قراءات

قراءة في "عروس عمان"... الرواية الأولى للكاتب فادي زغموت

-
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

من أديب لا زال يخطو خطواته الأولى في فن الرواية، أثبت فادي زغموت أنه عملاق في الأدب العربي. قص في حبكة رائعة تربط بين الفن والخيال والواقع، تصل بسهولة إلى القارىء العربي من كل المستويات، لتهز فيه المشاعر وربما تصحّي فيه الضمير... وللقارىء الغربي ليبين له مدى صعوبة نيل الحريات التي يخذها الفرد الغربي على أنها حق متاح للجميع !!

من خلال لغة عذبه، تتدفق شجاعة الكاتب وجرأته في كل صفحة من الرواية. لتفتح المسكوت عنه في المجتمع الأردني. بطريقة بارعه تشد إنتباه القارىء وتحثه على عدم وضع الكتاب إلى أن ينهيه. حينها يستشعر القارىء بأهمية كل كلمة فيه ويعود مرة أخرى للكتاب...&يعيش القارىء مع الكاتب، مأساة مجتمع يتعفن من جراء ثقافة إجتماعية مسنودة بالدين، يعاني شبابها في إجبارهم على حياة مزدوجة.. من خلال قصص خمسة من الفتيات في عمر الزهور، بيّن الكاتب ’ظلم الأهل و’ظلم المجتمع. وأحيانا تقبلنا كنساء للظلم طواعية، لأنه لا مفر من التماشي مع الموجود. حفاظا على كرامتنا التي لا ’تحترم إلا من خلال إسم رجل. وحفاظا على سمعة عوائلنا التي ترتبط بأجسادنا. وخوفا من تعيير أبناؤنا بسمعتنا !!&ويشعر القارىء بمدى ثقل الحمل الذي تحمله المرأة. والإحساس المتواصل بالخوف والذنب، والخوف من وصمات المجتمع. في مجتمع ذكوري أعطى لنفسه الحق في تأديبهن والسلطة على أجسادهن ويبرر قمعة لهن بهوس الشرف والعذرية..نساء وشبان يدفعوا عمرهم وشبابهم، بمعاناة ونفاق. ثمنا لقبولهم في مجتمع يرفض الإعتراف بالحقيقة، والإعتراف بالمتغييرات، وحق الجسد كحق المعدة سواء كان رجل ام إمرأة، ولكن هذا المجتمع ’يكابر ويرفض التغيير.برغم الخوف من القرب من المحظورات والمحرمات، التي يصعب بل أحيانا يستحيل التحدث فيها، ويرفضها الخطاب العام كما في مواضيع حق الجسد. نجح في توصيل رسالتة بالحرية الجسدية، بدون أن يجرح الخطاب التقليدي. ببراعة وضع السؤال وترك الإجابة عليه للضمير الجمعي.لفت نظري في الرواية تعامل العائلة المسيحية مع زواج إبنتها من المسلم !!! وثورتها ورفضها للفعل نفسه. ولكن الرفض توقف عند حد الغضب، ولم يتصاعد إلى قتل الشرف كما هو ’معتاد في مثل هذه المجتمعات المغلقة والمحافظة ؟؟&يقول الكاتب بأن أهم اهدافه كان الوصول إلى المجتمع الأردني، ويدق ناقوس خطر النفاق والحياة المزدوجة. لأنه آن الأوان لبحث ونقد هذا الإنغلاق والإزدواجية. وأن النقد الذاتي اول خطوة للعلاج النفسي الصحيح لخلق مجتمع سوي وصريح وبلا خوف.وأن الضغط الإجتماعي الذي يواجهه الشباب من الفئتين للإمتثال لقيم مجتمعية تتلحف بالستر والعيب، تولد طاقة سلبية تؤذي حاملها، ولا تساهم في بناء الشخصية السوية والمنفتحه والصادقة مع نفسها.بيّن الكاتب من خلال روايته، كيف ’نخفي أنفسنا بغربال وندّعي بأن مجتمعاتنا المؤمنة لا زالت أفضل من كل المجتمعات الأخرى التي واجهت نفسها بصراحه وصدق.. النفاق الذي نمارسه بحيث تبقى مجتمعاتنا في نقطة الصفر ونعود للتشدق بأننا خير امة أخرجت للأرض..نعم، تمزقت وأنا أقرأ الرواية.. فمن جهة عشت لحظات من عمري من حياة كل من بطلات الرواية، ومن جهة أخرى، تمزقت كيف تدوس العادات والتقاليد على أرواحنا. ولكن ما قتلني كيف تستطيع الغالبية العظمى منا الصمت والسكوت عما يدور في مجتمعاتنا وينتهك أرواح بناتنا ومجتمعنا !! !من أصدق ما قرأته خلال سنين عمري كلها. جديرة بالقراءة من كلا الجنسين المرأة والرجل. ستجد شيئا من نفسك في شخصيات الرواية، وستشعر الصراع الداخلي الذي يكوينا جميعا ،ونحن نحاول الوقوف بينما نترنح من الإجهاد النفسي. والتمسك بعادات وتقاليد، نعلم يقينا انها ظلمتنا وحرمتنا من الإستمتاع بحياتنا، والإستقلال بذواتنا في مجتمع يصر على تملكنا وإمتلاكنا، ولا يعطينا الثقة أو التعاطف ولا الغفران في محننا..&صحة مجتمعاتنا النفسية تتوقف على الصدق مع النفس والصراحة. كلاهما نتفاداه بينما هو يقف كعقبة كبيرة في طريق التحضر، والصحة المجتمعية.. فتحت الستر والعيب، تدفن أحلام بناتنا وهن أحياء. وقد يدفنوا حقا تحت مبرر الشرف.. آلة القتل التي تنتظر الكثير من فتيات الطبقة الفقيرة والمتوسطة تبقى مشرعه على رقابهن ؟القصة كسرت الحدود الجغرافية العربية لأن معاناة المرأة والرجل تتشابه في هذه المجتمعات. ويربط بينها ضعف القانون وإنعدام العدالة والإضطرار للتماهي مع ما نرفضه قلبيا وقد يتنافى مع العقل والوجدان.&فادي زغمط نجح في أن يكون أول رجل نصيرا للمرأة على كل الأصعدة بصدق وبوضوح وبأمانة... وبيّن بما لا يدع مجالا للشك بأننا بشر مثل الآخرين وإن لم نعترف بما هو موجود في مجتمعاتنا ونقننه أو نجرمه سنبقى في دائرة الكذب على أنفسنا وعلى اطفالنا..&&&

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف