كتَّاب إيلاف

قراءة في مشهد الغضب الإيراني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

لن يكون السقوط المتوق للنظام الإيراني بالسهولة التي يتخيلها البعض، ويصعب توقع أن نصحو يوماً على خبر هروب خامنئي وروحاني ورفاقهما إلى دولة أخرى، لأسباب واعتبارات عدة منها أنه لا توجد دولة في العالم يمكنها قبول استضافة الملالي، فخامنئي ليس الخميني الذي استضافته فرنسا، وروحاني ليس شاه إيران كي يجد من يستضيفه. السبب الثاني والأهم أن النظام الإيراني ليس نظام حكم تقليدي قابل للانهيار في حال تعرض لظروف معينة، فالقائم في إيران هو نظام حكم ثيوقراطي يستند إلى قاعدة عسكرية وأمنية مؤدلجة وليست من الدولة العميقة كما يقال.

فالملالي لا يعتمدون في حماية النظام على الجيش الإيراني والداخلية الإيرانية كما هو معتقد، بل يعتمدون على اذرع عسكرية وأمنية قوية مثل ميلشيات الحرس الثوري من عناصر "الباسيج" الذين تتجاوز أعدادهم المائة ألف فرد، وهم عناصر مؤدلجة تدين بالولاء التام والمطلق لرجال الدين وقادة الحرس الثوري، ويصعب توقع انهيار هذه القوات في مواجهة ضغوط المتظاهرين كما حدث في حالات مشابهة، بل إنهم سيلجأون إلى القتل وتصعيد العنف ضد هؤلاء المتظاهرين بغض النظر عن اعداد الضحايا والقتلى.

لن يستسلم الملالي لمصيرهم بسهولة، ولن يقبلوا بسقوط النظام مهما سفكت من دماء، ولذلك نجد أن مفردات الثورة قد طفت على سطح الأحداث بمنتهى السرعة، فمسؤولي النظام الإيراني يتحدثون عن عناصر "معادية للثورة" رغم أن قادة النظام يشيرون غالباً إلى أن مفهوم "الدولة" في تصريحاتهم، ما يعكس استمرار النهج الثوري في هذا النظام وفشل كل جهود تحويل البلاد من "الثورة" إلى "الدولة"، وهي الإشكالية التي استغرق الباحثون العرب كثيراً في الجدل بشأنها، رغم أن كل المؤشرات تؤكد أن إيران لم تتجه يوما إلى سلوك الدولة منذ عام 1979!

الثورة الإيرانية الحالية هي ثورة شعبية بامتياز، يصح أن نسميها "ثورة البيض" The Egg Revolution، لأنها لم تندلع بإيعاز خارجي كما يزعم قادة الملالي بل بسبب ارتفاع أسعار البيض بعد إعدام الحكومة ملايين الدجاج المصاب بإنفلونزا الطيور!

أسعار البيض هي القشة التي قصمت ظهر الملالي وليست كل الأسباب ولا حتى السبب الأساسي في الغضب الشعبي العارم على النظام، حيث نلاحظ أن الشعارات التي يرفعها المتظاهرين تركز في معظمها على الفساد وارتفاع الأسعار بشكل عام، فضلاً عن مخاوف الشباب وغضبهم من الانفاق المالي الباهظ للملالي على التدخلات الخارجية في أرجاء المنطقة وسقوط إيران في عزلة أشد من عزلة ما قبل توقيع الاتفاق النووي بسبب سياسات النظام، التي أوقعته في عزلة مزدوجة على الصعيدين الإقليمي والدولي معاً.

يحلو لبعض المراقبين إجراء مقارنات بين موجة الغضب الحالية في إيران وتلك التي شهدتها البلاد عام 2009 عقب التلاعب في الانتخابات الرئاسية، ولكن هذه المقارنة يغيب عنها عنصر أساسي ومحوري وهو تأثير ما حدث في دول عربية عدة منذ عام 2011، حيث يشعر الشباب الإيراني الآن أن بإمكانهم إطاحة هذا النظام، وأن هناك أنظمة أخرى أطيحت تحت ضغط التظاهرات المستمرة والعزلة الدولية للنظام والمطالبات الخارجية بتخليه عن الحكم، والتي تفقده الشرعية الوطنية والدولية.

صحيح أن النظام الإيراني لا يعير للضغوط والمطالبات الدولية للتخلي عن الحكم أي اعتبار، ولكنه كان يفعل ذلك عندما كان يحاول تصدير فكرة الدعم الشعبي له إلى الخارج، وبعد انفضاح الأمر وسحب البساط من تحت أقدامه شعبياً، فلا مجال للقول بأن هناك عدم التفات للمطالبات الدولية بتخلي الملالي عن الحكم!

الشعب الإيراني بات يدرك أن عوائد النفط تذهب إلى الانفاق السخي على الميلشيات الطائفية في اليمن والعراق وسوريا، وأن النظام يخوض حروباً وصراعات لا ناقة للإيرانيين فيها ولا جمل، وأنه لا يعقل ترك ملايين الإيرانيين يعانون الفقر والجوع في حين يتمتع جنرالات الحرس الثوري بمليارات الدولارات من ثروات الفساد والتربح غير المشروع واحتكار الاقتصاد الإيراني لمصلحتهم.

ربما لا يعرف الكثيرون أن معدلات التضخم في إيران قد بلغت خلال سنوات قليلة سابقة نحو 40%، ولا يشعر الشعب الإيراني بأن هناك أي افق لتحسن الأوضاع بعد زوال شحنة الوعود التي روجها الملالي عبر توقيع الاتفاق النووي مع القوى الدولية.

وصندوق النقد الدولي سبق له أن طالب بإعلان إفلاس بعض البنوك الإيرانية رسمياً بسبب استفحال مشكلة الديون المستحقة التي أصبح استردادها شبه مستحيل، وطالب بإصلاح اقتصادي كبير لمعالجة آثار انكماش اقتصادي تعيشه إيران منذ سنوات مضت، ولكن الواقع أن هناك تزايد في مساحات الفساد لاسيما داخل الطبقة الحاكمة والحرس الثوري الذي يحتكر الاقتصاد الإيراني لمصلحته تماماً!

هل يمكن في ظل هذا المشهد السوداوي اقتصادياً واجتماعياً القول بان هناك مستقبل لمثل هذا النظام البائس؟ الإجابة واضحة وإن لم يسقط البوم فغداً، والفيصل هو الوقت وإرادة المتظاهرين الإيرانيين في مختلف شوارع البلاد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
رحم اللة المشعوذين
فول على طول -

لا يمكن اقتلاع الحكم الدينى من بلاد الذين أمنوا حيث تتربى الشعوب على الشعوذة والايمان بأن رجل الدين يعرف كل شئ وخير من يحكم الأرض فهو خليفة اللة على الأرض - أو ولاية الفقية عند الشيعة - ..ممكن فقط اقتلاع الحكم الدينى عن طريق العسكر ومع ملاحظة أن العسكر يجمع بين العسكرة وبين الشعوذة أيضا ....فى حالة ايران فان الملالى لديهم عسكرهم منهم فيهم أى أمرهم محسوم ولن يقتلعهم أحد ...مجرد زوبعة وسوف تهدأ حتى لو لزم الأمر قتل نصف الشعب الايرانى أو حتى كلة ...يمكن استيراد شعب غيرهم للسيد الحاكم الفقية كى يحكمهم . انتهى . تحياتى للسيد الكاتب .

عالوعد يا كمون
اصيل -

ليس بالبيض وحده تبنى الاوطان و كما اسميتها حضرتك بثورة البيض ,,و اعادة اسعار البيض على ما كان عليه لن تعيد عقارب الساعة الى الوراء... الجيل الصاعد لا يهمه ولاية فقيه و هرطقات مذهبية فارغة البست ايران السواد و مجالس العزاء على من ماتوا منذ مئات السنين و صرف مليارات الدولارات على ميايشيات بالخارج بحجة الدفاع عن بعض المراقد... الشعب يرى من حوله التخلف و الفساد من رجال الدين قبل غيرهم و تعليق المشانق بالاماكن العامة و يرى فاسدين تسكن القصور و تنهش بالشعب كالصقور و ناس تنام بحفر القبور و يطردهم النظام بالساطور و على الوعد يا كمون بأصلاحات و وعود بقرب ظهور المهدي لتعم الرفاهية و الامن و السلام على من آمن بولاية الفقيه و اتباعه... أعطونا بيض و خذوا سلام لم تعد تنفع و تغيير النظام اصبح المطلب الشعبي.

إيلاف الأستاذة
الف ميم -

لم تنشر إيلاف تعليقاً لي حول الموضوع أعلاه، وبعد تفكير في نفسي أظنني توصّلتُ إلى السبب فليس كل مايُعرَف يُقال رغم أنّه لم يُترَك القول في كل مايُعرَف بل وأكثر مما يُعرَف، وأنا أعذرها بل أنا أتعلم منها الكثير فهي باعتقادي أكبر من موقع إعلامي بارز، هي مدرسة بكل معنى الكلمة ومدرسة تربي حتى محرريها كما يتهيأ لي فكيف بمعلقيها الذين ليس لهم حول ولا قوة؟.. ماعلينا؛ أكتب تعليقي الثاني هذا وأطمع في أن ينال حظه في النشر فأقول مؤيداً لبعض ماورد في تعليق السيد فول: ثورة البَيْض الإيرانية فشلت وثورة الخبز في السودان تفشل وثورة رفع أجور الكهرباء في العراق التي ستأتي بعد أيام ستفشل أيضاً، ونحن نرى بعض الحكام الدهاة في بعض بلداننا يستبقون الأحداث أو يستفيدون منها فيحاولون امتصاص نقمات مماثلة من شعوبهم برفع رواتب وتوزيع هدايا ودعم أسعار موادٍّ وما شابه اتقاء شر مثل هذه الثورات أو الفورات في بلادهم.. وأستعير(عامل التربية على الشعوذة) من السيد فول وكذلك (العسكرة)بعد إذنه لأضيفه على ماتقدم ؛ كل ذلك يصبّ في صالح هذه الأنظمة الفاسدة... لكننا نسينا عاملاً مهماً وهو أنّ النظام العالمي هو أول وأكبر المساعدين لاستمرار الأنظمة الفاسدة؛ أنا أتساءل هنا: أما كان من الأفضل لأمريكا التي ترى نفسها أنها أعلم البشر؛ لو اتّخَذَت موقفاً عقلانياً من قضية فلسطين فلم تنحاز للصهيونية العالمية في إجراءاتها التعسفية التي تزيد النار المشتعلة حطباً حيث دعَمَتْ تهويدَ القدس وعمليات الاستيطان وقطعَ الإعانات عن الفلسطينيين الغلابة؟ سؤال آخر، هل الحلّ لوقف (الإرهاب الإسلامي المزعوم) بمحاربته عسكرياً وقطع المساعدات المالية الإنسانية عن الدول الإسلامية الفقيرة؟؟؟ أليس هذا الإجراء يُغضِب حوالي مليار ونصف مسلم معتدل يمقت الإرهاب فيدفعه للرّضا بأنظمة الشعوذة هذه نكاية بإسرائيل، أو يتحوّل إلى إرهابي مع وقف التنفيذ فيتولّى نسلُه ذلك؟

70 عام
القس ورقة بن نوفل -

لايوجد بمصر وسوريا بيت الا وبه شهيد او شهيدين نصف الميزانية تصرف على التسلح وتيأكلها الصدء في المستودعات فرص كثير اتيحت للعرب لتقسيم فلسطين وكل ذلك وإسرائيل تتوسع حكام عرب استعملوا كلمة فلسطين مادة لاصقة لبقوا على كراسيهم شعوب الدول الإسلامية الذكورية تريد طرد اليهود بالبحر ونكاح الاسرائيليات هذه الأسطورة يجب ان تنتهى بالصلح مع إسرائيل الموجودة قبل العرب ب3000 عام قبل الاسلام

إيران تنتصر
عروبي -

لأن العرب أنبطحوا وذلوا وأنشغل إثرياء النفط بالفساد والمال والنساء أصبحوا يضيقون بمن يفضح عريهم وسقوطهم بعد أن تآمر قادتهم على فلسطين وعلى الطهارة والورع أومسوا لا يرون بعد أن خضع الجميع لإملاءات سيد البيت الأبيض وتل أبيب إلا دولة واحدة تقف بقامة عالية تدافع عن إستقلالها وسط دول ذليلة تابعة فأصبحوا يتمنون أن تسقط الثورة في إيران كي يدفنوا خزيهم وعريهم. إن الذين يلهثون لرضا ترامب لا يحق لهم أن يتكلموا باسم الطهارة والعدل والحق. وإلى الأعلى إيران سائرة حتى نقتبس منها عربا الدرس إن العالم يحتقر الضعفاء الأذلاء لكنه ينازع الأقوياء ثم يحترمهم. فأين الثرى من الثريا.