في عصر التقنية... وداعًا للخصوصيّة!!

إعتبر خبراء سعوديّون في مجال الاتصالات والأمن والقانون أن الجدل الذي يدور حول خصوصية المستخدمين التي أثارتها قضية "بلاك بيري" خليجيًّا وتجاه عدد من الدول الى إنشاء "سيرفرات" وطنية خاصة هو جزء من الحفاظ على الأمن الوطني وكذلك الاجتماعي.

الرياض: حمل قرار هيئتي الاتصالات الإماراتية والسعودية بإيقاف بعض من خدمات "بلاك بيري" بسبب بعده عن أعين الرقابة الأمنية التي ستسهم بتوفير بيئة خصبة للتهديد الأمني والاجتماعي حسب بياناتها التوضيحية بعدًا آخر في كيفية الحفاظ على خصوصيات المستخدمين والتراسل بينهم التي يعتبرها مستخدمو هذه الأجهزة تطاولاً على الحريات الشخصية.

الاتصالات مصدر قلق أمني واجتماعي

عن تأثير خدمات "مسنجر بلاك بيري" على الأمن قال الخبير الأمني في مجال الاتصالات الدكتور فايز الشهري في حديث "لإيلاف" أن أي شبكة اتصالات تكون بعيدة عن شبكة الاتصالات الوطنية من الممكن أن تكون مصدر قلق سواء على المستوى الأمني أو الاجتماعي. وأضاف الشهري أن الرقابة لم تكن في مستوى الإحكام التام على أجهزة ومراسلات "بلاك بيري" كما هو معمول به عبر وسائل الاتصال والمراسلة الأخرى من جوال وهاتف وغيره. ورأى الدكتور الشهري أن متابعة مراسلات "بلاك بيري" غير مستحيلة وقال إن معظم دول العالم تنهج نهج الرقابة لمتابعة هذه الاتصالات والوصول إليها عند الحاجة سواء كانت للشركات أو الافراد.

الحركات المتطرفة و"بلاك بيري"

وعن إمكان استفادة الحركات المتطرفة من خدمات أجهزة "بلاك بيري" التي تتيح لمستخدميه التراسل بعيدًا عن أعين الرقابة قال الدكتور فايز إنّ الحركات المتطرفة كانت وما زالت تعمل في بيئات أصعب من وجود هذه الأجهزة، وأوضح أن التنظيمات الإرهابية لديها طرق متعددة للتشفير في عملية التراسل حتى عبر الوسائل العادية ضمن شبكة الاتصالات المحلية التي تخضع للرقابة. وأضاف أن أي وسيلة اتصالية هي سلاح ذو حدين في مدى الاستفادة منها سواء كان إيجابًا أو سلبًا موضحًا أنه تم الإيقاع بالكثير من هذه الحركات التنظيمية الإرهابية ضمن جهود الأمن السعودي من خلال استخدام وسائل الاتصالات المتعددة وفق طاقم تدريبي يعمل بشكل احترافي في فك شفرات التراسل بين هذه الفئات.

الأمن أسرع من الإجرام

وأضاف الشهري في حديثه لـ"إيلاف" أن الميزة الكبرى لهذه الأجهزة تكمن في القدرة الأمنية العالية التي تتميز بها في حفظ الخصوصيات خصوصًا في مسألة المراسلات التجارية الأمر الذي جعل الاستخدام الرئيس لـ"بلاك بيري" هو للأغراض الاقتصادية لرجال الأعمال معتبرًا أنهم هم الأكثر حساسية في مسألة كشف خصوصيات هذه التعاملات التجارية بعكس المستخدمين الآخرين الذين لا يضرهم إن كانت الرقابة داخلية أو عن طريق "السيرفرات" الخارجية في كندا إذا لم تتعارض مع الأمن الوطني. معتبرًا أنه ما دامت المعلومات مخزنة فهي عرضة للوصول والاختراق مستشهدًا بعدد من الدول التي تحمل سجلاًّ قويًّا في أمن المعلومات إلاّ أنّه تمّ اختراقها مؤكدًا في الوقت نفسه أنّ الأمن أسرع من الإجرام إذا تم الوصول إلى هذه الثغرات المستغلة.

"بلاك بيري" وسيلة للترف

وأيد خبير الاتصالات في السعودية المهندس عبد الرحمن المازي رأي الدكتور الشهري وقال في حديث لـ"إيلاف" إن أكثر من 95 في المئةمن المستخدمين هم من فئة الشباب الذين يهربون من دفع الفواتير الباهظة الثمن مستغلين التواصل الالكتروني المخصص للأعمال التجارية وسيلة للترف مع أصحابهم عكس الغرض الذي انشئ من أجله وهو الاستخدامات التجارية التي لا تتجاوز استخداماتها في السعودية سوى 5 في المئةعلى حد وصفه. وأضاف المهندس المازي أن النظام ينص على تدخل الجهات الرقابية الأمنية في حال وجود ما يستدعي التدخل الأمر الذي يتيح لها الاطلاع وفق رؤيتها للموضوع الذي يهدد بوجود ما يسيء للأمن.

المزيد في "إيلاف" :

قرّاء إيلاف يحرصون على خصوصيّة اتصالاتهم

شركات الاتصالات والخسارة الكبرى

ووفقًا لعدد من التقارير الاقتصادية فإن الشركات الثلاث المشغّلة للخدمة في السعودية كانت مهدّدة بخسارة تتجاوز الـ900 مليون ريال حال تطبيق قرار إيقاف خدمات "بلاك بيري" وقال الخبير في مجال الاتصالات المازي إن الاشتراك الشهري الذي يؤخذ من مستخدمي هذه الخدمة للشركات الثلاث مجديًا مؤكدًا أنه لو تم تطبيق القرار فسيتسبب بالضرر الكبير لها وللمستخدمين على حد سواء. وشهدت أسواق الاتصالات هبوطًا حادًّا في البيع والشراء لأجهزة "بلاك بيري" الأمر الّذيكان سيضرب المستخدمين بخسارة كبرى خصوصًا في فترة ما بعد القرار الأولي الذي أصدرته هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية قبل فترة المهلة للشركات وقبيل الاتفاق المبرم بين الشركة الكندية (RIM) وهيئة الاتصالات السعودية الذي أفضى بقبول الشركة المصنعة لطلبات الهيئة السعودية وتم بموجبه تركيب "سيرفرات" خاصة سعودية.

الاتصالات ليست بعيدة عن القانون

وعن مدى قانونية هذه الإجراءات والرقابة على وسائل الاتصالات خصوصًا أن بعض الدول ترفع شعار الخصوصية والحرية الشخصية قال أحد المحامين في حديث لـ"إيلاف" إنّ الإجراءات القانونية تكفل للمستخدم عدم تسريب أيّ معلومات خاصة أو هويات ما لم يتعارض هذا الأمر مع قوانين البلاد التي تؤكد في أساسها على عدم مسّ الأمن القومي أو تهديده بأي شكل كان الأمر الذي اعتبره المحامي القانوني الذي فضل عدم ذكر اسمه أنه يتم التعامل معها على أساس الجرائم الالكترونية الذي صدرأخيرًا في السعودية. مؤكدًا أنّ القانون باستطاعته أن يخلق جوًّا حكيمًا حال تعارض هذه الخصوصيات مع أمن الأوطان على مستوى العالم. معتبرًا أن المصلحة الكبرى للمواطنين والمقيمين هي الأهم خصوصًا أن المتعاملين لا يتمّ الكشف عن هوياتهم الأصليةالأمر الّذييستدعي تدخل القانون لضبط العملية.

ردود فعل "شبابيّة" غاضبة

وعن تطبيق قرار الرقابة على أجهزة "بلاك بيري" اعتبر محمد سالم أن قرارات هيئة الاتصالات دائمًا تعارض مصلحة كلّ من المشترك والشركة المشغلة للخدمات في السعودية، وقال إنّ القرار صدم البعض أول الأمر لكن السماح للشركات والمستخدمين أعاد الأمل خصوصًا أن الكثير من الشباب ذكورًا وإناثًا أصبح لديهم "بلاك بيري" متنفسًا للحياة على حد وصفه. فيما اعتبر وليد العتيبي أن هذه الأجهزة تخلق جوًّا من البعد عن التواصل الاجتماعي المفروض أساسًا وهو من المؤيدين للمطالبة بإلغائه، بينما اعتبرت إحدى المستخدمات أن أجهزة "بلاك بيري" أصبحت ضرورة لكثير من الشباب الذين وجدوا فيها فرصة لتوفير الأموال والاشتراك بطريقة مقنّنة وكذلك التراسل بين أصحابهم من دون حدود مؤكّدة أنّ "بلاك بيري" قتل وحدتها ومكّنها من الاستفادة من كثير من المجموعات المتراسلة بينها.