى وقتنا الحاضر- مع الثروات والأموال التي جاء بها لهم شلال الذهب الأسود تعامل الإسبان مع شلال ذهبهم. فرغم ان العرب يمتلكون ثروات هائلة من مخزون النفط والمعادن الذي يصدر الى الدول الصناعية الكبرى في العالم، ويدر عليهم عوائد مالية كبيرة تقدر بمئات المليارات من الدولارات سنويا ومع ذلك لا تزال الشعوب العربية تعاني من البطالة والفقر والأمية وضعف البنى التحتية.
إن المتابعين والمهتمين بموضوع عائدات النفط من الاقتصاديين في الدول العربية وبعض دول العالم يقولون أن الجزء الأكبر من عائدات النفط المالية خلال السنوات الخمسة عشرة الممتدة من عام 2000م إلى عام 2014م لم تستثمر بشكل صحيحكما هو مفترض في المشاريع التي تؤمن فرص عمل للشباب الذين تزداد معاناتهم من البطالة، ولا في تطوير البنى التحتية القائمة التي تعاني من القدم والترهل كمحطات توليد الكهرباء والماء والطرق والمستشفيات والمدارس وغيرها، ولا إنشاء المدن السكنية لحل مشكلة الإسكان المستفحلة التي يعاني منها فئة كبيرة من المواطنين، ولا تطوير وتوسيع الجامعات لاستيعاب العدد المتزايد من خريجي المدارس الثانوية الذين يطمحون لمواصلة دراستهم الجامعية.
هؤلاء المتابعون والمهتمون يرون العكس، حيث أن الجزء الأكبر من عائدات النفط قد تم استثماره في شراء الأسلحة والمعدات العسكرية، وتمويل الحروب الاهلية الدائرة رحاها منذ العام 2011م، وفي مشاريع اقتصادية لا تخدم الجزء الأكبر من المواطنين (الطبقتين الوسطى وذوي الدخل المحدود)، ولا تراكم ثروات على المديين المتوسط والبعيد.
من ناحية ثانية، يشبه تعامل إسرائيل مع الأرض التي اغتصبتها والثروات التي نهبتها وشلال الذهب الغربي (أي المساعدات والهبات التي حصلت عليها ولا تزال تحصل عليها من الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية) تعامل إنكلترا مع الثروات والأموال التي راكمتها بأساليب مشابهة. وظفت إسرائيل هذه الثروات والأموال بطريقة عقلانية ومدروسة في بناء الانسان قبل بناء الحجر (تعليم، صحة، بنى تحتية متطورة، مراكز بحوث، صناعات مدنية وعسكرية متطورة وتكنولوجيا عالية).
احتلت إسرائيل المرتبة 18 بين 188 دولة على مؤشر التنمية البشرية للأمم المتحدة لعام 2015م، الأمر الذي يضعها في صف الدول المتطورة للغاية. بينما حلت مصر التي تعتبر نفسها زعيمة العالم العربي في المركز 108.
المصدر: كتاب "ما بعد ذهنية التحريم" – صادق جلال العظم (رحمه الله).
التعليقات
لأن حكام النظم العربية
الوظيفية من السراق -لسبب بسيط وهو ان حكام النظم العربية الوظيفية والعميلة عند الغرب والغرب سلطهم على الشعوب يقمعونها ويقتلونها ان تطلب الامر وينهبون ثروات الاوطان ويستأثرون بها وعائلاتهم هؤلاء الحكام من اللصوص والحرامية والسراق خذ عندك مثلاً العراق وقس عليه بقية الدول والنظم . اسماء السارقين كما نشر في موقع الخزينه الامريكيهنوري المالكي 66مليار دولارعدنان الاسدي 25مليار دولارصالح المطلك 28مليار دولارباقر الزبيدي 30مليار دولاربهاء الاعرجي 37مليار دولارمحمد الدراجي 19مليار دولارهوشار زيباري 21مليار دولارمسعود برزاني 59مليار دولارسليم الجبوري 15مليار دولارسعدون الدليمي 18مليار دولارفاروق الاعرجي 16مليار دولارعادل عبد المهدي 31مليار دولاراسامه النجيفي 28مليار دولارحيدر العبادي 17مليار دولارمحمد الكربولي 20مليار دولاراحمد نوري المالكي 14 مليار دولارطارق نجم 7مليار دولارعلي العلاق 19مليار دولارعلي اليساري 12مليار دولارحسن الانباري 7مليار دولاراياد علاوي 44مليار دولارجلال طالباني 35 مليار دولاررافع العيساوي 29مليار دولار هذه الاموال الضخمه انسرقت من العراق وانحرم منها الفقراء .
سياسات ومؤسسات تشاركية
اقتصادي -هنالك اتفاق بين الاقتصاديين على أهمية ومساهمة الحوكمة الاقتصادية في بقاء الامم وتطورها الاقتصادي. ويقصد بالحوكمة الاقتصادية: السياسات والمؤسسات والتشريعات الاقتصادية. فاذا كانت السياسات متقادمة وغير فعالة وغير تشاركية، وكانت المؤسسات العامة (بما فيها البرلمان) مترهلة وعرضة للفساد، فماذا يبقى غير الموارد الطبيعية القابلة للنضوب والقطاع الخاص الاحتكاري؟ الأصل في التطور الاقتصادي هو التطوير المؤسسي وابداع السياسات وهذا يتطلب من يقرع الجرس.
محنة العقل المسلم
فول على طول -هناك كتاب للاستاذ خليل عبد الكريم - أزهرى سابق - بعنوان محنة العقل المسلم وقد أخذت منة عنوان تعليقى . العقل المسلم تم برمجتة على المؤامرة وأن العالم كلة يتامر على الاسلام والمسلمين - لا يوجد سبب واحد لذلك - ولم يفكر المسلم : هل بالفعل هذا صحيح أم لا ؟ ولماذا يتامر عليكم العالم ؟ ومن الذى يتامر على من ؟ ربما المسلم لا ينظر فى النصوص التى بين يدية والتى تحرضة على كراهية العالم كلة بل قتلهم ...أو يرى أن هذة النصوص خيرة وجميلة ومقدسة ..ما علينا . تعليق رقم 1 مثال على الايمان بالمؤامرة وهو دائم على هذا التعليق ولم يسأل نفسة : من أين جاء الحكام الذين ذكرهم ؟ هل جاءوا من كوكب أخر مثلا أم من بين ظهرانيكم ؟ وهل الغرب الكافر حرضهم على نهب الأموال ؟ واذا كان حرضهم لماذا هم يستجيبون للتحريض ؟ علم النفس يقول : أن عديم الفهم وعديم الفعل دائما يفسر سبب فشلة بأن الأخرين هم السبب وبعد ذلك ينام مستريح وقرير العين ...وعلم النفس يقول أيضا أن الفاشل دائما يؤمن بنظرية المؤامرة ويعيش دائما دور الضحية ولا يكلف نفسة البحث فى الأسباب الحقيقية ..هناك مثل لبنانى يقول : ان العربى لو اغتنى يرتكب جرائم قتل أو يتزوج على زوجتة ..انتهى - أموال البترول صرفت أغلبها على نشر الارهاب وتمويل المنظمات الارهابية وبناء مراكز تفريخ الارهاب - مساجد وكتاتيب وتحفيظ قران الخ الخ - طمعا فى بناء قصور فى الجنة .. وتم برمجة الذين امنوا بأن كتابهم بة كل العلوم ..انتهى .
ونحن نسأل الكاتب
فول على طول -ما هى الأخلاق البروتستانية ؟ هل البروتستانت لهم أخلاق خاصة بهم مثلا .. ومن أين جاءوا بها ...وما دليلك على ذلك ؟ وأيضا ماذا تعنى أخلاق الكاثوليك الاقطاعية ..؟ أذا كنت تنسب أخلاق البشر الى طائفتهم أو ديانتهم فالمفروض أن تعود بهم الى كتابهم وهو الانجيل فى حالة البروتستانت أو الكاثوليك ....هل انجيل البروتستانت يختلف عن انجيل الكاثوليك ؟ وهل انجيل الكاثوليك يحبذ الاقطاع ؟ نتمنى الرد وشكرا .
نقطة
نظام -يوشك ان تداعى عليكم الامم كما تتداعى الأكلة الى قصعتها.. الى آخر الحديث المعروف. الحديث النبوي الهام يعزو الوضع العربي والاسلامي الى عوامل الضعف الداخلي وغطرسة القوة الخارجية في آن واحد.. تحليل متكامل متعدد الأبعاد، بعكس خطاب بروفسور فول المتحيز والمبسط والطفولي.
عندما ينكر
العقل الحقائق -نسيت وعد بلفور واتفاقية سايكس بيكو... بروفسور..؟!
كنائس الارثوذوكس بمصر
والمهجر مصانع للكراهية -هؤلاء الارثوذوكس من رعايا كنيسة العسكر في مصر والمهجر كتل متحركة من الحقد والكراهية السرطانية. ليس على المسلم فقط بل على المسيحي من طائفة اخرى بل يحقدون على أنفسهم نعوذ بالله من كتل الكراهية السرطانية المتحركة هذه .
الاستثمار في الحرية
واحد -عذراً سيدي الكاتب ولكني لم اسمع عن راعي اهتمامه توفير بدائل لقطيعه وقد تنتفي سلطته على القطيع ولقد قالها احد حكامنا مرة جوع كلبك يتبعك !! الحاكم هو ولي النعم في بلادنا ورزق الشعوب من يده ومكرماته بل هو من يهب الموت والحياة عندنا ولو اراد لمنع عنا الشمس والمطر فكيف تريد من جلالته ان يفرط بها ويثقفنا بفتح عيوننا عليه ونراه عارياً ؟؟؟ بريطانيا استثمرت بالانسان قبل الصناعة واستمعت اليه وكنيستها بجذورها البروتستانية اكثر حرية في طروحاتها لان المذهب الام هو مبدأ ثوري على هرطقات الكنيسة الكاثوليكية وتخلفها والادلة قائمة لحد الساعة فدول امريكا الجنوبية واللاتينية واسبانيا وحتى الدول الكاثوليكية في شرق اسيا كالفلبين لازالت من الدول المتخلفة اذا قورنت بالدول الغربية. الخلاصة ان ما يسمى بالدول الملتزمة دينياً من اي دين هي اول علامات التخلف والدكتاتورية لان مايسموه ظل الله يحكمها , هذه هي الحقائق التي شاهدناها ونشاهدها وسنشاهدها ولكننا نرفض النظر الى الشمس ....