النفايات تتكوم والمصابيح معطلة والدولة مشلولة
التونسيون ينتظرون "ياسمين" الإصلاح وعينهم على مصر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
افتتحت تونس درب "الربيع العربي"، لكنها تدفع ثمن ذلك شللًا في الدولة، وتكومًا في النفايات، ما يرشح شعورًا في عدم الرضى لدى التونسيين عامة، خوفًا من الغرق في الفوضى.
بيروت: بدأت ثورة الياسمين في تونس لتشعل فتيل ثورات شعبية امتدت إلى دول عدة، معلنة بدء ما يتعارف عليه اليوم بالربيع العربي. لكن بعد خضات أمنية وسياسية عديدة، وخلع حكام ديكتاتوريين عن العروش العربية، استبدل الياسمين التونسي بالنفايات التي تتكوم على نواصي الشوارع، والحيوانات النافقة التي تلقى في العراء، في دليل واضح على الفوضى والانفلات في البلاد التي تحكمها سلطة سياسية هشة مطالبة بالرحيل من جديد.
الوضع مزرٍ
تتقاتل الأحزاب السياسية في تونس منذأشهر على دور الإسلام في الحياة العامة. وفي ظل هذا التناقض والخلاف، برزت مشكلة جديدة تضاف إلى معاناة البلاد، وهي تدهور الخدمات العامة التي تتأفف منها غالبية التونسيين.
وبالرغم من أن قلة في البلاد يندمون على الإطاحة بالديكتاتور السابق زين العابدين بن علي، وأن البلاد لا تواجه توترًا شبيهًا بمصر، إلا أن التونسيين يشعرون بغضب هائل من الوضع المزري الذي وصلت إليه بلادهم. فإلى جانب البطالة والتناحرات الحزبية، يقلق التونسيون من تراجع الخدمات العامة، التي أدت إلى ملء الأحياء بالقمامة، وتعطل مصابيح الانارة العامة، وغيرها من المشاكل التي يخشون من أن تؤدي في نهاية المطاف إلى تبديد إمكانات الثورة.
وبعد رحيل بن علي، أطلق العنان لحرب ثقافيةلا تزال مستعرة في تونس، مع المعارضة العلمانية التي تحاول طرد حزب النهضة الإسلامي الحاكم من خلال مظاهرات الشوارع ومناورات سياسية. ومع ذلك، فإن شغل التونسيين الشاغل هو الاقتصاد والخدمات الصحية وغيرها، وليس الاشتباكات بين الأحزاب السياسية حول دور الدين في الحياة العامة.
لتنازل النهضة
وتواجه الحكومة الإسلامية بقيادة حزب النهضة في تونس انتقادات عدة، ليس أقلها العجز عن إدارة البلاد. وبتشجيع من الحركات الشعبية التي أدت إلى عزل الرئيس المصري محمد مرسي وجماعة الإخوان، نظم التونسيون احتجاجات معارضة في تونس، آملين في إرغام حزب النهضة على التنازل عن السلطة.
بالنسبة إلى الاتحاد العام التونسي الذي يحاول المساعدة في التفاوض على انسحاب النهضة من الحكومة، فإن المشادات بشأن دور الدين مصدر إلهاء عن مشاكل أكثر إلحاحًا. واقترح الاتحاد خريطة طريق تحدد مواعيد صارمة لاختيار حكومة موقتة وانهاء الدستور والتحضير لانتخابات جديدة.
يقول سامي الطاهري، نائب الأمين العام للاتحاد: "لا يهمنا إن كان حزب النهضة إسلامياً أم لا، فنحن ضد الحكومة لأنها أخذت البلاد نحو الخراب".
ويلوم التونسيون مجالس المدن، وأبعد من ذلك الحكومة، فسواء أكان الحكم إسلامياً أم لا، فالأولوية بالنسبة إليهم هي شاحنات نظيفة تنقل النفايات بانتظام واختصاصيون لإصلاح عواميد الإنارة حتى يتمكنوا من القيادة بأمان ليلًا. فهل تعود تونس لتكون بلاد الياسمين والمهد الأول لثورات الربيع العربي، أم أنها في طريقها لتصبح دولة فاشلة أخرى تسودها الفوضى؟ الإجابة برسم الأسابيع القليلة المقبلة.