أخبار

الصحافة الإلكترونيّة... حراك متنامٍ يغمر صحافة الحبر والورق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
السنة العاشرة لـ "إيلاف" والصحافة الإلكترونيَّة العربيَّة

شهد العقد الماضي تحديدًا، ارتفاعًا منقطع النظير في أعداد مستخدمي الشبكة العنكبوتيَّة. ويخطَّ الاقتصادي الأميركي لستر ثرو مفهومًا معاصرًا للنجاح حين يقول في كتابه (المتناطحون) إنَّ "الفائز في القرن الحادي والعشرين هو من يمتلك مفاتيح القوة التكنولوجية والمعلوماتية". من هنا، كان لا بدَّ لـ إيلاف التي تحتفل اليوم ببدء سنتها العاشرة أونلاين من التوقّف عند محطات تكنولوجيَّة بارزة أحدثت تغييرًا في مجال الإعلام الالكتروني.

قبل عقود ليست بالبعيدة، كان الحديث عن مستقبل تغلِّفَه التكنولوجيا المعلوماتية من كل حدب وصوب أشبه ما يكون بسرد رواية من روايات ألف ليلة وليلة. فالحياة آنذاك، وإن كان بها قدر من التقدم بفضل بعض التقنيات التي كان العلماء والباحثون يستعينون بها في مجالات عديدة، إلا أنه لم يكن من المعلوم حينها ما تخفيه ثورة عصر الإنترنت وعصر السماوات المفتوحة من قفزات مذهلة في ما يتعلق بنقل المعرفة والمعلومة.

مع مرور الوقت، بدأت تحدث طفرات تقنية سريعة في قطاعي الميديا والاتصالات، وهو ما بلغ ذروته بعد ظهور شبكة المعلومات الدولية في نهاية عقد الثمانينات وبداية عقد التسعينات من القرن الماضي، بفضل الجهود التي بذلها في هذا الجانب السير تيم بيرنرز لي، ومن ثم تحول الإنترنت إلى شبكة عالمية.

ومع تحول العالم إلى قرية صغيرة، تنوعت الاهتمامات، وتزايد إقبال المستخدمين على الشبكة العنكبوتية في ميادين مختلفة، إلى أن ظهر في وقت لاحق ما بدأ يُعرف بـ "الإنترنت التفاعلي".

مستخدمو الانترنت

مع هذا التطور، يشير موقع احصائيَّات الانترنت في العالم إلى أنَّ أعداد مستخدمي الانترنت في العالم يتزايد بمعدّلات هائلة، تفوق معدّل النمو السكاني بمراحل. وقد شهد العقد الماضي تحديدًا، ارتفاعًا منقطع النظير في أعداد مستخدمي الشبكة العنكبوتيَّة.

ففي العام 2000، اقتصر عدد مستخدمي الانترنت على 361 مليون مستخدم في العالم. أمَّا في العام 2009، بلغ عدد مستخدمي الإنترنت 1734 مليون مستخدم، أي بنسبة زيادة قدرها 380% أو ما يمثّل حوالى ربع إجمالي سكان العالم. في حين ارتفع عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي - طبقاً لبيانات إحصائية حديثة بنسبة 228٪ من 16.5 مليوناً فقط في العام 2004 إلى 56 مليوناً خلال العام الجاري.

وشهدت مصر النسبة الأعلى من الزيادة (20٪)، تلاها المغرب (18٪) ثم المملكة العربية السعودية (17٪)، بينما حققت الإمارات العربية المتحدة أعلى معدل انتشار للإنترنت في المنطقة بلغ 60٪ من تعداد السكان. ويبلغ عدد الحواسيب الشخصية في الشرق الأوسط الآن 26 مليون جهاز، بعد أن كان 11 مليون جهاز في العام 2004.

عصر المعلومات

وبالاتساق مع الدور المتعاظم للإنترنت في مختلف أوجه الحياة اليومية، توقّع مؤسس شركة مايكروسوفت للبرمجيات بيل غيتس "أن تحدث الشبكة العنكبوتيَّة خلال السنوات المقبلة تأثيرًا عميقًا على أنماط العيش والعمل والتعلم". ويرى غيتس أنَّ الإنترنت أضحى يشكل محوراً لاهتمامات الشركات والحكومات والأفراد في جميع أنحاء العالم، ما أحدث ظهور صناعات جديدة تمامًا، وتحويل صناعات أخرى قائمة، وأصبح ظاهرة ثقافية عالمية.

ويرى غيتس كذلك أن السر الذي يقف وراء تحول الإنترنت إلى تقنية قوية ومُقنِعة، يكمن في ذلك النطاق المحصور بين المفهوم الذي حظيت به الشبكة العنكبوتية في المجتمع الأكاديمي وبين تطويره وتسويقه المتلاحق من جانب القطاع الخاص، إلى أن أصبح وسيلة ذات طبيعة مستقلة لتبادل المعلومات، وبمقدورها أن تنمو بصورة عضوية، وأن تعمل بصورة صحيحة بقدر ضئيل من الإدارة المركزية.

نتيجة لذلك، لم يعد من المستغرب أن نجد من يصفون العصر الذي نعيش فيه الآن بعصر المعلومات أو "عصر الحاسوب" أو "حقبة المعلومات". ولم لا، والأفراد باتوا قادرين الآن على نقل المعلومات بحرية، والوصول بسرعة للمعرفة التي كان من الصعب أو من المستحيل الحصول عليها في السابق. وهنا ترتبط الفكرة بمفهوم العصر الرقمي أو الثورة الرقمية. حيث نجد أن شبكة الإنترنت قد أصبحت اليوم بمثابة المنصة الأساسية لتسريع تدفق المعلومات، كما أنها تمثل أسرع أشكال الإعلام نمواً.

وإدراكاً من جانبهم أن تلك الفورة المعلوماتية "العنكبوتية"، التي ظهرت قبل سنوات، لن تكون مجرد فقاعة سرعان ما ستزول بعد فترة من الوقت، كان لأصحاب الرؤى الأوسع والفكر الأنضج في بلاط صاحبة الجلالة السبق في خوض مغامرة تحويل الصحافة الورقية المطبوعة إلى العصر الرقمي. وهي التجربة التي تثبت السنوات - عاماً بعد آخر - أنها ستكون بمثابة طوق النجاة الذي ستتعلق به يوماً ما صناعة الصحافة، في ظل التحديات والصعوبات التي باتت تجابهها المطبوعات الورقية على طول الخط.

الصحافة الالكترونية

وفي الوقت الذي أضحت تُعَرَّف فيه الصحافة الإلكترونية بأنها إنتاج وتوزيع لعملية الإبلاغ عن وقائع وأحداث عبر شبكة الإنترنت، تؤكد تقارير إعلامية استمرار تنامي هذا النوع من الصحافة خلال عام 2009. كما تبين أن أعداداً متزايدة من الأميركيين بدأوا ينصرفون خلال العام 2008 عن الصحف الورقية المطبوعة، متوجهين إلى الإنترنت، باعتباره الواجهة المفضلة بالنسبة إليهم للحصول على الأخبار الخاصة بشؤونهم الداخلية وكذلك شؤون العالم الخارجي. كما استمر تزايد أعداد متصفحي المواقع الإخبارية بسبب إطلاق مواقع جديدة، وتواصل الاستثمار في أخبار الإنترنت من قِبل وكالات الأنباء التقليدية، مع اكتشاف المزيد من مزايا هذا العالم، وعلى رأسها الراحة والسرعة والعمق.

آفاق أوسع

مواكبة تطور الوسائط الإعلامية والجيل الجديد من أجهزة الهواتف الذكيَّة، وأجهزة القراءة الإلكترونية، انتقلت صحافة الإنترنت إلى آفاق أوسع بعد أن بات من السهل تصفح المواقع التي تقدم المحتوى الإخباري (بكافة أطيافه وأقسامه) في أي مكان وزمان، بعيداً عن أي قيود تقليدية قد تواجه جمهور الصحافة الورقيَّة. بالإضافة إلى سهولة العودة إلى أرشيف الصحيفة وأعدادها السابقة عبر موقعها على شبكة الإنترنت.

تقنيّات ذكيَّة

عزّز انتشار ثقافة الإنترنت ظهور العديد من الأدوات التقنية التي تيسّر للقارئ الاتّصال بالشبكة العنكبوتيَّة ومتابعة ما يدور في رحاب عالم يكسر كلّ الحدود. كمثال، تنتشر اليوم الهواتف الذكيَّة على غرار آي فون وبلاك بيري وسوني ريدر، وبينها المزودة بتطبيقات متطورة تتيح لمستخدميها الإتصال بالإنترنت وتصفح المواقع التي تروق لهم.

وتشهد التكنولوجيا فورة في مجال الابتكارات التقنيَّة وليدة العصر، مثل القارئ الالكتروني "كيندل" الذي طرحته شركة أمازون ويتيح تحميل مئات الكتب لاسلكياً وتصفّحها إلكترونيّا، بالإضافة إلى إمكانيّة متابعة الصحف والمجلات والمواقع المتخصصة. وفي هذا المجال أيضًا، برز حاسوب آبل اللوحي الجديد "آي باد"، فعلى الرغم من إمكانية استخدامه بطرق عديدة، إلا أن أفضل استخدامات الجهاز تتمثل في الاستعانة به كقارئ إلكتروني، حيث يتيح لك قراءة الصحف والكتب الإلكترونية أو مشاهدة الأفلام ومقاطع الفيديو.

وما يضمن كذلك تفوق الصحافة الإلكترونية على نظيرتها المطبوعة، هو اتساع نطاق جماهيريتها بين قطاع عريض من فئة الشباب، وذلك لأنهم لا يتعاملون معها على أنها مجرد وسيلة للإطلاع على أحدث الأخبار في كافة الميادين فحسب، وإنما يتعاملون معها كذلك من منطلق أنها منصة يمكنهم الارتكاز عليها في التعبير عما يجول بخاطرهم من أفكار، ويعبِّرون بوساطتها عن آرائهم، عبر تعليقاتهم، التي يحرصون على التفاعل من خلالها مع ما ينشر من محتوى على كافة هذه المواقع الإعلامية.

وإدراكاً من جانبها لأهمية الإنترنت في عصر الصحافة الإلكترونية بالنسبة إلى تلك الأجهزة، ردّت "آبل" على من يقولون إن بالإمكان تصفح الإنترنت على الهواتف الجوالة أو أجهزة الآي فون، وقالت إن المُعالِج المُستخدم في جهاز آي باد أسرع بكثير مما هو متاح لأي هاتف جوال.ويقول المهتمون بصناعة الكمبيوتر إن آيباد يعزز بقوة آمال شركة آبل في زيادة سيطرتها على الكتاب الالكتروني وكل ما ينشر على الانترنت من صحف ومجلات.

وبينما سبق لشركة فوريستر ريسيرش (المتخصصة في أبحاث السوق) أن توقعت ازدياد مبيعات أجهزة القراءة الإلكترونية الأميركية في عام 2010 من 2 إلى 3 ملايين وحدة، تنبأ دنيس لوي جونسون، ناشر بيت ميلفيل للصحافة في بروكلين، بأن يكون هناك ثمة نوع من أنواع التعايش بين القراءة الورقية ونظيرتها الإلكترونية على المدى البعيد. وبحسب نتائج خلصت إليها شركة كوديكس غروب المتخصصة في تحليل صناعة النشر، فإن 13 % من الأميركيين البالغين الذين اشتروا كتاباً واحداً على الأقل خلال العام المنصرم، يمتلكون قارئاً إلكترونياً، أو يخططون لامتلاك واحد العام القادم.

وتأكيداً على حقيقة النفوذ الذي بدأت تكتسبه الصحافة الإلكترونية على حساب منافستها الورقية خلال الآونة الأخيرة، سبق لرابطة الصحف الأميركية أن أشارت، وفقاً لآخر بحث أجرته، إلى انخفاض معدل توزيع الصحف الورقية، على الرغم من تزايد معدل الإقبال على قراءة الصحف بين الشباب، لكن عبر الإنترنت. فمواقع الصحف على الإنترنت ساهمت في زيادة عدد جماهير قراء الصحف بين البالغين من العمر 25 إلى 34 عاماً، بمقدار 13.7% و 9.2% بين البالغين من العمر 18 إلى 24 عامًا.

ومما لا شك فيه أن العادات الجديدة للقراءة الإلكترونية قد ساهمت في خلق ونمو وتفعيل مجتمعات ثقافية وإبداعية ذات صبغة حديثة، تأتي في مقدمتها الصحافة الإلكترونية، التي استطاع القائمون عليها أن يضيفوا إليها أبعاداً، ويطوروها بصورة مستمرة، إضافة إلى مجتمعات المدونات، ومجتمعات المنتديات، والمواقع المختلفة التي تقدّر أعدادها بالملايين، وهو ما أدى إلى تولد حراك ثقافي وإبداعي كبير ليس فقط على الشبكة العنكبوتية أو في الواقع الافتراضي، وإنما في الواقع الفعلي كذلك.

أما بالنسبة إلى السوق الإعلانية التي بدأت تلقى رواجاً على شبكة الإنترنت، فيمكن القول إن صناعة الإعلانات على الانترنت تعد من أهم أنواع الإعلانات في الوقت الحالي في أوروبا وأميركا، وهي إذ تحاول الآن أن تنهض على هذا النهج في المنطقة العربية.

ففي مصر، على سبيل المثال، يوجد حوالى 3 ملايين شركة إعلانية، أما المُعلِنون على شبكة الانترنت فيقدرون بالآلاف. ويرى خبراء أن هذا يرجع إلى قلة المحتوى وعدم وجود دراية كافية لدى المُعلِنين بأهمية ذلك النوع من الدعاية، لكن هذا الوضع مرشح بالفعل للتغير مع وجود تفاؤل بزيادة تلك النسبة، خاصة ً في ظل زيادة عدد مستخدمي الكمبيوتر.

وهناك العديد من العوامل التي أضحت ترجح كفة الإعلان عبر الشبكة العنكبوتية، وساهمت إلى حد كبير في زيادة الإقبال عليه، من ضمنها أن تكرار الرسالة "الإعلانية أو الدعائية" ودوامها يرسخ المُنَتج في ذهن زوار الموقع المستهدفين بفاعلية عالية. وكذلك توافر إمكانية التعرف إلى مدى نجاح الحملة من خلال الإحصاءات التي تُقدَّم، والتي تُمكِّن المُعلِن من إنجاح حملته.

بالإضافة إلى نشر الإعلان المناسب في المكان المناسب وفقاً لطبيعة الإعلان والشريحة المستهدفة. وكذلك القدرة على إيصال معلومات كافية عن المُنَتج للمستخدم. كما يقل "الإعلان الإلكتروني" في تكلفته عن الوسائل الإعلانية الأخرى. وتتيح الشبكة للمُعلِن إمكانية نشر علامته التجارية المسجلة.

وفي الوقت الذي تواجه فيه تلك الصناعة عدداً من المشكلات في العالم العربي، وكذلك مصر، والتي يأتي على رأسها قلة اهتمام وكالات الإعلانات الكبرى بتلك الصناعة وعمل أبحاث في ذلك، إضافة ً إلى قلة المحتوى على الانترنت، يؤكد خبراء في تلك الصناعة أهمية زيادة المحتوى لأنه سيؤثر بالإيجابفي نسبة الإعلانات على الانترنت ويعطي تشجيعا أكثر للمعلنين، مع توعيتهم باستمرار بأهمية وجود إعلاناتهم على شبكة الانترنت.

كما أشاروا إلى أن إعلانات الانترنت الآن تنافس الإعلانات التقليدية التي تتم عبر ( الراديو، والتلفزيون، وإعلانات الشوارع ) في أوروبا وأميركا، لافتين إلى أن هذا لن يتم في المنطقة العربية إلا بعد فترة من الوقت، متفائلين بزيادة نسبة الدعاية على الانترنت نظراً للزيادة الكبيرة في أعداد المستخدمين.

ويقول محمد المهيرى، مدير شركة (CONNECT ADS) المتخصصة في الإعلانات على شبكة الانترنت والتابعة لشركة لينك دوت نت، في تصريحات صحافية، إن الفترة القادمة ستشهد إقبالاً من جانب المعلنين لنشر إعلاناتهم على الانترنت في مصر والدول العربية وذلك لعدة أسباب، من أهمها إمكانية عمل دوماين باللغة العربية، إضافة ً إلى زيادة الوعي في هذا الموضوع من جانب الشركات العالمية والتي تُقدِّم خدماتها لتوضيح الأرقام الحقيقية لمرات الدخول على أى موقع مثل "EFFECTIVE MEASURE" وشركة "نيلسن" للأبحاث ولكن بمقابل يتحمله الموقع، ما يعني أن تلك الأرقام حقيقة وتعطي ثقة أكبر في التعامل مع مثل هذا النوع من أنواع الإعلانات.

وطبقا لأرقام صادرة نهاية العام الماضي عن "زينيث أوبتيميديا"، وهي شركة خدمات إعلامية، فقد نمت شبكة الإنترنت باعتبارها وسيطا إعلانيا خلال العام الماضي داخل الولايات المتحدة الأميركية بنسبة 9.2 في المائة، ليصل إلى 54.1 مليار دولار. في حين قال كين مالون، من شركة "ديناميك لوجيك" المتخصصة في إجراء البحوث :"العامل الأكبر على الإطلاق في إحراز النجاح يكمن في مستوى جودة الإعلان. بوجه عام، لا نرى اختلافات كبيرة تتعلق بالمواقع (التي تطرح عليها الإعلانات)".

وأضاف آدام كاسبر، مدير الشؤون الإعلامية الرقمية في شركة "هافاز ديجيتالز ميديا كونتاكتس" في تصريحات نقلتها عنه صحيفة النيويورك تايمز الأميركية، بقوله :"سوف تميل جهات شراء الإعلانات للإقبال على مواقع أرخص في التكلفة. وستعمل مواقع الصحف على شبكة الإنترنت بصورة جيدة عندما يتعلق الأمر بطرح منتج جديد في الأسواق والأحداث الإعلانية الكبرى، لكن تكاليف هذه الإعلانات أعلى".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف