أخبار

احتجاز مفتي لبنان لدى قدومه للمشاركة في جنازة الشعار

مشيعو شطح صبوا جام غضبهم على حزب الله

-
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تحولت جنازة الوزير اللبناني السابق محمد شطح إلى ساحة غضب أطلقت فيها الشعارات المناوئة لحزب الله، في موازاة ذلك جرى احتجاز مفتي الجمهورية محمد رشيد قباني في مسجد الخاشقجي لدى قدومه لتشييع الشاب محمد الشعار ليطلق سراحه في ما بعد.

بيروت: احتجز مفتي الجمهورية اللبنانية الشيخ محمد رشيد قباني إثر قدومه للمشاركة في جنازة الشاب محمد الشعار (وهو من أقرباء الراحل) الذي قضى متأثرًا بجروحه في حادثة اغتيال الوزير اللبناني السابق محمد شطح.

إقرأ في إيلاف أيضًابيروت تودع محمد شطح

وظل المفتي الشيخ محمد رشيد قبانيمحاصرًا في جامع الخاشقجي حوالى ساعتين من قبل شبان غاضبين على خلفية خلافات ظهرت إلى الساحة أخيرًا بينه وبين تيار المستقبل، قبل أن تؤمن له القوى الأمنية خروجًا آمنًا. حيث شيّعت عائلة الشهيد الشاب محمد الشعار ابنها في جامع الخاشقجي في بيروت، حيث صليَ عليه قبل أن يوارى الثرى في مقبرة الشهداء.

بلبلة وتوتر
وكان التوتر سادالجامع إثر حضور مفتي الجمهورية الشيخ محمد رشيد قباني للمشاركة في التشييع وإعترض المشيعيون على ذلك ومنع من الصلاة، وطلب منه الخروج الفوري من المسجد قبل أن يحتجز. وأَمَّ الصلاة على جثمان الشهيد، الشيخ أحمد العمري، وشهد تشييع الشهيد مشاركة حاشدة من زملائه في المدرسة وشباب جاؤوا حاملين صوره، وأعلام لبنان. كما حضر مستشار الرئيس سعد الحريري نادر الحريري ونجلا الشهيد محمد شطح عمر وراني شطح. كما حمل المشاركون لافتات كان أبرزها التي حملتها فتاة صغير، وكتب عليها: "مبارح محمد الشعار.. يمكن نحنا بكرا.. نحنا مش ارقام".

عبّر المشاركون في تشييع "شهيد الاعتدال" محمد شطح في وسط بيروت الأحد عن غضبهم ضد سوريا وحزب الله، اللذين يتهمونهما بقتله، وفي الوقت عينه عن إحباط ويأس ناتجين من سنوات طويلة من القتل والإفلات من العقاب.

هتف المشاركون على باب مسجد محمد الأمين في وسط بيروت، حيث صلي على جثمان شطح (62 عامًا) ومرافقه طارق بدر (26 عامًا)، "حزب الله إرهابي" و"نصرالله عدو الله"، في إشارة إلى الأمين العام للحزب حسن نصرالله. وقال يوسف ساطي (40 عامًا) لوكالة فرانس برس "سوريا وحلفاؤها في لبنان، وخصوصًا حزب الله، هم الذين قتلوه".

وأضاف "لا يريدون راحة هذا البلد. مهما اغتالوا سنستمر في محاولة بناء بلد كما حلم به رفيق الحريري ومحمد شطح". وأعاد اغتيال شطح إلى الأذهان ذكرى اغتيال رئيس الحكومة الأسبق رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 في تفجير ضخم في وسط بيروت على بعد مئات الأمتار من تفجير الجمعة، وعلى مقربة من مسجد محمد الأمين، الذي يوجد فيه ضريح الحريري،وحيث ووري جثمانا شطح وبدر في الثرى إلى جانبه.

كما أعاد إلى الذاكرة شريط الاغتيالات والتفجيرات، التي أودت بحياة سبع شخصيات أخرى، غير شطح والحريري، من قوى 14 آذار، وثلاث شخصيات أمنية توجّه أصابع الاتهام فيها إلى النظام السوري وحزب الله. وانسحب الجيش السوري من لبنان على أثر اغتيال الحريري تحت ضغط الشارع والمجتمع الدولي بعد حوالى ثلاثين سنة من التواجد.

لم تخرج من لبنان
وتقول سوزان عبد المجيد أرناؤوط (57 عامًا) وقد وقفت في الباحة أمام المسجد متشحة بالسواد، وهي تمسح بمنديل أبيض الدمع من عينيها المحجوبتين بنظارة سوداء، "الكبير والصغير يعرف أن سوريا لم تخرج من لبنان. حتى لو خرج جيشها، إلا أن أعوانها وأنصارها لا يزالون هنا".

وتقول هذه السيدة المصرية الأصل والمتزوجة من لبناني، والمقيمة في لبنان منذ أربعين سنة، "طبعًا عدالة السماء ستتحقق، لكن عدالة الأرض مهمة أيضًا ونريدها". ولم يحاكم أي من منفذي عمليات الاغتيال الـ15 التي لم يصل التحقيق في معظمها إلى أي مكان. واتهمت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان المكلفة النظر في اغتيال الحريري خمسة عناصر من حزب الله بالجريمة، لكن الحزب رفض تسليمهم.

في وسط ساحة الشهداء، ترتفع شجرة عيد الميلاد العملاقة المزينة، في تناقض صارخ مع الحزن الذي عمّ المكان. وبين الحين والآخر، تعلو صيحات "الله اكبر" و"لا إله إلا الله، والشهيد حبيب الله". علامات التأثر والحزن بادية على الوجوه، وبعض النسوة يذرفن الدموع لدى إدخال النعشين، اللذين لفا بملاءة خضراء عليها آيات قرآنية، ووضع على كل منهما طربوش نبيذي اللون، بحسب تقليد سني لبناني.

وقال الشاب إبراهيم علاوي (19 عامًا) القادم من أنفة في شمال البلاد "نريد معاقبة المجرمين. نحن نودع شخصًا مهمًا جدًا. قضيتنا أن نعرف من هي اليد المجرمة لنعاقبها ونحاسبها". وفي مكان التشييع والشوارع المحيطة به، ارتفعت صور محمد شطح مع العلم اللبناني وعبارة "شهيد الاعتدال"، التي تصف رجلًا أجمع خصومه وحلفاؤه على الإشادة بانفتاحه وقدراته الحوارية وخطابه الهادئ وبعده عن العصبيات والتطرف.

يزيد التطرف
وأثار استهداف شطح، الذي كان يعتبر من "واضعي السياسات" في قوى 14 آذار ومن المفكرين والمثقفين والمناضلين السلميين، شعورًا بالإحباط. وقال صلاح الدين أحمد (45 عامًا)، وهو والد لست بنات وابن، وقد قدم مع أربعة من أولاده للمشاركة في التشييع، "أحضرتهم معي ليروا أن الذي يشيعونه اليوم هو من خيرة الناس بغضّ النظر عن طائفته، ولكن ليشاهدوا أيضًا الغبن الذي تتعرض له الطائفة السنية".

ويروي أحمد أنه عاد منذ سنة من السعودية، حيث كان يعمل ليستقر في لبنان، و"يا ليتني لم أعد. أفكر بالهجرة مجددًا لأنني لا أرى إمكانية لأعيش في هذا البلد في أجواء الإحباط هذه". وقالت سارة عساف (39 عامًا) وهي ناشطة في المجتمع المدني، "منذ اغتيال الحريري، لم نرَ يومًا طبيعيًا في لبنان. هناك خيبة أمل وإحباط ويأس". وأضافت أن اغتيال شطح "يزيد من التطرف والشعور بالقهر عند السنة بأنهم مستهدفون، ويصبح المعتدلون يميلون إلى التطرف".

وتستذكر إيمان عيتاني (60 عامًا)، اختصاصية تغذية، بدورها الاغتيالات السابقة ومراسم التشييع السابقة. "يريدون أن يعملونا كلنا شهداء. يريدون خراب البلد. كلما نزلنا إلى الشارع مرة، تصبح الأمور أسوأ". وأضافت "نحن محبطون، أنا سعيدة أن ابني موجود في دبي ويعمل على مستقبله هناك". لكن إيمان تستدرك "القتلة أيًا كانوا مصيرهم في جهنم".

إلا أن معظم الحاضرين يتمسكون بالأمل، على الرغم من كل شيء. بعضهم رفع لافتات كتب عليها "لن يخيفنا القتل والتفجيرات، بل يزيدنا عزمًا وتصميمًا لبناء وطننا".

بعد الصلاة، قال رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، صديق شطح الأقرب بين السياسيين، بصوت واثق "لن نستسلم أو نتراجع أو نخاف من المجرمين والإرهابيين والقتلة، بل هم الذين عليهم أن يخافوا لأنهم القتلة". وأضاف "محمد شطح الشهيد البطل، ما كان قبل اغتيالك، لن يكون بعده".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف