كتَّاب إيلاف

السوريون و"غرفة التعذيب"

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في الأزمة السورية، يبقى العرب مختلفون في مواقفهم، فهناك من يقف في خندق نظام بشار الأسد، وهناك من يستنكر ما يفعله هذا النظام بحق شعبه، وهناك من يرفض مجرد وجوده في أي مشهد مستقبلي لسوريا،  وهناك من يقبله على مضض لحسابات واعتبارات يراها "موضوعية" أو "مصالحية"، عربية قومية أو محلية، وهناك من يدعم النظام السوري نكاية في آخرين، وهناك من يرى هذا النظام "شر لابد منه" في مرحلة انتقالية حفاظاً على بقاء الدولة السورية رغم قضم الكثير من أراضيها على يد تنظيمات الإرهاب؛ وهكذا يتفاوت العرب في مواقفهم حيال النظام السوري، ولكني لا اعتقد أن انساناً ما يمكن أن يختلف مع تقييم الأمم المتحدة الأخير بشأن ما يحدث في سوريا، والذي ورد على لسان الأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الانسان لدى الأمم المتحدة، وقال فيه إن "سوريا أصبحت كلها غرفة تعذيب ومكاناً للرعب الوحشي والظلم المطلق"! كلمات قلائل ولكنها تنطق فزعاً وقلقاً مما يحدث في سوريا، هذا البلد العربي العريق صاحب الحضارة الضاربة بجذورها في عمق التاريخ، أتذكرونه؟!

الأمير زيد ناشد الأطراف المتحاربة أن توقف التعذيب والإعدامات وتخلي سبيل المعتقلين أو على الأقل  توفر المعلومات الأساسية عنهم من "أسماء المحتجزين وأماكن وجودهم ومكان دفن من توفوا منهم"، وأشار إلى أن الصراع المستمر منذ ست سنوات بدأ عندما اعتقل مسؤولو الأمن في نظام بشار الأسد مجموعة من الأطفال وعذبوهم بعد أن كتبوا شعارات مناهضة للحكومة على جدار مدرسة في مدينة درعا، لافتاً إلى أن النزاع الذي يدخل أواسط مارس الجاري عامه السابع يشكل "الكارثة الأسوأ من صنع البشر التي يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية".

لا اعتقد أن هذه الصرخة الأممية يمكن أن تكون جرس إنذار ينبه العالم، ففصول المأساة السورية تمضي أمام العالم أجمع من دون أن يحرك ساكناً، وبالتالي فلن يحركه تقرير وتحذير، ولن يستيقظ الضمير العالمي لمجرد الإشارة لبعض ما يحدث بحق شعب سوريا، الذي نزح منه داخليا ولجأ خارجياً نحو 12 مليون شخص، وهناك نحو 8ر2 مليون مدني سوري محاصرين في مناطق يصعب الوصول إليها، فضلاً عن نحو ستين ألف شخص قتلوا تحت التعذيب أو بسبب ظروف الاعتقال القاسية في سجون النظام!! 

أطفال سوريا هم أيضا في صدارة ضحايا هذه المأساة، فقد ذكرت منظمة "اليونيسيف" في أحدث تقرير لها إن أطفال سوريا كانوا "في أسوأ ظروف ممكنة" في عام 2016، الذي شهد مقتل أكبر عدد من الأطفال بالمقارنة بأي عام آخر منذ بداية الحرب الأهلية، وقالت المنظمة إن 562 طفلا على الأقل قتلوا خلال العام الماضي، من بينهم 255 قتلوا في مدارسهم أو بالقرب منها، بزيادة بلغت 20 في المئة عن عدد الذين قتلوا خلال 2015. وهذا العدد يقتصر على أولئك الذين جرى التحقق رسميا من مقتلهم، وهو ما يعني أن عدد الضحايا قد يكون أعلى بكثير، وقال المدير الإقليمي لليونيسيف في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، خيرت كابالاري، إن ستة ملايين طفل سوري يعتمدون الآن على المساعدات الإنسانية منذ ست سنوات، ، بما في ذلك 280 ألف شخص يعيشون تحت الحصار.

هذه هي بعض تفاصيل واقع سوريا الكارثي الآن، فهل تنجح القمة العربية التي تعقد في المملكة الأردنية نهاية الشهر الجاري في انقاذ ما يمكن إنقاذه، أو بالأحرى انقاذ ما تبقى من ماء الوجه العربي في هذه الأزمة؟ التوقعات تجاه القمة لا تبشر بالخير في ظل حالة التفتت والانقسام العربية، والتحديات التي تواجهها القمة ضخمة ومستفحلة ويصعب على العرب مواجهتها في حالة عادية فما بالنا والحال لا يخفى على أحد من التشرذم والتقزم والخلافات.

لم أكن أريد أن اتحدث بنبرة إحباط أو لهجة تشاؤمية حيال واقع العرب والأزمة السورية، ولكن الداء استفحل ولابد من مصارحة المريض لعله يفيق ويدرك ما يحيق به من خطر، ويحافظ على ما تبقى له من صحة، حتى لو اقتصر الأمر على أقل القليل!!

لا أريد أن أحمل الأخوة في المملكة الأردنية عبء القمة العربية، لاسيما أنهم قد تحملوا عبء الاستضافة وأنقذوا الموقف بعد اعتذار اليمن الشقيق عن الاستضافة في شهر أكتوبر الماضي نظراً لما يمر به اليمن من ظروف نعرفها جميعا، فضلاً عن أن مضيف القمة لا يتحمل حسابات انعقادها ونجاحها وفشلها لأن الوضع العربي العام لم يعد يوفر أي فرصة للعمل الجماعي الفاعل.

يبدو أن سوريا قد تنتظر كثيراً من أجل إطفاء النار بين ربوعها والافراج عما تبقى من شعبها من غرفة التعذيب الكبيرة، ناهيك عن أن الحلم بعودة ملايين اللاجئين السوريين في الخارج ربما يبدو بعيد المنال، أو على الأقل لا يبدو قريباً للنظر والتوقعات، فقد تحول هذا البلد إلى ساحة صراع بين القوى الكبرى في ظل عدم وجود أي إرادة دولية حقيقة لإنهاء المأساة السورية.

ورغم مأساوية المشهد السوري، فإن الأمل يظل باقياً في أن تسقط جدران غرفة التعذيب السورية، وأن يعود لهذا الشعب العربي العريق أمنه وأمانه، ولدي أمل كبير في أن حب الحياة والعزيمة القوية التي يتمتع بها الشعب السوري قادرة على تحقيق المعجزات في حال توقف هذا الصراع المدمر، وعادت سوريا إلى أبنائها المخلصين.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

نقاذ ما تبقى من ماء الوجه العربي في هذه الأزمة))<<بيرد عليكم واحد من السحالي وبيقولك "" مالنا شغل عدنا جفاف "" /(لم أكن أريد أن اتحدث بنبرة إحباط أو لهجة تشاؤمية حيال واقع العرب والأزمة السورية، ولكن الداء استفحل ولابد من مصارحة المريض لعله يفيق ويدرك ما يحيق به من خطر، ويحافظ على ما تبقى له من صحة، حتى لو اقتصر الأمر على أقل القليل))<< بيرد أوبس قصدي بيردون عليكم "" على فكره أنتم كم عددكم "" ماعلينا وبيقولون لك لا تكون سلبي وتفاءل مجموعه من الاشباح واسمهم المفضل "" لزقت العنزروت "" ولا تزعلون عسوليين مش الكل

اماراتيه ولي الفخر
اماراتيه ولي الفخر -

نقاذ ما تبقى من ماء الوجه العربي في هذه الأزمة))<<بيرد عليكم واحد من السحالي وبيقولك "" مالنا شغل عدنا جفاف "" /(لم أكن أريد أن اتحدث بنبرة إحباط أو لهجة تشاؤمية حيال واقع العرب والأزمة السورية، ولكن الداء استفحل ولابد من مصارحة المريض لعله يفيق ويدرك ما يحيق به من خطر، ويحافظ على ما تبقى له من صحة، حتى لو اقتصر الأمر على أقل القليل))<< بيرد أوبس قصدي بيردون عليكم "" على فكره أنتم كم عددكم ""ما علينا حملة البشتخته هذي الاسطوانه بتردد عليك في الليل ونهار لين ما تحفظ وتلوع جبدك شعارهم الازلي "" لا للمخدرات لا للتشاؤم لا للسلبيه نعم للايجابيه نعم للسعاده نعم للتفاؤل ونعم للمرح والضحك والحب والعشق والغرام وكيوبيد فوقهم "" مجموعه ظريفه من الاشباح ما تعرف من وين يطلعون لك من كل حدب وصوب تخاف تفتح حنفية الماء ويبصبصون عليك لقبهم "" تلزق العنزروت " في النهايه عسوليين مش الكل

القمة العربية ..والعالم
فول على طول -

السيد الكاتب يسأل : هل تنجح القمة العربية فى حل أزمة سوريا ...وأيضا يسأل أين الضمير العالمى ؟ الاجابة بسيطة جدا ولكن أنتم لا تريدون فهم الحقائق ...متى نجحت القمم العربية ...أى قمة متى نجحت فى حل أى خلاف عربى ؟ بالتأكيد فان العرب هم جزء كبير من المشكلة بل هم أساس المشكلة وليس جزء من الحل ....العرب لا يحبون حتى أنفسهم ...انتهى - أنتم تكرهون بعضكم وأغلب الارهابيين فى سوريا والعراق وليبيا هم من العرب والبقية الباقية من المسلمين ....أى نتاج تعاليمكم ..السنى يكرة الشيعى والعكس صحيح ...ناهيك عن العلويين أو الصفويين كما تسمونهم ...هذة هى لب المشكلة . أما البكاء على أطفال سوريا والحرية والديمقراطية فهى دموع تماسيح ليس أكثر ..انتهى - ولماذا يساعدكم العالم ؟ أنتم تكرهون العالم كلة ...والعالم كثيرا ما طالبكم بتغيير ثقافتكم وكراهيتكم وأنت تتهمون العالم كلة بالعداء للاسلام والمسلمين - مع أن العكس هو الصحيح - أنتم فقط فصحاء فى الكلام واللعب بالألفاظ ...خد عندك مثلا : ان اللة لا يغير ما بقوم ان لم يغيروا ما بأنفسهم ...واذا كان اللة لا يغيركم هل يقدر العالم أن يغيركم ؟ عليكم بتغيير أنفسكم وتعليم ثقافة المساولاة والتعايش السلمى بدلا من ارهابكم وعدوانيتكم من أجل الأجيال القادمة ...ابدأوا من الان ان كنتم صادقين وما عدا ذلك فالهلاك مصيركم ...هذة ليست أمنياتى بالطبع ولكن الحقيقة .

كيف بامكان اغتصاب آراضي
Rizgar -

كيف بامكان اغتصاب آراضي الاخرين بدون اجرام ؟ اليس الكيان مبني على الاغتصاب ؟ العقل العربي عجيب !!! هل بامكان تعريب اراضي الاخرين عن طريق الاخوة والعدالة او عن طريق كيان عنفي همجي ؟