أخبار

حرية التعبير بعد ثورتين ما زالت بحاجة لإعادة تأهيل

برنامج باسم يوسف يحلّق بما لا تشتهي سفن "30 يونيو"

-
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

انتظر المصريون الموسم الجديد من حلقات "البرنامج" لباسم يوسف، ليتابع صولاته وجولاته المعتادة ويصوب سهامه على الإخوان وأخواتهم، وعندما ظهر وكأنه يحاول أن يمسك العصا من المنتصف بـ"قصف" الجهتين خاب نظر بعض الذين اعتقدوه صناعة "30 يونيو".

بيروت: سربت الثلاثاء ورقة مسربة قيل إنها بخط الإعلامي باسم يوسف،سمح من خلالها لأسرة إعداد البرنامج بتناول اللواء السيسي في أولى حلقات الموسم الجديد، ولكن ليس بشكل عنيف، على عكس ما طلبه بحق الرئيس الموقت والحكومة الحالية. ويبقى مصير يوسف وبرنامجه على قناة CBC غير واضح المعالم خلال الفترة المقبلة، بعدما "تبرّأت"القناة في بيان بثته من ألفاظ وإيحاءات وردت في الحلقة الأولى من الموسم الجديد، مؤكدة على تمسكها بالثوابت الوطنية ودعم الجيش ورموز الدولة وعدم السماح بالمساس بها.

وكانت الحلقة الأولى من موسم "البرنامج" الجديد لباسم يوسف أثارت ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي، إذ هاجمه البعض بشدة، فيما رأى البعض أن ما يقوله هو نوع من الحرية التي اكتسبتها مصر بعد ثورتي 25 يناير، و30 يونيو، وهو ما دفع يوسف إلى الرد على الجميع بثلاث تغريدات عبر "تويتر"، كتب في الأولى "تقول الأسطورة إن الشعب المصري ابن نكتة ويتقبل السخرية، هذا صحيح، لكن أضف للجملة.. اللي على مزاجه فقط"، وأضاف "ماكنتش حلقة في برنامج يا جدعان".

وإثر قرار النائب العام المصري، المستشار هشام بركات، التحقيق مع الإعلامي الساخر باسم يوسف، بتهم "تكدير الأمن العام وبث الفتنة وإشاعة الفوضى" في البلاد، نشرت صفحات منسوبة للإعلامي المثير للجدل، تعليقات عدة له، من بينها رسالة موجّهة إلى وزير الدفاع الفريق أول عبدالفتاح السيسي.

فانتقدت صفحة الإعلامي الشهير، الذي استأنف عرض حلقات "البرنامج" في موسم جديد الجمعة الماضي، على فايسبوك التهديدات بملاحقته، في أعقاب تقديم عدد من البلاغات ضده، ناقلة عنه: "ناس كتير بتقول إنها هترفع قواضي على باسم يوسف وتقعده في البيت!!".

وأوضح مسؤول الصفحة: "رسالة للناس دي.. أصلًا باسم يوسف قال إنه مش إعلامي، ومتوقع أنه يرجع لعمله الطبيعي كدكتور جراح قلب في أي وقت ويسيب الإعلام.. تاني حاجة هو أصلًا من يوم وفاة والدته ومش عايز حاجة من الدنيا.. بس كفاية أنه ينام كده بلليل وميحسش أنه منافق وبوشين، وكفاية عليه حب الناس الأحرار اللي مع الحق". كذلك تضمنت الصحفة، التي تحمل اسم "باسم يوسف/ CBC"، على "فايسبوك"، رسالة موجّهة إلى وزير الدفاع المصري، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، بخصوص كلمته الشهيرة "مصر هتبقى قد الدنيا".

وذكرت الرسالة المنسوبة إلى يوسف ما يلي: "يا سيادة الفريق.. بحسبة بسيطة.. أنت دلوقتي عندك 59 سنة، ومصر محتاجة 10 سنين بس عشان ترجع زي ما كانت أيام (الرئيس السابق حسني) مبارك.. من احترام الناس للقوانين، لانتعاش البنك المركزي، لعودة السياحة، وانتعاش سوق المقاولات... يعنى هيكون عندك تقريبًا 70 سنة ساعتها.. ومصر بتحاول ترجع للي كانت (فيه)!!".

سنة أولى "قد الدنيا"
وتابعت الرسالة المنسوبة للإعلامي الساخر: "وعشان تبقى قد الدنيا، وهنقول مثلًا إنك هتاخد خطوات سريعة زي البرازيل وتركيا.. محتاج 9 سنين، بس ده شرطو إنك تقضي على الفساد والمحسوبية وتطبق العدل والحرية من دلوقتي.. بالحسبة دي أنت هتوصل 80 سنة، ومصر هتكون سنة أولى قد الدنيا.. وزي ما قولنا شرطو إنك تشتغل من دلوقتي فيها".

أضافت الرسالة: "لكن لو فضلت البلد زي ما هي ماشية دلوقتي.. مجرد أنك قاعد تسمع لمطبّلاتية ومنافقين على قنوات مرتزقة، وفاكر أنك كده خليت مصر قد الدنيا بعزلك للإخوان.. تبقى غلطان، لأن الناس دلوقتي مش قادرة تشتري الطماطم والبطاطس اللي وصلت لـ 10 جنيه".

اختتمت الرسالة بالقول: "الناس لو جاعت مش هتسمع للمنافقين أو هتنافق تاني، ولا حتى هتفتكر لك اللي عملته مع الإخوان وبطولاتك وقتها.. حان وقت العمل يا سيادة الفريق، وفكك من المنافقين، لأن محدش غرّق مبارك غير دول.. اللهم بلغت اللهم فاشهد".

ملعونو الطرفين
وفي أول مقال له، في جريدة الشروق، بعد الحلقة التي أذيعت يوم الجمعة الماضي من برنامجه الشهير "البرنامج"، تطرق الإعلامي باسم يوسف في مقال عنونه بـ"مصر حادفة يمين" إلى الفكر اليميني المتفشي في المجتمع المصري والأميركي. وقال باسم يوسف: يقول مدعو الليبرالية والمدنية إنهم ضد الفاشية الدينية ومع حرية الرأي، ولكنهم عند اللزوم سيستخدمون الآيات القرآنية والأحاديث ليبرروا الهجوم على أعدائهم، ويطعنون في شرفهم عبر الاتهامات نفسها التي يستخدمها التيار الديني، فهذا الشخص شاذ أو كافر ويمكن كمان "يهودي"، وهي الشتيمة المفضلة لكلا الطرفين. فأنصار الإخوان يروّجون بأن السيسي من أصل يهودي، وأعداء الإخوان يروّجون أن حسن البنا من أصل يهودي، والطرفان يسنان أسلحتهما على ممثلة، لمجرد أن والدها يهودي وأسلم، ثم يتشدق الطرفان بمبادئ الإسلام السمحة وطبيعة الشعب المصري المتدين بطبعه.

وتابع: ربما يكون هناك يسار وربما يكون هناك ليبراليون فعلًا في مصر وربما يكون هناك فعلًا من يحارب من أجل حقوق العمال والمستضعفين ويناضل من أجل برامج التنمية والتكافل الاجتماعي، لكنّ هؤلاء ملعونون من الطرفين، فإن لم يكونوا كفرة، فهم خونة أو كما أجمع الطرفان عملاء ينفذون أجندة غربية صهيونية.

اختبار لحرية التعبير
في السياق، اعتبرت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية أن مصير الإعلامي الساخر باسم يوسف واستمرار برنامجه "البرنامج" سيكون بمثابة اختبار حقيقي لحرية التعبير في مصر، بعد تدخل الجيش وعزل رئيس منتخب باسم القيم الديمقراطية الحديثة، على حد ما جاء في موقع الصحيفة الإلكتروني.

ورصدت الصحيفة - في تقرير على الموقع مساء الثلاثاء تحت عنوان: "إعلامي مصري ساخر يتعرّض للهجوم بعد استهدافه القيادة العسكرية"- عودة الساخر السياسي المصري باسم يوسف إلى الظهور على شاشات التلفزيون مساء الجمعة الماضي بعد انقطاع استمر زهاء 4 أشهر.

ورجّحت الصحيفة أن يتم تسجيل العرض، الذي قدمه يوسف، وحاول فيه تكسير التابوهات والخوض في ما يعتبر محرمًا في الثقافة المصرية في التلفزيون العربي، باعتباره عرضًا تاريخيًا. ورأت "فاينانشيال تايمز" أن النظير المصري لجون ستيورت الأميركي، خاطر، حينما وجّه سهام نقده إلى القيادة العسكرية الجديدة للدولة، في ظل أجواء عامة، وصفتها الصحيفة بالمسمومة، التي يتم فيها اتهام الأصوات المعارضة بالخيانة على أيدي وسائل الإعلام العامة، التي تدعم الجيش.

ورصدت الصحيفة، استهداف باسم يوسف، بالفعل عبر بلاغات وشكاوى تقدم بها ضده أفراد وجهات خاصة إلى النائب العام، الذي أمر بدوره فتح تحقيق رسمي حول الدعاوى التي تؤكد إضرار الإعلامي الساخر بالمصالح الوطنية بسخريته من الجيش.

ونوّهت الصحيفة البريطانية بما أحرزه الإعلامي الساخر من شعبية كبيرة بعد ستة أشهر فقط من عروضه، التي استهدفت الرئيس المعزول محمد مرسي بيد الجيش استجابة لتظاهرات شعبية حاشدة مناوئة لحكمه. ولفتت إلى أن السؤال الذي طغى على غيره في أذهان محبي الإعلامي الساخر "هل يجرؤ باسم يوسف على توجيه سهام سخريته صوب وزير الدفاع الفريق أول عبد الفتاح السيسي على النحو نفسه الذي كان يوجّهها به صوب الرئيس المعزول محمد مرسي بلا هوادة؟".

على قدر التحدي
ورأت "فاينانشيال تايمز" أن الإعلامي باسم يوسف ارتفع إلى مستوى التحدي. وقالت إنه على الرغم مما سجله البعض من درجة تحفظ غير معهودة طرأت على أسلوبه في عرضه الأخير، إلا أن جرأته كانت كافية لاستثارة وابل من سهام الاستهجان والإدانة لما وصفته وسائل الإعلام الاجتماعية بالوقاحة.

ورصدت الصحيفة اشتمال العرض الساخر على تلميحات جنسية قائلة: إنها زادت من الصدمة التي تعرّض لها قطاع كبير من الرأي العام الغاضب بالأساس مما اعتبره بمثابة إهانات للجيش.

واعتبرت الصحيفة أن باسم يوسف، بعرض الجمعة قد أوفى بتعهده الذي أخذه على نفسه في وقت سابق من العام الجاري بأنه لن يرحم من في السلطة - أيًا كانت هويته - من سهام سخريته.. لكن يبدو أن غرضه تجاوز حد انتزاع الضحكات على حساب جهات قادرة على الزج به في السجن.

واختتمت الصحيفة تعليقها بالقول: إنه بينما تلاشى تقريبًا وجود منطقة متوسطة في ظل حالة الاستقطاب السياسي الحاد الذي تعانيه مصر بين المحسوبين على التيار الإسلامي من جهة، والجيش على الجهة المقابلة، استطاع باسم يوسف عبر عرضه هذا إيجاد مساحة ينشدها بإلحاح من ينتقدون كلًا من حكم الإسلاميين وهيمنة الجيش على السواء.

وكانت مصادر مقربة من الفريق أول عبد الفتاح السيسي، أكدت أنها أجرت اتصالًا به عقب انتهاء حلقة "البرنامج"، والذي يقدمه يوسف، وعلق قائلًا: "سيكون تقبلنا للنقد أكثر من أي عهد مضى". وأضاف السيسي، بحسب صفحة "تحالف القوى الثورية"، "أن النقد حق مشروع للجميع، ولا أحد له امتيازات تجعله فوق النقد، فلسنا ملائكة، ولكن لن نرضى بالإساءة".

ورقة مسربة
وكانت إنتشرت الثلاثاء ورقة قيل إنّها بخطّ باسم يوسف، كتبها كتقسيم عام للبرنامج بموسمه الجديد، ولم يُعرف من سرّبها، ويأتي فيها بأنّ يتم تناول وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي في أول حلقة أو اثنتين، بما يعطي مصداقية للبرنامج، ولكن "مش تناول قوي، يعني من الآخر مش هنحط عليه" و"الرئيس والحكومة دوس براحتك، بالراحة على الرئيس والداخلية"!

هذا وكانت قناة CBC التي تبثّ "البرنامج" قد نشرت بيانًا أكّدت فيه رفضها بعض ما وردَ في الحلقة الأولى، وأنّ القناة ستُبقي على دعمها لثوابت الشعور الوطني العام ولإرادة الشعب المصري، وهي ترفض إستخدام أية ألفاظ أو إيحاءات أو مشاهد تؤدي إلى الاستهزاء بمشاعر الشعب المصري أو رموز دولته".


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف