أخبار

أعياد المصريين .. مزيج فرعوني مسيحي إسلامي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رغم كل الكوارث مازالوا قادرين على صنع البهجة
أعياد المصريين .. مزيج فرعوني مسيحي إسلامي


إقرأ أيضا

مسلمون حول العالم يحتفلون بعيد الفطر

اول ايام العيد بالصور

عواشر مبروكة.. مفتاح تهنئة عيد الفطر في المغرب

العاهل المغربى يعفو عن 617 محكوما بمناسبة عيد الفطر

جعجع يهنىء المسلمين بالعيد من دار الإفتاء

الملك عبدالله يستقبل المهنئين

نبيل شرف الدين من القاهرة : فشلت كل الكوارث التي حلت على رؤوس المصريين طيلة العام الذي يوشك على الرحيل، في اختطاف الفرح من نفوسهم، أو انتزاع البهجة من أرواحهم، أو حتى في تراجع احتفائهم بالحياة، فمن غرق العبارات إلى كوارث قطارات الموت، مروراً بسلسلة أزمات اقتصادية متصلة، وما صاحبها من ارتفاع فاحش في أسعار السلع والخدمات، لكن رغم كل ذلك فقد بدت هذا العام المظاهر الاحتفالية كبيرة بعيد الفطر في شتى مدن مصر وقراها .. وفي حواضرها وبواديها وريفها وسواحلها، إذ عاش المصريون فرحة العيد التي لا تميز بين مختلف الفئات المجتمع وطبقاته، إذ تنشط مبيعات معظم السلع مثل الملابس والأحذية ولوازم العيد ولعب الأطفال، وفي القاهرة تزدحم أحياء بعينها قبل العيد وهي العتبة والموسكي والغورية وشارع الأزهر وغيرها، كونها تشكل مراكز تقليدة وتاريخية للتجارة .

مظاهر وطقوس

وتتنوع مظاهر فرحة المصريين بالعيد في مدن مصر وريفها، ورغم أنه لكل إقليم في مصر عادات أهله التي يحتفظون بها على مر التاريخ، إلا أن ثمة قواسم مشتركة بين الجميع في المدن والريف كحرص المصريين على التزاور وتناول الطعام وسط تجمعات عائلية تضم الأبناء والأحفاد في مناسبة لا تتكرر كثيرا خلال العام لانشغال الجميع بالعمل واللهث من أجل توفير حياة أفضل للأسرة، في ما يختلف الاحتفال في ثاني وثالت أيام العيد إذ يحرص الجميع على الذهاب الى المتنزهات العامة .

ومن الطبيعي أن تختلف احتفالات أهل الريف بالعيد عن أهل المدن، ففي ليلة العيد يسهر الجميع حتى صلاة الفجر يقضون ليلهم الآن أمام التلفزيون يتابعون الفضائيات، سواء على المقاهي أو في البيوت، والمثير أن الإنترنت صار أمراً شائعاً ويتنامى بشكل مطرد في ريف مصر، سواء في الصعيد أو الدلتا، خاصة بعد دعم البنية التحتية للاتصالات تسمح بهذا الأمر، لكن الطريق مازال يبدو طويلاً، لأن جودة الاتصال، وكلفتها الغالية، فضلاً عن صعوبة توافر أجهزة الكمبيوتر، فمازالت أسعارها مرتفعة نسبياً وتشكل مع غيرها من العوامل، عوائق أمام أن تصبح إنترنت" أكثر شعبية وانتشاراً في ريف مصر وصعيدها .
نعود إلى سهرة العيد التي تنتهي بطقس ديني حيث يذهب كل الناس تقريباً إلى صلاة العيد وتسود القرية معظم القرى روح التسامح والود والعمل على إنهاء الخلافات التي كانت موجودة قبل العيد، وهناك مبدأ عام يسود القرى خلال العيد وهو أنه بقدوم العيد ينتهي الحداد على الأموات بالقرية الذين توفاهم الله، حيث يعتبر العيد نهاية للأحزان في الريف لتزول وتنتهي معه خلافات وأحزان عام كامل ولى .
وبعد صلاة العيد يذهب الكبار الى المقابر لقراءة الفاتحة على أرواح موتاهم ويوزعون التبرعات على الفقراء ثم يعودون الى منازلهم لزيارة أهالي القرية في يوم العيد ولا تتوقف التهاني طوال أيام العيد .

عيد إليكتروني

ومع ثورة الاتصالات والفضائيات تنوعت وتعددت مظاهر الترفيه، وتغيرت بالتالي طقوس الأسر المصرية، فصارت كل الأسر في المدن والريف تجلس أسيرة الشاشة الصغيرة لمشاهدة الأفلام والمسرحيات والبرامج الخفيفة، وأشعلت الفضائيات العربية نار المنافسة، فلم يعد الناس مجبرين على مشاهدة المحطات الأرضية الحكومية، التي بدت خارج المنافسة والتاريخ أيضاً، ولعله أصبح مشهداً مألوفاً أن يرى المرء شباباً وشيباً في أعماق الريف المصري، وهم يحملون أحدث أجهزة الهاتف النقال، ويرسلون من خلالها ما يعرف بالرسائل القصيرة (SMS) لأصدقائهم وربما صديقاتهم، من يدري ؟، وهناك أيضاً "صعايدة" آخرون يفضلون استخدام رسائل التهاني الإلكترونية عبر البريد الإليكتروني .

يعرف الشاب الجامعي "الصعيدي" عبد القادر صالح، العيد الاليكتروني بقوله "هو ان تصحو من نومك صباح العيد فتجد على الهاتف النقال رسائل اليكترونية تهنئك بالعيد وتتمنى لك اوقاتا سعيدة مع رقم هاتف المرسل واسمه ثم يعود لك الامر في الاتصال به لرد التهنئة او إرسال بريد مماثل او إهمال الامر كله اذا اعتبرت ذلك لعب عيال او تسلية اصدقاء، إلا أن الامر جد لا لعب ولا تسلية, فالعيد كنا نتلقى التهاني فيه وجها لوجه في المصليات والمجالس والبيوت, واثناء الزيارات المتبادلة ثم جاء التليفون فصار وسيلة اتصال, وفي العيد حل محل المواجهة, حين قام بنقل التهاني من الاهل والاصدقاء والاقارب, اما اليوم فلم يعد له قيمة, فقد حل محله الهاتف النقال بالرسائل البريدية المكتوبة.

ويلتقط منه جامعي آخر هو نعمان أبوهشيمة الخيط، ويمضي إلى أبعد مما ذهب صالح، فيقول بلهجة لا تخلو من سخرية، إن التهنئة الاليكترونية والرسائل القصيرة تقتضي الرد خاصة انه اذا حييتم فردوا بأحسن منها, والرد اما يكون اليكترونيا وإما بالاتصال الهاتفي, وعدم الرد يعني إهمال الصديق وقلة الذوق, فيكون البريد قد جر مصاريف اخرى, وكنا سنوفرها لو تصافحنا في مجلس او بيت وتبادلنا التهاني بالعيد مثل ايام زمان، لكن ايام زمان ولت، حتى زمن الهاتف العادي ولت, وكان حتى سنوات قليلة خلت من مخترعات العصر الحديث, لأن المرء يتصل فلا يسمع ردا, وبما انه مشغول حيث الدنيا زحمة, فمعاودة الاتصال صعبة والافضل منه هو البريد الاليكتروني الذي اصبح ممكنا الآن ارساله من هاتف نقال لآخر, فيستلمه الطرف المستقبل في التو إذا كان هاتفه غير مغلق, وإلا فإنه يستلمه حين يفتح هاتفه, وكفي الله المؤمنين شر الانتظار والانتقال والزيارة والمصافحة والمواجهة والقبلات، وضياع الوقت، وهكذا نختصر العيد في دقائق, بعد ان اختصرنا المسافات مع السيارة والطائرة, وبعد ان اختصرناها مع الهواتف العادية, و ربما غدا نختصرها في اقل من ذلك مع الانترنت في كل بيت , وكل هذا جميل, ولا اعتراض عليه، طالما انه في خدمة البشر ويوفر عليهم المشقة والتعب والوقت, لولا اننا نخشى من يوم نشتاق فيه الى سماع اصوات الذين نحبهم .

أعياد المماليك

وبرع المصريون دائماً في التعبير عن مظاهر فرحتهم بقدوم العيد على مر الأزمنة، ويقول ويقول الباحث المصري إبراهيم عدوي إن العيد في عهد المماليك كانت له مظاهر أخرى فكان السلاطين يصلون العيد في الفضاء أمام قلعة صلاح الدين وفي جامع الناصر محمد بن قلاوون بالقلعة أيضا بحضور عدد كبير من الأمراء وأرباب المناصب والجنود ثم يخرج السلطان في موكب مهيب بعد انقضاء الصلاة يوزع الهدايا والعطايا على الشعب، وقد حاول المماليك دائماً إضفاء مزيد من البهجة والسرور والفرح علي العيد لزيادة إحساس الناس به حتى أنهم أنشأوا دورا خاصة بالعيد وارتبط عملها بفترة العيد مثل دار الفطرة لصناعة كعك العيد لتوزيعه على الفقراء والمستخدمين والجنودrlm; .

وكانت توضع بالكعك أثناء صناعته بعض الدنانير من الذهب والفضة لتوزيعه علي الأطفال كعيدية لهمrlm;,rlm; كما أنشئت دور لصناعة ملابس العيد تسمي دور الطرز وكانت توضع الملابس القادمة منها في خزانة كبيرة تسمى خزانة الكسوة تفتح للتوزيع ليلة العيد علي مقرئي القرآن والمؤذنين ومنشدي الطرق الصوفية والأطفال والفقراء,rlm; بالإضافة إلي قاعات لطعام العيد تمتلئ بكميات ضخمة من السماط وهو عبارة عن أنواع مختلفة من الكعك والحلويات والمأكولات توضع داخل القاعة علي موائد وأوان من الفضة ومفارش من الحرير وتقدم للضيوف والمهنئين بالعيد كما كانت تغطي منابر المساجد بطراحة طويلة من الحرير الدبيقيrlm;.rlm;

ومضى العدوي قائلاً إن الفاطميين كانوا يحتفلون بالعيد بمظاهر تختلف كثيرا عما هو سائد في هذه الأيام فكان الخليفة يرتدي حلة من اللون الأحمر، ويخرج في موكبه في أبهى زينة صبيحة يوم العيد بمشاركة العسكر والفيلة والزرافات والأسود المزينة يصاحبها الموسيقى في طريقه لأداء صلاة العيد، وأنه كان يؤم الناس في صلاة العيد وفي طريق عودته يحتشد الناس على جانبي الطريق لمشاهدة الألعاب التي يقدمها البهلوانات بمهارات عالية أمام الخليفة وصحبه حيث يقدم لهم النقود والهدايا .

كل واشكر

ويقول محمد صلاح الدين عبدالسلام مدير الآثار الإسلامية إن القاسم المشترك لمظاهر العيد في مصر منذ دخول الإسلام حتى الآن الذي وحده المؤرخون هو ارتداء الملابس الجديدة وصناعة الكعك والعيدية التي تهدي للأطفال ويؤكدون أنها من أفضل أيام السنة التي يعيشها المجتمع المصري حيث تمتلئ البيوت وتعمر بالزائرين للتهنئة مما يدخل البهجة والسرور والفرح على النفوس ويزيد من الانسجام الاجتماعيrlm;,rlm; ويحدث بسببها الارتباط والزواج بين عدد كبير من الشباب والفتيات بسبب زيارات أيام العيدrlm;.rlm;


وأضاف أنه عندما حكم الفاطميون مصرrlm;rlm; أضافوا إلى الأعياد مظاهر احتفائية مبهجة، إذ كان الخلفاء والأمراء يوزعون "قصيص العيد" وهي عبارة عن ثياب قيمة من نسيج دور الطرز علي جميع المواطنين خاصة الفقراء والمحتاجين وفي أيام العيد بجلس المقرئون والمؤذنون عند المكان المعد لجلوس الخليفة وبعد قراءة القرآن والأدعية الصوفية يقوم بنشر العيدية عليهم من دراهم ودنانير ويمد لهم السماط في قاعة الذهب والعرش ليأكل منه جميع الزائرين والقادمين من الأقاليم وكان للصلاة في العيد وضع خاص عندهم حيث يقام مصل ضخم خارج باب النصر محاطة بسور وعلي بابها قلعة وتتصدرها قبة كبيرة بها محراب ومنبر ويوضع علي ذروة المنير طراحة من الحرير الدبيقي صنعت في دبيق وهي بلدة تتبع دمياط ويفرش درج المنبر أيضا بالحرير الدبيقيrlm;.rlm;


ويرى الباحث أن أهم ما حرص الفاطميون علي تأكيده واستمراره خلال العيد هو استمرار العيدية التي كانت توضع في صورة دنانير داخل الكعك وتقدم الكعكة المحشوة بالدنانير للطفل أو الزائر وتكون بمثابة العيدية وتطور الوضع الآن وأصبح يوضع داخل الكعكة أنواع من المربات والطريف أن الوزير الأخشيدي أبي بكر محمد بن علي المادرائي كان يحشو الكعك بالدنانير الذهبية ومن أشهر دور الكعك في الدولة الأيوبية "كعك حافظة" حيث كانت دور الكعك تلقب باسم صانعها واكتسبت السيدة حافظة شهرة واسعة لإتقانها صناعة كعك العيدrlm;


وأضاف أن التاريخ المصري القديم يذكر أنه من أجمل مظاهر التكافل الاجتماعي في مصر خلال فترة العيد هو توزيع الكعك علي الأسر بعضها البعض وتفاخرهم بصناعتهrlm;,rlm; وأيضا توزيعه علي الفقراء حتى لا يحرموا منهrlm;,rlm; ومن الطرائف أن وقفية الأميرة تتره الحجازية تنص علي توزيع الكعك الناعم والخشن علي العاملين في مدرستها التي أنشأتها سنةrlm;748rlm; هجرية rlm;.rlm;

ويشرح الباحث أهم مظاهر العيد في الدولة المملوكية قائلاً إنها تتمثل بإقامة الأمراء والأعيان حفلات الاستقبال في ميدان القلعة لتناول وتوزيع الكعك، ومن أشهر من صنعت لهم كعكات ضخمة في العيد السلطان المؤيد والسلطان قايتباي ليأكلوا منها مع الحاضرين كدليل علي مشاركتهم للمواطنين فرحتهم بالعيدrlm;,rlm; وانتشر توزيع العيدية داخل الكعك على نطاق واسع في العصرين المملوكي والعثماني حيث كان يوزع في التكايا والقصور والخانات والمدارس والمساجد والأسبلة مغطى بالمفارش ومناديل الحرير والصور ويذكر الرحالة ابن بطوطة أنه عندما زار الشيخ محمد عبدالله الرشدي بخلوته بمطوبس بكفر الشيخ أعطاه الشيخ بعض الكعك أثناء مغادرته له ويحتفظ متحف الفن الإسلامي بالقاهرة ببعض القوالب التي كان يصنع بها الكعك، حيث كان يكتب عليها بعض الأسماء والعبارات، فتظهر الكعكة وعليها عبارات مثل "كُل هنياً"rlm;,rlm; و"كل واشكر الله"rlm;,rlm; و"بالشكر تدوم النعم"، وغير ذلك .rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف