الدفاع عن الوطن لا يعني لبنان فقط
حزب الله يستغل "فزاعة" القاعدة ليبرر دعمه نظام الأسد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
تحوّل حزب الله من فريق لبناني إلى جزء لا يتجزأ من الحرب الأهلية المستعرة في سوريا، الامر الذي أثار مخاوف على نطاق واسع من احتمال إعادة إشعال الصراع الطائفي في لبنان أيضاً.
بيروت: تتنقل سيارات الدفع الرباعي السوداء ذات النوافذ الداكنة وبلا لوحات تسجيل من دون رقيب عبر نقطة التفتيش الحدودية النائية مع سوريا في سهل البقاع اللبناني. وسرعان ما يلوح جندي من جيش الرئيس بشار الأسد لموكب مقاتلي حزب الله المتوجهين إلى مهمتهم السرية، إنما المعروفة على نطاق واسع الآن.
سوريا الوطن!
بالنسبة لأتباع حزب الله، فإن عبارة "الدفاع عن الوطن" لم تعد تعني فقط لبنان حيث ظهر الحزب للمرة الاولىعلى الساحة اللبنانية خلال الحرب الأهلية في الثمانينات كجناح مسلح للشيعة.
هذه العبارة باتت اليوم تشمل أيضاً الدفاع عن النظام في سوريا، حيث يخوض الأسد معركة ذات طبيعة طائفية على نحو متزايد ضد الأغلبية السنية المعارضة لحكمه.
بعد أن كان هذا الانخراط محظوراً ومستنكراً في الوقت ذاته، ألقى حزب الله بنفسه في الشهر الماضي في مستنقع الصراع السوري في خطوة متهورة، وفقاً لصحيفة الـ "تليغراف"، وأرسل مئات من المقاتلين لدعم الجيش السوري أثناء محاولته لاستعادة السيطرة على بلدة القصير من يد الثوار.
خبرة حرب العصابات
تعاون مقاتلو الحزب مع قوات الأسد فحاصروا البلدة الاستراتيجية وحولوا الكثير من بيوتها إلى ركام. بعد ذلك - وباستخدام خبرة حزب الله في حرب العصابات - انطلقت عملية الهجوم لمطاردة الثوار من شارع إلى آخر، حتى أرغموا من تبقى منهم على الفرار.
المعركة التي أدت إلى خسارة الثوار معقلهم الرئيسي في الجنوب، سلطت الضوء على أول تدخل على نطاق واسع من قبل حزب الله نيابة عن الأسد، كما شكلت منعطفاً في حظوظه في الحرب الأهلية التي دامت سنتين. منذ ذلك الحين، تحول النقاش بين الدبلوماسيين من (متى سيسقط الأسد)، إلى (هل من المحتمل أن يسقط)؟
الأمر المؤكد هنا هو أن الخطوة التي اتخذها حزب الله ورطته بشكل لا لبس فيه في الحرب الأهلية في سوريا، الامر الذي اثار المخاوف من احتمال اشتعال الصراع الطائفي في لبنان مجدداً، حيث شهدت العديد من المناطق مناوشات واشتباكات بين الفصائل السنية والشيعية.
دعوة إلى معقل حزب الله
في الأسبوع الماضي، أصدرت قيادة حزب الله السرية دعوة نادرة لصحيفة "صنداي تليغراف" لزيارة المنطقة الحدودية التي يسيطر عليها، في محاولة للشرح للعالم الخارجي عن دوافعه للانضمام إلى الصراع السوري.
يمكن بالفعل رؤية آثار الحرب في معقل حزب الله في الهرمل، وهي بلدة من البيوت الإسمنتية ليست بعيدة عن الحدود. القذائف التي اطلقت على لبنان من قبل الجماعات المعارضة السورية أدت إلى تدمير بعض المباني، في حين ألصقت صور حديثة على الجدران تحت عنوان "شهيد"، في إشارة إلى مقاتلي حزب الله الذين لقوا حتفهم عبر الحدود.
أسباب خاصة
لدى حزب الله أسبابه الخاصة والعملية جداً وراء دعمه للأسد ودفاعه الشديد من أجل بقائه على رأس النظام في سوريا، فدمشق منذ فترة طويلة كانت بمثابة قناة يحصل حزب الله من خلالها على الأسلحة من إيران، التي تدعم كلاً من حزب الله ونظام الأسد منذ قيام الثورة الاسلامية في ايران عام 1979.
وتعتمد طهران جزئياً على "اخوانها الشيعة" في المنطقة التي يهيمن عليها السنة، ويرجع ذلك جزئياً إلى عداوة سوريا وحزب الله لإسرائيل - عدو ايران اللدود - والتي دخل حزب الله في حرب معها عام 2006.
سيطرة الثوار على بلدة القصير في الأشهر الأخيرة شكّلت تهديداً مباشراً لإمدادات الأسلحة من إيران إلى حزب الله. ويمكن أن تجف هذه الإمدادات تماماً إذا سقط نظام الأسد لتحل محله حكومة ذات الغالبية السنية.
واعترف مسؤول في حزب الله في الهرمل لصحيفة "صنداي تليغراف" قائلاً إن الخط الذي يمتد من الحدود اللبنانية إلى ميناء طرطوس هو "الرئة التي نتنفس من خلالها. نحن لا نستطيع السماح لهم بالسيطرة على هذه المنطقة لأنها ممر رئيسي لأسلحتنا".
هناك سبب آخر لتورط حزب الله في سوريا، وهو سبب مشترك مع خصومه من دول الغرب التي دعمت الثوار في سوريا.
عدو مشترك
في تطور غريب في الاصطفاف الجيوسياسي، فإن حزب الله (على القائمة السوداء من قبل الولايات المتحدة كمنظمة إرهابية) لديه عدو مشترك مع الغرب وهو تنظيم القاعدة، الذي يلعب الآن دوراً رئيسياً في التمرد ضد الأسد، وهذا التنظيم يحتقر المسيحيين والغرب كما يحتقر الشيعة بنفس القدر.
وقال أحد كبار مسؤولي حزب الله، الذي تحدث إلى صحيفة "صنداي تليغراف" شرط عدم الكشف عن هويته إن "الولايات المتحدة مخطئة جداً في تقييمها لأنها تساعد الطرف الذي نفّد أحداث 11 أيلول. من الممكن أن نفهم سبب دعمها لإسرائيل، لكن لا أستطيع أن أفهم لماذا تساعد القاعدة. هل يريد الغرب أن يرى المقاتلين المتطرفين يتحركون ضد أوروبا؟".
وأضاف أنه في حين تمكن حزب الله إلى حد كبير من التعايش في سلام مع المجتمعات الدينية الأخرى في لبنان، إلا أنه لا يمكن أن يقال الشيء نفسه بالنسبة لتنظيم القاعدة، الذي يريد التخلص نهائياً من الشيعة والمسيحيين في سوريا على حد سواء.
مع أخذ ذلك في الاعتبار، شوهد العديد من مقاتلي حزب الله مؤخراً في دمشق، لحراسة الأضرحة الشيعية المقدسة، كما يقال إن الحزب يحشد مئات من المقاتلين إلى جانب قوات الحكومة السورية في شمال البلاد، استعداداً لمحاولة استعادة مدينة حلب.
"حزب الله لديه خبرة تكتيكية عالية وهو مسلح ومدرب بشكل جيد للغاية. مساعدتنا كانت بمثابة دفعة معنوية كبيرة للجيش السوري، خاصة وأنها آتية من جيش لم يخسر مرة من قبل"، قال مسؤول حزب الله.