البرلمان اللبناني يمدد لنفسه 17 شهرًا على خلفية النزاع السوري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بيروت: صوت مجلس النواب اللبناني بغالبية اصوات اعضائه الجمعة على تمديد ولايته لمدة 17 شهرا بعد تعذر اجراء الانتخابات المقررة في حزيران (يونيو) الجاري نتيجة عدم توصل الفرقاء السياسيين الى اتفاق على قانون انتخابي، وتدهور الوضع الامني خلال الاسابيع الاخيرة على خلفية النزاع في سوريا المجاورة.
واستغرقت الجلسة اقل من ربع ساعة، وحصل البند الوحيد المدرج على جدول الاعمال على 97 صوتا من 97 نائبا حاضرين (من اصل 128 هو عدد اعضاء المجلس)، بحسب ما ذكر صحافي في وكالة فرانس برس.
وجاء في نص التمديد "تعدل مدة انتهاء المجلس النيابي بصورة استثنائية" لتنتهي في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2014. وكان يفترض ان تنتهي الولاية المؤلفة اصلا من اربع سنوات في 20 حزيران/يونيو الحالي.
وبرر رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، باسم تيار المستقبل الذي يترأسه الزعيم السني سعد الحريري، احد ابرز اركان قوى 14 آذار، قبول فريقه بالتمديد الذي كان عارضه بشدة في البداية، بانه "تجنب للفراغ" و"للتردي الامني" الذي حمل مسؤوليته الى حزب الله، حليف النظام السوري. وقال ان "التمديد فيه نوع من التنكر لمضمون وجوهر المبدأ الديموقراطي، ويتناقض مع حدود الوكالة التي اناطها اللبناني بممثليه في الندوة النيابية".
واضاف السنيورة "لكننا (...) وبسبب الاحتقان السياسي المتزايد في البلاد والاوضاع الامنية المتردية وبسبب الحرائق التي اشعلت في اكثر من منطقة، فضلا عن التطور السلبي الخطير وغير المسبوق الذي تمثل في اعلان حزب الله مشاركته الواسعة والعلنية في المعارك الجارية في سوريا الى جانب النظام الحاكم، وقعنا مرغمين في مازق ابغض الحلال".
ويعاني لبنان من انقسام حاد بين قوى 14 آذار المناهضة للنظام السوري وحزب الله وحلفائه الداعمين للنظام. وينعكس هذا الانقسام تبادل اتهامات حول نقل الصراع السوري الى لبنان. وتتهم قوى 14 آذار حزب الله باستخدام سلاحه للضغط على الحياة السياسية، بينما يتهم الحزب هذه القوى بدعم المعارضة السورية بالمال والسلاح.
وينقسم البرلمان تقريبا بين الطرفين بشكل متساو، بالاضافة الى كتلة برئاسة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط مؤلفة من حوالى سبعة نواب، ترجح كفة القرار في هذا الاتجاه او ذاك. وحضر الجلسة العامة التي انعقدت الساعة 15,00 (12,00 ت غ) اعضاء من كل الكتل النيابية باستثناء التيار الوطني الحر (اكثر من 18 نائبا) برئاسة الزعيم المسيحي ميشال عون الذي رفض التمديد رغم موافقة حليفه حزب الله عليه.
واعلن عون في مؤتمر صحافي عقده بعد الجلسة في منزله شرق بيروت انه سيطعن بقانون التمديد امام المجلس الدستوري. واتهم خصومه بعدم الرغبة باجراء الانتخابات. وقال "لا ارادة لاجراء انتخابات في هذا الوقت، لان قانون الستين (القانون الانتخابي المعمول به حاليا) لن يضمن لهم الاكثرية التي يريدونها".
وكان رئيس الجمهورية ميشال سليمان اعلن ايضا انه سيطعن بالتمديد، كونه وصيا على الدستور والتقيد به. وترى عميدة كلية العلوم السياسية في جامعة القديس يوسف فاديا كيوان ان السبب الحقيقي للتمديد هو ان "جميع الاطراف يرغبون بالافادة من مزيد من الوقت في انتظار ان يحسم الوضع السوري لمصلحة النظام او المعارضة، فيربح الطرف اللبناني الذي يدعم هذا او ذاك الانتخابات".
وتضيف "ان ما يحصل امر خطير ويعكس خفة في التعامل مع الدستور". ونفى النائب انطوان زهرا من قوى 14 آذار اي رهان للطرف الذي ينتمي اليه على الوضع السوري، مؤكدا ردا على سؤال لوكالة فرانس برس، ان حزب الله وهو "الطرف الذي يريد التمديد يستطيع ان يعبث بالامن وتفجير الوضع في لحظة. ونحن تعاملنا مع الامر الواقع".
وحصد اسبوع من المعارك بين سنة وعلويين في طرابلس في شمال لبنان على خلفية النزاع السوري اكثر من ثلاثين قتيلا، وعاد الوضع الى طبيعته بعد ان لاح توافق على التمديد للمجلس.
وعبر عدد كبير من الناشطين في المجتمع المدني عن رفضهم لما اسموه "دفن الديموقراطية"، عبر التجمع في وسط بيروت محاولين قطع الطريق على سيارات النواب المتجهة الى مقر البرلمان. وعمدوا الى القاء الطماطم على صورة للنواب كتبوا عليها "فشلتم... (اذهبوا) الى بيوتكم".
وقال احدهم غسان ابو دياب "نحن ضد التمديد. هذا اختزال للديموقراطية. هذا غير شرعي وغير دستوري". سبقت التوافق على التمديد تجاذبات طويلة حول القانون الانتخابي استمرت اشهرا من دون التوصل الى صيغة قانون ترضي الجميع.
وكانت كل الاطراف السياسية، لا سيما المسيحية منها، اعلنت رفضها اجراء انتخابات على اساس "قانون الستين" (يعود الى العام 1960). ويقول منتقدو القانون ان تقسيماته تحول دون تمثيل صحيح للبنانيين، وان اصوات الناخبين المسيحيين خصوصا تذوب في عدد كبير من الدوائر في اصوات الطوائف الاخرى، ما يمنع المسيحيين من اختيار نواب طائفتهم.
واتفق النواب على وضع قانون انتخابي في الفترة الفاصلة عن الانتخابات. كما غاب عن جلسة الجمعة نواب مقيمون خارج البلاد منذ وقت طويل، وابرزهم رئيس الحكومة السابق سعد الحريري الذي يبرر مقربون منه غيابه بوجود تهديدات على حياته.
وعبر منسق الأمم المتحدة الخاص في لبنان ديريك بلاملي عن اسفه لعدم اجراء الانتخابات. وقال في بيان تعليقا على التمديد، "انه لمهم طبعا ضمان إستمرارية المؤسسات ولكن من المؤسف عدم التوصل الى اتفاق بشأن الانتخابات".
واضاف "ان الامم المتحدة ستستمر في تشجيع جميع الأطراف في لبنان على العمل من اجل اجراء الانتخابات النيابية دون ابطاء، تماشيا مع التقاليد الديموقراطية في البلاد".
وبعد الانتهاء من الاستحقاق الانتخابي، ينتظر ان تتركز الانظار على الحكومة. فقد كلف النائب تمام سلام (متحالف مع قوى 14 آذار) تشكيل حكومة جديدة في السادس من نيسان/ابريل بعد استقالة حكومة كان يملك الاكثرية فيها حزب الله وحلفاؤه، لكن الخلافات السياسية اياها تحول دون التوافق على تشكيلة حكومية.