وعيٌ على ذكرياتي: حـبٌ في البصره (2)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
" سلامٌ على حاقدٍ ثائـرِ & & & &على لاحبٍ من &دمٍ &سائرِيَخِبُ ويعلمُ أن الطريقْ & & & &لابـد مُفـضٍ & الـى & آخـرِكأن بقايا دمِ السابـقـيـن & & & &ماضٍ يُـمـهـدُ & للحـاضـرِوليسَ على خاشعٍ خانعٍ & & & &مـقيـمٍ على &ذلـهِ & صابـرِعفا الدهرُ عن طللٍ داثرِ & & &وعـن &مَغنـمٍ &كـاسـدٍ بائـرِيَغُـلُّ يد الشعبِ عن أن تُمدّ & &لكسرِ يـدِ الحاكـمِ &الجائـرِويأمرهُ أن يقـرَّ النـزول & & & على إمـرةِ &الفاسقِ الفاجرِ&سلامٌ على مُثقَـلٍ بالحديد & & & ويشمـخُ &كالقاـئد &الظافـركأن القيودَ على معصميه & & &مفاتيـح &مستـقبـلٍ &بـاهـرِ&أقول لِـمُـلقىً بتلك الجباب & & & هـزوءٍ باهـوالـها ساخـرِ&سميرَ الأذى والظلامِ الرهيب &خلا الحيُ بعدكَ من سامرِسَلمتَ فإنكِ في ناظري & & & & فإنْ غبتَ عنهُ ففي خاطري
" اين هم المثقلون بالحديد.. بالقيود.. المرمين بالجباب.. اين هو سمير الاذى والظلام الرهيب؟! نحن في مضارب سمّـار بني حمدان المترفة النّيرة.. "أطلعته على تواجدي عند القائه القصيدة في نادي المحامين في البراضعية، وانا ابن الرابعة عشرة، وكيف أن القصيدة وتفاعل الشباب المثقف من الحضور كان مظاهرة صاخبة، ضجت فيها القاعة بالهتافات والتصفيق (بالطبع لم أطلعه على هتاف أختي الكبرى أميرة، وكانت في مطلع شبابها آنذاك، حين قفزت وقد أخذها الحماس والانفعال، واقفة فوق احد المقاعد لتهتف بصوت عال " يعيش أبويَّ! "..).&سجين آخر ينشد مقاطع من دجلة الخير.. ثالث يتغنى بمختارات من (يا أم عوفٍ).. انهمرت الاسئله كالمطر..&.. اين يعيش الآن؟.. كيف يقضي اوقاته هناك؟.. من يقابل؟.. ماهي آخر قصائده؟.. أما آن له ان يعود!.. متى تتوقع ذلك؟.. كان للجلسة ان تستمر حتى ساعة متأخرة من الليل لولا اعتذاري بأن هنالك واجبات تنتظرني في الردهة الخافرة.&- زرنا يا دكتور بين الحين والآخر!- لقد زرت مكانكم هذا مرارا في الخمسينات..&- ستختلف زياراتك لنا.. ستكون جلسة للشعر مع فنجان قهوة.&
التحقت بالمستشفى طبيبتان مقيمتان.. جنان ومريم.. سكنتا في دار المقيمات المجاور لدارنا.&.. اهتممنا بظهرنا اكثر من ذي قبل.&
لا يزال عددنا لا يكفي ليلتزم كل بردهتة..&كنت الطبيب الخافر في ردهة الدكتور سامي بني للاطفال.. حين هرعت أم مرعوبة شبه مجنونة.. بملابس لا تكاد تستر جسدها، حملت فوق يديها طفلة في الخامسة من العمر متوزمة، محمرّة الوجه.. تسيل رغوة حليبية من فمها، مع عسر شديد في التنفس. .. وضعتها الأم على سرير الفحص.. أخذت الأم تخمش وجهها باظافرها لتدميه.. وتنظر اليّ مستنجدة دون كلمة.. تحاول ان تقول شيئا فلا يصدر عنها الا فحيحا.&استرعى انتباهي على الفور ازرقاق شفتي الطفلة.. تفحصت اصابعها واظفارها.. هنالك ازرقاق ملحوظ ايضا.. فتحتُ باصبعيّ جفنيها.. بؤبؤ ابري التضيق.. الصدر مليئ بخرخشة الوذمة الرئوية.. دقات القلب متباطئة..&دخل رجل في اواخر العشرينات.. مضطربا، مبعثر الحواس.. قدّرت أنه والد الطفلة&-خبرني وبسرعة وباختصار.. ما الذي حصل للطفلة؟..&-لقد كان الاطفال يستحمون مع والدتهم في حمام البيت.. وحصل ما تراه يا دكتور.&-اسمع يا رجل!.. قل الحقيقة!.. اني اشك بحالة تسمم، مالم تخبرني الصدق فورا ساعتبرها قضية جنائية واستدعي الشرطة للتحقيق.. قلت بغضب مهددا.&لم تكن إلا لحظة تردد قصيرة ليردّ بعدها، وهو ينظر الى زوجته بين الحين والآخر:-لقد ادخلتْ زوجتي اطفالي الثلاثة الحمام واستعملت لغسل شعرهم مادة لقتل القمل كانت متوفرة لدينا في البيت..&-ماهي هذه المادة؟- لا اعرف اسمها لكنها مادة من مبيدات الحشرات الزراعية، وانا اعمل في هذا المجال.&طلبتُ منه الذهاب الى البيت باسرع ما يمكن وجلب علبة المبيدات التي استعملت.&.. قمت بالاتصال بالدكتور سامي بني واخبرته عن وجود حالة مستعجلة قد تتطلب وجوده..&.. تفحصت الطفلة المريضة من جديد..&".. تضيق ابري في بؤبؤ العين!.. هنالك شيء في الجهاز العصبي المركزي هو السبب في هذا التضيق!.. ماالذي يوسع حدقة العين؟! الاتروبين.. الاتروبين متوفر تحت يديّ في غرفة الفحص!.. الاب قد يتأخر لجلب المادة التي أدت لهذا التسمم.. وحتى الطبيب الاستشاري بني قد يتأخر.. لن أنتظر.. لن أنتظر!! "زرقتُ الطفلة بالاتروبين.. لا تحسن في وضع البؤبوء، ولا في الاحتقان والوذمة الرئوية.. ربع ساعة وقمت بزرقها جرعة ثانية.. وثالثة.. ورابعة..&.. البؤبؤ يتوسع قليلا.. دقات القلب تتحسن بعض الشيء.. اواصل الزرق..&حضر والد الطفلة وبيده علبة معدنية.. سارعت الى قراءة ماكتب على ظهرها:(في حالة التسمم، المادة المضادة هي الاتروبين)!&.. تفاءلت خيرا ودعوت الله وانا اواصل زرق الاتروبين..&حضر رجل آخر- هوخال المريضة- يحمل على يديه طفلا جميلا كالفراشة، في الثانية من عمره، ممتليء الجسم ابيض البشرة، بشعر مفلفل اشقر، بعينين بزرقة البحر.. نفس الاعراض ولكن بصورة اشد بكثير..&.. شبه اختناق (تشنج في الرغامة) وعسر تنفس شديد مع صفير في الشهيق والزفير ورغوة حليبية تسيل على جانبي فمه ووذمة رئوية.. إنه يغرق بسوائله.&.. لم انتظر قدوم الدكتور بني.. رفعت سماعة التلفون واتصلت بصديقي وزميلي من ايامي في كلية الطب ببغداد، اخصائي التخدير الدكتور بدروس ديكران ورجوته أن يقدم على عجل لحالة تستدعي وضع انبوبة في الرغامة عن طريق الفم..&.. يحضر بدروس.. يدخل انبوبة في الرغامة..&.. يترك سامي بني عيادته ويأتي على عجل..&ها قد أحضروا صبيا في الثالثة بحالة حرجة تشبه طفل السنتين تلك الفراشة الملوعة..&.. قام الدكتور بني بمواصلة الزرق بالاتروبين للطفلة الاولى (ذات الخمس سنوات).. وكذلك الطفلين الاخرين الحرجين..&فقدنا الطفل ذي الثلاث سنوات عند منتصف الليل..&طفل السنتين، تلك الفراشة الجميلة، لايزال وضعه حرجا.. نجلس نحن الثلاثة بجواره.. يسارع الدكتور بني بين الحين والآخر بمحاولة لايقاف مظاهر العجز الكلوي والكبدي بالادوية.. يستمر بدروس بسحب السوائل الراشحة في الرغامة والرئتين..&.. عند الفجر رفرفت الفراشة الجميلة وطارت في مجاهل الابدية.&قمنا حزانا متعبين منكسي الرؤوس.. توجهنا لتفقد الطفلة التي كانت اول من استقبلها في الردهة.. بدت عليها بعض علائم التحسن.. لقد زال الخطر.&.. قبل ان يخرج الدكتور سامي بني من ردهته.. امسك بكتفيّ.. نظر بعينيه العسليتين المجهدتين الى عينيّ الاكثر إجهادا:-لولا مسارعتك بالتدخل قبل أن نحضر، لما عاشت هذه المريضة ايضا.. لقد اعطيتها عمرا جديدا.&.. مرت سنين كثيرة، لالتقي بالدكتور سامي بني ليحدثني: " ما من دورة اطباء جديدة تأتي الى ردهتي، حتى اضرب بك مثلا على استعمال التقدير الشخصي السريع في الحالات الحرجة، حتى وإن كنت في اول طريقك الطبي.. ".. في مطلع الثمانينات تحضر (سهام) طفلة التسمم المعنية، مع والدتها، الى عيادتي في البصرة لتدعواني لحضور حفل عقد قرانها..&
اليوم هو الاربعاء.. ردهة الدكتور يعقوب بني للامراض الباطنية هي الخافرة..&.. شحاذو البصرة وجياعها يتوافدون باعداد غير قليلة، آملين عبر مظاهر الامراض المزمنة التي يعانونها، عدا مرض جوعهم الازلي، أن يسعفهم المرض وطبيب العيادة الخارجية الخافر، في دخول ردهة النعيم الموقت، ردهة الدكتور يعقوب بني&.. لقد كنت انا ذلك الطبيب الذي تنعقد عليه الآمال.. كنت الطبيب الخافر لذلك اليوم.&هولاء الجياع، مرضى كانوا أم متمارضين، يعرفون تمام المعرفة طيبة الدكتور يعقوب بني اللامتناهية.. هذا الانسان العظيم واسع العلم والنبل..&.. عيادته متاحة مجانا لفقراء البصرة وشحاذيها، وردهته تحظى برعاية لهم لا مثيل لها حتى عند الاطباء الاختصاصيين الآخرين البارعين في اختصاصاتهم ورعايتهم.&.. (عبدْ عونْ) الشحاذ المترهل المتوزم، الذي اراه في مكانه الثابت من جسر سوق المغايز، كان اول القادمين الى العيادة الخارجية، وليست هي المرة الاولى التي استقبله فيها أثناء خفاراتي..&.. نفس الاعراض كسابقاتها، مظاهر ارتفاع ضغط الدم وعجز القلب مع الوذمة الرئوية..&.. لابد من ادخاله ردهة الدكتور يعقوب، حتى وإن كنت اعرف انه يستحضرهذه الاعراض، بأن يلتهم حفنة كبيرة من الملح قبل قدومه بساعات.. فينتفخ ويغرق بسوائله.&.. احيله الى الردهة فورا وسيتكفل الدكتور نعمان السامرائي، الخافر هناك، باسعافه بمركبات الديجتال، وادوية الضغط، والمدررات، وانبوبة الاوكسجين، وانا شبه واثق أنه سيفلح في انقاذه من هذه الازمة المتكررة، مثلما افلح في سابقاتها.&.. سيحظى عبد عون ولمدة اسبوع على الاقل بمكان للنوم غير رصيف الجسر الاسفلتي وبسرير مريح بأغطية نظيفة، وافطار بعد زوال الخطر عند الصباح.. .. قطعة من الجبن، ومربى المشمش، وقطعة من الزبدة، ورغيفا من الخبز وقدحا من الشاي بالحليب.. يطلب عبد عون مزيدا، فلا ترد ممرضة الردهة طلبه.. ينعم بابتسامة الدكتور يعقوب وكلمته الطيبة اثناء الفحص الصباحي.. ثم يأتي الغداء بصحن الشوربة ومرق ورز وخبز.. في المساء سينعم بوجبة عشاء دافئة وممازاحات الدكتور نعمان، الحقن العضلية وبعض الادوية المرة سيجد فيها لذة الوخز وعسل المرارة.&.. ادخلتُ آخرين من نفس شاكلته، حتى ولو كانت حالاتهم لا تستدعي بالضرورة الادخال العاجل، تاركا بضعة اسرة في الردهة للحالات الطارئة الحرجة الحقيقية المتوقعة.&حقوق الشحاذين والجياع بادخالهم محفوظة عندي.. اسبوع من جنة الشبع ونعيم الراحة والتعامل الانساني محفوظة لدى الدكتور العظيم يعقوب بني في ردهته.&
ها قد قدم (موزان) الى ردهتي الخافرة.. ردهة الدكتور النعمة.&موزان ملّاك بساتين صغيرة في منطقة البوارين، في مطلع الخمسينات من عمره، مصاب بتضخم القلب نتيجة ضغطه الدموي المرتفع.. الدكتور النعمة طبيبه المتابعفي العيادة والمستشفى.. يصاب بعجز القلب والوذمة الرئوية بين الحين والآخر..&.. يدخل الى الردهة وهو بين الحياة والموت، فاسارع اليه، فمن زرق بمركبات الديجتال الى مخفّضات الضغط، فالمدررات وقناني الاوكسجين..&.. تزول ازمته عند الفجر.&حين اعود الى الردهة بعد استراحة قصيرة في الدار عند مطلع الصباح، اجد موزان، وكعهدي به في المرات السابقة، جالسا متكئا على استراحة السرير المرتفعة وعلى لوح الطعام امامه قنينة عطر شرقي صغيرة، وقنينة زيت للشعر، ومرآة صغيرة.. يسرّح شعره الاسود المزيت، فارقا اياه على جانبي رأسه، متأملا وجهه الاسمر الممتليء وعينيه المكحلتين وتسريحته، يميل برأسه قليلا شمالا ويمينا،.. تلوح بسمة اعجاب فوق شفتيه، وزهوٌ فوق ملامح وجهه..&.. يأخذ بدندنة اغنية ريفية بصوت خافت، غامزا بعينه لمساعدة الممرضة الجديدة المتدربة..&-اللهْ!! الله ْ.. فدوةْ أروحْ لهلْ الوجه الورِدْ.. بعدْ رويحتي ما تجيبيلي بإيديج الحلوه شوّية ميّه.&.. يُخرج من كيس يضعه تحت وسادته عقودا حجرية ملونة واسورة فضية ظريفة وقنينتي عطر شرقي صغيرتين.. يبدأ بمغازلة الممرضات ومساعداتهن المتدربات ثم يمنحهن هذه الهدية او تلك.. ينظر يمينا وشمالا قبل أن يقرص واحدة من خدها او من حاشية خصرها.&-صباح الخير موزان.. اللْيشوفَكْ اليوم مايصدْكَـ ذاكْ الليْ شفناه البْارحهْ..&.. احييه وابدء بقياس ضغطه وتسمّع قلبه ورئتيه وارى شدة الوذمة عند كاحليه.&- كَـِـلي موزان ما تِـزَوَجِـتْ بهلْ جم شهرْ الفاتَنْ-موعيبْ دَخَتورْ، انا ابوك يا ريسان!! ليشْ آنَـه موْ رِجّالْ!!-ومِنوُ هايْ المحظوظةْ الجديدة؟-صْبيّـه والله وتضوي ضوي يادختور.. حْليوّهْ وبِنـْتْ العشرين.&-وهاي شكد رقمه؟- رقم سبعة ,, وعيني علَ الثامنه.&- شلون يصير والشرع يكول اربعة.&-تروح القديمة وتجي الرابعة الجديدة.. القديمات إلهنْ بيتهنْ ومصروفهنْ وكل ما يلزمهنْ.&- ومينْ تْدْبّـرْ فلوس العُروس الجديدة؟-ابيعْ جِريبْ لو جِـريبين من بساتيني وادفع المهر والشْبكةْ.. بربكْ دَخَتـورْ بستانْ بنخلات يابسهْ لو عُـروسْ ريانة تنْطيكْ عمرْ جديدْ؟!-لا والله عٌروس ريانة يا موزان.&قبل أن يغادر موزان الردهة وقد اجتاز بسلام ازمته الصحية، دعاني لزيارة بساتينه وزوجاته في البوارين.. وعدته بتلبية الدعوة الكريمة قريبا. &
كنت قد اكملت جولتي الصباحية حول اسرة المرضى.. كتبت تشخيصي للمرضى الجدد في الطبلات المعلقة على مقدمة الاسرة وتفاصيل تطور حالات المرضى خلال الليلة الفائتة والادوية والتعليمات للممرضات وللممرض الاقدم ونوع الحمية الغذائية للبعض.. اكملت جولتي الثانية مع استاذي، اخصائي الردهة الدكتور مصطفى النعمة، ليوافق او ليصحح ما كتبت بعد فحصه لهذا المريض او ذاك...&. غادر الدكتور النعمة الردهة.. بدأت اراقب الادوية الموزعة او تلك التي ستوزع لاحقا بمواعيدها خلال اليوم..&.. اخبرتني الممرضة زهور بأن الدكتور مصطفى الخضار قد اتصل تليفونيا اثناء جولة المرضى وطلب حضوري الى غرفة الادارة.&.. حييتُ الدكتور الخضار تحية الصباح..&-دكتور فلاح، لقد اتصل مدير السجن ليخبرني بضرورة حضور طبيب السجن المكلف بعد منتصف هذه الليلة لمتابعة عملية الاعدام هناك.. وحسب علمي انك انت طبيب السجن المكلف لهذا الشهر.&-معذرة ابا رافد.. لن احضر عملية الاعدام.&-هذه قوانين الدولة، إنها ليست قوانيني ولا قوانين الصحة، حتى ولا قوانين ادارة السجن.. يجب حضور طبيب مراسيم الاعدام.. أنا مثلك اكره هذا الامر، ولكن علينا اتباع قوانين الدولة.. اضف الى ذلك إنه مجرم عات قام بجريمة قتل بشعة لاسرة بكاملها.&-معذرة والف معذرة ابا رافد.. لن احضر عملية اعدام.&-ستعرض نفسك الى عقوبة ادارية!!-عقوبتي الاشد هو زعلك مني لا العقوبة الادارية.&-فكّـرْ مليا قبل أن تقدم على موقف غير سليم!.. لديك متسع من الوقت.&غادرت الغرفة مهموما، لإزعاجي استاذي، هذا الانسان الكبير الطيب القلب.&.. ما أن خرجت من رواق الادارة الى ضوء ساحة المستشفى المشرق، وهواءها الصباحي المنعش، حتى ومضت خاطرة كالبرق كشفت ظلامات همومي..&.. عدت مسرعا شبه راكض الى غرفة المدير..&.. نقرت على الباب مستأذنا.. دخلت وعلامات الفرح الطاغي على وجهي والتي احسها الدكتور الخضار فابتسم..&-يبدو انك راجعت فكرك سريعا.. ونِعـمَ مافعلت.&-ما هو تاريخ اليوم استاذي ابا رافد؟!-الثلاثون من حزيران، اجاب بدهشة.&-الذهاب الى السجن وحضور عملية الشنق هو بعد منتصف الليل اليس كذلك؟!.. اي أن تأريخ ذلك سيكون هو الاول من تموز لا الثلاثين من حزيران..&.. لن أكون أنا في تموز طبيب السجن المكلف.&حضر عملية الاعدام، طبيب السجن المكلف بعدي في الجدول، زميلي وصديقي الدكتور نافع جنو.&
التعليقات
ذكريات جميله
نجران مرهون -جميل جدا دكتور فلاح .... اتمنى ان تتحفنا بين وقت واخر من ذكرياتك الجميله
الابن البار
h.slim -استاذي و طبيبي العزيز ...انت الابن البار حقيقة ، سرد ذكرياتك و ذكريات والدك جميلة جدا .h.slim33@hotmail.com
البنسلين البلوري
عراقية -هذه الجملة:- دَخَتورْ يرحمْ والديك إبرة من هاي اللي توجّعْ.. .. اُفـّـيشْ هايْ تَمامْ يرحم موتاك....كم سمعناها من المرضى خصوصا الريفيين والبسطاء... حقنة الينسلين البلوري crystalline penicillin مؤلمة جدا كفرصة النحل ولذلك كانوا يصرون عليها لأنهم يعتقدون أنها الشافية.... ما كان أجمل أيام الإقامة.... أيام تعلمنا أسس وقواعد العلاقة بين الطبيب والمريض... وكيف نفهم ما يحسه المريض وما يعانيه....
مفاجأة
صباح جمال الدين -عزيزي فلاحأنا أعرفك كاتباً مبدعاً ورساماً رئعاً واليوم عرفتني انك طبيب ماهر لا تقطع مذكراتك لأنك تذكرني بأيامي الجميلة في البصرة وخصوصاًطبابة السجنوخبرة المساجين بالمخدرات !!!لقد علموني عن كيفية صناعة الهيروين من الكودايينكان كل شيء جميلاً في البصرة حتى حفارة السجن !!!