أزمة لبنان طويلة ... أسابيع وربما أشهر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
التصعيد من كل صوب والعقدة تكبر ولا مبادرات
أزمة لبنان طويلة ... أسابيع وربما أشهر
استنفار لبناني وإسرائيلي ودولي على الحدود ووزير يتوقع عودة النزاع
ضبط شاحنة أسلحة فردية قرب بيروت
وفي الانطباع العام السائد في بيروت، بعد إعلان الأمين العام لجامعة الدول العربية أنه لم يقرر بعد العودة إلى لبنان لاستئناف وساطته، ان سبل الخروج من المأزق الذي يتساوى فيه الجميع غير متاحة حالياً، لثلاثة أسباب على الأقل:
-الأول يتصل بانعدام الثقة بين طرفي الصراع، وانقطاع أشكال التواصل والاتصال. وهذا ما لم يسبق ان حصل من قبل حتى في عز أيام حرب لبنان الطويلة ، ما يفرض المباشرة أولا باجراءات اعادة بناء الثقة وجسور العلاقات.
-الثاني يتصل بالخلاف على الأولويات وعدم القدرة على ابتكار حلول خلاقة ومتوازنة لمسألتي المحكمة الدولية وحكومة الوحدة الوطنية، ولمسألتي الانتخابات النيابية والرئاسية المبكرة.
-الثالث له علاقة بالترابط بين الأزمة اللبنانية وأزمات المنطقة المتفاقمة على ايقاع صراع اميركي ايراني، وتجاذب ايراني عربي، وتباعد سوري سعودي، وأوضاع داخلية متفجرة في العراق وفلسطين، ما يجعل أي تقدم في لبنان يتوقف في شكل أو بآخر على جلاء الوضع في المنطقة.
وكان الاتجاه يميل أواخر الأسبوع الماضي الى التوصل الى اتفاق يخرج الأزمة من الشارع بناء على التوافق الايراني - السعودي ، ووضعت فعلاً مسودة ورقة الأفكار وتضمنت صياغة لمسألتي المحكمة ذات الطابع الدولي وقيام حكومة وحدة وطنية، لكن قوى المعارضة في لبنان أصرت على طلب اجراء انتخابات نيابية مبكرة، مما عنى عدم الرغبة في التوصل إلى حل.
ويؤكد أحد الوزراء البارزين في بيروت ان المحادثات السعودية -الايرانية أسفرت عن اطار لاتفاق بين الأفرقاء يضع حدا للأزمة في لبنان، وعندما انتقل لاريجاني الى دمشق، وضعت دائرة حمراء حول بند المحكمة الدولية، فتعثر مسار الحل ولا يزال.
لهذا كله تبدو المبادرة العربية مجمدة حتى اشعار آخر، وعمرو موسى لا يعود الى بيروت الا اذا توافرت معطيات وأوضاع جديدة وتنازلات متبادلة، اضافة الى انه ينتظر تطورات الوضع الفلسطيني الذي بات أولوية مصرية مطلقة، وانفراجات محتملة في العلاقات السورية- السعودية حيث تؤدي مصر دورا نشطا وايجابيا على هذا الخط.
ويظل رئيس مجلس النواب نبيه بري مستنكفاً حتى اشعار آخر عن أي مبادرة حوارية، معتبراً ان المناخ العام بعيد كل البعد عن "الحوار"، فيما البطريركية المارونية اكتشفت ان مبادرة الثوابت الوطنية والسياسية التي طرحتها تفتقد الى آلية تنفيذية وبرنامج "أولويات"، وان الوضع المأزوم يحملها على خفض سقف طموحاتها، الى درجة ان أقصى وأفضل ما يمكن ان تقوم به في الوقت الحاضر هو ترتيب البيت المسيحي الداخلي والتوصل الى توافق حول رئاسة الجمهورية حداً أدنى.
وفي موازاة غياب المبادرات المحلية وانكفاء المبادرة العربية، يتعاظم القلق الاوروبي ازاء منحى الوضع اللبناني والأزمة التي "أقفلت" سياسيا وما تزال مفتوحة أمنيا على تطورات واحتمالات، أقل ما يقال فيها انها تنقل البلاد الى حالة الفوضى وعدم الاستقرار، وتفتح ثغرة أمنية خطرة تتسلل منها عناصر التطرف.
وتحت وطأة هذا القلق يندفع المجتمع الدولي الى تقديم الدعم السياسي والاقتصادي لحكومة السنيورة، وتوفير سبل الصمود لها والى ارسال المساعدات الأمنية والعسكرية للجيش اللبناني وقوى الأمن الداخلي، نظرا الى المهمات الكبيرة التي يقومان بها في الداخل وعلى الحدود.
وتؤكد مراجع دبلوماسية غربية بارزة في بيروت لكل من تلتقيهم ان الدول الفاعلة في مجلس الأمن الدولي لا تؤيد ادخال تعديلات من جديد على مسودة اتفاق إنشاء المحكمة الدولية بما في ذلك نظامها الأساسي تحديدا. وقد أبلغت الولايات المتحدة وفرنسا أكثر من طرف عربي واقليمي ومحلي ان اي قراءة لبنانية داخلية لمسودة الاتفاق وفقا لمبادرة عمرو موسى أمر لا يمكن تعطيله، خصوصا ان البلدين يدعمان تحرك موسى، الا ان المهم في اعادة طرح هذا الموضوع هو عدم المساس بالنظام الأساسي للمحكمة. وتؤيد روسيا هذا الموقف وهي التي شاركت بفاعلية خلال شهر ونصف الشهر في الدرس المغلق في مجلس الأمن للمسودة وصياغة بنود أساسية فيها.
ومع توقيع الأمم المتحدة على اتفاق إنشاء المحكمة يثبت ان اعادة النظر فيها كمبدأ وأسس غير وارد إطلاقاً على المستوى الدولي، ولم يبق أمام لبنان سوى الإبرام في جلسة لمجلس النواب تتوافر فيها الأكثرية المؤيدة ، لكن مفتاح الباب للبحث في الموضوع يبقى في يد الرئيس بري ، وخلفه قوى المعارضة المتحالفة مع سورية ، والتي يبدو أنها مستعدة لإشعال لبنان من أجل منع تشكيل هذه المحكمة .